الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مونتجمري حور يكتب مقترح لإحياء حل الدولتين وإعادة قضيتنا الى الواجهة (الجزء الثاني)

د. مونتجمري حور يكتب مقترح لإحياء حل الدولتين وإعادة قضيتنا الى الواجهة (الجزء الثاني)

مونتجمري حور

مقترح لإحياء حل الدولتين وإعادة قضيتنا الى الواجهة (الجزء الثاني)

 
كتب: د. مونتجمري حور
 
لا تنفك القيادات المحلية والإقليمية والدولية تتحدث عن حل الدولتين على أنه الخيار الوحيد والأمثل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وانصب عليه اهتمام الجميع، تحديداً دبلوماسيتنا الفلسطينية، لثلاثة عقود متواصلة خضنا خلالها جولات تفاوضية وتنافسية مع الجانب الإسرائيلي، بإشراف مباشر من الدول السيادية في المجتمع الدولية، والنتيجة كانت خروجنا منها بخفي حنين ومنيت بعدها قضيتنا الفلسطينية بتراجع غير مسبوق في المحافل الدولية. إن المفاوضات التي نجريها مع الجانب الإسرائيلي، سواء كانت حول حل دولتين أو غيره، لا تفوق في أهميتها صدارة القضية الفلسطينية، وإن استعادتنا لمكانة قضيتنا للواجهة الدولية كقضية محورية هي الخطوة الأساسية الأولى التي يجب أن ننطلق منها تجاه نيل حقوقنا. يستكمل هذا المقال إجراءات إعادة قضيتنا الفلسطينية إلى الواجهة ثانية ويتضمن خطوةً كاشفة للنوايا المحلية والدولية تجاه حل الدولتين القائم على قرارات الشرعية الدولية.
سفاراتنا ومكاتبنا التمثيلية المنتشرة حول العالم تفتقر إلى أعداد في الكادر من ناحية، وإلى التخصصات الدقيقة من ناحية أخرى، وفي بعض الأحيان تفتقر إلى الكفاءات. إن الدور الذي يؤديه سفراؤنا حول العالم يجب أن يتحول من مجرد وظيفة روتينية إلى مهمة وطنية إبداعية، وعلى سفرائنا الأفاضل أن يعلموا أنهم لم يصطحبوا أسرهم في رحلة ترفيهية يحظوا خلالها بامتيازات كبيرة على حساب خزينة الوطن والمواطن. جميعنا يرى بأم أعيننا حالة الجمود التي أصابت المجتمع الفلسطيني برمته في كافة المجالات، ولو سألنا القاصي والداني من أبناء شعبنا، سيفتي الجميع أن هذا مرده إلى الفقر المدقع الذي يعصف تحديداً بأهلنا في قطاع غزة وإلى القهر والانقسام الخ… ولو سلمنا جدلاً أن حالة الإحباط والخمول التي يعاني منها المواطن الفلسطيني البسيط المواطن المغلوب على أمره هي حالة مبررة، فما هي مبررات كوادرنا الدبلوماسية لتطالهم حالة الجمود والخمول هذه، خاصةً وأن جميعنا يعلم كرم القيادة الفلسطينية في الرواتب والامتيازات الممنوحة لهذه الشريحة من الموظفين والعاملين. لم وصل العمل الفلسطيني السياسي والدبلوماسي في ساحات عدة درجة اقتصاره على العمل الروتيني في استخراج شهادة ميلاد أو جواز سفر أو استصدار وكالة لغرض ما؟!
على هذا القطاع المهم من قطاعاتنا الوطنية الفلسطينية العاملة والذي يتبع مسؤولية وزارة الخارجية الفلسطينية أن ينقضّ على نصيب الأسد في دور إحياء قضيتنا الفلسطينية وآمالنا وطموحاتنا وحقوقنا العادلة وتطلعاتنا لحياة أفضل لنا ولأطفالنا عبر تحقيقه إنجازات سياسية ودبلوماسية حقيقية تنعكس بالإيجاب علينا وعلى قضيتنا الفلسطينية وتفتح آفاق مستقبلية تحقق الأمن والسلم والاستقرار الحقيقي لنا. وبناءً عليه، أقترح أن تفتح وزارة الخارجية الفلسطينية معركة سياسية ودبلوماسية دولية في كل بقعة أرض تحط عليها سفارة لنا أو مكتب تمثيلي لانتزاع اعترافاً دولياً بالدولة الفلسطينية بطريقة حضارية وبمهنية عالية، ولتحقيق ذلك، أقترح التالي:
أولا: إجراء تقييم للكادر الدبلوماسي ولحالة الترهل السائدة
أقترح أن تجري القيادة الفلسطينية إجراءً تقييمياً سريعاً لكافة كوادرنا الدبلوماسية المنتشرة حول العالم ولحالة الترهل السائدة، ولتدوّن أثناء هذا التقييم أهم الإنجازات التي حققها كل دبلوماسي فلسطيني على حدا، ولا مانع بعدها أن نجري تعديلات جذرية قد تطال رأس هرم وزارة الخارجية المتمثلة بوزير الخارجية نفسه، فجميعنا، قادةً وأفراد، مجرد أرقام عابرة في مسيرة الثورة الفلسطينية، ولا فرق بيننا سوى في ترك البصمات خلفنا نصرةً لقضيتنا العادلة، ولا ضير من تقديم زيد على عمرو لكفاءته فكليهما يشتركان في نفس الهدف وهو تحقيق الحد الأقصى من المكاسب السياسية للشعب والقضية. في المقابل، يجب ألا تشغلنا قضية التعيينات والتعديلات الناجمة عن هذا الإجراء وعلينا أن نحترمها وأن نحترم نتائجها ونقبل بها، شريطة أن تصبح لغة الإنجاز هي قول الفصل في استمرار الكادر الدبلوماسي في منصبه. لا شك أن بعض التعيينات الحالية في وزارة الخارجية مخيبة ومحبطة لآمالنا وتطلعاتنا، لكننا سنطمئن إن أصبح الإنجاز على الأرض هو مقياس للنجاح من عدمه. هذه التعيينات التي نتفق عليها أو نختلف حولها سيكون لزاماً عليها أن تلبي طموحاتنا الفلسطينية أو عليها أن تغادرنا، وسيكون ذلك بإسناد القيادة الفلسطينية لمهام دبلوماسية محددة للدبلوماسيين الفلسطينيين وقياس مدى إنجازها وتحققها على الأرض على أن تقترن بمدة زمنية محددة.
 
ثانياً: تعزيز كادر سفاراتنا ومكاتبنا التمثيلية بطاقات إبداعية
لا توجد سفارة في العالم قوامها أربعة أو خمسة موظفين!، وكيف لنا ونحن نتعامل مع أنفسنا على أننا دولة أن نكتفي بهذا العدد الهزيل ككادر سياسي ودبلوماسي وإعلامي وخدماتي؟! معظم سفاراتنا ومكاتبنا التمثيلية تفتقر إلى الحد الأدنى من الكادر المؤهل للقيام بمهامه الإبداعية، ومن الطاقات التي تفتقر لها سفاراتنا ومكاتبنا التمثيلية هي الطاقات الإعلامية من كبار الإعلاميين الفلسطينيين، وجميعنا يعلم أن الأوساط الفلسطينية لديها، في هذا المجال تحديداً، طاقات ذات خبرة عالية. سنحتاج في هذه الخطوة بضعة مئات من كوادرنا الإعلامية الأكفياء على الأقل، وهذا من شأنه يفتح مجالاً أمام إعلاميين آخرين ليمارسوا دورهم على الصعيد المحلي وأن يخفف من حالة التكدس السائدة. سيكون أبرز دور للكوادر الفلسطينية الإعلامية في الخارج عقد مؤتمرات وندوات فلسطينية، وفق قوانين كل دولة على حدا وحسب الأصول القانونية المتبعة وستأتي كافة الجهود بإشراف مباشر من السفراء الفلسطينيين على المادة الإعلامية والفئة المستهدفة. أذكركم بدور القادة الآباء والأجداد الفلسطينيين كصلاح خلف وماجد أبو شرار (رحمهما الله) في أوروبا على سبيل المثال، وأذكركم بقول موشيه ديان حول عملهما، حين قال أن الإعلام الإسرائيلي يلهث خلف الإعلام الفلسطيني في الساحات الدولية، فهل لا يزال الإعلام الإسرائيلي يلهث وراء إعلامنا؟!
 
ثالثاً: معالجة المشاكل الحقيقية التي تعاني منها بعض سفاراتنا
على وزارة الخارجية الفلسطينية العمل على إنهاء حالة التعارض والصراع داخل معظم السفارات الفلسطينية من خلال تعزيز مكانة السفير الفلسطيني وهيبته ودوره في مختلف سفاراتنا ومكاتبنا التمثيلية، فلا يحق لضابط الأمن الفلسطيني المتواجد على الساحة أن يتدخل في سياسات السفارة مثلاً، أو أن يملي على السفير ما الذي ينبغي عليه فعله أو عدم فعله، كما يحدث في بعض الحالات، ولا يحق للقنصل أن يتعارض في موقفه مع موقف السفير، ولا يحق لأمير سر حركة فتح في معظم الساحات أن يطغى بدوره على أدوار ليست ضمن دائرة اختصاصه. في مقابل هذه الحقوق التي تمنح للسادة معالي السفراء والتي تمكنهم من قيادة حقيقية للمركبة السياسية وبتوزيع للأدوار على الجميع، يصبح السفير في كل سفارة على حدا المسؤول الأول مباشرة أمام القيادة الفلسطينية عن أي إخفاق دبلوماسي أو عدم إحراز أي تقدم يذكر. إن إنجازات وزارة الخارجية الفلسطينية السابقة قبل حوالي عقد من الزمان كانت ثمرة جهود وتحركات سياسية ودبلوماسية معتبرة، نثني عليها ونعتز بها، ولكننا نطالب بمزيد من الخطوات والإنجازات التي تثلج صدورنا عبر تحقيق حلمنا بإقامة الدولة الفلسطينية والعيش فيها بأمن وسلام حقيقيين، وعلى الدبلوماسي الذي تفرغ جعبته من الأفكار والطاقة والحماس للعمل والإنجاز، أن يغادرنا حتى لو كان في مرتبة وزير أو رئيس وزراء.
رابعاً، الاهتمام في الجاليات الفلسطينية والمواطنين الفلسطينيين
أوراق كثيرة في انتظار وزارة الخارجية الفلسطينية لترتيبها ومنها الاهتمام بالجاليات الفلسطينية، وأن يكون أداء السفارات أداءً مقنعاً أكثر. نحن بحاجة ماسة إلى احتواء الجميع وإلى عمل إبداعي في مختلف المجالات، منها الإجراءات القنصلية، لا أن يقتصر عمل سفاراتنا على الإبداع في إتمام المعاملات القنصلية.
خامساً: وحدة الخطاب الإعلامي الفلسطيني
تقع على عاتق وزارة الخارجية الفلسطينية ممثلةً بسفاراتها وكوادرها العاملة مسؤولية وحدة الخطاب الفلسطيني، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تطل علينا بين الفينة والأخرى مؤتمرات لجهات فلسطينية تعمل بعيداً عن السفارة الفلسطينية، تحديداً في الساحة الأوروبية، وكل يغني على ليلاه.
 
تحتم علينا الظروف والتحديات الحالية أن نتجنب الانزلاق إلى مربع الاستجداء السياسي بالدخول في مرحلة انتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وعلينا العمل مع كافة أصدقائنا حول العالم للقفز من مرحلة حصولنا على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة إلى دولة كاملة العضوية فيها. في الأمم المتحدة يوجد هناك 193 دولة، وعلينا أن نحجز الرقم 194 لأنفسنا وهذا حقنا.
أود التنويه أن هذا المقترح يساهم ولو بالقليل في إعادة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية مساهمة عملية، وأتمنى أن ترى هذه الإجراءات والمقترحات النور بإصدار تعليمات مباشرة من الرئيس محمود عباس لدخول لتحقيقها وانتزاع الاعتراف بالدولة الفلسطينية وإعادة قضيتنا الفلسطينية للواجهة ثانيةً، ونحن قادرون على ذلك.
montgomeryhowwar@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : الموقف الأميركي المخادع ودعم الاحتلال العسكري

الموقف الأميركي المخادع ودعم الاحتلال العسكري بقلم  :  سري  القدوة الثلاثاء 23 نيسان / أبريل …