الرئيسية / الآراء والمقالات / د.عبدالرحيم جاموس يكتب : لغة الحوار…؟!

د.عبدالرحيم جاموس يكتب : لغة الحوار…؟!

رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين

لغة الحوار…؟!

بقلم د.عبدالرحيم جاموس

من اهم اسباب الفشل الذي تواجهه الخلية الإجتماعية الأولى ، وصولا إلى الأمة أي أمة، والمجتمعات بصفة عامة ، ومنها المجتمعات العربية ، هو غياب لغة الحوار بين عناصرها وافرادها ومؤسساتها .

نعم إن من اهم اسباب الفشل الفردي ، أن المرء لا يتقن لغة الحوار والتعاطي مع محيطه الإجتماعي في البيت أو في العمل كونه لايتقن لغة الحوار .

 اما أن تكون معي واما أن تكون ضدي.. لامجال للرأي الآخر ، هذا ديدن الكثير من الافراد والهيئآت والمؤسسات ، سواء كانت تشكيلات سياسية أو اجتماعية، او اقتصادية ، أهلية أو دولانية ، سواء.

 وهنا يجري تغيب الموضوعية والمنهجية العلمية التي يجب أن تحكم العلاقات الإنسانية على اساس من تبادل الرأي ، والمشورة قبل التصرف وقبل اتخاذ القرار ، سواء كان قرارا خاصا أو عاما ، فنجد الروح الفردانية هي المسيطرة دائما ، على حساب رأي الجماعة من الخلية الإجتماعية الأولى اي الأسرة ، مرورا بكافة الهيئآت ، وصولا إلى المجتمع والدولة ، وما فيهما وبينهما من تشكيلات على اختلافها، ذلك ما يمهد الطريق إلى ظهور أشكال مختلفة من العنف داخل المجتمعات ، من العنف الاسري ، إلى المؤسساتي والمنظم في كثير من الأحيان ، والذي قد يمارس بإسم القانون والأمن والحفاظ على الأمن و الإستقرار ، كتبرير لاستخدام العنف في وجه الآخر ، واعتباره عنفا مشروعا ، يمارسه صاحب الولاية . 

 إن في الثقافة العربية الإسلامية قد أرست قواعد اساسية سامية لتحكم وتضبط العلاقات بين الأفراد على كافة المستويات، رافضة كافة أشكال الإكراه حتى في تبني العقيدة ، لقوله تعالى(لكم دينكم ولي دين ) ، والرسول محمد صلى آلله عليه وسلم قد كرس ثقافة الشورى والحوار على مستوى التعاطي مع الشأن اليومي والحياتي ، لقوله صلى الله عليه وسلم( انتم ابصر بشؤون دنياكم ) ، والقرآن الكريم قد وضع مبادىء الحوار و الجدال وارسى لها قواعد واضحة وسهلة ، حين يوجه الخطاب اللاهي الرسول صلى الله عليه وسلم في أصول الدعوة والإرشاد لقوله تعالى( افتكره الناس أن يكونوا مؤمنين ) ولقوله تعالى (وما بعثت إلا نذيرا وبشيرا.. ) ، وقوله جلا في علاه ( وجادلهم بالتي هي احسن ) ، والإستشهادات على تكريس ثقافة الحوار واحترام الرأي ، أي حرية التعبير والتأكيد عليها كثيرة ومتعددة من الكتاب والسنة ، والسيرة النبوية ، وسير الخلفاء الراشدين التي تستند إلى مبادئ الحوار والشورى التي أكد عليها القرآن الكريم والسنه الشريفة ، وشاورهم في الأمر ، وامرهم شوى بينهم ….. !

أين نحن من كل ذلك ، ومن هذة الثقافة ، في التعامل فيما بيننا افرادا ومؤسسات ودول ..؟

حقيقة لوالتزمنا هذة القواعد وهذة الأسس ، لتحكم العلاقات فيما بيننا افرادا وهيئآت ومؤسسات وفي كل المستويات ، نكون قد امتلكنا مفاتيح الحياة الناجحة ، لكن وبكل أسف نحن لانلتزم بالتوجيه الرباني ولا بالسنة الشريفة في إدارة الحوار البيني داخل الوحدة الإجتماعية الواحدة و الأساسية ، بدءاً من الأسرة وصولا الى المجتمع مرورا بكافة مؤسساتنا….. وكذلك ينطبق هذا على حوارنا مع الآخر…..!

لذلك نحن وصلنا إلى مرحلة بالغة السوء ، من الضعف والتفكك والإنقسام ، بتنا ….مجتمعات… وطوائف… واحزاب …وافراد فاشلين ، بسب التفرد وغياب الحوار والشورى في كل أمورنا واحوالنا.. وبات التفرد والتشبث بالرأي هو سمة من سماتنا، افرادا و مؤسسات واحزابا و مجموعات ، تفتقد حتى في داخلها لأسس الشورى والحوار واحترام الرأي والرأي الآخر .

لذا لاسبيل للخروج من حالات الفشل والضعف التي تعتري حياتنا الإجتماعية والسياسية والإقتصادية وفي كافة مؤسساتنا، وفي كل ميادين الحياة ، وصولا للنجاح والقوة و للوحدة والنهوض والتقدم …. ونحن نكرس ثقافة الرأي الأوحد.. وغيره باطل .

 وتسود لدينا ثقافة الزعيم الأوحد …والحزب الأوحد …والمذهب الأوحد .. وهكذا …حتى ينقسم الفرد فينا على نفسه…!

والعياذ بالله…

متى نتعلم الإصغاء للرأي والرأي الآخر …ونقبل بتعدد الآراء .. والعمل بالقاعدة الذهبية.. رأيي صواب و يحتمل الخطأ.. ورأيك أيضا صواب يحتمل الخطأ، كي نبني فردا حرا ، و مجتمعا ومؤسسات ناجحة ، تقوم على أسس من احترام الإنسان ، واحترام المبادئ السامية التي يجب أن تحكمنا في التعامل فيما بيننا على الأقل ، وفي التصرف في شؤون الحياة بصفة عامة ، على أسس موضوعية ومنهجية علمية ، بعيدا عن ثقافة الإستفراد والتفرد والإستبداد في كل المستويات من ادناها إلى اعلاها ..!

لكم تحياتي وللحديث دائما بقية.

د.عبدالرحيم جاموس

17/1/2022 م 

 Pcommety@hotmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …