الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مونتجمري حور يكتب : إسرائيل باتت أقرب للولايات المتحدة منها إلى روسيا

د. مونتجمري حور يكتب : إسرائيل باتت أقرب للولايات المتحدة منها إلى روسيا

مونتجمري حور

إسرائيل باتت أقرب للولايات المتحدة منها إلى روسيا
كتب: د. مونتجمري حور
حافظت إسرائيل لسنوات طويلة على علاقات وطيدة مع روسيا وانتهجت آلية تنسيق تحميها من صدام غير مجدي معها، إلا أن تطور الأحداث يفرض على إسرائيل اتخاذ موقفاً أكثر وضوحاً، خاصة وأن أمد الحرب في أوكرانيا سيطول ولن يجري حسمها في أيام قليلة قادمة، مما يفتح ثغرة في جدار الموقف الإسرائيلي والذي يوقع إسرائيل في موقف محرج نسبياً لها ويجعلها بين نارين: الإبقاء على علاقة جيدة مع روسيا لاستمرار تنسيق طلعاتها الجوية فوق الأجواء السورية مع القوات الروسية، وتحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية كحليف استراتيجي، من ناحية أخرى. يستكشف هذا المقال الموقف الإسرائيلي والخيارات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة.
منذ بداية الحرب الروسية-الأوكرانية، شكّلت إسرائيل فرقاً متخصصة لدراسة مجريات هذه الحرب للاستفادة مما يدور، وشرعت في جمع المعلومات الاستخباراتية في عدة مجالات أبرزها طرق القتال المتبعة والدفاع الجوي ومناورات قوات المشاة، بما يخدم قواتها العسكرية في حروبها المستقبلية القادمة. بحسب موقع والا العبري، أبرز ما استوقف فرق البحث الإسرائيلية هو توقف قافلة الإمداد اللوجستي الروسية التي بلغ طولها أربعين ميلاً، لأنه يذكّرهم بالحرب على قطاع غزة عام 2012 حين اشتكى الجنود الإسرائيليون آنذاك من نقص في الإمدادات اللوجستية خاصةَ الغذائية منها. على أية حال، ترى الفرق الإسرائيلية أن هذا سيدفع بوتين تجاه السيطرة على العاصمة كييف بأقصى سرعة ممكنة. علاوة على ذلك، تركز الفرق الإسرائيلية في دراستها على المناورات الميدانية التي يجريها سلاح الدبابات الروسي لأن ذلك سيفيدها في أي سيناريو قتالي قادم في لبنان وقطاع غزة، خاصةً عندما سيتعين على قواتها التوغل براً في عمق لبنان أو قطاع غزة.
الموقف الإسرائيلي يتماهى مع الموقف الأمريكي والدول الغربية:
مرور أسبوع على اجتياح روسيا لأكرانيا يفرض على إسرائيل تبني موقفاً واضحاً من هذه الحرب وأن اتخاذها موقفاً متوازياً لن يدوم طويلاً، فهي تنظر إلى روسيا على أنها القوة الحقيقية ذات النفوذ الحقيقي في سوريا منذ تدخل روسيا في سوريا عام 2015 وتعي جيداً أنها تسمح لقواتها العمل بحرية فوق الأجواء السورية لضرب ما تسميها إسرائيل بالأهداف المعادية لها. في حقيقة الأمر، ترى إسرائيل نفسها أنها تخوض حرباً في خضم الحروب الدائرة وكان آخرها، بحسب المصادر الإسرائيلية، استهداف إسرائيل لقافلة أسلحة وصفتها إسرائيل بالمتطورة كانت في طريقها إلى لبنان. على صعيد آخر، تنظر إسرائيل بقلق شديد إلى نشر روسيا طائرات مقاتلة من طرازMiG-31 المزودة بصواريخ Kinzhal التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ويمكنها ضرب أهداف يصل مداها إلى 2000 كيلو متر بالإضافة إلى نشرها لقاذفات TU22M في قاعدتها الجوية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فلقد شاركت بالفعل أكثر من ثلاثين طائرة روسية مقاتلة وما لا يقل عن 15 سفينة حربية في تدريبات بحرية في منطقة شرق المتوسط عندما أخذت العلاقات بين روسيا والغرب في التوتر، الأمر الذي قرأت فيه إسرائيل رسالة مفادها: كوني على الحياد، لتأمني حدودك الشمالية. في سياق متصل، يدرك القادة الإسرائيليون أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستطيع نقل مسئولية صواريخ S-300 وصواريخ S-400 لتصبح تحت المسئولية المباشرة للجيش السوري كما أن بإمكانه إصدار تعليماته لقواته المتمركزة في سوريا باعتراض الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق الأجواء السورية. وفي المقابل، تأخذ إسرائيل في عين اعتبارها أنها لطالما تلقت دعماً سياسياً واقتصادياً وتكنولوجياً بل وعسكرياً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لعقود طويلة وأنه لولا هذا الدعم لما حافظت إسرائيل على تفوقها العسكري والجوي في المنطقة.
كيف ستتصرف إسرائيل؟
ستبذل إسرائيل كل ما في وسعها لتجنب مؤازرة طرف على حساب الآخر علناً، ولن تتجرأ على تقديم دعم عسكري مباشر لأوكرانيا، لكنها تستطيع أن تتخذ عدة إجراءات من شانها أن تحافظ على ماء وجهها أمام حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية ومنها: أولا، سيأتي الموقف الإسرائيلي متماشياً مع موقف الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية. ثانياً: تستطيع إسرائيل أن تقدم دعماً إنسانياً لأوكرانيا، وهذا بدأ بالفعل، حيث قدمت إسرائيل للآن مئة طن من المساعدات الإنسانية لأوكرانيا في خطوة يعتبرها البعض مجرد البداية، ناهيك عن استقبال آلاف اللاجئين الأوكرانيين، تحديداً اليهود منهم. تجدر الإشارة أن بعد هذه المساعدات التي قدمتها إسرائيل لأوكرانيا، أطلق الرئيس الأوكراني زيلينسكي بياناً باللغة العبرية طالب فيه يهود العالم بالتنديد بالحرب الروسية على أوكرانيا وطالب إسرائيل بتشكيل رأي عام إسرائيلي موحد يدعم موقف بلاده، وطالبها بنشر مستشفيات إسرائيلية ميدانية في بلاده، كما أشار إلى نقص الخوذ والسلاح في أوروبا مطالباً إسرائيل بدعم بلاده بالسلاح.
ثالثاً: على الصعيد الرسمي، ستواصل إسرائيل الحديث مع الجانبين الروسي والأوكراني ورغم انحياز إسرائيل غير المباشر لأوكرانيا، لا يتوقع منها أن تقدم دعماً عسكرياً مباشراً لها كنظام القبة الحديدية، ولكنها من المرجح أن تعطي الضوء الأخضر لدول سبق لها وأن اشترت صواريخ SPIKE الإسرائيلية لاستخدامها من قبل الأوكرانيين ضد الدبابات والأهداف الروسية، مع العلم أن هناك معلومات تتحدث عن استخدام الأوكرانيين لصواريخ Javelin ، وصواريخ NLAW الإسرائيلية المضادة للدروع والتي كان لها دوراً رئيساً في وقف تقدم القوافل البرية الروسية المدرعة، ويٌتوقع أن يحصل الأوكرانيون على الآلاف منها قريباً.
 
montgomeryhowwar@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : 200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل

200 يوم من العدوان : حرب الإبادة الإسرائيلية تتواصل بقلم  :  سري  القدوة الخميس 25 …