لا تبحث عن الحقيقة
ناهـض زقـوت
إن الحياة كلها ألغاز وأوهام ومغالطات وأضاليل، وقد ألف الناس ذلك كله منذ آلاف السنين، وستظل هذه حالتهم أدهاراً أخرى من السنين، والويل لمن يتصدى لتمزيق براقع هذه الأوهام وكشف هذه الأضاليل والتمويهات.
الأوهام صارت مقدسات … والأصنام عادت للعبادة .. والمبادئ نصوص الغلابة .. وسفر التكوين رمز السيادة .. والقداسة للسلطان .. والوطن قطعة من الأرض .. والكرسي نص ديني .. والفكر هذيان .. والعقل مؤجر لمن يدفع .. والعمر بقية أيام .. والموت على المفترقات .. والشهداء ربطات عنق .. والحقيقة لم تعد في ثوبها.
يحكي أن الحقيقة ذهبت إلى شاطئ البحر لتغتسل، فجاء الكذب وسرق ثوبها، ولما خرجت من البحر لم تجد ثوبها، فذهبت إلى الناس عارية، فشتموها وقبحوا عملها، ففرت من بينهم ورجعت إلى شاطئ البحر تبكي، نظرت حولها فوجدت ثوب الكذب فلبسته، وعادت إلى القوم فرحبوا بها وأكرموا مقامها، ودخلت قلوبهم، وهي لا تزال الحقيقة في ثوب الكذب.