الرئيسية / الآراء والمقالات / د. فيصل فياض يكتب : أقمار جنين وداعاً

د. فيصل فياض يكتب : أقمار جنين وداعاً

فيصل عبد الرؤوف فياض

أقمار جنين وداعاً

بقلم د. فيصل فياض
في ملحمةٍ بطوليةٍ خالدة، سبقنا أقمارُ جنين العزة والكرمة للعُلا، في معركة الحرية والكرامة انتصاراً لإرادتهم وإيماناً منهم بحتمة الانتصار بإذن الله على ظلم المحتل،
وقفوا سداً منيعا أمام غطرسة الاحتلال وقواته الخاصة وقالوا له: “لن تمروا”، عزيمةٌ وطنيةٌ نضالية، ودمٌ فلسطيني نقيٌ طاهر، لم يقبلوا الذل والمهانة بدخول الاحتلال أرضهم وتدنيسه لترابها، وقتله بدمٍ بارد لخيرة شباب الوطن في جنين العزة، فامتشقوا سلاحهم مدافعين عن كرامتهم وأرضهم وعرضهم، ليخوضوا ملحمةً بطولية دافعوا فيها عن شرف الوطن وأبنائه الميامين، قضوا للعلا برصاصٍ غادر، ستبقى أرواحهم تحوم في سماء الكون عاليةً خفاقة، بعزٍ وكبرياء، الشهيد البطل الملازم/ أدهم عليوي والشهيد البطل النقيب/ تيسير العيسه من جهاز الاستخبارات العسكرية في الضفة، والشهيد البطل الأسير المحرر/ جميل العموري، أقمار قضوا نحبهم ومنهم من ينتظر، أول حرف من كل اسم شهيد فيهم تشكل كلمة “التاج”، فهم تاج على رؤوسنا جميعا، مجدا لهم في العلياء.
إن الناظر لحالنا في قطاعنا الحبيب كحال الضفة كحال القدس الشريف، والشيخ جراح وبطن الهوى ليس ببعيد، كل يوم يتعرض شعبنا الأعزل لشتى أنواع القتل والتشريد والقصف، لم يرحموا بشراً ولا شجراً ولا حجرا، امتهنوا مهنة القتل والتعذيب واغتصاب الأرض كل يوم، ليعرفهم العالم أجمع بأنهم شرذمة تعيش على الدماء، في محاولةٍ لتدمير وشطب الهويةِ الفلسطينيةِ الوطنية، ومحوْ المعالم التاريخية والجغرافية لهذه الأرض المغتصبة، هذه الأقمار سبقتنا للعُلا في أروع ملحمة يسطرها التاريخ شموخا وعزا، في تاريخ شعبنا المعبد بدماء آلاف الشهداء والجرحى والأسرى.
نحن اليوم نعيش نكباتٍ كثيرةٍ ومتعددة نعاني الويلات تلو الويلات منذ الأزل، وقضيتنا الوطنية ما زالت تأِنُ تحت ضربات المحتل الغاشم، إزاء صمتٍ دولي وعربي، وما زالنا نقدم الشهداء في أرجاء الوطن من مختلف الأحزاب والتنظيمات الوطنية والإسلامية، فقبلتهم فلسطين والقدس، وكذلك الأبطال في سجون الاحتلال فهم يعلمون بأن هذه الأرض المعطاءة تستحق منا أكثر فأكثر، واعتادت منا على الغالي والنفيس لها الأرواح رَخُصَت، والدماءُ في سبيلها سالت، فكيفَ لنا أنْ نُضَيِّعَ تُراثاً يُثبتُ وجودَها ويؤصِل تاريخها، فما يمكن أَنْ نقدمه لهذه الأرض التي ننتسب إليها، والتي امتزجت أجسادنا بتربتها، وقدمنا من أجلها آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والكثير الكثير من التضحيات الجسام، فبرغم كل الاعتداءات والحروب المتكررة على وطننا وشعبنا الأبي، والحرب على قطاع غزة ليست ببعيد، أكثر من “250” شهيد، وآلاف من الجرحى، وكذلك قصف وتدمير البيوت كليا وجزئيا، وكذلك تسطير المقاومة الفلسطينية لأروع صفحات المجد، في الدفاع عن أرضنا وشعبنا الأعزل، إلا أننا لم ولن نرضخ للظلم والقهر الذي لحق بنا، وستكون وَحدتنا الوطنية والنضالية التي سُطرت في هذه المعركة التي دافعنا فيها عن أنفسنا هي صمام أمان شعبنا وقبلته الخالدة، برغم شلال الدم المنهمرً في سبيل الله ثم الوطن، وبرغم ممارسات دولة الاحتلال الغاشم لشتى أصناف العذاب بحق وطننا وشعبنا ومدننا وقرانا.
إننا اليوم ومن منطلق مسؤوليتنا الوطنية والإنسانية والشعبية نقول:
أولاً: نترحم على أرواح شهدائنا الأبرار أقمار جنين وكافة الشهداء، ونتمنى الشفاء العاجل للجرحى، والحرية لأسرى الحرية، والعوض للمنكوبين، ونُدين الاعتداءات الاحتلالية على أبناء شعبنا الأبي.
ثانياً: التأكيد على أن هذا الشعب شعب الصمود والثبات أمام ترسانة الاحتلال الغاشم وأنه لن يفرط بأي شبرٍ من أرضه مهما طال الزمان أم قصر، وأن القضية الفلسطينية لن تسقط بالتقادم.
ثالثاً: نُطالب كافة دول العالم وخاصة الرباعية الدولية بموقفٍ عادل وواضح تجاه قضية فلسطين للضغط على دولة الاحتلال لإنهاء كافة القضايا العالقة(اللاجئين-القدس-الحدود-المياه-الأسرى) والتي كفلتها كل القوانين والأعراف الدولية.
رابعاً: الوَحدة الوطنية صمام أمان شعبنا، حيث تُشكل سداً منيعاً أمام كافة الهجمات الصهيونية المتكررة ضد وطننا وأبناء شعبنا في الوطن وخارجه.
خامساً: ضرورة العمل المتواصل والدؤوب من القيادة الفلسطينية في كافة المحافل الدولية من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
مجدا عليا لاقمار جنين وللشهداء كافة وشفاءً للجرحى وللأرض السلام.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عضو نقابة اتحاد كُتاب، وأدباء مصر
رئيس ومؤسس المركز القومي لعلماء فلسـطين

د جمال ابو نحل يكتب : أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام

أيقونة سلاطين هذا الزمان فخامة سلطان عُمان هَيثمُ الهُمام من عاش لشعبه، ولِوطنه عاش كبيرً، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *