الرئيسية / تحقيقات و حوارات / “إسرائيل” كيان مخالف للشرعية الدولية

“إسرائيل” كيان مخالف للشرعية الدولية

447890

“إسرائيل” كيان مخالف للشرعية الدولية

رام الله / الصباح / كتبت علي ابو حبلة

لا توجد دولة في العالم تدين للجمعية العامة للأمم المتحدة بوجودها قدر “إسرائيل” التي ولدت بقرار “أممي” نص على تقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما لليهود والثانية للعرب. وعلى الرغم من ذلك، لا توجد دولة أيضاً في العالم تحدت قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة قرارات الشرعية الدولية مثلما تحدتها “إسرائيل”، بل ووصل الأمر أحياناً إلى تبادل الاتهامات بين ممثلي المنظمة الدولية وممثلي “إسرائيل” في مواقف عديدة سوف نتوقف عند بعضها.

ففي 29/11/1948 تقدمت “إسرائيل” بطلب إلى الأمين العام للأمم المتحدة من أجل قبولها عضواً في المنظمة الدولية. ونوقش الطلب في عدة جلسات في مجلس الأمن الذي كان يعقد جلساته في باريس. وفي 17/12/1948م، وفي جلستين صباحية ومسائية، أنهى المجلس مناقشة الطلب، وفي الجلسة الصباحية قدم فارس الخوري مندوب سورية مرافعة طويلة مزودة بالحجج والمستندات القانونية التي تدعم الموقف العربي الرافض لقبول إسرائيل في الأمم المتحدة، ويمكن تلخيص المرافعة بالنقاط التالية: ليس لـ(إسرائيل) حدود جغرافية معينة، وهناك دول كثيرة ومنها الدول العربية المتاخمة لفلسطين ودول الشرق الأوسط تشك في هذه الحدود. وأن إسرائيل تدّعي ممارسة سلطة واقعة على سكان إقليمها، غير إن غالبية هؤلاء السكان هم من العرب. وأن قلة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اعترفت بالحكومة الإسرائيلية المؤقتة باعتبارها سلطة “واقعية”. بل إن هناك دول كثيرة داخل مجلس الأمن لم تعترف بعد ب‍ (إسرائيل). فكيف يحق للأمم المتحدة قبول كيان من هذا النوع ومساواته بالدول الأعضاء ذات السيادة الكاملة؟.

سورية ترفض قبول إسرائيل

وخلال الجلسات السابقة لمجلس الأمن أعلن هذا المجلس أنه ينتظر دراسة اللجنة الأولى في الجمعية للموضوع لكي يدلي برأيه. وجميع القرارات التي صدرت عن اللجنة لم تكن لصالح إسرائيل. ومن المتفق عليه أن قرارات مجلس الأمن يجب أن تهدف إلى إقامة علاقات ودية بين الدول، فكيف ستكون ردود فعل الدول العربية والإسلامية، والدول التي لم تعترف بوجود دولة (إسرائيل)، في حال الموافقة على قبولها عضواً في المنظمة العالمية؟. ثم إن قبولها سيزيد الصهيونيين تعنتاً وتصلباً، ويعرقل مهمة لجنة التوفيق. كما أن إسرائيل مازالت  تقوم بأعمال توسعية وتعسفية في الأراضي الفلسطينية، وقبولها في الأمم المتحدة يعني اعتراف مجلس الأمن بحق الاغتصاب والغزو. وتدّعي إسرائيل أنها تمارس سلطة كاملة في المنطقة التي تحتلها، وأن العرب يشكلون أقلية في هذه المنطقة. ولو افترضنا أن الإدعاء صحيح فمبادئ ميثاق الأمم المتحدة تمنح الأقليات حقوقاً وتّحرم اتخاذ التدابير التعسفية ضدها. فهل يرضى مجلس الأمن، في حال الموافقة على قبول (إسرائيل) بمكافأة الظالم والمغتصب لحقوق الغير؟.

وبعد المناقشات وتقديم الاقتراحات عمد رئيس المجلس (مندوب بلجيكا آنذاك) إلى طرح طلب القبول على التصويت فكانت النتيجة خمس دول مؤيدة (الأرجنتين، كولومبيا، والاتحاد السوفيتي، وأوكرانيا والولايات المتحدة) ودولة معارضة (سوريا)، وخمس دول امتنعت عن التصويت (بلجيكا وكندا والصين وفرنسا وبريطانيا). ويكون مجلس الأمن بذلك قد رفض طلب قبول (إسرائيل)، فالمجلس كان يتكون من أحد عشر عضواً: خمسة دائمين (الخمس الكبرى) وستة غير دائمين تنتخبهم الجمعية العامة لمدة عامين. وكانت قراراته في المسائل الموضوعية، (ومنها قبول الأعضاء الجدد) تصدر بموافقة سبعة أعضاء على الأقل بشرط أن يكون من بينها أصوات الدول الخمس الدائمة العضوية.

بعد هذا الإخفاق اتبعت إسرائيل كعادتها، وبمساندة الولايات المتحدة، مختلف أساليب الإغراء والضغط والخداع لانتزاع قرار بالموافقة على قبولها في العضوية الأممية.

وفي 11/5/1949 ناقشت الجمعية العامة للأمم المتحدة التوصية الصادرة عن مجلس الأمن، ووافقت بقرارها رقم 273، وبأكثرية /37/ صوتاً مقابل /12/ وامتناع 9، على قبول (إسرائيل). وكانت الدول العربية الست الممثلة بالأمم المتحدة آنذاك (سوريا، مصر، العراق، لبنان، السعودية، اليمن) من بين الدول التسع التي عارضت القرار وأدلت بحججها القانونية التي تتلخص بأن (إسرائيل) نشأت بطريقة غير مشروعة لأن قرار التقسيم مشوب ببطلان مطلق، وبأن حدود (إسرائيل) غير معروفة وغير محدودة، وبأن إسرائيل غير أهل لتحمل الالتزامات التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة لأنها لم تنفذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالتقسيم وعودة اللاجئين.

وتضمن قرار الجمعية بالقبول ما يلي: “إن الجمعية العامة، إذ تأخذ علماً بالتصريح الذي تقبل فيه إسرائيل، دون أي تحفظ، الالتزامات الناجمة عن ميثاق الأمم المتحدة، وتتعهد باحترامه منذ اليوم الذي تصبح فيه عضواً في الأمم المتحدة، وإذ تذكر بقراريها الصادرين في 29/11/1947 (قرار التقسيم)، وفي 11/12/1948 (قرار اللاجئين والتعويض عليهم)، وتأخذ علماً بالتصريحات والإيضاحات التي قدمها ممثل (إسرائيل) أمام اللجنة السياسية الخاصة بشأن تطبيق القرارين المذكورين.

وبذلك تكون (إسرائيل) الدولة الوحيدة التي قبلت في العضوية بشرط، وارتبط هذه القبول بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المعنية الصادرة عن الجمعية العامة. على الرغم من ذلك كله فقد ضربت (إسرائيل) بعرض الحائط مختلف القرارات الدولية, ولنأت هنا على بعض هذه القرارات .

فحق تقرير المصير كما هو معروف في الأسرة الدولية هو حق كل شعب في التعبير عن إرادته، ورغبته في تقرير مصيره وتحديد مستقبله السياسي والاقتصادي، واختيار شكل الحكم الذي يريد العيش في ظله أو السيادة التي ينتمي إليها، فهو حق طبيعي يقره القانون الدولي وأصبح حقاً تصدر مواثيق حقوق الإنسان.

ويمكن القول إن جميع شعوب الأرض تقريباً قد مارست هذا الحق ما عدا الشعب الفلسطيني. ولم يمتهن حق شعب في تقرير مصيره كما امتهن حق هذا الشعب. كيف تعاملت الأمم المتحدة مع حق تقرير المصير بالنسبة للشعب الفلسطيني؟.

في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم194 – الدورة الثالثة – بتاريخ 11كانون الأول 1948 جاء في البند 11 من هذا القرار ما يلي: “تقرر الجمعية العامة وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم..”.

وفي قرار مجلس الأمن رقم 237 الصادر بتاريخ 14 حزيران 1967 جاء: “إن مجلس الأمم، إذ يأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة إلى رفع المزيد من الآلام عن السكان المدنين وأسرى الحرب في منطقة النزاع في الشرق الأوسط. وإذ يعتبر أنه يجب الالتزام لجميع الالتزامات الناجمة عن اتفاقية جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب تاريخ 12 آب1919 من قبل الأطراف المعنية في النزاع : يدعو حكومة إسرائيل إلى تأمين سلامة سكان المناطق التي جرت فيها عمليات عسكرية، وخيرهم وأمنهم وتسهيل عودة أولئك الذين فروا من هذه المناطق منذ نشوب القتال. ويوصي الحكومات المعنية بأن تحترم بدقة المبادئ الإنسانية الخاصة بمعاملة الأسرى وحماية الأشخاص المدنيين في زمن الحرب، التي تتضمنها اتفاقيات جنيف الصادرة في 12/آب1949 ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة متابعة تنفيذ هذا القرار تنفيذاً فعالاً ورفع تقرير عن ذلك إلى مجلس الأمن”.

وفي قرار مجلس الأمن رقم 242 تاريخ 22 تشرين الثاني 1967 أكد مجلس الأمن بالإجماع: “عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب”.

كما أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي في قراره رقم 1336 تاريخ 31 أيار/1968، المتخذ في الدورة44 أشار بتقدير إلى القرارين اللذين أصدرهما مجلس الأمن والجمعية العامة “طبقاً لنصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة نتيجة القتال في الشرق الأوسط”. وأكد حق كل السكان الذين رحلوا منذ نشوب القتال في العودة، “وأن على الحكومة المعنية اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل تسهيل عودة هؤلاء السكان إلى ديارهم دون تأخير”

وبتاريخ10 كانون الأول 1969 لاحظت الجمعية العامة في قرارها رقم 2535 الدورة 24 والفقرة الأولى من القرار (أ)، أنه مع الأسف الشديد لم تتم إعادة اللاجئين إلى ديارهم  كما هو منصوص عليه في الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة 194 وجاء في القسم ب: “إن الجمعية العامة تدرك أن مشكلة اللاجئين العرب الفلسطينيين ناشئة عن إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف المقررة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإذ يساورها القلق الشديد لتفاقم هذا الإنكار لحقوقهم من جراء أعمال العقاب الجماعي والاعتقال التحكمى وحظر التجول، وتدمير المنازل والأموال والترحيل وغير ذلك من الأعمال القمعية.. تؤكد من جديد حقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف وتلفت نظر مجلس الأمن إلى الحالة الخطيرة الناشئة عن سياسة إسرائيل وممارساتها في الأقاليم المحتلة وعن رفض إسرائيل تنفيذ القرارات المذكورة أعلاه وتلتمس من مجلس الأمن اتخاذ التدابير الفعالة اللازمة وفقاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة المختصة لتأمين تنفيذ هذه القرارات”.

شرعية نضال الشعوب

في الدورة 25 تاريخ 30 تشرين الثاني 1970 اتخذت الجمعية العامة قرارها رقم 2646 الذي أكدت فيه “شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والمعترف بحقها في تقرير المصير لكي تستعيد الحق بأي وسيلة في متناولها”. وأكدت أنها “تعتبر أن الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها خلافاً لحق شعب تلك الأراضي في تقرير المصير لا يمكن قبوله، ويشكل خرقاً فاحشاً للميثاق”.

وقد دعت الجمعية العامة “جميع الحكومات التي تنكر حق تقرير المصير على الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية، والأجنبية إلى الاعتراف بذلك الحق واحترامه وفقاً للمواثيق الدولية ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وروحه”. وقد أدانت الجمعية العامة تلك الحكومات التي تنكر حق تقرير المصير على الشعوب المعترف لها بذلك الحق، وخصوصاً شعوب أفريقيا الجنوبية وفلسطين.

وبتاريخ 8 كانون الأول 1970 أكدت الجمعية العامة في قرارها رقم 2672 (ج) الدورة 25 أنها: “وإذ تدرك أن مشكلة اللاجئين العرب الفلسطينيين ناشئة عن إنكار حقوقهم غير القابلة للتصرف المقررة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وإذ تذكر قرارها 2535 (ب) (الدورة 24) والذي أكدت فيه، من جديد، حقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف، وإذ تضع نصب عينيها مبدأ تساوي الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير المصير المكرس في المادتين 1 و 55 من ميثاق الأمم المتحدة والمعاد تأكيده لآخر مرة في الإعلان الخاص بمبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. تعترف لشعب فلسطين بالتساوي في الحقوق وبحق تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة. وتعلن أن الاحترام التام لحقوق شعب فلسطين غير القابلة للتصرف، هو عنصر لا غنى عنه في إقامة سلم عادل ودائم في الشرق الأوسط”.

وأكد قرار الجمعية العامة رقم 2787 ـ الدورة 26ـ في 26 كانون الأول 1971 “شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي ومنها شعب فلسطين”. وأكدت الجمعية من جديد “أن إخضاع الشعوب للاستعباد والتسلط الأجنبيين وللاستغلال الاستعماري انتهاك لمبدأ تقرير المصير وإنكار لحقوق الإنسان الأساسية ومخالف لميثاق الأمم المتحدة”.

كما أكدت من جديد “حقوق الشعوب غير القابلة للتصرف خصوصاً حقوق شعوب زمبابوي وناميبيا وأنغولا وموزامبيق وغينيا – بيساو والشعب الفلسطيني في الحرية والمساواة وتقرير المصير وشرعية نضالها من أجل استرداد تلك الحقوق…”.

ورأت “أن تأسس دولة ذات سيادة ومستقلة بقرار حر من قبل جميع أهالي المنطقة يشكل نوعاً من أنواع تطبيق حق تقرير المصير” ثم قررت أن:

1- تؤكد شرعية نضال الشعوب في سبيل تقرير المصير والتحرر من الاستعمار والتسلط والاستعباد الأجنبي وعلى الخصوص شعوب زمبابوي وأنغولا وموزامبيق وغينيا –بيساو وكذلك الشعب الفلسطيني، بكل الوسائل المتوفرة التي تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة”

2- تؤكد حق الإنسان الأساسي في النضال من أجل تقرير مصير شعبه الذي يرزح تحت الاستعمار والتسلط الأجنبي.

وأكدت الجمعية في قرارها رقم 2963 دورة 27 تاريخ 13 كانون الأول 1972 أن مشكلة اللاجئين قد نشأت عن إنكار حقوقهم الثابتة بموجب ميثاق الأمم المتحدة وإعلان حقوق الإنسان العالمي وقررت أنها:

1- تؤكد أن للشعب الفلسطيني الحق في حقوق متساوية وفي تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.

2- تعرب مرة أخرى عن قلقها الشديد من عدم السماح للشعب الفلسطيني بالتمتع بحقوق ثابتة وبممارسة حقه في تقرير المصير.

3- تدرك أن احترام حقوق الشعب الفلسطيني الثابتة وتحقيقها التامين لابد منهما لتوطيد سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط”.

وبتاريخ 18 كانون الأول/1972 أكدت الجمعية العامة في قرارها رقم 3034 الحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب الواقعة تحت الاستعمار.

وفي القرار رقم 3070 الدورة (28) تاريخ 30 تشرين الثاني 1973 أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة “جميع الحكومات التي لا تعترف بحق الشعوب في تقرير المصير والاستقلال، وخصوصاً شعوب أفريقيا التي لا تزال تحت السيطرة الاستعمارية وكذلك الشعب الفلسطيني”.

وفي الدورة التاسعة والعشرين للجنة حقوق الإنسان دعت اللجنة في قرارها رقم 4 دورة 29 تاريخ 14 آذار 1973 إسرائيل: “إلى أن تتمثل للالتزامات المفروضة عليها بموجب ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، وأن تتمثل لالتزاماتها بحسب اتفاقية جنيف الرابعة، وأن تحترم وتنفذ قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة”.

وبتاريخ 7 كانون الأول/1973 –الدورة 28- أكدت الجمعية العامة حق تقرير المصير والحقوق المتساوية لشعب فلسطين وأعربت –مرة أخرى- عن قلقها الشديد: “إن إسرائيل قد حرمت شعب فلسطين التمتع بحقوقه غير القابلة للتصرف وممارسة حقه في تقرير المصير، وإن هذا لا بد منه لتوحيد جهود السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط.. وإن تمتع اللاجئين العرب الفلسطينيين بالحق في العودة إلى ديارهم وأملاكهم ذلك الحق الذي اعترفت به الجمعية العامة في القرار 194 (الدورة 3) في 11 كانون الأول 1948 والذي أعادت الجمعية العامة تأكيده مراراً منذ ذلك التاريخ لابد منه لتحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين ولممارسة شعب فلسطين حقه في تقرير المصير”.

وبتاريخ 15 تشرين الأول 1974 اتخذت الجمعية العامة القرار رقم 3210 (الدورة 29) الذي قررت بموجبه أن الشعب الفلسطيني هو الأساس المعني بقضية فلسطين ودعت منظمة التحرير الفلسطينية الممثلة للشعب الفلسطيني إلى الاشتراك في مداولات الجمعية العامة بشأن قضية فلسطين في جلساتها العامة.

وفي الدورة 29 أكدت الجمعية العامة – من جديد – بتاريخ 22 تشرين الثاني 1974 في القرار 3263 بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، وأعربت عن بالغ قلقها لكون الشعب الفلسطيني قد منع من التمتع بحقوقه غير القابلة للتصرف لاسيما حقه في تقرير مصيره. وأكدت حقوق الشعب الفلسطيني “في تقرير مصيره دون تدخل خارجي” وفي عودة الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها واقتلعوا منها.

وتجاه الصلف الإسرائيلي الذي لا يعرف الحدود وبسبب سياسة الاستيطان أكدت الجمعية العامة بتاريخ 29 تشرين الثاني 1974 قرار رقم 3246 “شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي بجميع الوسائل المتاحة ومن ذلك الكفاح المسلح”. وجاء في القرار: “إن الجمعية العامة: تؤكد من جديد شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي بجميع الوسائل المتاحة ومن ذلك الكفاح المسلح”. وجاء في البند السابع من القرار ما يلي: “إن الجمعية العامة: تدين جميع الحكومات التي لا تعترف بحق الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي وعلى الأخص شعوب أفريقيا والشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال”.

عدم الإذعان للقرارات الدولية

لم تذعن السلطات الإسرائيلية لجميع قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن حول تقرير المصير. وعادت الجمعية العامة لمناقشة قضية فلسطين وأعربت في قرارها رقم 3236 (الدورة 29) المؤرخ في 22 تشرين الثاني 1974 عن قلقها الشديد لعدم إحراز تقدم نحو “ممارسة شعب فلسطين لحقوقه غير القابلة للتصرف في فلسطين، ومنها حق تقرير المصير بدون تدخل خارجي والحق في الاستقلال القومي والسيادة القومية”، وحقه في العودة.. وتجاه عدم إحرازه أي تقدم، قررت الجمعية العامة “إنشاء لجنة معنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف تتكون من عشرين دولة عضواً تعينها الجمعية العامة”، وكلفت اللجنة في النظر في القضية ووضع برنامج تنفيذ يكون القصد منه تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة الحقوق المعترف بها “وأن تأخذ في الاعتبار عند صياغة توصياتها الخاصة بتنفيذ ذلك البرنامج كل السلطات التي خولها الميثاق للهيئات الرئيسية في الأمم المتحدة”. كما طلبت من مجلس الأمن “أن ينظر في أقرب موعد بعد حزيران /1967 في مسألة ممارسة شعب فلسطين للحقوق غير القابلة للتصرف المعترف بها” حسب القرار 3236.

كانت السلطات الإسرائيلية – اعتماداً على تعاليم الحركة الصهيونية- تدعو كل اليهود في العالم “للعودة” إلى (إسرائيل) وترفض تمكين أفراد الشعب الفلسطيني من ممارسة حقهم في العودة إلى دورهم وممتلكاتهم، وهي التي أُجلوا عنها واقتلعوا منها بعد قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين. فقد عالجت الأمم المتحدة ممارسات (إسرائيل) وأعمالها التعسفية في إطار قرارها رقم 1904 (الدورة 18) بتاريخ 20 تشرين الثاني 1963، الذي قررت فيه القضاء على كل أشكال التمييز العنصري وقد أكدت بوجه خاص على “أن أي مذهب يقوم على التمييز والتفرقة العنصرية أو التفوق العنصري مذهب خاطئ علمياً ومشجوب أدبياً، وظالم وخَطِر اجتماعياً”، وعلى إعرابها عن قلقها الشديد إزاء “مظاهر التمييز العنصري التي لا تزال ملحوظة في بعض مناطق العالم، وبعضها مفروض من بعض الحكومات بواسطة تدابير تشريعية أو إدارية أو غيرها”. وعلى أساس هذا أصدرت قرارها رقم 3379 (الدورة 30 تاريخ 10 تشرين الثاني 1975: إن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.

غير أن السلطات الإسرائيلية استمرت في تعنتها وتحديها للإرادة الدولية وهو ما حمل الجمعية العامة بموجب قرارها رقم 3414 (دورة 30) تاريخ 5 كانون الأول 1975 على إدانة استمرار(إسرائيل) في احتلال أراضٍ عربية خرقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتكررة وطالبت جميع الدول “الكف عن تزويد إسرائيل بأي معونة عسكرية أو اقتصادية مادامت مستمرة في احتلال أراضٍ عربية، وإنكار الحقوق القومية غير القابلة للتصرف، للشعب الفلسطيني..”.

غير أن الولايات المتحدة وهي المزود الرئيسي (لإسرائيل) بالأسلحة والمعونة العسكرية والاقتصادية لم تذعن لإرادة الأسرة الدولية واستمرت في تزويد (إسرائيل) بجميع المعونات.

ولم يتغير موقف(إسرائيل) واستمر تأكيد الجمعية العامة ومجلس الأمن وجميع أجهزة الأمم المتحدة المختصة لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في قرارات كثيرة وبقيت قضية فلسطين مدرجة في جدول أعمال الجمعية العامة تحظى باهتمام الأسرة الدولية ودعمها.

وطيلة كل هذه المناقشات للجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ولجنة حقوق الإنسان لقضية فلسطين كان هناك عنصر لم يتغير وهو استمرار السياسة الإسرائيلية تجاه الأراضي المحتلة المبينة على استمرار الاحتلال ومواصلة الاستيطان.

ومن جهة أخرى يمكن القول بكثير من الثقة إن تشكيل محكمة الجزاء الدولية أربك الحكومة والجيش في “إسرائيل” وصار لزاماً على الجيش الإسرائيلي أن يتسلح بمواقف رجال القانون الذين يتشددون في منح تصريح “الكوشير” للقمع الإسرائيلي .

وقالت صحيفة “هآرتس” أن مداولات استمرت عدة شهور وشارك فيها خبراء من “وزارة العدل” والنيابة العسكرية والناطق بلسان الجيش وجهات أخرى تركزت حول الخشية من المحكمة الدولية، ودرس الجيش إمكانية عدم الإعلان عن أسماء قادة الوحدات العسكرية العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن حالياً تقرر فقط ذكر الاسم الأول للجنود الذين يلتقون مع وسائل الإعلان وعدم ذكر أسماء عائلاتهم أو مناطق سكنهم أو مهامهم، ومن غير  المستبعد أن تلجأ إسرائيل لاحقاً إلى منع نشر صور وجوه الجنود والضباط واعتبرت مصادر عسكرية إسرائيلية أن هذا مجرد إجراء احترازي خشية استغلال الفلسطينيين لمحكمة الجزاء الدولية وبغية تجنب الجنود إرباكات قضائية.

وفي اليوم التاسع من تموز 2004 وبعد دراسة معمّقة استمرت حوالي خمسة أشهر، أصدرت محكمة العدل الدولية موقفاً أنصفت فيه الفلسطينيين حول مسألة “جدار الفصل” الذي شرعت حكومة شارون في بنائه قبل عامين في عمق الضفة الغربية ومحيط مدينة القدس، وقبلت الـمحكمة موقفهم وزادت في توضيحه، واعتبرت عملية البناء غير شرعية ومخالفة للقانون الدولي، ورفضت تجاوز الجدار حدود إسرائيل العام 1967 الـمتعارف عليها دولياً، ولأنه أثر سلباً في حياة السكان وألحق أضراراً بمصالحهم، ورفضت مبررات إسرائيل وقالت: “إن خرق القانون الدولي الذي تنفذه إسرائيل عن طريق بناء السور لا يمكن تبريره عن طريق طرح أسباب أمنية”. ودعت الـمحكمة الهيئات الدولية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عملية البناء وتفكيك ما تم بناؤه وتعويض الـمتضررين، وأكدت أيضاً عدم شرعية الـمستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكانت حكومة شارون استبقت قرار الـمحكمة وتحركت في اتجاهين بأمل التشويش على مداولاتها والتأثير في قرارها: حاولت حرف أنظار العالـم عن الجدار ونتائجه الـمدمرة، وأشغلت الـمعنيين بحل النزاع، ومن ضمنهم بعض العرب، بقصة الفصل الأحادي الجانب، لإخلاء الـمستوطنات والانسحاب من قطاع غزة، وصوّرتها وكأنها خطوة  على طريق السلام ولا شيء يعترض تنفيذها، كما أوعزت لـمحكمة “العدل العـليا الإسرائيلية” باستباق موقف الـمحكمة الدولية بقرار يذكّر للعالـم بأن إسرائيل دولة ديمقراطية في كل زمان وحتى في العلاقة مع الفلسطينيين الخاضعين لاحتلالها، وقدم وزراء شارون قرار الـمحكمة الإسرائيلية بتعديل مسار بضع كيلومترات من الجدار شاهداً على استقلالية القضاء ونزاهته وقدرته على معالجة مشكلات الفلسطينيين التي يتسبب بها الجدار، دون تمييز كما تعالج مشكلة الـمستوطنين التي تسبب بها قرار الانسحاب وإخلاء الـمستوطنات.

لا تترك قراءة عشرات الصفحات للقرار في هاغ مجالاً للشك: لو طلب إلى القضاة الدوليين إبداء رأيهم في قانونية إقامة إسرائيل نفسها لكانوا (بأغلبية الأصوات) يقررون بان الدولة اليهودية هي مخلوق غير قانوني على نحو ظاهر، فاستمرار وجود إسرائيل انتهاك لحقوق الشعب الفلسطيني وعليه يجب تفكيكها في أقرب وقت ممكن.

إن الرأي الاستشاري الذي صدر عن محكمة العدل الدولية بناء على طلب الجمعيـة العامـة للأمم المتحـدة في شهر ديسمبر/كانـون الثاني الماضي، بشأن شرعية بنـاء جـدار الفصـل العنصري الذي تقـوم إسرائيل (القوة المحتلة) بإقامته في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يشكل قرارا شجاعاً وحكماً عادلاً ونزيهاً لأعلى هيئة قضائية على النطاق الدولي بأسره.

لم يكن قرار المحكمة رأياً فقهياً واجتهادا نظرياً، بل كان تطبيقاً سليماً وأميناً لروح ونصوص قواعد القانون الدولي، ومبادئ الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني ولاتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن حماية المدنيين في أوقات الحرب، ولكافة المواثيق والأعراف والاتفاقات الدولية ذات الصلة. ومن هنا تنبع قوة هذا القرار القضائي الدولي كونه يصدر عن محكمة العدل الدولية، التي تعبر عن إرادة المجتمع الدولي سواء فيما يتعلق بتشكيلها أو في انتخاب قضاتها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي من جهة، ومن التزامها بتطبيق القانون الدولي بصورة حازمة ونزيهة من جهة ثانية.

وأخيراً وفي الوقت الذي تثار فيه مسألة إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن، وهو الموضوع الذي تندلع بصدده منافسة حادة بين الدول التي ترى نفسها مؤهلة لشغل مقعد في مجلس الأمن، سواء دائم أو غير دائم، نجد “إسرائيل” تحاول استغلال هذه الأجواء من أجل إنهاء الوضع الذي ساد منذ التحاقها بعضوية الأمم المتحدة عام 1949 وحتى الآن، والذي منعها من الترشح لعضوية مجلس الأمن مثل باقي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

 وقد نجم هذا الوضع أساساً بسبب رفض “إسرائيل” تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وعلى الأخص القرار 194 لعام 1948 والذي نص على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، حيث ترفض “إسرائيل” الانصياع له حتى يومنا هذا..

لقد تعاملت “إسرائيل” مع الأمم المتحدة طوال الوقت على أنها عدو يجب مواجهته وليس جهة تتحدث باسم الشرعية الدولية.. وربما يتذكر الكثيرون آخر معاركها مع “منظمة الأونروا”، التابعة للأمم المتحدة والمكلفة بغوث اللاجئين، حيث اتهمت “إسرائيل” الأونروا بمساعدة الفلسطينيين عن طريق تهريب الأسلحة في سيارات المنظمة.
وبعد كل هذا الذي ذكرناه من الذي هو مطالب للاعتراف بقرارات الشرعيه الدوليه الكيان الصهيوني ام الشعب الفلسطيني فهل يعقل ان نلزم انفسنا بقرارات لا تعترف فيها حكومات الاحتلال وتتنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني وتنكر عليه حقه في الوجود على ارضه وتمارس سياسة الفصل العنصري بكل ما في الكلمه من معنى المفروض مطالبة الكيان الصهيوني الاقرار والاعتراف بقرارات الشرعيه الدوليه

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

received_7520320228035389

حوار قبل الاستشهاد مع الشهيد… الأسير المحرر / عوض غالب السلطان

الشهيد … الأسير المحرر / عوض غالب السلطان. ارتقى شهيدا في القصف الصهيوني الغادر على مخيم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *