وفي كلمته الافتتاحية للندوة، أشار الدكتور نايف جراد مدير عام معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي إلى ضرورة تلمس الأسباب والظروف التي جعلت إسرائيل قادرة على التغلغل في القارة الافريقية، وضرورة الكشف عن الابعاد الخطيرة لهذا الأمر على فلسطين ومصالح وامن دول وشعوب المنطقة، والبحث في السبل الكفيلة بإحباط مساعي دولة الاحتلال وغاياتها. وأشاد جراد بالمواقف العربية والافريقية الجريئة التي عبرت عن معارضتها لهذا الاجراء وآخرها موقف مجموعة تنمية الجنوب الإفريقي “SADC”، المنسجم مع الإرث النضالي التاريخي المشترك لمواجهة سياسة الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني والاحتلال الأجنبي، داعيا جميع الدول والمؤسسات العربية والافريقية الصديقة لدعم التحرك الذي تقوده الجزائر الشقيق وجنوب افريقيا للحيلولة دون مصادقة الاتحاد الافريقي على هذه العضوية، والى دعم نضال الشعب الفلسطيني للخلاص من الاحتلال الاستعماري الصهيوني ومساءلة إسرائيل عن انتهاكاتها وجرائمها وعدم افلاتها من العقاب.

ومن جانبه تحدث الخبير الاستراتيجي اللواء ركن الدكتور امين مجذوب من السودان الشقيق عن الابعاد الاستراتيجية لانضمام إسرائيل للاتحاد الافريقي عضوا مراقبا مؤكدا على ان إسرائيل تسعى الى اختراق القارة السمراء اقتصاديا وامنيا وسياسيا وان التطبيع هو نتيجة لهذا الاختراق وتعبير عنه، منبها لخطورة سعي إسرائيل للالتفاف على القوى المساندة للقضية الفلسطينية في القارة الافريقية، مؤكدا أن موقف الشعوب الافريقية ومنها الشعب السوداني تعارض مواقف الحكام المطبعين. وفي ذات السياق اكدت الدكتورة دلال محمود أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مدير برنامج قضايا الامن والدفاع في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ان لانضمام إسرائيل لعضوية الاتحاد الافريقي اثارا وتداعيات خطيرة على المصالح العربية وخصوصا على مصر والسودان في أكثر من جانب خاصة الأمني وملف المياه والصراع بين مصر والسودان من جهة واثيوبيا من جهة أخرى المتعلق بسد النهضة، منبهة لأطماع إسرائيل التاريخية بمياه النيل والسعي لنقلها الى النقب. وبين عمر حمايل عضو المجلس الوطني الفلسطيني أن مخاطر انضمام إسرائيل للاتحاد الافريقي عضوا مراقبا على القضية الفلسطينية، تأتي في سياق الصراع الصفري مع دولة الاحتلال ومحاولة التأثير على الكتلة التصويتية الافريقية الداعمة لفلسطين في المنابر الدولية، منبها لمخاطر اختراق برلمان عموم افريقيا وغيره من الهيئات والمنابر، داعيا الى تغيير أدوات التفاعل والتعامل مع الدول الافريقية من خلال المزاوجة بين المبادئ الراسخة والكفاح المشترك ولغة المصالح المشتركة الأمنية والاقتصادية، وهو ما يحتاج إلى رسم خارطة طريق لألية التعامل مع افريقيا مستقبلا وانتهاج دبلوماسية جديدة بأدوات تواكب العصر والتقدم. وقارن المستشار نعيم الجمل بين العلاقات التي ربطت بين دول الاتحاد وفلسطين قديما وحديثا مؤكدا على وجود قصور فلسطيني وعربي في التعامل مع افريقيا الامر الذي فسح في المجال للتوغل الإسرائيلي في القارة السمراء. وتوقف أستاذ العلوم السياسية من الجزائر الدكتور ادريس عطية امام مخاطر هذه الخطوة على مستقبل الاتحاد نفسه محذرا من الانقسامات التي قد تحدث في حالة إصرار بعض الدول على قبول إسرائيل عضوا فيها، مشيرا الى ان إسرائيل ما كانت لتنجح في ذلك لولا مساعدة بعض دول الاتحاد لإسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر من خلال التطبيع، والتساوق مع إسرائيل وحلفائها للسيطرة على افريقيا التي باتت تشكل ساحة صراع لكافة أقطاب المجتمع الدولي من الشرق والغرب. وأكد عطية على الموقف الجزائري الحازم الرافض لانضمام إسرائيل للاتحاد الافريقي ودعمها المطلق للقضية الفلسطينية.

واوضح الأستاذ شادي محسن من مصر البعد الأمني للسياسة الإسرائيلية في افريقيا، حيث يجري تصدير مسألة مكافحة الإرهاب ومواجهة النفوذ الإيراني في افريقيا، وترويج صورة لإسرائيل بأنها قادرة على مكافحة الإرهاب ومساعدة الدول الافريقية في تدريب مكافحته وبالتالي في تصدير السلاح اليها وإقامة مراكز الاستخبارات والتجسس، وذلك كمدخل للاستثمار ونهب موارد افريقيا وخاصة المعادن الثمينة الضرورية للصناعة الإسرائيلية والأمريكية. وأكد الدكتور عبد الله النجار من معهد السياسات العامة أن لعضوية إسرائيل في الاتحاد الافريقي وعلاقاتها بإفريقيا لها أبعاد امنية واقتصادية وسياسية، موضحا أن صادرات إسرائيل لإفريقيا في تزايد كبير حيث وصلت عام 2014 الى ما نسبته 5% من مجموع صادرات إسرائيل الخارجية وقد ارتفعت النسبة الى يومنا هذا بفعل عشرات الاتفاقيات التي وقعتها مع العديد من الدول في السنوات الأخيرة. واما الدكتور عبد الرحيم جاموس، عضو المجلس المركزي الفلسطيني، رئيس المجلس الإداري لاتحاد الحقوقيين الفلسطينيين، فبين ان علاقات إسرائيل بإفريقيا مرت بمراحل عديدة، ما قبل عام 67 وحتى كامب ديفيد عام 1978، ومن ثم ما بعد كامب ديفيد والتسوية السياسية وصولا للاختراق الكبير للموقف العربي الذي تجلى بعقد اتفاقيات التطبيع، مؤكدا أن الامن القومي العربي كل لا يتجزأ وهو يتأثر سلبا بنزعات الانغلاق القطرية التي شكلت مطية للتطبيع والاختراق، ودعا إلى ضرورة العمل الجاد من أجل استعادة الساحة الافريقية كحاضنة داعمة للقضية الفلسطينية.

وأكد المشاركون في ختام الندوة على أهمية التحرك الجماعي العربي ومع كافة الأشقاء والأصدقاء وبشكل سريع وبما يوحد كافة الجهود الرسمية والشعبية لدعم التحرك الجزائري والجنوب افريقي الداعم للموقف الفلسطيني والساعي لإفشال إقرار العضوية المراقبة لإسرائيل في اجتماع المجلس التنفيذي القادم للاتحاد الافريقي، ولإعادة الاعتبار للعلاقات التاريخية بين دول وشعوب افريقيا والدول والشعوب العربية. هذا وقد أدار فعاليات الندوة الدكتور حسين رداد الباحث المختص بالدراسات الاستراتيجية في معهد فلسطين لأبحاث الامن القومي.