الصباح الفلسطينية
مقالات مشابهة
التفكير بشكل احترافي
د.مروان محمد مشتهى
أن تطلق العنان لعقلك للتفكير الإبداعي والخروج عن المألوف والرتابة والتفكير بطريقة غير اعتيادية ذلك ما نقصد به التفكير الإحترافي، حيث يعطينا القدرة على الاستنباط والتنبؤ في القضايا غير واضحة المعالم؛ وكذلك التكيف والعمل تحت الضغط وتحدي الوقت، من خلال استحداث وسائل وطرق جديدة لحل الأزمات والصعوبات التي تواجه صاحب التفكير الغير اعتيادي.
يمكننا القول أن التفكير الإحترافي يعمل على فهم المواقف ومعالجتها قبل أن تتفاقم وتتحول إلي أزمة يصعب التعامل معها أو محاصرتها ؛ من خلال البيانات والمعلومات المتوفرة وتحليلها تحليلاً دقيقاً يؤدي إلي وضع البدائل والمقترحات الخلاقة بكل موضوعية وحيادية.
لابد للمفكر المبدع أن يمتلك القدرة على التفريق بين التفكير والقلق ؛ فالقلق ناتج عن حالة من الأرق والتوتر الذي قد ينتج عن اعطاء الأشياء التافهة أكثر مما تحتمل وتستحق من العمق والتحليل ؛ ولكن التفكير الإحترافي حالة من التعمق في ادراك وفهم الظواهر والتحديات والجوانب الدقيقة للمشكلات ودراسة البدائل للوصول إلى البديل الأفضل .
يجب الابتعاد كل البعد عن التفكير الأناني فهو تفكير سلبي ينتج عنه مخرجات لا تلبي الحد الأدنى من الأهداف لأنه لا يميل إلي التعاطف مع الآخرين والاستماع إلي وجهة نظرهم ،تلك الطريقة تعتمد على التفرد في اتخاذ القرار وعدم مشاركة الآخرين ، وتتم معالجة هذا النمط من خلال التفكير الجماعي والعصف الذهني والعمل بروح الجماعة والفريق واتاحة الفرصة للمشاركة والنقاشات العميقة والسماح بوجهات النظر المتعددة والأفكار الجديدة وتشجيعها وتبني الأفكار الريادية منها .
يجب أن يمتلك المفكر الإبداعي المحترف رؤية واضحة ،بحيث يرى ما لا يراه الآخرين ، وأن يتمتع بروح القيادة والتأثير ، ولا يتعصب لرؤيته أو فكرته وإنما يخضعها للنقاش والتحليل والنقد البناء للوصول إلي الحلول المطلوبة للتحديات ،كذلك التفكير خارج الصندوق من خلال التحرر من القيود الزائفة وتغذية وتنمية الخيال للسماح بالتفكير بشكل مختلف من منظور جديد وحلول ابتكارية مبدعة ،والتواصل بطرق مستحدثة .
قبل الشروع في عملية التفكير الإحترافية يجب ترتيب الأفكار وتنظيمها وتحديد الأهداف والتوقيتات المناسبة لها ورسم خطة عمل تنفيذية من خلال أن تفكر كيف تفكر ،وأن تعيد التفكير في طريقة تفكيرك ؛ للتخلص من القناعات والأوهام التي تعيق تفكيرك السليم ،والتخلص من تعميم الأمور وإنما اعتماد التخصيص الدقيق وليس معنى ذلك التبسيط المفرط للتحديات .
يجب التخلص من النظرة السوداء والحكم المسبق للأفكار الجديدة ،بل و يجب العمل على استبدالها بالعقل المنفتح ،ودراسة البدائل بعناية فائقة قبل الحكم على صوابيتها من عدمه .
التفكير الإحترافي يتناقض مع كلمة مستحيل ،و الخوف من الوقوع في الأخطاء فمن يعمل يخطئ حتماً والشخص المبدع هو من يتعلم من تجربته، ويتقبل نقد الآخرين بكل موضوعية وشفافية واعتباره نقطة تحول للوصول إلي الأفضل .
هناك من الأشخاص من اختار أن يكون في المنطقة الرمادية من الحياة الإعتيادية يقول الشاعر فيهم :ومن يأب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر ،فهو يتعمد أن لا يعمل لكي لا يخطئ .
إن التفكير الإحترافي يجعلك مبدعاً ويضيف لحياتك قيمة كبيرة ويضعك في المقدمة ،ويساعدك في الاعتماد على نفسك واخراج مواهب كانت دفينة العقل والفؤاد ، و يعمل على اكتشاف فرص جديدة ، كما يساعد التفكير الاحترافي على الشعور بالرضى عن النفس؛ ويعطي قدرة للتصدي للمواقف والأوضاع الصعبة التى تواجهها من خلال تدريب فكرك على التفكير الإبداعي .
لا تكن حبيساً لأفكارك ومعتقداتك وتوجهاتك البالية ،انظر إلي من حولك بإيجابية وتعلم كل ما هو جديد ، فهناك دائماً حلول إبداعية ، كن مثقفاً واعياً ورياديأ ،فصاحب الخبرة والتفكير الإحترافي صعب المراس قوي الشكيمة يستطيع قيادة دفة السفينة عبر الأمواج العاتية في الليلة حالكة الظلام إلى بر الأمان .
