الرئيسية / الآراء والمقالات / احسن بدرة يكتب : حوارات المصالحة الفلسطينية في الجزائر

احسن بدرة يكتب : حوارات المصالحة الفلسطينية في الجزائر

ناشط سياسي واجتماعي وتربوي
ناشط سياسي واجتماعي وتربوي

حوارات المصالحة الفلسطينية في الجزائر 

بقلم/ إحسان بدرة 

بدون ضجة إعلامية أو اهتمام شعبي أو تغريد فصائلي بدأ ممثلوا الفصائل الفلسطينية التوافد إلى العاصمة الجزائر تلبية للدعوة السامية التي ووجهها الرئيس الجزائري ” عبد المجيد تبون” للفصائل الفلسطينية لجلسة حوار بهدف كسر الجمود ولرأب الصدع وإنجاز مصالحة وطنية.

وهل تستطيع الجزائر هذه المرة جعل الفصائل الفلسطينية تقفز فوق الأنانية الفصائلية والاشتراطات المحلية والعربية والاقليمية والدولية بالإضافة إلى إسرائيل التي صنعت الانقسام الجغرافي وتتحكم بنقاط العبور والتواصل بين غزة والضفة لإنهاء الانقسام بما يحقق توحيد الضفة وغزة في سلطة وحكومة واحدة لم يعد شأناً فلسطينياً خالصاً، مع أنه مطلب وأمنية لكل الشعب ويحقق مصلحة فلسطينية عامة حيث أن طول أمد الانقسام هلق واقع جديد على الأرض زاد من صعوبة أنهاء الانقسام لدرجة أصحنا نتوهم أن الانقسام أصبح من الثوابت التي لا يمكن التنازل أو التخلي عنها.

فإنجاز المصالحة ليس من المستحيل فهي ممكنة في حالة تفكيك ملفاتها والاشتغال على ما هو ممكن الآن عندها لا تستطيع إسرائيل أو الأجندات الخارجية إعاقته، وفي هذا السياق يمكن تحقيق اختراقات في ملف التوافق على استراتيجية عمل وطني تحدد الهدف الوطني النهائي وأدوات تحقيقه، شكل وحدود الدولة المنشودة، شكل المقاومة المتناسب مع طبيعة المرحلة، توحيد المنظومة القانونية في الضفة وغزة، وقف الاتهامات والتراشق الإعلامي ولغة التخوين والتكفير، إتمام الخطوات التي تم التوافق عليها فيما يتعلق بملف منظمة التحرير، التوافق على إجراء الانتخابات العامة.

فنجاح أو فشل المصالحة غير مرتبط بالمكان أو الزمان والأمر لا يتوقف على الجزائر بل على الفلسطيني ومدى توفر الإرادة عند الأطراف الفلسطينية على إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام فالأماكن التي جرت فيها حوارات المصالحة سابقا لم تكن سببا في الفشل بل إن سبب الفشل دائما وغياب الإرادة عند الفصائل الفلسطينية إضافة للتدخلات الخارجية والاشتراطات على الأطراف الفلسطينية، وهنا نُذَكِر بأن عشرات جولات الحوار الفلسطيني والتي آلت كلها للفشل لم تكن فقط في مصر بل سبقها وتلاها حوارات مصالحة رسمية وغير رسمية في السودان واليمن والسنغال وقطر وتركيا وسويسرا وروسيا، ولا نعتقد أن كل هذه الدول كانت متواطئة لإفشال المصالحة الفلسطينية!!!

وهنا سؤال يطرح نفسه بقوة الحاجة لإنهاء الانقسام واتمام المصالحة لماذا الجزائر؟ ولماذا الآن؟

فلماذا الجزائر؟ معروف أن الجزائر قيادة وحكومة وشعب ذات علاقة خاصة خاصة مع فلسطين تعود لزمن انطلاقة الثورة الفلسطينية والتي استلهمت هذه الأخيرة تجربة الثورة الجزائرية في مواجهة الاستعمار الفرنسي وكانت الجزائر بعد الاستقلال من أول وأهم الدول التي ساندت الثورة الفلسطينية ودعمتها عسكرياً ومادياً وأقامت قواعد للثورة على أراضيها واستمرت الجزائر تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني بالرغم من تغير القيادات والأحوال في الجزائر وفلسطين، وبالتالي فهي صادقة وجادة في تحقيق ولو بعض الإنجازات في ملف المصالحة دون أن يكون لها أي أغراض سياسية خاصة بها، ولأنها أيضاً متحَرِرة من أية ضغوط خارجية عليها.

أما لماذا الآن؟ 

فمن الملاحظ للكثير سواء محليين سياسيين أو خبراء في الصراع والخلاف والانقسامات أو نشطاء أو حتى عامة الشعب أن الأمور وصلت لحد الكارثة استنزف الصراع الداخلي الشعب والأحزاب والسلطتين وانكشف مأزق الجميع مأزق التسوية السياسية والمراهنة على اتفاقية أوسلو وتوابعها حيث تنكرت إسرائيل لكل الاتفاقات والوعود وجارتها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى محدودية قدرة الأمم المتحدة وقراراتها على فرض سلام عادل، أيضاً مأزق دعاة المقاومة حيث آلت أربعة حروب وأربعة عشر عام من السيطرة على قطاع غزة تحت عنوان حماية مشروع المقاومة إلى مزيد من المعاناة والبؤس وحصار قطاع غزة ومساعي توقيع اتفاقية هدنة يتم فيها التنازل عن المقاومة مقابل مساعدات مادية وتثبيت سلطة واهية لحماس في غزة. 

ولهذا وبهذا فحوارات الجزائر الآن بصيص أمل ممر نور حتى وإن كانت خيال أووهم وممكن أن تجعل الجميع بعيد نظر في الموافق والنهج والأسلوب والطريقة التي تحكم الشعب وتخرج لنا من العقلاء لإنقاذ ما تبقى من القضية الوطنية من الضياع.

وإن فشلت حوارات الجزائر لا تعلوا الفشل على المكان أو على الدول المستضيفة لأن هذه المرة فالفشل سيؤكد فشل الاحزاب وفشل نهجها واسلوبها ويؤكد أن من هم يسعون للمصالحة هم من لا يردونها لتحقيق اجنداتها الخاصة وإدارة الانقسام صناعتهم وعلى تلك الأحزاب ات تعلم إن عادت من الجزائر دون توافق لو بالحد الأدنى فليغفر لها الشعب وعليها تحمل المسؤولية كاملة عن ما قد يحدث وبهذا لا تكون فرصة مستقبلا لإنهاء الانقسام اتمام المصالحة والوحدة الوطنية

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لا يرحلون ..!

لا يرحلون ..! بقلم د. عبدالرحيم جاموس  الشعراءُ يذهبونُ او يرحلون.. كما يرحلُ الثوارُ دون …