الرئيسية / الآراء والمقالات / د.مروان محمد مشتهى يكتب: الشخصية الكاريزمية

د.مروان محمد مشتهى يكتب: الشخصية الكاريزمية

مروان محمد مشتهى

الشخصية الكاريزمية

د.مروان محمد مشتهى

 

 تعتبر الشخصية الكاريزمية هبة من الله لا يمنحها إلا لمن يحب من عباده ،فهي شخصية قيادية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ؛من خلال تمتعها بسمات ومؤهلات وقدرات استثنائية تدفعها للقيادة وقوة التأثير الإيجابي وفن الهام الآخرين من أجل شحذ هممهم ودفعهم نحو تحقيق الأهداف المشتركة .

وتعتبر الابتسامة هي مرآة تلك الشخصية ووسيلتها لتحقيق الكاريزما الخاصة بها ؛ وسر قبولها وتمتعها بحب الآخرين؛ فتتقن من خلالها فن البسمة الجميلة وتوقيت استخدامها؛ فتعتبرها مبعثاً للطمأنينة ونشر السكينة، وتتمكن من خلالها فتح القلوب المغلقة، لتكتب على جدرانها محبتها وقبولها لدى الآخرين ، يقول عليه السلام : تبسمك في وجه أخيك صدقة .

إن تمتعك بالكاريزما ليس بالأمر اليسير؛ مما يستلزم منك امتلاك مقوماتها الأساسية كالسمات الفطرية المتوارثة ؛ والعمل الجاد على صقل مهارتك ؛عن طريق التعلم المستمر لاكتساب الخبرات والمعارف الجديدة لتمثل لك جسراً للعبور لبناء تلك الشخصية القوية والجذابة . 

ويعتبر صاحب تلك الشخصية محاوراً لبقاً، يجيد اختيار الكلمات التي تطرب لها النفوس، ويمتلك أسلوباً مشوقاً ومقنعاً في طريقة عرض أفكاره الابداعية ، ويتمتع بثقافة عالية وأناقة في الشكل والهندام ، كما يتمتع بفن التواصل بمهنية عالية واتقان استخدام للغة جسد قوية وحركات متزنة وثبات انفعالي منقطع النظير، يتمكن من خلاله اثبات أنه الأفضل على الإطلاق مما يسهل عليه توصيل رسالته وأهدافه .

وتتميز تلك الشخصية بقدرتها الفائقة في اختراق حاجز الصمت في تكوين العلاقات الإنسانية فتدخل الوجدان وتأنس بها العقول ويسعى الجميع للتقرب منها وتقليدها، فهي مفعمة بكتلة كبيرة من النشاط والحيوية والدينامية مما يجعلها مقبولة لدى الآخرين .

 ولكي تتمتع بتلك الشخصية : يجب عليك أن تمتلك رؤية واضحة وأهدافاً كبيرة وطموحة؛ لتشكل بذلك قيمة معنوية لنفسك ولغيرك، وذلك من خلال العزيمة والاصرار على النجاح فلا مناص لديك إلا بلوغ أهدافك ؛ يقول ديل كارنيجي: أنا مصمم على بلوغ الهدف فإما أن أنجح وإما أن أنجح، فبلوغ الأهداف يعتبر طريق تلك الشخصية السهل لتحقيق جاذبيتها فتصبح موضع الأنظار والاهتمام والتقليد من قبل الآخرين .

 إن تلك الشخصية ليست تابعة لأحد فهي مستقلة في طريقة التفكير وفي نظرتها للمواقف والأحداث، فلا تسعى إلى تقليد أحد و لا تتأثر بآراء غيرها انما تمتلك رأياً خاصاً بها وتستطيع من خلال جاذبيتها الطاغية أن تقنع من حولها بأهمية رأيها في تحقيق الغايات والأهداف للجميع .

و تمتلك تلك الشخصية الحرية في تحديد خياراتها ،وقدرة عالية في صنع ومشاركة القرار، وبديهة عالية في التصرف السليم في المواقف والأزمات الصعبة ،وفطنة كبيرة في التعامل مع ردات الفعل الغير متوقعة ، ولباقة عالية في التعامل مع الاخرين .

إن الشخصية الكاريزمية لديها قدرة غير اعتيادية بعدم التأثر بعواطفها من خلال قدرتها على فصل العقل عن العاطفة عند تقييم وتقدير الموقف ، فلا مكان للخوف والتردد في قاموسها أو تكوينها إنما تتخذ مواقفها بناءاً على دراسة ومنهجية سليمة باستخدام التخطيط السليم وقراءة متأنية لما بين السطور واتخاذ القرارات بناءاً على دراسة عقلية مستفيضة لا تأثير للعاطفة عليها إلا في نطاق ضيق وفي حدودها الدنيا .

ويمكن التدليل على تلك الشخصية بنماذج حية ؛ منها على سبيل المثال لا الحصر شخصية الرسول الأعظم عليه السلام وشخصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ،وتتمثل في عصرنا الحديث بمارتن لوثر كنج ،والمهاتما غاندي ،والأم تيرزا، والزعيم المصري جمال عبد الناصر، والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، تلك الشخصيات امتلكت الكاريزما الطاغية فأثرت من خلالها البشرية بكل معاني الإنجازات والنجاحات وأساليب القيادة والقدوة الحسنة فكانت نوراً ونبراساً لجماهيرها وناراً حارقة على أعدائها.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …