الرئيسية / الآراء والمقالات / د.سالم سرية يكتب : الدور الايراني في اليمن-الجزء الثالث

د.سالم سرية يكتب : الدور الايراني في اليمن-الجزء الثالث

د.سالم سرية  :اكاديمي وكاتب (فلسطين)
د.سالم سرية :اكاديمي وكاتب (فلسطين)

الدور الايراني في اليمن-الجزء الثالث
د.سالم سرية

لقد بينا سابقا ان الحوثيين قد عملوا تحت يافطة  اتحاد الشباب المؤمن (ضمن مبدأ التقية )قبل قيام الوحدة عام 1990 ثم انشيء حزب الحق كواجهة سياسية يخوض من خلالها الانتخابات النيابية المتعاقبة  ضمن عباءة المؤتمر الشعبي العام ) الحزب الحاكم في اليمن ) حيث اصبح لهم نفوذاً وتأثيرا فيه. وفي عام 2012 م ومع بداية ما بات يعرف في الأوساط السياسية بالربيع العربي تم إعلان وإشهار “حزب الأمة” كواجهة سياسية للحوثيين وكان إنشاء هذا الحزب استجابة لما أبداه بعض المسئولين الغربيين من حث للحوثيين على إنشاء حزب سياسي وديمقراطي لهم، وذلك بعد ان افتضح أمرهم في اليمن بأنهم أصحاب مشروع ايراني. وقد قيل إن إعلان هذا الحزب هو محاولة لإختراق الثورة اليمنية وتفتيتها، وذلك باتفاق بين السلطة وبين الحوثيين ، فتوافقت مصلحتهم مع مصلحة السلطة اليمنية في إجهاض وتدمير هذه الثورة .فبقاء نظام علي صالح يعني بقاء المشروع الحوثي كقوة متمردة تحمل السلاح ويعني بقاء الاستثمار بالأحداث الذي ينتهجه النظام اليمني خصوصاً في عقده  الأخير وهو ما يعني بقاء المصالح المشتركة بين الطرفين.
 وقام أعضاء ما يسمى “الشباب المؤمن” بالعمل على توسيع قواعدهم الشعبية وعلاقاتهم الداخلية والخارجية فوثقوا علاقاتهم مع الرئيس اليمني آنذاك وقامت الحكومة بطبع مناهجهم الدراسية في معاهدهم ومنتدياتهم في مطابع الكتاب المدرسي اليمني كهدف سياسي لإحداث توازن مع بقية الطوائف كأهل السنة والزيدية، الذين لا يوافقون على ما يسمى باتحاد الشباب المؤمن  كما اصبح لهم تواصلا سافرا ومكشوفا مع السفارة الإيرانية في صنعاء، وملحقيتها الثقافية على وجه الخصوص وقد كان لتلقي تنظيم “الشباب المؤمن” للدعم السخي من حكومة
طهران عبر سفارتها، وعبر وسطاء آخرين في المؤسسات والجمعيات الشيعية في بعض دول الخليج ألعربي والشام والعراق ، أثرٌ كبيرٌ في الانفصال عن  “حزب الحق .(تماما مثل انشقاق الصابرين عن  الجهاد في غزة) ويمكن أن تعتبر لحظة الانفصال بين الشباب المؤمن وبين حزب الحق نقطة التحول ألكلي والتبعية التامة من قبل الحوثيين للنظام الحاكم في ايران  والانخراط في مشروعه العقائدي والسياسي والعسكري في البلاد العربية  والإسلامية . فقد أصبح هذا التنظيم “الشباب المؤمن” ايراني الفكر بامتياز، حيث أصبحت أدبيات الفكر الخميني، وحزب الله أللبناني هي المحرك الفكري والإعلامي لهم. وكذلك أصبحوا ينعتون ب”أنصار الله )(في عام 2011 ) وتأتي هذه التسمية على غرار حزب الله اللبناني رافعين نفس رايته.  
 لقد كان الرئيس علي صالح وطيلة فترة حكمة يرقص على حبل المناورات فتارة يقاتل الحوثيين بضراوة عندما كان الإخوان (حزب الاصلاح ) وباقي الاحزاب السلفية والسنية يقفون الى جانبه وتارة يرمي بثقله مع الحوثيين لمواجهة الاحزاب السنية والقبائل المتحالفة معهم .كما ان الحوثيين لم يكونوا اقل مهارة في المناورات حيث تحالفوا منذ وقت مبكر مع الحراك الجنوبي برئاسة علي سالم البيض . لذلك لم يكن عموم اليمنيين يتنبهون لحركة التنسيق التي كانت تتم بين التيار الشيعي في الشمال وأقاربهم في الجنوب من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني وقيادات الرابطة أي رابطة أبناء الجنوب قبل الوحدة اليمنية   (1990) ورابطة أبناء اليمن بعدها وتجسد هذا التناغم والتنسيق كأقوى ما يكون في حرب 1994 م بين بدر الدين الحوثي وعلى سالم ألبيض الأمر الذي انتهى بحملة عسكرية دكت منزل الحوثي، ونزح على إثرها إلى لبنان ثم إلى إيران وأعلن مبايعته لخامنئي واعتباره ولي أمر المسلمين في العالم ، وعاد إلى اليمن عام1997  م، بعد وساطات والتماسات لدى رئيس الجمهورية السابق .
وفي ظل ضعف الدولة وغيابها، وانشغال الكل بالعمل على إنجاح ثورة شباب التغيير في اليمن  انضم الحوثيون صراحة إلى الدعوة لتحقيق مطالب انفصال الدولة اليمنية ألموحدة وهي الدعوة التي تتبناها قيادات انفصالية عبر مسميات مشبوهة، مثل: المجلس الأعلى للحراك على رأسه علي سالم ألبيض الذي زار إيران مرارا وأصبح الولد المدلل لها في هذه المرحلة والذي لا يرد له طلب.. ولم يقتصر الأمرعلى الإتفاق بين الطرفين على الدعوة للانفصال بل إن التنسيقات والتحالفات جرت على قدم وساق في شتى الصُّعد السياسية والإعلامية والميدانية، وتسليح الحراك لزعزعة الأمن والاستقرار وعرقلة إتمام الانتخابات الرئاسية التي أجمع عليها اليمنيون في ألداخل وباركتها القوى الإقليمية والدولية.  رفض الحوثيون المبادرة الخليجية ، والانتخابات الرئاسية المبكرة وسعوا إلى إفشالها،اثر ثورة 11 فبراير 2011 ولم يعترفوا بشرعية الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي وبدأوا بتحريك مسيراتهم ومظاهراتهم الثورية المنددة بالعملية السلمية.لقد اسفرت المبادرة الخليجية على تنازل الرئيس علي صالح عن الحكم في   27فبراير 2012،  وحتى لا تجير ثورة فبراير لأطراف اخرى قدم علي عبدالله صالح  كل امكانياته للحوثيين انتقاما لتنحيته .وبذلك انضم للحوثيين     قطعات عديدة من الجيش وأسلحتها التي تكن الولاء لعلي عبدالله صالح وبالتالي زادت قوة الحوثيين قوة . وفي سبتمبر 2014 سيطر الحوثيين على صنعاء واقتحموا مقر الفرقة الأولى مدرع التي كان يقودها علي محسن الأحمر ومقر جامعة الإيمان المجاور لها، وسيطروا على مؤسسات أمنية ومعسكرات ووزارات حكومية ومنشآت هامة في وسط العاصمة دون مقاومة من الأمن والجيش وجرى بعدها التوقيع على اتفاق السلم والشراكة الوطنية بين الحوثيين والمكونات السياسية الأخرى. أعقب السيطرة على صنعاء معارك في اب والحديدة والبيضاء  مع ميليشيات حزب التجمع اليمني للإصلاح واتهمت جماعة أنصار الله (الحوثيين) بخرق وعرقلة اتفاق السلم والشراكة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.وعندما شعر علي عبدالله صالح ان الامور قد فلتت من يديه حاول ان يخرج من هذا  التحالف .ولكن هذه المناورة قد ادت الى مصرعه لان فرصة انتقام عبد الملك الحوثي لمقتل اخيه حسين على يد علي عبدالله صالح قد عجلت في اغتياله في 4 ديسمبر 2017.
ونتابع بعون الله الجزء الرابع.
المصادر :
 1-0ايران والحوثيون، أحمد أمين الشجاع، ط الأولى 1434 ه، مركز البحوث
والدراسات، البيان، الرياض
   2- الحوثيون في اليمن بين السياسة والواقع، عائدة العلي سري الدين، ط،
الأولى، 1410 ه، دار بيان، بيروت
3-الحوثيون سلاح الطائفة وولاءات السياسية، د. أحمد الدغشي

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

د عبد الرحيم جاموس يكتب : لا يرحلون ..!

لا يرحلون ..! بقلم د. عبدالرحيم جاموس  الشعراءُ يذهبونُ او يرحلون.. كما يرحلُ الثوارُ دون …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *