الرئيسية / الآراء والمقالات / د. عبدالرحيم جاموس يكتب : العمل ثابت والمال متغير كيف ؟!

د. عبدالرحيم جاموس يكتب : العمل ثابت والمال متغير كيف ؟!

 عبد الرحيم جاموس  عضو المجلس الوطني الفلسطيني  رئيس اللجنة الشعبية في الرياض
عبد الرحيم جاموس
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
رئيس اللجنة الشعبية في الرياض

العمل ثابت والمال متغير كيف ؟!
بقلم د. عبدالرحيم جاموس
سأجيب على هذا السؤال من خلال تجربتي الشخصية المتواضعة…. في صيف العام ١٩٦٨م وخلال العطلة المدرسية عملت عاملا مدة اربعين يوما تقريبا مع شركة شاهين للمقاولات التي كانت تنفذ مشروع مدينة الملك حسين الطبية في عمان وقد تقاضيت اجرا بلغ قرابة واحد وعشرين دينارا عن تلك المدة اي بواقع ستون قرشا عن كل يوم عمل…
ماذا صنعت بذلك المال ؟
لقد صنعت اشياء كثيرة فقد…
اشتريت عددا من ابواط الرياضة الفاخرة … الخاصة بالجري ولعبة الباسكيت بول .. وكرة اليد .. وحذاء من شركة باتا.. وعدد من من القمصان و عدد آخر من البنطلونات ما يكفي حاجتي لمدة سنة.. وتبقى معي اكثر من ربع المبلغ نقدا كمصروف لشاب او فتى في ذلك الزمن ….
لماذا المبلغ المشار اليه لا يمكن ان اقضي به اليوم عشر الحاجات التي كنت قضيتها به في ذلك الزمان ؟، ما الذي تغير ؟ هل تغيرت قيمة العمل ام تغيرت قيمة الدينار ؟
الحقيقة ان العمل أو الجهد في اي عمل ثابت … وإنما الذي تغير هو قيمة النقد او العملة… إن زيادة كمية النقد المتحصل عليها لا تعني ابدا رفع قيمة الأجور عن نفس العمل او الجهد وإنما تعني خفض قيمة العملة او النقد …..
هذا ما حصل مع قيمة التي انخفضت عن قيمتها في عام ١٩٦٨ م ….. بحيث بات دينار اليوم لا يتعدى 10الى 20 بالمئة عما كانت عليه قيمته في ذلك الزمان .. … كذلك إنخفضت بقية العملات الاخرى بما فيها العملات الدولية وفي مقدمتها الدولار الأمريكي …..
كثرت المال والنقد اليوم لا تعني أكثر من كلمة تضخم..!
فمحتكري إصدار او طباعة النقود هم الذين يستحوذون عليها وعلى جهود العاملين في مختلف القطاعات من خلال تحديدهم لقيمة النقد وبالتالي لقيمة العمل والسلع المختلفة ،
من هنا تبقى السيطرة للبنوك المركزية وعملاؤها من البنوك والمصارف الاخرى والذين يحتكرون توجيه دورة المال ويحددون حجم النقد المتاح…. بالتالي ينفردون في التحكم بالأجور وتحديد ثمن السلع المختلفة ، حيث تبقى السيطرة السياسية والإقتصادية المطلقة لهم على راس المال وعلى السلع وعلى قيمة العمل وعلى السياسة في نفس الوقت…!
إذا زيادة حجم النقد المتداول في السوق وبين ايدي الأفراد والمؤسسات لاتعني بالضرورة زيادة وتطور ونمو في الإنتاج وإنما يضاف الى ذلك نسبة معامل التضخم ، الذي لا يقابله انتاج جديد او بذل جهد جديد .. فيبقى الجميع اسرى لسيطرة راس المال المحلي والدولي الذي يهيمن عليه الدولار الأمريكي وصناعه ، والذي لايتوفر على التغطية الذهبية منذ اوقفت الولايات المتحدة ذلك في بداية سبعينات القرن الماضي .
من هنا علينا ان نفكر في الكيفية الواجبه للتحرر من سيطرة رأس المال وأدواته المصرفية والبنكية محليا ودوليا…
ومن هنا علينا ان ندرك ابعاد الحرب التجارية الجارية اليوم بين الإقتصاديات الدولية الكبرى خصوصا بين الصين والولايات المتحدة واوروبا وكوريا واليابان ..
ومدى اهمية البحث عن عملات موازية للدولار الامريكي الذي يمثل اهم وحدة احتساب نقدية في التجارة الدولية والقروض الدولية ….
اذن هو التضخم في حقيقته اداة مهمة للإستمرار السيطرة على الأفراد وعلى الدول وإستمرار هيمنة رأس المال وبنوكه ومصارفه على تحديد ثمن السلع وتحديد قيمة العمل بحيث يبقى الإستغلال للعمال والموظفين والمنتجين الصغار قائما…
هلا ادركنا كيف كان مبلغ واحد وعشرين دينار في العام ١٩٦٨م قيمتها تساوي او تزيد عن مبلغ مئتين وعشرين دينارا اليوم..!
د. عبدالرحيم جاموس
رئيس المجلس الإداري للإتحاد العام للحقوقيين الفلسطينيين
عضو المجلس الوطني الفلسطيني
٢٧/٥/٢٠١٩م

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *