الرئيسية / الآراء والمقالات / اللواء بلال النتشة يكتب : الفلسطينيون وحدهم من يقرر مصير القدس

اللواء بلال النتشة يكتب : الفلسطينيون وحدهم من يقرر مصير القدس

بلال النتشة

الفلسطينيون وحدهم من يقرر مصير القدس
 
بقلم : اللواء بلال النتشة
الامين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس
 
الفارق كبير جدا بين مواقف الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك المعروف بأنه صديق الزعيم الخالد الشهيد ياسر عرفات، وبين مواقف الرئيس الحالي ايمانويل ماكرون ورئيس حكومته جان كاستيكس، من القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الذي يناضل بكافة وسائل المقاومة الشعبية المشروعة من اجل الخلاص من الاحتلال واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
فقد صرح رئيس حكومة فرنسا،قبل عدة ايام، ان القدس هي العاصمة الابدية للشعب اليهودي، وذلك في ذروة الحرب التي تشنها اسرائيل على المقدسيين بلا هوادة وما أدل على ذلك من العدوان المتواصل على أهلنا في الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة وجبل المكبر الذي يشهد مجزرة هدم غير مسبوقة، في حين يجدر التذكير بعملية القمع المتعمدة التي جرت يوم احياء ذكرى الاسراء والمعراج في القدس، اذ تم الاعتداء على الوافدين الى المسجد الاقصى المبارك ورشهم بالمياه العادمة يوم الاثنين الماضي في منطقة باب العمود، ما افسد عليهم المشاركة في احياء هذه الذكرى العطرة، وعكر اجواء المدينة التي كانت مفعمة بالفرج بوجود الآلاف من المواطنين القادمين من الضفة الغربية والداخل الفلسطيني.
لقد اثارت تصريحات المسؤول الفرنسي رفيع المستوى، موجة غضب واحتجاج فلسطيني تم تسليمه عبر رسالة رسمية من قبل المفتي الشيخ محمد حسين وعدد من الشخصيات الاسلامية والمسيحية في القدس ورجل الاعمال منيب المصري، للقنصل الفرنسي العام في المدينة المقدسة، للتأكيد على ان القدس مدينة محتلة وفق القانون الدولي وان كل الاجراءات الاسرائيلية فيها يجب ان تخضع لهذا القانون الدولي والقانون الدولي الانساني الخاص بمعاملة الشعب المحتل، وان علي فرنسا ان تكون طرفا نزيها في الصراع الدائر بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
السؤال المطروح: لماذا جاء هذا التصريح على لسان المسؤول الفرنسي في هذا التوقيت بالذات، وفي خضم انشداد الانظار نحو ما يجري من قتال دام بين روسيا واوكرانيا؟، في حين تستغل اسرائيل هذه الحرب، للمضي قدما في عملية التهويد المتواصلة لمدينة القدس.
ان هذا التصريح ” الموقف”، يرمي الى استرضاء يهود العالم ودولة الاحتلال على وجه الخصوص، في ضوء عجز المجتمع الدولي وفرنسا في مقدمته، عن ايقاف الحرب الدائرة بين الجارتين “روسيا واوكرانيا” التي يتزعمها شاب يهودي حديث العهد في السياسة، ولذلك فقد اكد كاستيكس امام المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا “CRIF”، إنه لن يتوقف عن قول “إن القدس عاصمة لليهود”، وذلك في خطوة ترمي الى شد أزرهم واظهار التعاطف معهم وكأنهم شعب مضطهد، على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة .
ما يجب تذكير رئيس حكومة باريس به، انه عندما جاء الرئيس الفرنسي الاسبق جاك شيراك لزيارة الاراضي الفلسطينية بما فيها القدس في تسعينيات القرن الماضي،تجول في البلدة القديمة وابتسم للمقدسيين الذين صافحوه واستقبلوه بحفاوة، وهو ما لم يرق للأمن الاسرائيلي الذي استخدم العنف مع المواطنين لاجبارهم على المواجهة وبالتالي افشال الزيارة واظهار الشعب الفلسطيني بأنه همجي ولا يحترم الزعماء والضيوف الكبار،فما كان من ضيف فلسطين الكبير ، الا الاشتباك كلاميا مع القوات الاسرائيلية التي أحاطته من كل زاوية لتأمين الحماية له “من الفلسطينيين الارهابيين”، وقد توقف وسط البلدة وخاطب الجنود المدججين بالسلاح قائلا :” هل تريدون ان استقل الطائرة واعود الى فرنسا؟.. هذه ليست طريقة تعامل، انه استفزاز ” !!!، ومضى يسير بين الناس ويبادلهم التحية وينظر الى التاريخ الناطق بالعربية في حجارة القدس العتيقة، التي تنفي الرواية الاسرائيلية المزيفة للحقائق الدامغة.
هذا المشهد لا يمكن لابناء الشعب الفلسطيني ان ينسوه ، وهو مازال محفوظا في الذاكرة الفردية والجمعية، وخاصة عندما نعلم ان شيراك صرح وقتئذ في مؤتمر صحفي، ان قضية القدس لا تحل الا عبر التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وان اي تغيير في الوضع القائم فيها يعتبر مخالفا للقانون الدولي ولا يجب السكوت عليه.
وكما ان هذا الموقف يسجل للراحل شيراك، فان تصريح رئيس حكومة فرنسا الحالي من ان القدس عاصمة للشعب اليهودي ، لا يمكن ان يغتفر على المستويين الشعبي والرسمي الفلسطينيين، فما يجري في القدس على ايدي سلطات الاحتلال الاسرائيلي، لا يمكن اعتباره الا تطهيرا عرقيا مع سبق الاصرار والترصد، الهدف منه حسم مصير المدينة المقدسة من جانب واحد ودون اي تفاوض، وهو يعني ايضا ان اسرائيل لا تقيم وزنا للمجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الاميركية التي عبرت على لسان وزير خارجيتها نيد برايس غير مرة، رفضها للاجراءات احادية الجانب من كلا الطرفين “مع تحفظنا على الكلمة الاخيرة “.
ختاما نقول لرئيس حكومة فرنسا: القدس لن تكون الا عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة، ومصيرها يقرره الفلسطينيون وحدهم ومعهم كل مناصري الحرية والعدالة في العالم، واجراءات الاحتلال حتما الى زوال، وصمود المقدسيين على تراب مدينتهم لن تؤثر فيه مثل هذه التصريحات العرجاء، التي توجه طعنة في ظهر “ديغول القرن العشرين .”
للتذكير فقط: كان موقف شيراك من القضية الفلسطينية، أحد أهم المواقف التي ساهمت في تغيير نظرة الغرب اليها، إذ أبدى موقفاً مغايراً للحكومات الغربية وظهر مدافعاً عن الحقوق الفلسطينية.”
وحين أعلنت فرنسا عن رحيل الزعيم الخالد “ابو عمار” عام 2004 نعاه شيراك بكل ألم وتأثر، ووصفه بـ”رجل تحلى بالشجاعة والإيمان، وجسّد النضال الفلسطيني من أجل إقامة دولته.”
المجد والخلولد للزعيم ياسر عرفات والرحمة للرئيس شيراك.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …