الرئيسية / الآراء والمقالات / الاعلامي د. رضوان عبدالله يكتب : منارات …شعب تجمعه البارودة و تفرقه الكرتونة

الاعلامي د. رضوان عبدالله يكتب : منارات …شعب تجمعه البارودة و تفرقه الكرتونة

سفير الاعلام العربي لدولة فلسطين
سفير الاعلام العربي لدولة فلسطين

منارات …شعب تجمعه البارودة و تفرقه الكرتونة

بقلم الاعلامي د. رضوان عبدالله
   في احد اللقاءات الثقافية في مدينة صيدا بجنوب لبنان،وعلى هامش احدى الفعاليات،كان لنا لقاء صحفي-جماهيري مع المخرج الراحل محمد العقاد ، وكانت من ضمن اجاباته على الاسئلة ، مداخلة وملاطفة جميلة منه حيث حيا جماهير الشعب العربي المقاوم ضد المحتل والمستعمر، واستدرك بالقول ومحذرا من اننا شعب ( المقصود بالعرب) تجمعنا طبلة وتفرقنا عصا ، مشيرا الى اهمية الثقافة العربية والاسلامية،ولكن وصلت الامور بشعوبنا الى ان نكون شعب واقع بين دفتي رحا…الطبلة وتوابعها الفنية الموسيقية طبعا وترهيب الانظمة واجهزتهم بالعصا….والعصا الغليظة بكل تأكيد .
   ما وصلنا اليه اليوم يجعلنا نترحم كثيرا على الزمن العربي الذي ذكره الراحل العقاد ، ولو بقينا ما بين عصا وطبلة لكانت الامور ارحم بكثير مما نحن فيه ، فقد تحولت مجتمعاتنا العربية الى عرف جديد من الواقع ، اي الى واقع جديد يتحتم علينا ان نتنبه له بوقوعنا فيه ما بين البارودة والكرتونة…مما يذكرنا بنفس الوقت بالعصا والجزرة التي استعملها الاستعمار الامبريالي المتغطرس كي يدجن الشعوب ويبقي الانظمة الرجعية متحكمة برقابها ومتملكة عليها حتى لو كانت تسمى نظم انتخابية او دستورية او ديموقراطية،وليس فيها من ذلك الا الاسم والرسم فقط.
   في كثير من الدول فان الجموع او الجماهير او الشعوب العربية تقع اليوم تحت ارهاب ضاغط و مخيف من الكراتين والسلات الغذائية، وبين البواريد«البنادق» غير المسيسة  والتي في كثير منها تدخل بخريف عربي مدمر
   تلك(البنادق على اشكالها وانواعها) والتي كانت من المفترض ان تجمعنا لنكمل خطواتنا وبرامجنا السياسية من اجل تحرير فلسطين وباقي الاراضي العربية المحتلة من براثن العدو الصهيوني الغاشم والرابض على ارضنا منذ ما يربو على الاثنين وسبعين عاما ،تحولت الى عصي كبيرة تضرب بقوة و تقتل في المكان الذي يحب الا تقتل فيه .
   تلك البواريد كانت فعلا تجمعنا حين كان الهم الوطني والقومي هو الهاجس وهو الدافع والحافز من اجل استنهاض الامة والسير قدما نحو التحرير،ولو اختلفت بعض التكتيكات بين الاحزاب والفصائل والانظمة ايضا،التحرير ومن ثم الوحدة او الوحدة ومن ثم التحرير، او تنوعت مشارب التعبئة والفكر والتحشيد ضد العدو ، ورغم وجود اتفاقية الدفاع المشترك العربية على مستوى الانظمة ومن خلال الجامعة العربية التي تضم ببن جدرانها كل حوائط العرب التي تحمي وراءها انظمة ودفاعات لم تستعمل من اجل الامة الا قليلا،ورغم وجود احزاب وفصائل وتنظيمات فلسطينية وعربية ،عملت منفردة او مجتمعة على حشد مقاومات مدنية وعسكرية على انواعها،وحشدت ودربت مؤيدين  ومناصرين ايضا كي ترد الصاع صاعين للعدو وداعميه، نصرة لفلسطين واهلها ومقدساتها .
   غني عن القول بانه مع بداية النكبة وتهجير اكثر من 900 الف لاجيء فلسطيني ، من مدنهم وقراهم وبلداتهم ، الى دول الطوق العربية المجاورة لفلسطين ، وما بعدها قليلا، عملت الاونروا الى اغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين قي مناطق خمسة معروفة للعموم.
   وعلى تعاستها وشبهة اهداف وجودها فان الاونروا لم تجعل من اللاجيء ان يحتاج الى من يتوسط له للحصول على المساعدات التي انهمرت على الاونروا من كل حدب وصوب،حتى الدولة الصهيونية المحتلة كانت ، وبكل اسف ،تسهم بتمويل الاونروا وذلك لانها «عضو رسمي» بالامم المتحدة،ولم «تقصر » من واجباتها تجاه الاونروا كي تكمل امداد اللاجئين بال«جزرات»، وهي – اي الدولة المحتلة الغاصبة- من ناحية اخرى ترهبهم وترعبهم وتقتلهم جماعات وفرادى لانها حرب وجود وليست حرب حدود.
   انتهى عصر الاعاشات من الاونروا على مراحل، الا قليلا لبرنامج العسر الشديد،واستمرت البارودة توحد العمل الثوري الفلسطيني والعربي ولكن «تدركم» اي تعثر وتراجع كثيرا المشروع العربي التحرري،وغطس بين عصير الجزر و عصي قوانين وتشريعات قرارات امم متحدة شاهدة الزور الاولى على اغتيال قضيتنا المركزية ، قضية فلسطين ،فلم تغن(ي) ولم تذر القرارات الاممية تلك،ولا ببنودها الناصرة شكلا لقضيتنا ولا بكل متفرعاتها ،والمتخاذلة من الاساس عن نصرة اللاجيء الفلسطيني .
    ولضعف عربي مقيت ، ولفقدان المد الاممي القوي و الحر ،وبسبب غياب استراتيجيات الدفاع او الهجوم ، العربية او الاسلامية، دخلت القضية المركزية بالتسويات والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة، حتى وصلت الامور الى باب مسدود،وتحولت حالات اللجوء الكبيرة الى متسولين ،يسعون باحثين عمن يطعم اطفالهم ويؤوي نساءهم وشيوخهم ،ويداوي مرضاهم،رغم ان الثورة الفلسطينية منذ بداية عملها وانطلاقة افكارها ورصاصاتها الاولى عملت على تحويل اللاجئين من متسولين الى مناضلين،واليوم انعكست الاية وتغيرت المناخات حتى صارت كرتونة الغذاء،او وجبات الطعام هي الاساس،وهي الهدف شبه الاستراتيجي،لانه الحصار كبير وضخم ومرهق وربما مستمر،لكن تلك الكرتونات فرقت جموع اللاجئين عن هدفهم وعن بوصلتهم،فلم تعد لديهم الرؤيا الواضحة بعد ان غم بصيرتهم ضباب كثيف وحجب عن بصائرهم كل الافق.
   اليوم تفرقنا كرتونة الغذاء، بعد ان كانت تجمعنا بارودة العز والاباء،فلم نكن نبحث عن قوت الا من خلال العمل الشرعي لنا كبشر،وذلك بالتعب والكد والجهد الحقيقي الذي يخول لنا ان نتعب لنعتاش ومن ثم نكافح ونناضل ونحن واثقين ان لا بطاقة التموين تذلنا او تحولنا عن هدفنا،ولا البارودة ممكن ان نتركها او نتخلى عنها.فالكرتونة تفرق بين جموعنا لانها واسطات ومحسوبيات ، ولناس وناس وليست لكل الناس وهدفها وضيع وتافه،لكن البارودة هدفها استراتيجي،فهي بارودة مسيسة،والاستراتيجي دوما يجمع ولا يفرق،رحم الله ياسر عرفات حين اعتلى منبر الامم المتحدة محذرا بالقول ولثلاث مرات«فلا تسقطوا الغصن الاخضر من يدي»، وبالجانب الآخر لم يتطرق الى البارودة رغم انه قال لهم في حينه : «جئتكم ببندقية الثائر باليد وغصن الزيتون باليد الاخرى» لانه بفكره ونظرته الثاقبة وبتخطيطه الاستراتيحي فان البارودة خيار استراتيجي،والخيار الاستراتيجي هو مداد وليس اعتياد.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي

حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي بقلم  :  سري  القدوة الأربعاء 24 نيسان / أبريل 2024. …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *