الرئيسية / الآراء والمقالات / عائد زقوت يكتب : أوكرانيا تُسقط الأقنعة

عائد زقوت يكتب : أوكرانيا تُسقط الأقنعة

عائد زقوت

أوكرانيا تُسقط الأقنعة

عائد زقوت 

الأزمة الأوكرانية كشفت عن العديد من الصور الحقيقية، والتي لطالما تشدّقت بها أوروبا وأميركا على الصعيدين الإنساني والسياسي، فكانوا قد صدّروا للعالم ملكيّتهم الفكريّة الحصريّة للحريّة والتعبير، وحصروا ممارستها في دولهم وشعوبهم، ومع أول تجربة حقيقيّة تمسّ بوجودهم وحقوقهم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، سارعوا لحجب القنوات الروسية الفضائية والإذاعية عن البث في فضاء أوروبا وأميركا، لمنع شعوبهم من الاستماع للطرف الآخر، ليتسنّى لهم شيطنة روسيا، وتشكيل رأيّا عامًّا داعمًا لمواقفهم بشأن الأزمة مع روسيا، حيث اتخذ الغرب أوكرانيا قربانًا لتحقيق مآربهم لوقف تسونامي بوتين الراغب في إعادة الدور الروسي الفاعل في السياسة الدولية، غير آبهين بالأضرار والدمار الذي سيحل بالشعب الأوكراني، وأما القناع الآخر والذي كان يُشهره الغرب سيفًا مسلَّطًا على رؤوس الدول والشعوب، ويتمثّل في محاربتهم للتفرقة العنصرية، وقد شهد اليوم العالم أجمع مراكز فرز اللاجئين الفارّين من الموت على أساس العِرق واللون، وفي هذا الصدد لم نسمع ولو على استحياٍء تعليقًا واحدًا مما يسمى المؤسسات الحقوقية التي صدّعت البشرية بشعاراتها، ولكننا نتجاهل أنّ تلك المؤسسات كانت تُمثل ولا زالت ذراعًا أساسيًّا للإدارة الأميركية في بسط نفوذها على العالم منذ سقوط الاتّحاد السوفيتي، وظهور الأحاديّة القطبية المهيمنة على العالم، ولم يقف السقوط القِيَمي والأخلاقي للغرب عند هذا فحسب، فقد كشفت الأحداث في أوكرانيا زيْف مواقفهم السياسية، فهم يصطرخون اليوم من أجل استقلال أوكرانيا وسيادتها، واتّخذوا بهذا الصَّدد العديد من الإجراءات السياسية والاقتصادية لكبْح جماح روسيا ووقف العمليات القتالية في أوكرانيا، وفي ذات السّياق فقد تجاهلوا مواقفهم وما اتّخذوه من قرارات وإجراءات بحقّ الشّعب الفلسطيني لِجهة إنشاء الكيان الغاصب على أرض فلسطين، ووفّروا له الدعم السياسي والاقتصادي، وتغاضَوْا عن قتل الفلسطينيين، وتشريدهم وطردهم قسريًّا من بيوتهم، ووفّروا لهذا الكيان غطاء قانونيًّا لإراقة الدّم الفلسطيني، وسرقة موارده، ونهب أرضه، واستمرارًا لهذا الزّيف الغربي فقد تناسوْا أيضًا ما فعلوه من تدميرٍ وتشريد للشعوب العربية وإسقاط دولهم، ولا زالت الأحداث حاضرة في اليمن وليبيا والعراق وسوريا، فلم يكتفِ الغربيّون بهذه الوقاحة السياسيّة، بل لا زالوا يبذلون محاولات لتطوير الأحداث في أوكرانيا، والعمل على إيقاع روسيا في حرب نوويّة ظنًّا منهم أنهم سيعيدون التاريخ مرة أخرى ويُنفّذوا ضربة نووية استباقيّة، لتضع حدًّا ونهاية للإعصار الروسي الصيني، على غرار ما حصل في مدينتي هورشيما وناجازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية، وبهذا يُسدلون الستار على الأحداث، ويُمكّنوا لنظامهم الأحادي، فهذه السياسة الغربيّة ليس بجديدة على الكثير من الساسة والمراقبين، لكنّها أسقطت جميع الأقنعة التي اختبأت خلفها عقود من الزمن، ولم يعد لأوراق التوت مجالًا لتستر عورات الغرب، فهل آن للألسنة المارقة وللأقلام الساقطة، والمؤسسات الغربيّة المتخفيّة خلف حقوق الإنسان أنْ تكفّ عن سفاهتها، وتعيَ أنّ التاريخ والأزمان كفيلة بإسقاط الزَّبَد، وجعلِه رمادًا اشتدّت به الرّيح في يومٍ عاصف؟.

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …