عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين
عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين
الرئيسية / الآراء والمقالات / د جمال ابو نحل يكتب : خَيرُ الَبرِيَّةَ، وشَرُ الَبَرِيَّةَ

د جمال ابو نحل يكتب : خَيرُ الَبرِيَّةَ، وشَرُ الَبَرِيَّةَ

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين
عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

خَيرُ الَبرِيَّةَ، وشَرُ الَبَرِيَّةَ

مُفارقة فارِقة، وفُروق شَاسِعَة المقُارنة مَا بين الحق، والباطِل، والصح، والخطأ، والفكر المُنير المُستنير، وبين الفكر الوحشي المُتَوحِش الداعشي العقيِمْ!؛ فَهناك فرق عظيم ما بين الثَّرَى، و الثُّرَيَّا، وفروق سحيقة بين من أمن بلسانهِ، ومن أمن بِقلبِهِ، وعمل الصالحات، وكان صاحب أخلاق حميدة، جليلة، جميلة، وعمل الصالحات، وما بين من أمن بلسانهِ، ولم يؤمن قلبهُ، ولم يفعل الصالحات، والخيرات، ولم يكن لدية دَمَاثةُ أخلاق!. فالبُعد بينهما كَبُعد السماء عن الأرض؛ ولقد وردت عشر مرات، الذين أمنوا مُقَترِنَةً، مع، وعملوا الصاحات، وليست فقط الذين أمنوا لوحدها؛؛ وإن بعض الناس اليوم قد يُصلون في الصف الأول، ويعتمرون، ويحجون، ولكنهم كأنهم لا يُصلون، ولا يحجون ، ولا يعتمرون!؛ فعلى الرغم من أنهم يفعلون العبادات على أكمل وجه، ويطبقونها بشكل كبير، وجميل لا غضاضة فيِه، وهذا أصلاً أمور معلومة من الدين بالضرورة، فالبعض منهم ناجح تمامًا في العبادات، ويطبقها بشكل ملموس، ومحسوس، ولا عيب في ذلك، ولا خلاف في أداء تلك العبادات المفروضة علينا، وفي الأداء المحُمود لها؛؛ ولكن الاسلام ليس هو فقط دينُ العبادات، بل إن “الدين المُعاملة”؛ فلقد نجح أغلب أبناء الأمة العربية، والإسلامية بشكل كبير في أداء العبادات من الصلاة بالصف الأول في المسجد، وفي قيام الليل، وأداء مناسك العمرة، والحج، وفي الصيام الخ..؛ ولكنهم فشلوا بصورة أكبر في أداء المُعاملات!؛ فأين نحنُ من قول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “ألا أخبركم بأحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ فأعادها ثلاثاً أو مرتين. قالوا: نعم يا رسول الله. قال: “أحسنكم خلقاً”، وقولهِ صلى الله عليه وسلم: “إن من خيركم أحسنكم خلقاً”، فالمسلم يسمو، ويعلو بدماثةِ أخلاقهِ، ويكون داعية، وسفير سلام للإسلام، والناس أسرع تأثراً بالأفعال منهم بالأقوال؛ فنحن اليوم نُعاني من أزمة أخلاق، وغياب القدوة، ونري ظاهرة التدين الظاهري، وهذا يعود إلى الانفصام بين العبادات والمعاملات، والفصل بين شكل التدين، وحقيقة التدين، وهذا نتيجة الجهل بحقيقة التدين، وخلل بين في فقه الاعتقاد، ومثال ذلك بعض الشباب اليوم يلتزمون في المسجد رغبةً منهم في نيل مكانة مرموقة في الحزب الاسلامي الفلاني أو العلاني!؛ أو من أجل بلوغ درجة عالية في التنظيم، أو إرضاء الأمير!؛ وبعض من الناس يلتزمون بالصلاة بالمسجد حصرًا منهم للحصول على المساعدة المالية، أو مساعدة غذائية!؛ ويكون كالمتسول!؛ كما إن بعضًا من أئمة المساجد، والمتحدثين باسم الدين، من بعض الوعاظ وعُلاه الحناجر بالصوت، ممن يحثون الناس على الفضائِل، ولكنهم يقعون في الرذائل، وتتدنى أخلاقهم، وتسوء معاملاتهم!؛ فكيف يدعو الشيخ المصلين إلى الصدقة، والبر، وصلة الرحم، وعدم حرمان الإناث من الميراث، وهو يقاطع أخاه ويحرم أخته من الميراث! وكيف بالتجار أصحاب اللحى يغالون في الأسعار، ويحتكرون أقوات الناس الضرورية؟!!؛ أليس ذلك كله كفيلاً بنزع الثقة ممن يتزينون بزي التدين، ويدعون إليه!!؛؛ وممات نراهُ اليوم أنه قد اتسعت ظاهرة التدين الظاهري، وهذا أمر خطير، ووبال على صاحبة، ولعل ما يلخص خطورة الاقتصار على العبادات وإهمال المعاملات، والأخلاق، وأن العبادات وحدها لا تكفي، حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما سأل صحابته: “أتدرون من المفلس؟ فقالوا المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال لهم النبي: المفلس من أمتى من يأتي بصلاة، وصيام وحج، ويأتي يوم القيامة، وقد ضرب هذا وشتم هذا وسفك دم هذا وهتك عرض هذا فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار”؛؛ لذلك إن الإسلام نص، وفعِل، وعمل، فنحن نقرأ القرآن، ونستمع للعمل بما فيه، وليس لمجرد القراءة والاستماع، ومن يقرأ القرآن الكريم، ولم يفعل نصوصه يأتي بالقرآن الكريم يوم القيامة حجة عليه شاهدَا عليه، والمعاملات، والأخلاق في الإسلام تأخذ جانبَا كبيرًا، ومهمًا، والإسلام يوضح بأن «الدين المعاملة» أي من لم يُحسن في معاملته للناس لم يكتِمل إيمانه، وليس بالمقصود بحسن المعاملة هنا المسلم فقط، بل المسلم، والمسيحي، والإنسانية جمعاء، بل، وحتى الحيوانات فقد دخلت النار امرأة مُسلمة في هرة (قطة) حبستها فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض؛ ومما يدُلل أن الدين المعاملة هذا الحديث الصحيح حينما قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ “قال صلى الله عليه وسلم : هيَ في النَّارِ”، قال: يا رَسولَ اللهِ، فإنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن قِلَّةِ صيامِها وصَدقَتِها وصَلاتِها، وإنَّها تَتَصدَّقُ بالأَثوارِ مِن الأَقِطِ، وَلا تُؤذي جيرانَها بِلسانِها؟ قال صلى الله عليه وسلم : “هيَ في الجنَّةِ”؛ وللعبادة في الإسلام مفهوم واسع وشامل لا يقتصر فقط على إقامة أركان الإسلام الخمسة الأساسية بالإضافة إلى النوافل، بل يتسع هذا المفهوم ليشمل كل تصرفات الإنسان في الحياة؛ و يا أسفاه على حال أغلب العرب، والمسلمين اليوم فقد عطلنا المعاملات، والتي هي رأس سنامها الأخلاق النبيلة، الجميلةِ، الجليلة، والسلوك الحسن، وعمل الصالحات، ومن أعظم تلك المعُاملات دماثة الخُلق، واغاثة الملهوف، ومساعدة الفقير، والسعي على الأرملة، والمسكين، واليتيم، وصاحب الحاجة؛ يقول العلامة الأستاذ الدكتور/ عمر عبد الكافي: ” في القرآن الكريم 6236 آية … وآيات العبادات في القرآن عشر، ومئة آية 110 آية فقط …وباقي القرآن لإعمار حركة الكون، والمعاملة الطيبة مع المخلوقات التي تعيش معنا مسلمين كانوا أم غير مسلمين، إنسانًا كانَا أم حيوانًا أم حشرات أم نبات أم بيئة نعيش بينها، وجب علينا أن نحافظ عليها…. إذا قسمت آيات العبادات كنسبة إلى آيات المعاملات وبقية آيات القرآن تجد أنك أمام نسبة عجيبة العبادات تمثل جزء، وبقية القرآن يمثل 62 جزءا ….فكأنما العبادات التي نتعبد بها الى رب العباد عز وجل تمثل جزء من إتنان، وستون جزء، ونحن قد عطلنا الاثنان، والستون جزءًا، والله المستعان” !!!وأين نحن اليوم من التكافل الاجتماعي، والرحمة، والتراحم فيما بيننا النبي يقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته”؛ فهل قمنا فعلاً بتطبيق ذلك بصورة عملية لا شكلية أو قول فقط!؛ واليوم نري بعضًا من أدعياء الدين، والتدين ممن انتفخت كروشهم، حتي تكرشُوا، وأصبحوا كأنهم بلا رقبة من شِدة التُخمة !؛ لقد أصبحوا أثرياء ثراء فاحِشًا من خلال الكذب، وأكل أموال الناس بالباطل، وفرض الضرائب الباهظة عليهم تحت مُسميات إسلامية في ظاهرها الصدق، ولكنها في باطنها الكذب، والنفاق، وفي ذلك يقول سبحانهُ وتعالى في أولئك المنافقين : ” وإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ ۖ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ ۚ هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ”؛ أما من صدق في إيمانهِ، قولاً، وعملاً، في عباداتهِ لربهِ، وفي مُعاملاتهِ مع الناس فأولئك نحسبهُم ممن يقول فيهم سبحانهُ، وتعالي: ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا”.، وقوله سبحانهُ: ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نُزلاً”.

الباحث والكاتب، والمحاضر الجامعي، المفكر العربي والمحلل السياسي

الأديب الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل

عضو نقابة اتحاد كُتاب وأدباء مصر رئيس المركز القومي لعلماء فلسـطين

عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية/ dr.jamalnahel@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …