الرئيسية / الآراء والمقالات / مونتجمري حور يكتب : مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط

مونتجمري حور يكتب : مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط

مونتجمري حور

مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط ، فهم أعمق للاتفاقيات الإبراهيمية
(الجزء الأول)
كتب: د. مونتجمري حور
أحداث متسارعة وقرارات دولية مصيرية متلاحقة اتخذت في سنوات ولربما في شهور قليلة وحان وقت التطبيق، والجميع يصارع الوقت لتحقيق الاستفادة القصوى مما يدور وقريباً سنشهد مزيداً من الخطوات والإجراءات بهدف نهائي يصب في بسط هيمنة قوة عظمى وعودة السلام والاستقرار الدوليين إلى العالم. ما يعنينا كفلسطينيين، ونحن جزء من هذا العالم، هي القرارات التي تمس قضيتنا الفلسطينية العادلة مساً مباشراً لنقيم مدى نجاعة إجراءاتنا الوطنية في سعينا نحو تحقيق حلمنا الفلسطيني بإنهاء معاناتنا وإقامة دولتنا الفلسطينية. يبحث هذا المقال في دلالات بعض الأحداث الدولية المهمة التي حدثت، في محاولة لتقديم فهم أعمق للاتفاقيات الإبراهيمية وغيرها من الأحداث التي تدور حولنا لعلنا نخرج من أزماتنا المفتعلة.
 
الحدث الأول: قرار أمريكي بنقل إسرائيل إلى مركز القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط:
مطلع عام 2021، أعلنت وزار الدفاع الأمريكية (البنتاغون) نقل إسرائيل من مركز القيادة الأمريكية في أوروبا إلى مركز القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط في خطوة تهدف إلى إقناع الدول العربية بضرورة تنحية الخلافات جانباً، والشروع في تعاون أمني على الصعيد الإقليمي في خطوة وصفت أنها آخر هدايا ترامب لإسرائيل قبيل مغادرته الحكم. جاء هذا القرار استجابة لضغوطات مارسها مسؤولون أمريكيون داعمون لإسرائيل، ومن الصعب تغيير هذا القرار في عهد الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة بايدن. تعليقاً على هذا القرار، أصدره البنتاغون الأمريكي بياناً قال فيه أن هذه ” الخطوة تأتي في إطار مراجعة دورية تجريها القيادة الموحدة كل عامين”، وأضاف البيان أن ” القرار سيشكل فرصة لتنسيق الجهود ضد التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط”.
 
الحدث الثاني: الاتفاقيات الإبراهيمية:
أطلق مصطلح “الاتفاقيات الإبراهيمية” على بيان مشترك وقعت عليه إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة في 13 أغسطس 2020، واستخدم المصطلح للإشارة إلى مجموعة من الاتفاقيات بين إسرائيل والإمارات (معاهدة السلام الإسرائيلية الإماراتية، والبحرين (اتفاقية السلام الإسرائيلية البحرينية)، ولم نكن نتخيل وقتها أن الأمر سيشمل الشرق الأوسط بأكمله أو أنه سيمتد ليشمل ما هو أبعد من ذلك.
على أية حال، تقودنا الأحداث المتسارعة إلى تتبع نطاق القيادة المركزية الأمريكية لنجد أنه يمتد من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى بالإضافة إلى أفغانستان وباكستان، وهذا يعني أن نؤهل أنفسنا وألا نتفاجأ في المستقبل القريب إن امتدت رقعة الاتفاقيات الإبراهيمية بقيادة إسرائيل، وبمساندة القوى العظمى لها، لتشمل كل تلك المناطق على مراحل.
 
ثالثاً: موقف الأسرة الدولية
هناك إجماع دولي حول إعادة ترتيب الأوراق في منطقة الشرق الأوسط ضرورة إنشاء حلف في منطقة الشرق الأوسط كتمهيد للمرحلة الثالثة والأخيرة لوقوفه إلى جانب مناطق أخرى لست بصدد تناولها الآن، بما يشكل دعماً لقوة عظمى بعينها. بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فهي تنظر ببالغ الأهمية لضرورة تشكل حلف في منطقة الشرق الأوسط يغطي الفجوة التي سيحدثها انسحابها حفاظاً على مصالحها الاستراتيجية فيها، وجاءت المصالحة الخليجية القطرية كخطوة لتعزيز التعاون العربي وتبعد شبح المقاطعة وانقسامات إقليمية لا لزوم لها.
بالنسبة لإسرائيل، استنفرت تل أبيب كافة طواقمها السياسية والدبلوماسية والعسكرية وجمدت كل الملفات الثقيلة التي من شأنها أن تلهيها عن استثمار هذه الفرص منقطعة النظير، فبدأت تستعرض عضلاتها بصورة مختلفة على الصعيدين الإقليمي والدولي. سعت تل أبيب بذلك إلى إثبات قدرتها وكفاءتها كقائد مقنع للمنطقة أمام القوى العظمى، وتحولت فجأة إلى مالك أسلحة نوعية من ناحية وإلى حمامة سلام ويد عون للمظلومين من ناحية أخرى. أهم الملفات الذي استوجب دخوله حيز التجميد هو ملف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بكل ملحقاته وأبقت الباب موارباً أمام أشكال تعاون اقتصادية، أوقفت خلالها تل أبيب كافة الاتصالات السياسية بالقيادة الفلسطينية على الصعيد الرسمي، والتفتت إلى قضايا تلبي طموحاتها التوسعية في المنظور القريب. أكتفي بالإشارة هنا إلى أن الموقف الإسرائيلي يأتي منسجماً تماماً مع الرؤية الدولية الجديدة، وعلى النقيض تماماً يأتي الموقف الفلسطيني لا أقول متصادماً بل جامداً ومتحجراً مع تلك الرؤية وهو سبب رئيس من أسباب جلوسنا في الزاوية كفلسطينيين. ودون أدنى شك تقف قيادتنا الشرعية في رام الله في موقف لا تحسد عليه، ويثقل كاهلها ملفات متعددة جميعها من العيار الثقيل، ويبدو أنها آثرت الجلوس في الزاوية على التقدم.
الخلاصة:
سبق لي أن رصدت موقف الصين وروسيا وغيرها من الدول تجاه الاتفاقيات الإبراهيمية وخلصت آنذاك بترحيبهم لها وتطلعاتهم لإحداث تعاون اقتصادي مع الدول الموقعة، وأفضل في هذا المقال التركيز على مواقف أهم دول الحلف الواحد وهي دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وسنتطرق إلى موقف حلف شمال الأطلسي المعروف باسم الناتو، والتي جاءت جميعها كالتالي:
 
بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي فهي صاحبة مواقف مشرفة في إدارتها للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ولعبت دوراً مهماً في كبح مطامع إسرائيل في ضم الضفة الغربية ووقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، ووصل الأمر إلى تصادم الدبلوماسيين الأوروبيين حد الصراخ مع نظرائهم الإسرائيليين في تل أبيب منذ شهور قليلة، والحديث عن دور الاتحاد الأوروبي يطول وأكتفي الآن بالإشارة إلى انشغالهم في الحرب الروسية-الأوكرانية وتداعياتها الخطيرة التي تؤثر على أمن واقتصاد دول الاتحاد، ولا شك أن التوصل إلى حالة استقرار في منطقة الشرق الأوسط أمر يسعدها.
 
بالنسبة إلى دول حلف شمال الأطلسي والمعروف بالناتو، فتعاملها مع إسرائيل ليس وليد اللحظة ولسنوات طويلة وثق الطرفان علاقات تعاون وطيدة رغم أن إسرائيل لم يسبق لها وأن انضمت لهذا الحلف، ورغم عدم اتفاق معظم دوله معها في سياساتها تجاه فلسطين والقضية الفلسطينية. مع العلم أن التعاون بين الحلف وإسرائيل زادت وتيرته بعد إحراز المصالحة الإسرائيلية-التركية والتي تبعها رفع الفيتو التركي الذي يحول دون إتمام هذا التعاون.
 
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فهي آثرت الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط لتنكمش الى الحد الذي يساعدها على تمتين قدراتها في مواجهة الصين وروسيا، وهي ترى في إسرائيل الشريك الاستراتيجي المؤتمن بعدها لملء الفراغ الذي ستحدثه في المنطقة، وترى أيضاً أنها تؤمن بذلك ظهرها وتحافظ على مصالحها الاستراتيجية فيها. على أية حال، تمثل هذه الأحداث تطوراً مدوياً لإسرائيل وينطوي تحتها عدة قراءات أعمق ومنها:
 
– تضفي هذه الأحداث شرعيةً دوليةً على إسرائيل كدولة أولاً، كما أنها حتماً ستشرعن ضرباتها العسكرية في المنطقة بأسرها تحت بند مكافحة الإرهاب على سبيل المثال لا الحصر.
 
– سيقع المجال الجوي الذي ستعمل فيه إسرائيل ضمن مسئولية القيادة المركزية الأمريكية وهو ما سيضفي حتماً شرعيةً دولية على العمليات الجوية الإسرائيلية في المنطقة ككل.
– تعتبر هذه التطورات أقوى تسويق لإسرائيل في كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والتجارية والاقتصادية، ويساهم في تثبيت دمجها في محيطها الإقليمي وما بعده.
– تقتل فكرة التعاون الإقليمي التي تنجم عن هذه الأحداث حل الدولتين وتجهز عليه تماماً. ولا يمكن لإسرائيل بعد الآن الوقوف كنصف دولة أو كثلاثة أرباع دولة لتنفيذ المهام الموكلة لها الآن.
 
علينا كفلسطينيين الجلوس حول طاولة مستديرة لمعالجة كافة قضايانا والتعامل مع المستجدات الإقليمية والدولية والبحث في أساليب ابتكارية تحفظ حقوقنا الفلسطينية المشروعة والعادلة بما يتناسب مع القوانين وقرارات الشرعية الدولية، وقد حان الوقت لأن ندرس خيار حل الدولة الواحدة، وقد نخلص أنه ليس ضرورياً فحسب، بل بات أم الضرورات.
montgomeryhowwar@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سليم الوادية

اللواء سليم الوادية يكتب : ياسامعين الصوت ،، الاباده الجماعيه في العالم

ياسامعين الصوت ،، الاباده الجماعيه في العالم بقلم سليم الوادية  عبر التاريخ الدول الاستعماريه مارست …