الرئيسية / الآراء والمقالات / سليم النجار يكتب : ماهية البداية في الرواية النسوية ٠٠٠٠ الأردن أنموذجاً

سليم النجار يكتب : ماهية البداية في الرواية النسوية ٠٠٠٠ الأردن أنموذجاً

سليم النجار

سليم النجار
ماهية البداية
في الرواية النسوية ٠٠٠٠ الأردن أنموذجاً

ما الذي يجب على المرء أن يفعله من أجل أن يبدأ ؟ ما الذي يميز البداية ؟ ما هو الاستعداد والتركيبة الذهنية اللازمان لكي تكون ثمة البداية ؟ وما الفارق بين نقطة البداية والأصل ؟
إن الأصل هو حالة سكون تنحدر منها البداية التي ترتبط بفعل ديناميكي على خط الزمن ٠
وعلى الرغم من أن ” بدايات ” دراسة نقدية معينة في المقام الأول لعلوم اللغة والأدب إلا أن هذه النظرة النقدية السائدة للأدب بوصفها نشاطاً إنسانياً مستقلاً بذاته ، غير متصل من النشاط الإنساني ، إذا أراد النقد يتجاوز خطاب الوصف والمديح للعمل الأدبي فعليه أن يتعاطى على أن هناك قضية اشتباك الأدب مع الواقع ، واستقلاله عنه في الوقت ذاته ٠
تفتقد الرواية في نهاية القرن التاسع عشر الإحساس أو الوعي بنقطة البداية الذي كان يميزها في مطلع القرن نفسه ، والسبب في ذلك أن التحولات الإجتماعية التي حدثت في المجتمعات الأوروبية جعل من الرواية البحث عن دور مكمل ، أي أن هناك حالة افتراض حدث خارج السرد ويقتصر دور الرواية على إعادة بناء هذا الحدث عن طريق ما أشبه “بالتحريات ” ٠ ولقد واكب هذا التطور وتطور آخر طرأ على الرواية التي يطلق عليها تعبيرا الرواية الكلاسيكية ، ونعني بهذا رواية القرن التاسع عشر : التي تميزت بالرغبة في تخيل واقع بديل ، مع التأكيد على ربط هذا الإبداع بالأصل ، الذي هو المؤلف نفسه ، وإخبار القارئ في ذات الوقت – على إدراك أن هذا الخيال ما هو إلا قياس للحياة الواقعية ٠
ولكن بالتدرج شهد تاريخ الرواية في الغرب، إنفصال الكاتب عن دوره في خلق العمل الأدبي مع التركيز على فنية وحرفية الكتابة ، دون ربط جدلي بين فنية وحرفية النص مع الواقع الذي يجب أن يكون جزءا من مخيال الروائي ، لا التماهي مع الواقع ٠
وعلى الرغم من التطور المستمر الذي حدث في تقنيات الرواية ، وأصبح الواقع مرآة للحدث القابل للتشظي في كل لحظة زمنية ٠
ولكن هذه الرؤية يمكن القول عنها أنها مقدمة أولية عن ماهية البداية في الرواية كفن غربي استلهم العرب هذا الفن ٠ دون حدوث أي تغيير على هذا الفن إلا في حالات قليلة ، وكان التراث ملجأ هذا التغيير ، واختلف النقاد حول هذه الظاهرة ، إلا أنها بقيت قيد البحث ٠ وإذا ما استل من هذا التغيير ، تغير آخر ، كلجوء المرأة لكتابة الرواية ، والسؤال الذي يبرز على الفور ، كيف تناولت المرأة – الأردن أنموذجاً ؟ لسنا هنا بصدد البحث عن إجابات جاهزة ، أو وضعها في قوالب متقنة الصنع ٠ بل نحن بصدد السعي للبحث عن رحم الرواية النسوية ، وأعتقد أن هذا شيء طبيعي ، لأن الرواية النسوية ( الأردن ) ، لم تولد جرّاء الصدفة أو رغبة طارئة ، بل كانت سؤالا على تبدلات وتحولات المجتمع في الأردن ، المتقلب بشكل متسارع وفي كثير من الحالات ، يفاجئ المجتمع نفسه ، وهذه التطورات التي حصلت كانت دائما إجابة على سؤال الأحداث المحيطة بالأردن ٠
وهنا ترتفع القيمة الإجتماعية القادمة من خارج المحيط الإحتماعي في الأردن ، الأمر الذي أدى إلى اشتباك بين القيم ، هل استفادت الرواية النسوية من هذه التطورات ؟ أم بقيت في قوقعة محيطها ؟ وكأن شيئا لم يحدث ٠ وبقيت حالة الإستغلاق على القيمة الإجتماعية الخاصة بها ، واستجلاب مصطلحات تشكلت في بيئاتها ضمن صيرورة تستجيب لمتطلبات تلك المجتمعات ٠
وخير مثال على ذلك ” الذكورية ” التي طغت على السرد النسوي في الأردن ، في ظل غياب شبه كامل ، بأن الذكورية في الغرب والذي هو المعين الذي نغرف منه ، هو غير الذكورية في مجتمعنا والمجتمعات العربية ، فالذكورية في الغرب لها قوانينها الخاصة بها ، مع ضرورة التأكيد أن هذه المجتمعات تعرضت لحروب عالمية ، أثرت على تركبيتها الجغرافية والاجتماعية والثقافية ؛ وأصبحت هذه المجتمعات سريعة الحركة والتطور لتجاوز الأهوال التي تعرضت لها ٠ في ظل مجتمعات كمجتمعاتنا ساكنة وخاملة تتعاطى مع الأحداث كردات فعل ٠
إن غياب فكرة الخلق في الرواية العربية بشكل عام والنسوية ليست استثناء ، هو الذي أدى أن تكون البداية رتيبة تقليدية أو مدخل للفكرة ، وهذا شيء طبيعي ومفهوم لأن الرواية وليدة مجتمعها ٠
إن غياب فكرة ” المؤلفة ” المتخلصة من هذا الإرث الذي كبلها ، جعل من النص ” النسوي ” في كثير من الحالات لا يختلف عن ما يكتبه الرجل ، وهنا لا نقصد العرق الجنسوي ، لأنه بإختصار قد يكتب رجل رواية ” نسوية ” والعكس صحيح ٠ فالفرق بين الروايتين ، الثقافة والمعرفة بأهمية الإنسان مع الإدراك التام بعيدا عن التوصيفات الجنسوية التي تملأ الكتب ٠ فالأصل عندما تكتب المرأة أن تكتب كإنسان ٠ وليس كجارية تبحث من خلال نصها عن الإنعتاق ٠ لذا لا بد أن تكون بداية الرواية سبق مطلق للحدث ٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *