الرئيسية / الآراء والمقالات / : الأبعاد الاستراتيجية في خطاب أبي مازن (ج1)

: الأبعاد الاستراتيجية في خطاب أبي مازن (ج1)

مونتجمري حور

الأبعاد الاستراتيجية في خطاب أبي مازن (ج٠1)

   كتب :د. مونتجمري حور يكتب

خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مهم ويتضح لنا إعداده إعداداً مسبقاً بشكل غير مسبوق في تناسقه ورسائله التي حملها في طياته وهو يختلف عن كل خطاباته السابقة ومن أكثر ما يميزه وجود تناقض مثير للجدل زاده قوةً وأهميةً وحساً وطنياً ويستحق فعلاً تقديم تحليلاته المتنوعة في سلسلة مقالات قادمة نظراً لضيق المساحة المتاحة في كتابة المقال، والعلوم التي تمكننا من قراءة مضمونه ومحتوى نصوصه كثيرة ومتنوعة. في هذا المقال، ألجأ إلى نظرية علم السيميولوجي أو السيميوتكس لاستخلاص الرسالة الرئيسة التي أراد بها الرئيس محمود عباس إيصالها للمجتمع الدولي عامة ولإسرائيل خاصة دون أن يذكرها علانية، ثم سأقدم تفاصيل أخرى منبثقة عنها لا تقل أهمية في مقالات أخرى لاحقة.

بدأت الكلمة وخلف الرئيس خمسة صور إحداهما للقدس وأربعة أخريات لخرائط فلسطين والتي راعت نقطتين مهمتين هما: مراحل تطور القضية الفلسطينية، والخيارات الفلسطينية القادمة واستهل حديثه بتناول الحقوق الفلسطينية مباشرةً مستخدماً لفظ “صكوك ملكية” موثقة في الأمم المتحدة على أنها أرض دولة فلسطين ثم عرض صورة سادسة وهي نسخة عن صكوك الملكية الخاصة به شخصياً ومن عائلته وكما قال أن غيره من ملايين الفلسطينيين يمتلكون صكوكاً مماثلة، ولم يتحدث عن الداخل أو الخارج بل عن الكل الفلسطيني ثم أظهر نسخة عن هذه الصكوك فاكتمل عرض قضية فلسطين بكافة تفرعاتها وإثباتاتها.

يأتي هذا الخطاب متمرداً على سابقاته من خطابات الرئيس محمود عباس باشتماله على نصوصاً غيبها الرئيس محمود عباس لفظياً بصورة قصدية وجعل الصور السيميائية تكمل المهمة ويتضح لنا جلياً أن متخصصين أكاديميين قد رسموا صوراً سيمائية قصدية للمشهد واختاروها بدقة عالية لتتلاءم مع جملة من الرسائل التي يراد لها أن تعلق في ذهن المتلقي المخاطب على هيئة صور ذهنية. على أية حال، صنع هذا الخطاب المعنى ومثل الواقع بنجاح كبير وتم توظيف كل شيء كوظيفة قصدية لإيصال مجموعة من الرسائل، فعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما تحدث الرئيس عن محاولات إسرائيل طرد أهلنا من حي الشيخ جراح وسلوان، اقتصرت الصورة على القدس فقط وعندما تحدث عن مراحل الحلول المعروضة، اقتصرت الصور على الخرائط فقط كعنصر طبوغرافي مما أعان المتلقي على فهم ما يدور دون الحاجة مثلا إلى إعادة الاستماع الى الكلمة، ولو دققنا النظر سنجد أن الخريطة الأقرب لنا كفلسطينيين (ممثلين برأس الهرم الفلسطيني، الرئيس محمود عباس) هي خريطة الدولة الواحدة التي تأخذ شكلين؛ الأول: الدولة الفلسطينية الواحدة على كامل التراب الفلسطيني وهي ما ممثلته الخريطة الأولى، والثاني: الدولة الفلسطينية ثنائية القومية التي تمثل 44% من فلسطين التاريخية. أما الخريطة الثانية والثالثة فتمثلان حالة الفشل الذي وصلت له جميع الأطراف بما فيهم المجتمع الدولي وهذا يعني أن الصور السيمائية طغت في هذا الخطاب على البنيوية اللسانية وحملت في طياتها لا نقول نصاً غائباً بل نصوصاً غائبة وسنسعى في مقالات متلاحقة تحديد هذه النصوص التي لم يتفوه بها الرئيس الفلسطيني.
ولتلاشي تأثير كل المؤثرات والتناقضات المثيرة للجدل التي وردت في هذا الخطاب والتي نثني عليها، أطلب من القارئ الكريم المهتم بمعرفة ما ستؤول إليه الأمور كتم الصوت في الفيديو وعدم الاستماع لأي لفظ ورد فيه على لسان الرئيس أبي مازن ليستخلص الرسالة من صورة المشهد، والتناقض الذي أقصده هنا هو خروج الكلمات عن سياقها في كثير من المواطن فالصور مثلا تحمل رسالة خيار حل قادم أما النص المستخدم فهو فضفاض يتناول عدة حلول منها من نادى بإنقاذ حل الدولتين على سبيل المثال.

والسؤال الثالث الذي أوجهه للرئيس الفلسطيني محمود عباس هذه المرة: هل تحدثت يا سيادة الرئيس بصفتك رئيساً أم زعيماً؟ واقصد هل تحدثت بصفتك رئيساً للسلطة الفلسطينية أم زعيماً فلسطينياً يرأس منظمة التحرير؟

montgomeryhowwar@gmail.com

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *