الرئيسية / الفلسطينيون في المهجر / سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت

المراة الفلسطينية

السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت
الحلقة الثالثة عشر
الخوف يساعدنا على الحياة
سليم النجار
فها هي لعنة الفلسطيني تلاحقني مثل ظلّي ٠٠٠
طرق متردّد على الباب الذي كان موارباً ٠ عندما رفعت رأسي عن الأوراق التي أمامي ؛ كنت في حالة حلم ، أن شقيقتي سلوى تعمل مدّرسة لغة عربية في إحدى المدارس الخصوصية ، تقف على الباب بروبها الأزرق وإلى جانبها قطّتها وقد لّمت خصلات شعرها من الشتات وكأنها تلملم كوابيس النوم عن وجهها وجمعتها إلى الخلف على شكل كعكة عشوائية ٠٠
– أي حلم مزعج أيقظك بهذه الهيئة باكراً وفي يوم عطلة ٠٠ أم ايقظتك قطّتك ٠٠ ؟ سؤالي اختلط فيه الجد بالهزل ، سلوى اقتعدت كرسيّا قبالتي وهي تتم:
– أحيانا ليس من الممكن أن تتحكم في ساعات نومك ٠٠٠
القطّة اعتادت أن تتنظر على طرف السرير حتى استيقظ ٠٠ أنه حلم كما خمنت ٠٠
مازال الحلم مستمر ٠٠٠
صحيح إني اهبل مع مرتبة الشرف فلسطيني وفي بيتهم قطة وسرير نوم ٠٠ على اساس كنا نقطن بيوت صالحة للإستهلاك الآدمي ٠٠
قلت لنفسي : ” هذا حلم يمثل قمة الحزن ” ٠٠
توقف الحلم
كنت اتحدث مع نفسي وانا اشعر بثقل في رأسي ، احسّ به مشحوناً بالكثير من المشاهد التي ظلّت في داخلي وتؤرقني ، تحملها ذاكرتي المتعبة وهي تطوف على سطحها كما تطوف بقايا القهوة المترسّبة في القاع على السطح بمجرّد تحريكها ٠٠
وفاة صديقنا ابراهيم الراعي ، الذي رافقنا طالباً في مدرسة الكندي المتوسطة ؛ وترك المدّرسة وعمل فيما بعد مندوب للمبيعات في احد ااشركات الخاصة الخاصة ؛ ويرجع الفضل له انه ادهل هذه المهنة لحارة سوق الصباح ٠٠ كان مطرب الحارة يغني اغاني تراثية ٠٠ توفى على طريق العراق ، اثر حادث غير مرّوع ؛ بعض الخبثاء وما أكثرهم في الحارة قالوا ان سبب الحادث سرحانه وهو يغني ؛ وكانهم معه ؛ وما بين اخذ رد طويت قصة ابراهيم ، واصبحت من تراث الحارة ٠٠
وكمحاولة مني لعدم الأستغراق في مجرة الصحو ، انبثق حديث من الدهاليز المعتمة كان السؤال الملغزّ الذي حاولت أن اصوغه بأسلوب عفوي :
– ما أخبار الأستاذ يوسف شحرور ، مدّرس الجولوجيا في ثانوية الفحاحيل ، ترى هل مازال مُصراً على فلسطينيته بعد هذه السنين ؟
استغربت من سؤالي فأجبت باقتضاب
– ليس لي علم بأي جديد ٠٠ فهو الملازم معظم الوقت اثناء الدرس بالتأكيد على ضرورة الأعتزاز بفلسطينيتنا ٠٠
وبخبث ودهاء قلت :
– ولكنني اعتقدت أن فسحة البوح قد اتسعت بينكما ٠٠٠
لا أدري تفسير ذلك ، هل ليوحي مظهره بالهيبة والحكمة وهو يسلّط الضوء ، ؟ قويا كان ذلك الضوء الذي ينبثق منه ٠٠٠ مثير ومبهر إشعاعه ٠٠ يصعب مقاومته بعد أن جعلني ارتقي منصّة طابور الصباح ٠٠ والقي كلمة فتح بمناسبة إنطلاقتها عام ١٩٦٥ ٠٠
وقتها القيت الكلمة بصراخ غير مبرّر وغير موضوعي ٠٠ كما يقول الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ؛ كانت كلمة ” غير موضوعي ” لازمة من لوازمهم ؛ كانت الكلمة معدّة من قبل التنظيم الطلابي في ثانوية الفحاحيل ٠٠٠ إلى يومنا هذا لا اعرف كيف اقنع الأستاذ شحرور وكيل المرسة المدهون وهو من غزة بإلقاء الكلمة وهو الكاره لنا بمناسبة وبدون مناسبة ؟
عُدت للحلم
رايت الوجوم يطيل وجهه ٠٠٠!
 
وها هو حزن من نوع جديد يتملكني ٠٠٠
زميلي في الصف الثاني ثانوي في ثانوية الفحاحيل صقر العنزي ٠٠٠ كان صوته جميل ورائع ٠٠٠ مازلت اذكر كيف اقنعته بغناء ” انا ابن فتح ما هتفت لغيرها ” وقتها هاج الصف واصبحنا في حالة هرج ومرج ٠٠ وكأننا نستعد للذهاب إلى فلسطين ٠٠٠٠
صقر العنزي من عشّاق البحر ٠٠ كنا نذهب سوياً للبحر ٠٠٠ ما اذكره كان اكثر وقته صامتاً ٠٠
لتفاجأ الفحاحيل بشقيها الفلسطيني والكويتي ان صقر العنزي انتحر ، دخل لمسافات طويلة في البحر وغرق عامدًا متعمدًا ٠٠٠
تطاولت الألسنة من الجميع ؛ واصبح الكل في حالة خلاف على سبب انتحاره ٠٠٠ لكن من المؤكد على مسئوولية الشخصية ٠٠ سبب استشهاده والذي كان البحر كفنه ٠٠ ان اهل حبيبته الفلسطينية رفضوا تزويجها له ٠٠٠ البنت كانت من حارة المضخة ٠٠٠ وطالبة في ثانوية الفحاحيل للبنات ٠٠ وقتها كم كنت غبي لا اعرف سبب تكرار اغنيته الشهيرة ” هلي هلي هم سبب بلوتي ” اعتقدت انه في يعيش حالة حب مع فتاة كويتية ٠٠٠ آه كم كنت غبي بإمتياز ! وهل للحب جغرافيا او عرق ٠٠ بالفعل كنت غبي محترف ٠٠ وثاني يوم من اسشهاد صقر العنزي اغلقت ثانوية الفحاحيل ابوابها امام الطلاّب ٠٠ كان القرار من التنظيم اغلاق المدرسة واعتبار اليوم عطلة رسمية ، وتوجهنا لمقبرة الفحاحيل للمشاركة في مراسم الدفن ٠٠٠ وكانت المرّة الاولى التي اتعرف فيها على مقبرة الفحاحيل من الداخل ٠٠٠ ولن تكون الأخيرة ٠٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

شاعرة وااعلامية فلسطينية

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها بقلم الشاعر والكاتب الفلسطيني (هاني مصبح) الروائية الفلسطينية باسله …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *