عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين
عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين
الرئيسية / الآراء والمقالات / د جمال ابو نحل يكتب / في ذكرى مولد سيد الأنبياء والمرسلين

د جمال ابو نحل يكتب / في ذكرى مولد سيد الأنبياء والمرسلين

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين
عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

#في_ذكري_مولد_سيد_الأنبياء _والمرسلين_والعالمين_محمد_صلى الله عليه وسلم

– ولُد يتيمًا، عاش عظيمًا، مات كريمًا صلى الله عليه وسلم، ولدُ الهدي فالكائناتُ ضياءُ،،، وفّمُ الزَمانُ تبسُمٌ وتناءُ،،، هناك تلازمٌ ضروري بين التدين الصحيح والخلق القويم، تلازم ضروري، إذا انعدم الخُلُق انعدم التديُّن، فالنبيُّ عليه الصلاة والسلام حدَّد الغاية الأولى من بعثته، والمنهج الأمثل لدعوته، فقال فيما رواه الإمام مالك:” وإنما بعثت معلماً) وقال عليه أفضل الصلاة والسلام:) إنما بُعِثتُ لأُتَمِّمَ حُسْنَ الأخلاقِ- أو مكارم الأخلاق؛ أو كمال قال عليه أفضل الصلاة والسلام (فالهدف من مبعثهِ هو إرساء البناء الأخلاقي للفرد والمجتمع، والوسيلة هي من خلال التربية والتعليم (فقال علِّموا ولا تعنفوا فإن المعلِّم خيرٌ من الُمعنِّف) والمتتبع لنصوص القرآن الكريم، وللسُنَّة المطهَّرة الثابتة يجد هذا التلازم الدقيق الضروري بين التَدَيُّن الصحيح والخُلُق القويم، فقال تعالي في من يخالف ذلك الخُلق القويم:﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾ وخاطب نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل:﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ والإيمان والحياء قُرِنا جميعاً، إذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر. ونحن نقترب من الاحتفال في ذكري مولد أعظم وأكرم وأجمل وأفضل وأتقي, وأحسن من عرف التاريخ البشري محمد بن عبد الله أبا القاسم صل عليه الله وسلم عدد ما ذكرهُ الذاكرون وصل الله عليه وسلم عليهِ عدد ما غفل عن دكرهِ الغافلون؛ وإذا أردنا أن تحتفل بذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام؛ علينا أن نُفكِّر في الطرف الآخر؛ في الشباب الشاردين عن الاسلام والدين، وفي المقصِّرين، في الذين لا يصلون، في الذين لا يرتادون بيوت الله، في الذين لا يعرفون عن الله شيئاً، هؤلاء اجمعهم، حدِّثهم أنت، إن كانوا أصدقاءك، أو جيرانك، أو أقرباءك، اجمعهم، ادعهم إلى طعام، ادعهم إلى ضيافة، حدِّثهم عن النبي، إن كنت أنت تحسن ذلك ادع من يحدثهم بهذا، هذا هو الاحتفال المُجْدي الذي تَضُم فيه طرفاً آخر إلى جماعة المؤمنين. والأمر الآخر: أن تُعَرِّف الناس برسول الله، وأن تطعمهم الطعام هذا ليس بدعةً هذا من الدين، البدعة أن تقول: إن الاحتفال بذكرى المولد من العبادة، هو ليس من العبادة، ولكن نشاط يقوم به المؤمن وَفْقَ كتاب الله وسنة رسوله، وأن نُعلم ونعرف الناس سنة النبي القولية فرض عينٍ على كل مسلم، لابدَّ من أن تعرف أحاديث رسول الله الصحيحة، والمتواترة، والضعيفة، والموضوعة من أجل أن تجتنبها، من أجل ألا تنزلق إليها، معرفة سنة النبي ومعرفة سيرة النبي فرضا عين، لآيتين كريمتين لأن ما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب. وهناك شيءٌ رابع: إذا طبَّقتَ منهج النبي فأنت في بحبوحة، أحد أركان النجاة تطبيق سنة النبي..﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ ولو أن الأنبياء صلوات الله عليهم اهتموا بمن معهم لما توسَّعت دائرة المسلمين، لابدَّ من أن تفكِّر في الطرف الآخر، لابدَّ من أن تفكِّر في صديقٍ أو قريبٍ أو جارٍ شارد، لا يرتاد مجالس العلم، ولا يدخل إلى بيوت الله، لابدَّ من أن تفكر في إنسانٍ لو تمكَّنت من هدايته لكان هذا عملاً عظيماً عند الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عليِّ كرَّم الله وجهه): فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ)؛ فكِّر في الطرف الآخر، فكِّر في التائه، فكِّر في الشارد، فكِّر في الذي لا يقيم أمر الدين في بيته؛ إن كان قريباً، إن كان صديقاً، إن كان جاراً هذا ينبغي أن تستجلِبَهُ، وأن تقنعه، وأن تبيِّن له إما أنت وإما عن طريق من يُحسن الكلام، إنك إن فعلت هذا فقد حقَّقت عند الله تجارة لن تبور، هذه هي التجارة الرابحة، ما قولك لو أنك أبٌ ولك ابنٌ شارد، تائه، عاق، وجاء من يقنعه ليكون باراً بك، كم تشعر تجاه هذا الذي ضمَّ ابنك إليك وجعله باراً بك وأقنعه بفضلك عليه؟ كم تشعر بمعروفٍ أسداه إليك هذا الإنسان؟ ولله المثل الأعلى.,في ذكرى المولد النبويّ الشريف بعضهم يقول: إن الاحتفال بذكرى المولِدِ بدعة. والجواب الدقيق هو أنك إذا ألقيت على الناس حديثاً عن شمائل النبي ماذا فعلت؟ ألم يقل الله عزَّ وجل: ﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ ﴾ تعريف الناس بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ بعصمته، وبنبوَّته، وبشمائله، وبسيرته، وبأقواله، وبأفعاله، وبدوره، و بقدوته من صلب الدين، ولو قدَّمت الطعام – وإطعام الطعام من سنة سيد المرسلين – متى يغدو المولد بدعةً؟ إذا قُلت: إن الاحتفال بذكرى المولد عبادةٌ يجب أن تؤدَّى، إن قلت إنما هو عبادة فهو ليس بعبادة، إنما هو ممارسة لنشاطٍ إسلامي مغطىً بآيات القرآن الكريم، وبسنة النبي عليه أتمّ الصلاة والتسليم. النقطة الثالثة: يجب أن نعتقد جميعاً أن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فرضُ عينٍ على كل مسلم، ودقِّق في كلمة ” فرض عين ” أيْ لا يُعفى مسلمٌ كائناً مَنْ كان مِن معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام، طالبني بالدليل، قال الله تعالى:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ كيف يكون لك النبي أسوة حسنة؟ إن لم تعرف مواقفه، إن لم تعرف شجاعته، إن لم تعرف رحمته، إن لم تعرف عدله، إن لم تعرف علاقته بأزواجه، علاقته بإخوانه، علاقته بجيرانه، كيف تتخذ النبيُّ أسوةً وقدوةً ومثلاً إن لم تعرف سيرته ومواقفه؟. أيها الأخوة الكرام… سيرة النبيّ منظومة قيَم كاملة، وكل موقفٍ وقفه النبي يجب أن تُقَلِّده، يكفيك أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام حين كان مع أصحابه في سفر، وأرادوا أن يعالجوا شاةً ليأكلوها، قال أحدهم: عليَّ ذبحها، وقال الآخر: عليَّ سلخها، وقال الثالث: عليَّ طبخها، فقال عليه الصلاة والسلام: ” وعليَّ جمع الحطب ” – ولو سألتم الخبراء في هذا العمل لقالوا: إنه من أشق الأعمال..- فقال أصحابه: يا رسول الله نكفيك ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام:” أعرف أنكم تكفونني، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه” هذه من سُنَّة النبي العملية، من سيرته، لو طبَّقها المسلمون في نشاطاتهم كلِّها لما وجدت شِقاقاً، ولا عداوةً، ولا مشاحنةً، ولا بغضاء، ولا تدابُر، إذا سوَّيت نفسك مع الناس أحبَّك الناس، أما إن استعليت عليهم فأبغضك الناس، هذه واحدة؛ ولو وقفتم عند مواقف النبي وسيرته موقفاً موقفاً، ومشهداً مشهداً، لاستنبطتم من مواقفه قواعد لحياتكم، مناهج في سيرتكم، منظومة قيَم تَنْظِم أعمالكم. إذاً معرفة سنة النبي العملية أو معرفة سيرته فرض عينٍ على كل مسلم لقوله تعالى:﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً﴾ ويجب علينا معرفة سُنَّةِ النبيِّ القوليَّة وتعليمها للناس فهي فرض عينٍ على كل مسلم وشيءٌ آخر: معرفة سُنَّةِ النبيِّ القوليَّة – أيْ أحاديثه الشريفة فرض عينٍ على كل مسلم، والدليل:﴿ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ كيف تأخذ عن النبي وأنت لا تعرف أَقوال النبي؟ وكيف تنتهي عما نهى عنه النبي وأنت لا تعرف منهيات النبي؟ إذاً ما لا يؤدَّى الفرض إلا به فهو فرض، ما لا تؤدَّى السُنة إلا به فهو سُنَّة، ما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب، وهذه قاعدةٌ أصوليَّة، الوضوء فرض؟ نعم لأن الصلاة وهي فرض لا تؤدَّى إلا به، فكما أن الصلاة فرض فالوضوء فرض، ما لا يؤدَّى الفرض إلا به فهو فرض، ما لا تؤدى السُنَّة إلا به فهو سنة، ما لا يؤدى الواجب إلا به فهو واجب؛ وفي ذكرى المولد النوي الشريف ندعي محبة الله ورسوله، فأنَّك إذا ادَّعيت أنك تحب الله عزَّ وجل، هذه دعوة تحتاج إلى دليل، وقد كَثُر المُدَّعون، والدليل اتباع سنة النبي، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾لا دعوة إلا بالدليل، دعوة محبة الله دعوة عريضة يدَّعيها كل إنسان، ولكن المِحَكَّ الصحيح، والفَيْصَل الدقيق، والبرهان الساطع في اتباع سُنة النبي عليه الصلاة والسلام، فإيَّاك أيها الأخ الكريم أن توهِم نفسك أنك محبٌ لله وأنت لا تتبع سُنَّة رسول الله، إياك أن تتوهَّم أن الله يحبك وأنت لا تتبع سنة رسول الله.﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾ إن من طبق سنة النبي حقق الهدف من وجوده ,في ذكرى المولد النبويّ الشريف وهو أنك إذا اتبعت سُنَّة النبي، أيْ سرت على المنهج الذي أمرك الله به ماذا فعلت؟ فعلت كل شيء، بمعنى أنك حقَّقت الهدف من وجودك، ومن خلقك، إنك على الطريق الصحيح، وعلى الصراط المُستقيم، ونحو الهدف المرسوم، عندئذٍ أنت في بحبوحة، ليس هناك من مبررٍ كي تُعالج وأنت صحيحٌ معافى، لذلك قال الله تعالى:﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ أيْ أن سنَّتك فيهم؛ في حياتهم، بنوا حياتهم على سنتك، بنوا حياتهم على طاعة رسول الله، طوبى لمن وسعته السنة ولم تستهوه البدعة، أنت في بحبوحة، ما دمت مطبقاً لسنة النبي فأنت في بحبوحة، وما دام النبي بين ظهراني أصحابه فهم في بحبوحة، ما دام بين ظهرانهم في حياته، يأتيه الوحي، ويبلِّغهم، ويتَّبعونه فهم في بحبوحة، وما داموا بعد مماته مطبِّقين لسُنَّته فهم في بحبوحة.
ألا تشعرون أيها الأخوة أننا في أمسِّ الحاجة لمعرفة سنة النبي ما دامت سنة النبي أماناً لنا من العذاب؟ معنى ” أنت فيهم ” أيْ سنتك قائمةٌ في حياتهم اليوميَّة، فهل تنام وَفْقَ السُنة؟ وهل تستيقظ وفق السنة؟ وهل تأكل وفق السنة؟ وهل تعامل زوجتك وفق السنة؟ وهل تبيع وفق السنة؟ وهل تشتري وفق السنة؟ هكذا. دين الله مبنيٌ على العدل وفيذكرى المولد النبويِّ الشريف هناك حقيقةٌ أيها الأخوة دقيقةٌ جداً، لو كنت في حياة النبي، في عهد النبي، بين أصحابه، واستطعت أن تنتزِع من فمه الشريف حُكْمَاً لصالحك، أوتيت حجةً، وطلاقة لسان، وقوة إقناع، وأقنعت سيد الخلق وحبيب الحق، وهو قاضٍ بينك وبين خَصْمِك، انتزعت من فمه الشريف حُكْمَاً لصالحك، ولم تكن محقاً، لا تنجو من عذاب الله، لقول النبي عليه الصلاة والسلام:” إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ فَلا يَأْخُذْهَا( إنك مهما أحببت النبي، مهما أظهرت من حبك له، إن لم تكن مستقيماً على أمر الله، إن لم تؤدِ الحقوق لأصحابها، إن لم تقم بواجباتك كاملةً لا تنجو من عذاب الله، فلئلا يتوهَّم متوهِّم أن الاحتفال بذكرى المولد، ومديح النبي هذا ينجينا من عذاب الله! فحقوق العباد لا تسْقط إلا بالأداء أو بالمسامحة، ولا سبيل آخر إلا سقوطها، لا تسقط إلا بالأداء أو المسامحة، أيضاً لئلا يتوهَّم المسلمون أن جَمْعَ الناس، وإلقاء الكلمات، وإنشاد المنشدين، وتوزيع الطعام هذا يغطي انتهاكهم للحقوق، يغطي تقصيرهم بالواجبات، لو أنك في عهد النبي، وكنت مع النبي عليه الصلاة والسلام وانتزعت من فمه الشريف حُكْماً لصالحك ولم تكن على حق، لا تنجو من عذاب الله، كن على بصيرةٍ من أمره، هذا دين الله لا يُلْعب فيه، هذا دين الله مبنيٌ على العدل. حتى الحج الذي يتوهَّمه الناس أن الإنسان إذا حجّ بيت الله الحرام رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، هذا لا ينطبق إلا على الذنوب التي بينك وبين الله، أما التي بينك وبين العباد فلا تسقط إلا بالأداء أو بالمُسامحة؛ أما عن الخلق الحسن يرفع الإنسان عند الله, -من الأمور التي تُثيرها مناسبة ذكرى المولد النبويّ الشريف: النبي عليه الصلاة والسلام كان خطيباً سيد الخطباء
وكان عالِماً سيد العلماء، وكان مجتهداً سيد المجتهدين، وكان فقيهاً سيد الفقهاء، وكان قاضياً سيد القُضاة، وكان زعيماً سيد الزعماء، وكان قائداً حربياً سيد القوَّاد، الله جلَّ جلاله حينما أراد أن يمدحُهُ، وأن يثني عليه، وهو خالق الكون بماذا مدحه؟ بماذا أثنى عليه؟ قال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ فما الذي يرفعك عند الله؟ الخُلُق العظيم، ما الذي يعلي قدرك عند الله؟ حُسْنُ الخُلُق، ما الذي يدخلك الجنة؟ حسن الخلق، ما الذي تسمو به؟ حسن الخلق، لأن الله سبحانه وتعالى حينما مدح نبيَّه الكريم لم يمدحه إلا بالشيء الذي يرفعُه عنده، إنه الخُلُق العظيم، قد يؤتى الإنسان قدرات علمية أو خطابية، أو قدرات في إقناع الناس، هذه القُدرات إن لم يرافقها خُلُقٌ، وسموٌ، وعفَّةٌ، وصدقٌ، وأمانةٌ، لا ترفع صاحبها عند الله- أيها الأخوة الكرام… هناك شيءٌ آخر يُهمس به إلى الدُعاة، النبي عليه الصلاة والسلام سيد الخلق، وحبيب الحق، سيد ولد آدم، أكرم الخلق على الله، أقربهم إلى الله، أشدّهم لله خشية، ومع كل ذلك يُوحى إليه، نزل عليه القرآن، أيده الله بالمعجزات ومع كل ذلك قال الله له:﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾فهذا الذي يُوحى إليه، والمعصوم، وسيد الخلق، وحبيب الحق، المؤيَّد بالمعجزات، الذي نزل عليه القرآن هو.﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾ فهذا الداعية الذي لا يوحى إليه، وليس معه كرامة، وليس مؤيَّداً، وليس معصوماً، لو كان فظاً غليظ القلب لانفضَّ الناس عنه من باب أوْلَى، سيد الخلق ينفضُّ الناس عنه لو كان فظاً غليظ القلب فكيف برجل من عامة المؤمنين؟ فالدعوة إلى الله لا يُصلحها القسوة، ولا الشدة، ولا الاستعلاء، ولا الكِبْر، الدعوة إلى الله تحتاج إلى خُلُقٍ حسن كي تملك قلوب الناس. لأن الأقوياء يملكون الرقاب، أما المؤمنون فيملكون القلوب، وشتَّان بين من يملِك رقبةً وبين من يملِك قلباً، سلاح الداعية إلى الله أخلاقه الحميدة، تواضعه، إيناسه، أمانته، صدقه.. ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ ورسول الهدى صلى الله عليه وسلم يوصينا بالتمسك بسنته فيقول: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعلينا إن اردنا أن نُحي سنة النبي صل الله عليه وسلم ان نستن بسُنتهِ وان نتبع هدية ومنهجه في كل شيء في السيرة والسريرة والمسيرة التي سار عليها النبي، وعلينا أن نرسم الابتسامة على وجوه المحرومين لأن تبسُمك في وجهِ أخيك صدقة؛ ومداواة المضي بالصدقة، فنحن المسلمين اليوم بحاجة ماسة جدًا إلى الوسطية في الدين والبعد عن الغلو وأتباع منهج النبي الوسطي، وأن نجسد القول بالعمل، لأننا غالبيتنا نقول ولا نعمل، ,اختم بحديث النبي صل الله عليه وسلم:” حديث مرفوع) جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَهُمْ يَتَذَاكَرُونَ فُنُونَ الْعِلْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ : ” تَعَلَّمُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَتَعَلَّمُوا ، لَنْ تَكُونُوا بِالْعِلْمِ عُلَمَاءَ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهِ ” صل الله عليك وسلم يا من علمت البشرية الرحمة والعدل وولدت يتيمًا وعشت كريمًا ومات شهيدًا عظيمًا، ونختم بالحديث من هَدْيه صلى الله عليه وسلم في علاج السُّمِّ الذى أصابه بخَيْبَر من اليهود؛ حيث ذكر عبد الرزَّاق، عن معمر، عن الزُّهْرىِّ، عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك: أنَّ امرأةً يهوديةً أهدَتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاةً مَصْلِيَّةً بِخَيْبَر، فقال: ((ما هذه)) ؟ قالتْ: هَديَّةٌ، وحَذِرَتْ أن تقولَ: مِنَ الصَّدَقة، فلا يأكلُ منها، فأكل النبي صلى الله عليه وسلم، وأكل الصحابةُ، ثُم قال: ((أمسِكُوا))، ثم قال للمرأة: ((هل سَمَمْتِ هذه الشَّاة)) ؟ قالتْ: مَن أخبَرَك بهذا ؟ قال: ((هذا العظمُ لساقها))، وهو فى يده، قالتْ: نعمْ. قال: ((لِمَ)) ؟ قالتْ: أردتُ إن كنتَ كاذباً أن يَستريحَ منك النَّاسُ، وإن كنتَ نبيّاً لم يَضرَّك، قال: فاحتَجَم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثةً على الكاهِلِ، وأمَرَ أصحابَه أن يَحتجِمُوا؛ فاحتَجَموا، فمات بعضُهم، وبقى بعد ذلك ثلاثَ سنين علية افضل الصلاة السلام حتى كان وجعُه الذى تُوفى فيه، فقال: ((ما زِلْتُ أجِدُ من الأُكْلَةِ التي أكَلْتُ مِن الشَّاةِ يومَ خَيْبَرَ حتى كان هذا أوانَ انْقِطَاعِ الأَبْهَرِ مِنِّى)فتُوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً، كما قال موسى بن عُقبةَ)؛ نسأل الله عز وجل أن يجمعنا على حوضه الشريف، وان يسقنا من يده الشريفة شربة لا نظمأُ بعدها أبدًا، وأن يجعلنا رفقاء النبي في الفردوس الأعلى في الجنة، اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما ذكرهُ الذاكرون، وصل وبارك على سيدنا محمد عدد ما غفل عن دكرهِ الغافلون، وكل عام وأنتم بألف خير، ونسأل الله عز وجل أن يحرر الأسري والمسرى .
#الباحث_الكاتب_الصحفي_المفكر العربي_والإسلامي_والمحلل _السياسي

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *