التنمر
بقلم د. مروان محمد مشتهى
يعتبر التنمر سلوكاً عدوانياً خطيراً؛ ينتج من اختلال في ميزان القوى في العلاقات لصالح الطرف المسيطر ،فالعلاقة من ذلك النوع التي تستنزف طاقتك وراحتك النفسية والعصبية وتجعلك شخصاً مهموماً حزيناً ، تخلص منها فوراً قبل أن تفقد أهمية وقيمة الأشياء الجميلة من حولك .
قد يكون من أسباب التنمر حب السيطرة على الطرف الآخر في العلاقة، من خلال التحكم بتصرفاته ،وعدم إتاحة الفرصة له بالتعبير عما يجول بخاطره ،أو إبداء رأيه بحرية ، والتمكن من سلب إرادته في المعارضة ،فهذا الشخص قد يستطع تحمل تلك العلاقة فترة من الزمن، فإذا استطاع التكيف معها وارتضى لنفسه أن يكون ذلك الشخص من الدرجة الثانية ، التابع لغيره ، سيتحول حتماً إلى جسداً بلا روح ، أما إذا تمرد على واقعه وتحرر من التبعية واختار الاستقلالية يحتاج ترميم ثقته بنفسه وقدراته الذاتية .
وقد تتمثل أحد أسباب التنمر كذلك في الغيرة الشديدة التي قد تدفع الشخص الغيور نحو افتعال المشاكل والحقد والضغينة على الطرف الآخر في العلاقة ، وقد تدفعه نحو اختلاق الأكاذيب ، وتتبع واستراق السمع لأى خبر فيه ضرر لمن يغار منه ، أو الاستماع إلي من ينقل الأخبار عنه دون تكليف نفسه حتى مجرد التأكد من صدقية ناقل الخبر ،أين هو من قول الله في كتابه العزيز : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ).
ويمكن اعتبار العلاقة التي يسودها الشك وفقدان الثقة بالآخرين من علامات الاضطراب النفسي والعاطفي نتيجة صدمة عصبية أو نفسية قد مر بها المتنمر تنعكس على سلوكه العدواني فتراه متذمراّ دائم الشكوى ولا يتحدث في أمور إيجابية مطلقاً .
لا يفوتني في هذا المقام من التركيز على قضية في غاية الأهمية هناك من يعتبرك شماعة ً لعدم تحقيق أهدافه ، فيعلق على تلك الشماعة اخفاقاته وعثراته وعلاقاته المسمومة ،فتراه يوجه اللوم الدائم لك عن كل ما يحدث في حياته ، يقول الشاعر في مثل هؤلاء : إذا أتتك مذمتى من ناقصٍ فتلك شهادةٌ بأني كامل.
يمكن لك عوضاً عن تلك الشخصية المكروهة ؛ أن تمتلك شخصية كاريزمية من خلال التخلي عن الغيرة الدائمة من الآخرين أو التحكم بها قدر المستطاع ، وعدم إظهارها لأنها منقصة للشخصية الناجحة ، وكذلك التخلي عن الإنتقاد الدائم للغير ،ومجاملة الآخرين حتى لو لم تكن مقتنعاً ببعض ما يقومون به ،واخراج الطاقة السلبية من سلوكك واستبدالها بنشر الود والاحترام المبني على حب الغير وكسب ثقتهم ،. فمتقلب وظائف الود لا يؤتمن .
قد يكون في التخلي حياة ، وفي التجاهل فن ، فإن كنت تعيش في علاقة مؤذية امنح نفسك الحرية والثقة والقوة ،فالحياة موجودة قبل أن تدوسها قدمك ، وستظل كذلك، فلن يكون في ملك الله إلا ما أراد ،فحياتك تدابيرها بيد الله ،ورزقك في السماء حق ،وأجلك في كتاب معلوم ،فلتعش حياتك بكل عزة وكرامة وتمتع بحب الآخرين ،فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا .
الوسوممروان محمد مشتهى
شاهد أيضاً
سري القدوة يكتب : المجتمع الدولي وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني
المجتمع الدولي وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بقلم : سري القدوة الثلاثاء 16 نيسان / …