الرئيسية / الآراء والمقالات / ناهض زقوت يكتب : محمود درويش .. ما زال سيد الكلمة والابداع، في الذكرى الرابعة عشرة لرحيله

ناهض زقوت يكتب : محمود درويش .. ما زال سيد الكلمة والابداع، في الذكرى الرابعة عشرة لرحيله

ناهض زقوت

محمود درويش .. ما زال سيد الكلمة والابداع، في الذكرى الرابعة عشرة لرحيله

الكاتب والناقد الأدبي/ ناهـض زقـوت

• يوم الأربعاء 3/8/2022 لقاء مع إذاعة صوت العرب بالقاهرة، والحديث عن مسيرة الشاعر محمود درويش وتجربته الشعرية في ذكرى وفاته، من خلال الصحفي ثائر أبو عطيوي.

• ويوم الخميس 4/8/2022 لقاء مع إذاعة صوت فلسطين بغزة في برنامج خاص عن الشاعر محمود درويش، وحديث عن حياته وتجربته ومسيرته الشعرية، مع الاعلامية سماح أبو سمرة.

***

يمثل محمود درويش (1941- 2008) علامة فارقة في تاريخ الشعر الفلسطيني, وصوتاً بارزاً في فضاء المشهد الشعري العربي, واحتل مكانة أدبية وثقافية مع أقلية في القرن العشرين. فقد شكل شاعرنا ظاهرة شعرية, فاق بها أقرانه ورفاق دربه من شعراء عصره, فهو لم يكن شاعراً فلسطينياً وحسب, بل شاعر إنساني, فهو الذي حمل هموم وقضايا فلسطين والعرب والقضايا القومية والوطنية والإنسانية, أنه محمود درويش الذي حينما يذكر اسمه تذكر فلسطين والشعر. لم يترك مجازاً واحداً لم يسم به فلسطين, ولم يترك كلمة واحدة لم يبحر بها بعيداً عن شواطئها, كان يعرف أن مأساة شعبه ستظل جذوة قصيدته ونسغها.

وقد شكل مدرسة شعرية تخرج فيها العشرات من الشعراء الفلسطينيين والعرب. وعبر بوعيه المتقد للشعر على أنه السلاح المدافع عن حالة الإنسان العربي ووجوده الحضاري والتاريخي, وبذلك شكل شاعرنا الكبير ظاهرة متجاوزة وفريدة في نوعها, تؤطر الكلمة والبندقية في خندق المواجهة الأمامي. وعلى امتداد البعدين الزماني والمكاني للصراع الوجودي القائم في الصراع العربي الفلسطيني – الإسرائيلي, لم يكن درويش بمنأى عن آلية هذا الصراع وكيفيته, بل شارك في كل فاصلة من فواصله, وكل دقيقة من دقائقه, فكان يتساوق صعوداً مع المراحل, يدفعه انتماء وطني قومي, وارتباط وثيق بالأرض والإنسان.

وإذا كان جسده قد رحل, فان روحه الشعرية مازالت ترفرف عبر قصائده التي شكلت مسيرة الشعب الفلسطيني تاريخياً وفنياً وإبداعياً وحضارياً وتراثياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً.

ولأكثر من نصف قرن, نذر شاعرنا الكبير نفسه لابتكار لغة جديدة يعيد بها تركيب لغتنا ومشاعرنا وشظايا وطن, لغة تتناسل فيها وجوه وملامح تنتقل بين ضفتي الحياة والموت, من “أوراق الزيتون” إلى “لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهي” تدفقت هذه اللغة دقيقة أو هلامية, منقادة أو نافرة, لغة تنهض من حرائقه ورماده, وتذهب إلى حيث ينحت الشعر ممراته الكونية. 

وقد صدر لمحمود درويش أربعة وعشرين ديواناً شعرياً, وبعد وفاته صدر له ديوان جديد, كما صدر له سبعة كتب نثرية, سجل فيها ملامح من سيرته ومسيرته الإبداعية والحياتية, ومعاناته في الأرض المحتلة وممارسات سلطات الاحتلال, وملامح من معاناة الفلسطينيين في الخارج. بالإضافة إلى عشرات المقالات الأدبية المنشورة في مجلتي شؤون فلسطينية والكرمل. سجل فيها فصول النكبة, وصراع البقاء, وملحمة البطولة الطويلة في الصمود, وتفاصيل حياة الناس ومشاعرهم وآلامهم وأحلامهم, وتطلعات الشعب الفلسطيني وطموحاته الوطنية. وقد قمنا بإحصاء عدد هذه المقالات في هاتين المجلتين, فوجدناها تزيد عن المائة مقالة.  

وترجمت أعماله الشعرية والنثرية إلى أكثر من اثنتين وعشرين لغة عالمية, أهمها: الإنجليزية, والفرنسية, والألمانية, والإسبانية, والروسية, والعبرية, والهولندية, والرومانية. وقد احتل محمود درويش مكانة بارزة, ليس على المستوى الفلسطيني فحسب, بل وعلى المستويين العربي والعالمي أيضاً, لهذا قدرته العديد من الدول والمنظمات الدولية والعربية بمنحه أوسمتها وجوائزها.

لقد ملأ محمود درويش بشعره فراغات الروح والوجدان لدى قرائه, وأشبع فضولهم الفكري والجمالي, بغنى الصور, وبكثافة العبارة, وبقوة الإيحاء, وبدلالات الرمز, وبتملكه الخاص ليس فقط للثقافة العربية, بل للثقافات الإنسانية في قيمها الإبداعية والفكرية. لهذا باتت أشعاره جزءاً لا يتجزأ من الذاكرة الوطنية الحية. وقد تميزت تجربته الشعرية بالعديد من المراحل وهذا سر إبداعه وخلوده.

تميز محمود درويش عن رفاقه من شعراء الأرض المحتلة بغزارة الإنتاج وبساطة العبارة وشمولية المضمون وعمق الفكرة, وشكل مدرسة شعرية عاشت الالتزام في كل شيء, عاشته في ذرة التراب, في الوردة, في المرأة, في الأرض, في عرق الكادحين, في أسمال الفلاحين, في دم الشهداء. 

إن خطاب محمود درويش الشعري خطاب نام ومتطور, لهذا يعد شاعرنا علامة بارزة في مسيرة القصيدة العربية الحديثة, وينتمي إلى شعراء الجيل الثاني في مسيرة هذه القصيدة. وقد عرف في النقد العربي الحديث بوصفه شاعراً للمقاومة, لكن هذا لا ينفي شعرية القصيدة لديه, وقد تجاوز هذه المرحلة في مسيرته الشعرية, ومن هذه الزاوية لا يمكن الحكم على شعره حكماً عاماً, بل أن التطور الذي خضع له يجعل من هذا الشعر مدرسة متجددة, ومن هنا تبرز أهمية شاعرنا بأنه كان شاعراً يصعب التنبؤ بخط سيره.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …