الرئيسية / الفلسطينيون في المهجر / سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت فلسطيني يعيش تجربة الموت

سليم النجار يكتب : السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت فلسطيني يعيش تجربة الموت

المراة الفلسطينية

السيرة الشعبية الفلسطينية في الكويت
فلسطيني يعيش تجربة الموت
الحلقة الثانية عشر
سليم النجار
هناك في حارة سوق الصباح بالفحاحيل تسير قصص الحب جنبا إلى جنب مع الحروب التي تأتيي آخبارها من لبنان ٠٠٠ وبطولات الفدائيين والعمارات المتهالكة وغارات النميمة والصباحات القذرة الممتلئة بغبار الطوز وأدخنة الكذب والموت يصاحبنا على طول هذا اليوم ٠٠
يستيقظون أهالي الحارة يوما ليجدوا قذائف الشائعات تقع في وسط الشوارع وأصحاب الدكاكين في السوق يتعاركون حول صحة تلك الشائعات ٠٠ وطائرات القصص تحوم وتسقط فوق رءوسهم عاصفة أوراق بها تعليمات عن كيفية التعرّف حال وصول شرطة مخفر الفحاحيل ٠
كان الحزن عدوهم الذي دار وراء مصائرهم تتبدى الآن بشكل شائعة ٠٠
سُجن أبوسائد النجّار في مخفر الفحاحيل ؛ وفكر بالكتابة بداخله ؛ ظل يكتب وهو لا يدري من يبدأ القصة ؛ وإذا كانت تخصه بالفعل أم تخص العاشقين الطارئين ٠ انتقل بعد خروجه بعيدا عن كل هذه الأجواء ٠ هرب من كل ما حدث ؛ في الذكرى التي تمزقه ؛ ومن شائعات فاق جنونها الحد ؛ لكن يبقى أبوسائد يجتاح خياله كل ليلة ؛ ينساها بالنهار ويحسب أنها رحلت آخيرا ؛ لكن ما ان يحل الليل إلا وتتجلى له ؛ فيقتلها بحزن شفيف يليق بالأيام تلك ٠
الأعتداء على طفلة ٠٠ اسمها سوسن ٠٠ جارته ٠٠ كان دائم التساؤل ٠٠ هل أنا فعلت هذا ؟! من صاحب هذه الكذبة !
ابوسائد الذي عزى زوجته بوفاة وابنهما سهيل ثم جلس على الطاولة في انتظار الغذاء ٠ لم يتفاجأ الجيران من هذا ؛ للتو خرج من السجن ؛ والطعام في المنتزه لتهذيب الأخلاق لا يصلح للإستهلاك الأدمي ؛ وهو في أمس الحاجة لطعام جديد ٠٠ طعام زوجته ٠٠ كانوا الجيران قطعوا مرحلة الحرج تماما ؛ النميمة تعيش من الشبهات وليس هنا سوى إعلان واضح ؛ حب ككل الحب ؛ وفقدان ككل الفقد ٠ فحضروا الجيران للعزاء بعد أن قدموا واجب النميمة ٠٠
لم يشف أبوسائد من الحزن ابدا ٠ رحيل ابنه سهيل دون استئذان من احد ؛ كان خوفه الأبدي ؛ فأخذ يصارع شيئا أكبر من الفقدان ؛ شبحا بثقوب طرية محشوة ترابا ؛ وينام نوما صناعيا من فكرة التعب ٠ ترك منجرته ؛ وعمل طباخا في وزارة التربية ؛ بعد توسط له جاره ابونبيل خباص الذي كان له حظوة عند مسؤولي الوزارة ٠٠ تاهت قصة أبوسائد بين قصص حارة سوق الصباح ٠٠
ضرب جرس الفسحة فصرخنا في صوت واحد ” هيه ” وخرجنا من الفصول ؛ وركضنا في الممرّات ؛ وقفزنا على السلالم ؛ وفي حوش المدرسة ؛ وقبل أن نجتمع ونبدأ نلعب ؛ صفعنا خبر ناظر المدرسة الذي زف لنا بأن يوم غد عطلة رسمية في كل مدارس منظمة التحرير الفلسطينية ٠٠٠
بينما نشعر بالملل ٠٠ بعد الدرس ٠٠ لغة عربية من قبل مدّرس اللغة العربية عرفات التميمي ٠٠ يومها ٠٠ الغى اللغة وبدأ ينصحنا بعدم تقليد قاهر الذي لم يتجاوز عمره ١٨ عاما ترك المدرسة والتحق بصفوف الثورة الفلسطينية ٠٠ كان عرفات غاضب وسريع الكلمات ٠٠ لا ترابط بين الجمل ؛ ودب الخلاف الأيديولوجي بين الجملة الأسمية والفعلية ؛ كل هذا لا يهم ؛ وطارت الفواصل دون إذن إقلاع ؛ كان همه الوحيد الأستاذ عرفات النحذير من تلقيد هذا الشقي ؛ هكذا سمّاه ؛ ونحن كنّا نسميه حرامي ” السندويشات ” من مقصف المدرسة ٠٠ نظرا لبراعته في السرقة ٠٠ وبينما كنا نشعر بالدهشة من انفعال الأستاذ عرفات ؛ كنت أشعر انا بالملل فأفك لجام نظراتي لتمشيط حائط الصف ؛ جدار طيني تساقط دهانه الأزرق الفقير ؛ كان كل الطلاب يروها مجرد خربشات تشوهه الحائط ؛ بينما أراها وجوه لشخوص ارسم ملامحهم بنفسي ؛ حتى لا انسى تفعيل حقدي ٠ فهذا الخدش يرسم كلمة ” فلسطيزي ” تتراقص على كراهية مفتوحة لنا كم كنت اتمنى معرفة من خربش على هذا الحائط اللعين ٠٠ كل اعرفه أن احد طلاّب الصف ؛ الذي يداوم صباحا هو من كتب ذلك ٠٠ قلت لنفسي
– اللهم إني صمتت وعلى الخوف حاولت النسيان ٠٠
أذن خبر ناظر المدرسة ٠٠ قائلا بصوت عالٍ غدا عطلة احتفالاً بإعتراف هيئة الأمم المتحدة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ٠٠ ما انتهى الناظر من خبره ؛ حتى ارتفع على سارية المدرسة العلم الفلسطيني ٠٠٠ كنّا نحن الطلاب في حالة حيص بيص ؛ لا نعرف ماذا نفعل ؛ او ما يتوجب علينا فعله ؟ وفجأة خرج صوت من صفوف الطلاب وبحماسة ٠٠ يغني اغنية الطابور اليومية ٠٠ عائدون عائدون فأصرخوا يا نازحون اننا عائدون ٠٠ وبدأنا نردد مع هذا الصوت عائدون عائدون ٠٠ كم كان سعيد الأستاذ موفق مدّرس الموسيقى أن اغنيته تصدح ٠٠ كانت قبل ذلك تتردد كواجب من واجبات الطابور اليومي ٠٠ أما اليوم غِير ٠٠

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

شاعرة وااعلامية فلسطينية

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها

ولدت عاشقه لوطنها فلسطين فتألقت ريشتها بقلم الشاعر والكاتب الفلسطيني (هاني مصبح) الروائية الفلسطينية باسله …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *