الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مروان محمد مشتهى يكتب : زمام المبادرة

د. مروان محمد مشتهى يكتب : زمام المبادرة

مروان محمد مشتهى

زمام المبادرة
د. مروان محمد مشتهى

لقد صنف العالم الأمريكي ستيفن كوفي اتخاذ زمام المبادرة بالعادة الأولي الأكثر أهميةً في كتابه الشهير العادات السبع للناس الأكثر فعاليةً ،حيث اعتبر أن الانسان يمتلك حرية الاختيار والإدراك و الخيال والإرادة واعتبرها الخطوة الأولى في بناء الذات ،وأن سلوكنا نتاج قراراتنا وليس ظروفنا ، واعتبر كوفي أن هناك دائرتين من التفاعل حيث تمثل الدائرة الخارجية الخوف والقلق ومشاكل العمل ،وبداخلها دائرة التأثير التي تمثل استجاباتنا وكيفية تعاطينا مع الأحداث الناتجة وكلما ركزنا على اتساع دائرة التأثير زادت قدرتنا على المبادرة وتحجيم وتقويم باقي المؤثرات.

إن مبادرتك للإسراع في تحمل المسؤليةوأخذك لزمام المبادرة لتصبح منهجاً قويماً في تعاملاتك؛ تجعلك على قدرة عالية من الاستعداد والجهوزية في مواجهة الأزمات وتحمل المخاطر ، فقد تختلف المبادرة المتخذة تجاه أزمة أو مشكلة ما من شخص إلى أخر حسب طبيعة تكوين وشخصية الفرد وسماته الشخصية والفطرية وقدراته القيادية ؛ فهناك من يتخذ نمط المفاجأة والمباغتة التي تربك الآخرين بخطوات وقرارات سريعة وتصحيحية لمواقف لا تحتمل التأجيل ، والطرق على الحديد بمطرقة غليظة وهو ساخن وفي تلك الحالة لابد من الحنكة والتدرج في استخدام القرارات والأدوات بما يتناسب مع الأحداث حتى لا تفقد زمام المبادرة.

وقد يكون استخدام القوة الناعمة أسلوباً ناجحاً من أساليب اتخاذ زمام المبادرة عن طريق تدجين الطرف المقابل وتلين مواقفه والعمل على تغيير توجهاته ليصبح خاضعاً لرغباتك بشكل مطلق دون الحاجة للمواجهة الصلبة ؛ فكل مرحلة لها متطلباتها وظروفها وقد تأتي أُكلها حسب طبيعة المبادرة والمرحلة والأشخاص فتحتاج معالجات خاصة بها.

إن قدرتك على تحديد نوع التدخل والمبادرة من جانبك تضعك في قلب الحدث بل صانعه والمتفرد في توجيه دفة الأحداث فتصبح الفاعل للأدوار وليس مفعولاً به ؛ يقول عليه السلام: لا يكُنْ أحَدُكمْ إمَّعَة، يقول: أنا مع الناس، إن أحْسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ، ولكن وَطِّنُوا أنفسكم إن أحسنَ الناسُ أن تُحْسِنُوا، وإن أساؤوا أن لا تَظلِمُوا ، فالمبادرة تضعك في صدارة المشهد وتمنحك ثقة عالية بنفسك، وتجعل الآخرين يثقون بك ويقدرونك لأنك ببساطة بكونك مبادراً قد أنقذت الموقف من التدهور وحافظت على  الجهد والوقت والمال بحسن ادارتك وتدخلك في المناسب .

ويترتب عليك حتى تكون مبادراً لبقاً ومقبولاً لدي الآخرين ؛ أن تكون متجدداً  ونشيطاً تتخذ من الحوار طريقة للتعامل ومشاركة الآخرين للفعالية والدينامية ،وأن تبتعد كل البعد عن الروتين القاتل من خلال التركيز على القضايا الجوهرية ، فلا تلتفت إلى سفاسف الأمور والمشاكل الجانبية التي تبعدك عن دائرة التأثير وتشتت رؤيتك ورسالتك وأهدافك ، ولا تقيد ذاتك بمعتقدات بالية ؛ وإنما طور من ذاتك بشكل مستمر ، وحدث من أساليبك ومهاراتك ، وتعلم كيفية استقطاب الآخرين لصالحك وأهدافك لتحقيق الأهداف المشتركة، والتقط الأفكار والفرص الجديدة حتى تستطيع الصمود والمنافسة،وتفاعل مع الأفكار الريادية المبدعة وتحمل المخاطرة المحسوبة ؛فإن امتلاكك لزمام المبادرة يجعلك على قدرة عالية من اكتشاف قدراتك الذاتية وقدرات من حولك فكن حيثما يكون المبادرون تحجز لك مقعدا بين المبدعين المؤثرين .

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *