الرئيسية / الآراء والمقالات / د. مونتجمري حور يكتب : مبادرة السلام “اليهودي العربي الإبراهيمي” كتعديل لمبادرة السلام العربية

د. مونتجمري حور يكتب : مبادرة السلام “اليهودي العربي الإبراهيمي” كتعديل لمبادرة السلام العربية

مونتجمري حور
مبادرة السلام “اليهودي العربي الإبراهيمي” كتعديل لمبادرة السلام العربية
كتب: د. مونتجمري حور
تلاحقت الأحداث وكثرت التفاصيل وزاد معها الصمت الفلسطيني على كافة الأصعدة في وقت تتناول الصحافة الإسرائيلية بين الفينة والأخرى مواضيع مترابطة وبالغة الأهمية والتي لا يمكننا أن نمر عليها مرور الكرام. عصفت بمنطقتنا طيلة الفترة السابقة أحداث كثيرة شوشت كل المتغيرات السياسية البحثية وبثباتها بدأت تتشكل تدريجياً ملامح مرحلة شاملة ينطوي تحتها طروحات جديدة جميعها تصب في نفس هدفها الرئيس وهو إنشاء كيان هجين بين الفيدرالية والكونفدرالية بين إسرائيل من جهة، والدول العربية من جهة أخرى. تجتمع معظم الطروحات تحت سقف مبادرة واحدة باسمين هما “مبادرة السلام اليهودي-العربي الإبراهيمي” أو خطة (181/ 25%).
مدى أهمية هذه المبادرة:
نؤكد على أهمية هذه المبادرة وأنها جديرة بالدراسة، خصوصاً وأنها تحمل بين طياتها رؤية شاملة لا تقتصر على القضية الفلسطينية فحسب، بل على المنطقة بأسرها، ويرى الكاتب أن تؤخذ هذه المبادرة على محمل الجد لأسباب ثلاث هي:
1- أنها تمثل رؤية عامة وشاملة وتنطوي على مواضيع متصلة ومترابطة، أهمها تعديل خطة السلام العربية، وإنشاء اتحاد إبراهيمي وحدوي.
2- لأنها تتطرق لجميع قضايا الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي على وجه التحديد، فمثلاً أنها تتبنى زيادة نسبة الأراضي المخصصة للجانب الفلسطيني ب 3% مع إعادة ترسيم الحدود وهناك حديث عن حق للعودة ووضع خاص لمدينة القدس وإنهاء للاحتلال الإسرائيلي.
3- لاعتمادها على نقطتين مهمتين هما:
– أنها مبنية على المبادئ التي توصل لها فعلياً الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي سابقاً.
– أنها تدعو لضم إسرائيل كدولة يهودية مع الدول العربية مستخدمةً رمزاً دينياً وحدوياً بين مختلف الأطراف وهو “البطريرك” إبراهيم كما أسمته أي الأب المؤسس كما تعرفه لنا الويكيبيديا فالنظام المعتمد على سلطة الأب يدعى “النظام البطريركي”.

في هذا المقال نسلط الضوء على هذه المبادرة بطريقة شاملة كما تم تقديمها للرباعية الدولية، وكما تسلمها السيد/ توني بلير شخصياً، ونبرز التعديلات المقترحة على خطة السلام العربية. تجدر الإشارة أنه سبق لنا وأن قدمنا موضوع متفرع من هذه المبادرة ألا وهو الإتحاد الإبراهيمي أو “الكيان الهجين بين الفدرالية والكونفدرالية” وتم إنجاز ذلك على جزأين منفصلين.

أبرز بنود هذه المبادرة:
أولا: تذكر المبادرة أبرز النقاط التي اتفق حولها الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي وأبرزهما:
1- وافق الجانب الفلسطيني، من حيث المبدأ، على ما أسموه بالتسوية التاريخية وقبولهم ب 22% من “أراضي” فلسطين في عهد الانتداب البريطاني (بالإضافة إلى “العودة”).
2- وافق الفلسطينيون والإسرائيليون، على حد سواء ومن حيث المبدأ، على قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947 الذي دعا إلى إقامة دولة يهودية وأخرى عربية ووضع خاص لمدينة القدس، “وقد أعلن الرئيس محمود عباس أن الرفض العربي للقرار 181 كان خطأً”.
ثانياً: الحدود والمستوطنات
تتحدث هذه المبادرة عن عقبتين رئيسيتين كانتا تقفان أمام التوصل لحل في جولة المفاوضات الأخيرة هما حدود عام 1967 والمستوطنات، ولكنها تعتبر أن الصراع لا يدور حول حدود عام 1967 بل ال 1948 ، وتنوه إلى أن الانسحاب الإسرائيلي إلى حدود 1967 قد “لا يؤدي بالضرورة إلى حل الصراع حتى لو التزم الطرفان باتفاق تبادل الأراضي الذي تم التوافق حوله مسبقاً بشكل متبادل”، كما تنوه إلى أن المنطقة هي ذات قداسة وسيتم بالتأكيد مراعاة ذلك في المفاوضات القادمة وأخذه في الحسبان كعامل مهم، وتشير إلى أن الخط الأخضر هو مجرد خط هدنة تم رسمه عام 1949 وأنه لا يحظى بأية قداسة، وتذكر أن الجانب الفلسطيني قدم بالفعل تنازلات كبيرة من خلال “قبولهم ب 22% من أراضي فلسطين التاريخية في عهد الانتداب البريطاني” وتنظر إلى التوصل لهذه النسبة كنقطة مهمة وأساسية سيبنى عليها لاحقاً، وأنه لو قدم للجانب الفلسطيني من الآن فصاعداً نسبة أقل من ال 22%، فلن يقبلوا بها. وبناءَ عليه، تتقدم هذه المبادرة باقتراح لإعادة رسم الحدود على نحو فعًال كما أسمته بزيادة النسبة المقدمة للفلسطينيين ل 25% ما يعني زيادة مساحة الدولة الفلسطينية العربية من 22% إلى 25% وهذا التنازل في الزيادة مشروط “بالموافقة على إعادة ترسيم الحدود بما يعكس الواقع الديمغرافي على أرض الواقع لعام 2013 بدلاً من واقع 1967 أو واقع 1947”.

تنظر هذه المبادرة إلى بعض القضايا كبطاقة الهوية على أنها “ليس بالضروري أن تكون مرتبطة بالتواجد الجغرافي للفرد خاصة في ظل عالمنا المتطور تكنولوجيا الآن وهذا يشجع على رسم خريطة واحدة تعكس واقعاً جديداً للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بحيث يتمكن أكبر عدد من “اليهود” للعيش في “الدولة اليهودية” وتحت مظلة العلم الإسرائيلي، وفي المقابل، سيتمكن أكبر عدد ممكن من “الفلسطينيين” من العيش في “الدولة العربية “فلسطين” وتحت مظلة العلم الفلسطيني، وبغض النظر عن شكل هذه الخريطة التي قد لا يكون ساراً أو جميلاً إلا أنها تؤكد على أن حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أهم من التقيد بمعايير جمالية معينة”.
ثالثاً: قضية الأمن وإنهاء الاحتلال العسكري:
بحسب المبادرة، فإن إعادة ترسيم الحدود من خلال إعادة رسم الخريطة سيمكن إسرائيل من الحفاظ على احتياجاتها الأمنية في “وادي الأردن دون المساس بالضرورة بالسيادة الفلسطينية أو وحدة أراضيها”، ولضمان حرية الحركة داخل الدول الفلسطينية، سيتم توفير مخططات لبناء جسور وأنفاق تخدم هذا الغرض، وبذلك “لن يتم طرد المزيد من “الناس” من منازلهم”، وأنه على الرغم من وجود صعوبات لوجستية ومعارضة سياسية لأن هذه الخطوة قد تعني ” اقتلاع الجاليات اليهودية من أماكن مثل بيت إيل والخليل من قلب الوطن اليهودي التوراتي”، إلا أنه يمكن تنفيذ ذلك.

من ناحية أخرى، تؤكد هذه المبادرة على نقل المسئوليات الأمنية إلى سلطات أسمتها بسلطات قانون تنفيذية مدنية وتوصي بضرورة مواصلة التعاون الأمني المشترك بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كلما أمكن ذلك، كما سيتم تغيير المظاهر العسكرية والأمنية الحالية فمثلا “سيتم استبدال الدبابات وجنود الجيش بضباط ذوي تدريب احترافي وبزي خاص بهم”، كما سيتم ضمان الحقوق القانونية المدنية وكذلك الإجراءات القانونية لأي فرد يحتك أو يتواصل مع المسئولين الأمنيين الذين ينفذون القانون لأي سبب، ولن تكون السيادة لأشخاص بل لقانون سيأتي في المقام الأول. على صعيد الأفراد، سيكون لديهم حق التعلم باللغة التي يرغبونها، أما رجال الأمن فعليهم أن يتقنوا لغتين على الأقل وسيكون الأمر إلزامياً بالنسبة لهم قدر الإمكان، كما سيتم العمل على تطوير برامج تدريبية على هيئة دورات متطورة بأسلوب “Ulpan” للإسرائيليين للتحدث بشكل مريح باللغة العربية وكذلك الأمر بالنسبة للفلسطينيين للتحدث بشكل مريح باللغة العبرية، على أن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة الثالثة كوسيط للتفاهم والتواصل إن حدث أي سوء فهم.
رابعاً: دولة إسرائيل اليهودية ودولة فلسطين العربية

تشرح المبادرة سبب استخدامها لمصطلحي الدولتين “اليهودية” و “العربية” بدلاً من إسرائيل وفلسطين مثلا، وتعزو ذلك إلى أن هذه المصطلحات هي الأصلية المستخدمة في قرار الأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، لذا جاء الاستخدام جاء مقصوداً. بالإضافة إلى ذلك، توضح أنه “في عام 1947 لم يتم تسمية أي من الدولتين بأي اسم، ولو سلمنا أن كلا الجانبين قد اتفقا علانية على قرار الأمم المتحدة ،181 من حيث المبدأ، فهذا يعني أن كلا الجانبين قد عبرا صراحة بالفعل عن رغبتهما في قبول “دولة يهودية” وأخرى “دولة عربية” مع وضع خاص لمدينة القدس، فيما لم يتم حسم مسألة الحدود آنذاك، وهذا النهج من شأنه أن يحل مشكلة الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، كما أنه يؤكد على استعداد إسرائيل قبول دولة فلسطينية عربية ويمكن استخدامها لمواجهة الانتقادات من اليمين الإسرائيلي، وبالنسبة للتسمية، فلتطلق كل دولة على نفسها ما يحلو لها”.
خامساً: اللاجئون وحق العودة
بحسب المبادرة، بعد رسم الحدود التي تعكس الحقائق الديموغرافية، سيتم العمل أيضاً على حل قضية اللاجئين والمطالبات الفلسطينية بحق العودة، وتشير إلى أن “معظم الأشخاص الذين اضطروا لمغادرة منازلهم نتيجة حرب 1948 وصلت أعمارهم اليوم الخامسة والستين عاماً على الأقل، و”كدليل على حسن النوايا، يمكن لإسرائيل أن تبني لهم مجتمعات أو أحياء مخصصة للمتقاعدين وفي مدن محددة مثل الرملة واللد ويافا وعكا وحيفا أو بالقرب منهم، مع التأكيد على أن هذا الترتيب لن يكون إلا للأشخاص الذين كانوا على قيد الحياة في عام 1948. وإذا أراد أحفادهم العودة للإقامة، فعليهم العيش في الدولة الفلسطينية شريطة أن يسمح هذا النهج بإبقاء إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية مع توفير مقاربة منصفة لقضية اللاجئين”.
بالنسبة للتعويضات المالية، تقترح المبادرة إشراك طرف ثالث يكون مستقلاً “للعمل على تحديد ذوي الاستحقاقات وتشترط أن يتحمل المجتمع الدولي كامل المسؤولية عن ذلك بما فيهم، على سبيل المثال لا الحصر، دول جامعة الدول العربية وإسرائيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، والولايات المتحدة وروسيا. إذا كان الهدف هو الوصول إلى السلام وتضميد الجراح، يجب الاعتراف بأن جميع الأطراف المشاركة في هذا الصراع على مدى القرن الماضي تتحمل درجة من المسؤولية لإنهائه”.
خامساً: القدس
تعتبر المبادرة أن أهم قضية تتعلق بالقدس هي رمزية ما أسمته “الحوض المقدس” للمدينة القديمة / جبل الزيتون، وتقترح “أن تكون القدس الغربية تحت سلطة إسرائيل، وستكون القدس الشرقية العربية تحت سلطة فلسطين، وسيكون الحوض المقدس كيان منفصل”، وتستشهد بعدة مدن كنماذج شهدت مثل هذا الترتيب سابقاً كمدينة الفاتيكان وكمدينة واشنطن العاصمة على سبيل المثال، كما أنها تقترح أن تكون إدارة المدينة القديمة مشتركة على أن يكون هناك مستشارين دوليين مدربين على طرق التعامل مع الأمور الدينية الحساسة. أما “بالنسبة للحرم الشريف المسجد الأقصى، فتقترح أن يتم إعلانه رسميًا على أنه ملك لله، ولأهداف إدارية سيتم الحفاظ على الوضع الراهن كما هو، كما توصي بضرورة أن تبني الأمم المتحدة مقراً للسلام الدولي خارج أسوار البلدة القديمة، تحديداً مقابل باب الخليل الذي يعرف بباب يافا، أو باب العامود الذي يعرف بباب دمشق، أو أي مكان آخر مناسب، وتقترح أيضاً أن يبقى الهاشميون المسئولين المؤتمنين على الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس فهم من سلالة النبي محمد ولهم قدر من السلطة الشعبية ويحظون باحترام داخل المجتمع الإسلامي وينظر لهم على أنهم صانعي سلام.
سادساً: أبراهام “إبراهيم” كرمز وحدوي:
تقدم المبادرة تأكيداً مكرراً على مصطلح تم تناوله مسبقاً وهو إنشاء “كومنولث الدول الإبراهيمية” أو الاتحاد الإبراهيمي الذي يراد له أن يشمل إسرائيل والدول العربية، وتؤكد على “أن ما نحتاجه هو تشكيل كيان سياسي واحد، يسمح للدولة اليهودية والدول العربية أن يكون لديهم أكبر قدر ممكن من الاستقلال، ولكنهم في نفس الوقت مرتبطين برمز وحدوي واحد، فللرموز قوة. طالما أن هناك شعور برمز وحدوي وماضٍ ومصير مشتركين، فكل ما ستأتي بعد ذلك هي مجرد تفاصيل يمكن التفاوض حولها، وأن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجمع عليه الشرق أوسطيون هو احترام البطريرك إبراهيم كرمز وحدوي يلتفون حوله

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *