الرئيسية / الآراء والمقالات / علي ابو حبلة يكتب : الثابت والمتغير في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية

علي ابو حبلة يكتب : الثابت والمتغير في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية

رئيس تحرير افاق الفلسطينيه
رئيس تحرير افاق الفلسطينيه

الثابت والمتغير في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية
علي ابو حبلة

في ضوء مقارنة الأهداف والأولويات لكل من إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وإدارة الرئيس الحالي جو بايدن، فإنها تتقاطع عند ثلاثة محاور، ما يطرح تساؤلا عن أوجه التغيير في سياسة أمريكا في الشرق الأوسط في عهد بايدن. وأن أهم أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، تتمثل في برامج إيران التي تزعزع الاستقرار في المنطقة، ومن بينها البرنامج النووي، وكذلك تأمين إسرائيل وتعزيز السلام بين العرب وإسرائيل، وإنهاء الحروب في اليمن وليبيا، وتعزيز وضع حقوق الإنسان.

وهنا تكمن أهمية قراءة الموقف الأميركي من المواجهة الإسرائيلية – الفلسطينية الأخيرة، وهي مرتبطة ببنية العلاقة ومحدّداتها، بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وتبرز نظرية التابع والمتبوع، التي يتمسّك بها البعض، سواءً كانت تبعية إسرائيل لأمريكا أو العكس ، وهذا من شأنه تغييب مسؤولية إسرائيل وأميركا عن جرائمهما المشتركة الأخيرة في غزة، فضلاً عن قصورها عن تقدير الموقف فيما يخص القضية الفلسطينية وتجاهل المطالب الفلسطينية واستمرار حصار قطاع غزه ومحاولات فهم حقيقة الصراع ضمن معادلة تحسين الوضع المعيشي وتغييب الجانب السياسي في غياب أي أفق للحل السياسي . والسؤال هل تستطيع إسرائيل أن تتّخذ قرارات عدائية وتبدأ مواجهات عسكرية من دون موافقة أميركية مسبقة؟ وهل بإمكانها التملّص من رفض أميركي ما لتوجّهات من هذا النوع؟ أم أن القرارات العدائية تُتّخذ بالشراكة بين الجانبين، بعد مشورة وبحث مسبقَين؟ وهل ثمّة قرارات منفردة يتمّ إبلاغ الطرف الآخر بتوقيت تنفيذها لدى وقوعها أو قبلها مباشرة؟

فهْم هذه التساؤلات في العلاقة بين الجانبين يسهّل فهْم المواقف، سواءً جاءت متوافقة أو متباينة، وكذلك الأسباب التي تقف خلفها، ومردّ الاختلاف الذي يَظهر أحياناً من دون أن يؤثر على جوهر العلاقة وثباتها.

ثمّة مجموعة ثوابت في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، أوّلها وأهمّها أن إسرائيل تحتاج إلى الولايات المتحدة حاجة وجود، أي أن علاقتها بأميركا متّصلة مباشرة بوجودها وبقائها واستقرارها وأمنها وتفوّقها العسكري ومناعتها السياسية وحضورها الإقليمي والدولي واقتصادها، فضلاً عن قدرتها على تحمّل التهديدات ومواجهتها، وقدرتها على الإيذاء. باختصار: لولا الرعاية الأميركية، لما كانت إسرائيل موجودة الآن. يستتبع ذلك ضرورة أن تكون إسرائيل منقادة إلى قرارات الولايات المتحدة وتوجّهاتها، وألّا تجرؤ على تبنّي خيارات يمكن أن تضرّ بالمصالح الأميركية. إلا أنه في المقابل، وهذا ما يعيب نقصُه بعضَ القراءات، ثمّة هامش معيّن تمتلكه إسرائيل لبلورة قرارات ما، وتنفيذها أيضاً، بما قد لا يتساوق بالكامل مع المصالح الأميركية. وهو هامش يضيق ويتّسع، بحسب القضية موضع القرار، وبحسب الساحة محلّ صدوره وتنفيذه، وكذلك بحسب هوية الإدارة الأميركية وتوجّهاتها.

العدوان الأخير على قطاع غزه من الأمثلة الحيّة على ما بين واشنطن وإسرائيل . وفقاً لما تم تسريبه في الإعلام العبري، فإن إسرائيل لم تُقدِم على عدوانها من دون إخطار الأميركيين، بمعنى تحصيل موافقتهم، علماً أن الردّ كان من شأنه أن يتسبّب باتّساع المواجهة مع القطاع، لكن صواريخ فصائل المقاومة استهدفت إسرائيل بشكل غير مسبوق وضربت « نظرية الردع الاسرائيليه « في العمق وفي القدس المحتلة نفسها. تحدّثت وسائل الإعلام الاسرائيليه ، ومعه الكثير من إعلام الخارج، عن تباين في الموقف بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وصاحب القرار في الكيان الصهيوني ، إزاء المواجهة الأخيرة، وهو ما أدّى، وفقاً لهذا الحديث المغلوط، إلى ضغط أميركي كبير على إسرائيل، دفَعها إلى التراجع ووقف إطلاق النار. في الواقع، كان الجانب الأميركي، في بداية المواجهة، وفي مسارها اللاحق، موافقاً على الردّ الإسرائيلي، بل طلب التمهّل في طلب وقف إطلاق النار، ومن ثمّ عرقل اتجاهات دولية أرادت العمل على ذلك.

باختصار، أعطيت إسرائيل كلّ الوقت الذي أرادته لتحقيق أهدافها، ولم يأتِ طلب التهدئة من قِبَل إدارة بايدن، بحسب المواقف والتصريحات والتسريبات، إلا بعد أن وصلت إلى البيت الأبيض تقديرات الجهات المختصّة للوضع الميداني، والمبنيّة على معلومات من الجيش الإسرائيلي نفسه، بأن إسرائيل حقّقت ما يمكنها تحقيقه عبر العملية العسكرية ضدّ غزة، وأن إطالة أمد المعركة لا يزيد من فوائدها، بل يؤدي إلى إلحاق أضرار بإسرائيل. هنا، تدخّلت واشنطن، وأعانت تل أبيب على النزول عن شجرة طويلة جدّاً تسلّقتها في بداية المواجهة. المعنى أن الأميركي ضغط بعد أن استنفد الإسرائيلي خياره العسكري المتاح له، وفقاً لظروفه وإمكاناته في مواجهة قوى المقاومة . هذا هو السبب الأوّل الذي يفسّر التدخل الأميركي، أمّا السبب الثاني فهو منْع نتنياهو من إكمال المعركة لحسابات داخلية وشخصية لديه، ما قد يهدّد بتدحرج المواجهة إلى خارج الساحة الفلسطينية، ويؤدي بالتالي إلى التشويش على توجّهات أميركية إقليمية قائمة على خفض التصعيد. ومن هنا، لم يكن أمام إسرائيل إلا الانصياع للضغط الأميركي بلا تردّد.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي

حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي بقلم  :  سري  القدوة الأربعاء 24 نيسان / أبريل 2024. …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *