الرئيسية / الآراء والمقالات / الدكتور حنا عيسى يكتب : السلطة العسكرية على اقليم دولة معادية

الدكتور حنا عيسى يكتب : السلطة العسكرية على اقليم دولة معادية

الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات
الدكتور حنا عيسى، الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات
 
السلطة العسكرية على اقليم دولة معادية
بقلم: الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
ان القسم الثالث والأخير من لائحة الحرب البرية لعام 1907م يحدد حقوق والتزامات السلطة المعادية التي توجد على اقليم معادٍ وهي الحالة التي تدعى اختصاراً (الاحتلال الحربي) بقولها: “يعتبر اقليم ما محتلاً لما يوجد تحت سلطة الجيش المعادي بشكل فعلي. ولا يمتد الاحتلال الا على الاقاليم التي تستقر فيها هذه السلطة وتكون قادرة على ممارسة عملها “.
فالأقاليم المحتلة حرباً بحسب هذه المادة يمكن تعريفه والحالة هذه بانه “الاقليم الذي يوجد تحت السلطة الفعلية لجيش معادٍ للدولة صاحبة السيادة الشرعية على هذا الاقليم “.
ومن تحليل المادة 42 هذه يتبين لنا ان حالة الاحتلال الحربي لا تتوفر الا بثلاثة شروط:
غزو اقليم من قبل القوات العسكرية المعادية: فإذا كانت القوات معادية وغير عسكرية نظامية (غزو سكاني مثلاً) لا يشكل ذلك احتلالاً حربياً بالمعنى القانوني، وكذلك إذا كانت القوات العسكرية صديقة لا معادية.
توقف الحكومة صاحبة السيادة الشرعية عن القدرة على ممارسة سلطتها في الاقليم بشكل منتظم.
سيطرة الجيش الغازي على الاقليم بصورة فعلية: وهذا ما يسمح لنا بالتمييز بين (الاحتلال الحربي) من جهة و(الغزو) من جهة ثانية. فالغزو يستوجب سيطرة الجيش الغازي على الاقليم المغزو وإنما هو مجرد تواجد قوات عسكرية معادية فوق اقليم دولة اخرى. اما الاحتلال فلا يوجد الا بعد سيطرة جيش الاحتلال على الاقليم المغزو بشكل فعلي وإقامة سلطته الخاصة فيه. وبكلمة اخرى فان الغزو هو حالة واقعية لا يعترف القانون الدولي للقائم به بأي صلاحيات على الاقليم المحتل، وأما الاحتلال الحربي فهو حالة ينظمها القانون الدولي بجملة من الحقوق والالتزامات التي يقررها لكل من سلطة الاحتلال من جهة والسلطة صاحبة السيادة الشرعية من جهة ثانية، وذلك بصرف النظر عما إذا كان الاحتلال عدوانياً او وقائياً او غير ذلك.
 
فقواعد القانون الدولي المعاصر تعترف للقائم بالاحتلال بجملة من الحقوق يمارسها في الاقليم المحتل ولكنه يعترف بالوقت نفسه للسلطة الشرعية بحقها في استعادة اقليمها بجميع الطرق التي تؤمن ذلك (وسائط عسكرية – دبلوماسية – سياسية …).
ومن كل هذا نستنتج ان الغزو يوجد بالضرورة في بداية كل احتلال حربي، وبعدها اما ان ينقلب الغزو الى احتلال حربي إذا نجم المحتل في فرض سيطرته على الاقليم المغزو وإقامة ادارته الخاصة فيه كما حصل في الاراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1967م، وأما ان يفشل الجيش الغازي في اقامة سلطته بشكل فعال ومنتظم فتبقى العملية في نطاق الغزو كما حصل في غزو القوات الاسرائيلية لموقع (الكرامة) الاردني عام 1968م.
 
والبت في هذه النقطة مهم من ناحيتين: –
لان القانون الدولي يعترف لجيش الاحتلال بحقوق لا يعترف بها للجيش الغازي، ويوضع على عاتق هذا الجيش بالمقابل التزامات (مثل حفظ النظام، الحماية المقررة للمدنيين …) لا يضعها على عاتق الجيش الغازي.
المادة الثانية من لائحة الحرب البرية تعطي السكان الحق بالقيام في وجه الجيش الغازي، ومحاربته بغية صده وطرده من الاقليم المغزو، فإذا سقط بعضهم في يد العدو اثناء انتفاضتهم هذه لا يجوز محاكمتهم بل يعتبرون كمحاربين وتطبق عليهم معاملة أسري الحرب.
 
وأما إذا كان الاقليم قد تم احتلاله (اي بعد انقلاب الغزو الى الاحتلال) فان النص الحرفي للمادة المذكورة يعطي الحق للعدو بعدم اعتبار من يقوم بأعمال حربية من السكان المدنيين محارباً (ومعنى هذا جواز محاكمته بالتالي على اعماله الحربية التي قام بها)، ولكن نفراً كبيراً من الفقهاء يرى ان الشعب القائم في وجه العدو يجب ان ينظر الى افراده كمحاربين، وان يعاملوا حسب صفتهم هذه، سواء كان الاقليم محتلاً من قبل العدو او لازال في حالة غزو.
 
 
 
 
 
 
مكانة القدس في الإسلام (أ.د. حنا عيسى)
 
 
عن ابن عباس مرفوعاً: ” من أراد أن ينظر إلى بقعة من بقاع الجنة فلينظر إلى بيت المقدس”. وعن أنس بن مالك”: إن الجنة لتحن شوقاً لبيت المقدس”.
لقد سجل القرآن الكريم مكانة القدس حين وضح أن الله سبحانه تعالى أسرى بعبده وحبيبه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث قال جل شأنه: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”.
والمسجد الأقصى: هو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى.” فذكرت القدس في القرآن الكريم في ست آيات قرآنية، هي:
1-الأرض المباركة: سورة الأعراف، آية (137) 2- أرض الإسراء والمعراج: سورة الإسراء، آية (1) 3- الأرض المقدسة: سورة المائدة آية (21) 4- أرض الربوة: سورة المؤمنون، آية (50) 5- أرض المحشر والمنشر: سورة ق، آية (41) 6- أرض القبلة الأولى: سورة البقرة، آية (143).
 
 
“لا تعتاد الصراخ أبدا فمن يفهمك يسمع صمتك جيدا”(أ.د. حنا عيسى)
التاريخ منجم زاخر بالحكمة التي قد تجد فيها المفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا.. فتسعون في المائة من السياسيين يعطون للعشرة الباقية منهم السمعة السيئة. لماذا؟ لأن، فن الحكم يقتضي ألا تدع الرجال يهرمون في مواقعهم. لذا، الدبلوماسيون ينفعون في الجو الصحو، لكن بمجرد ان تمطر السماء فإنهم يغرقون في كل قطرة. وعلى ضوء ما ذكر أعلاه، فان الدبلوماسية هي الفن الذي يجعلك تقول لكلب شرس يا لك من كلب لطيف حتى تجد فرصة لالتقاط قطعة من الحجر.
كانت الدولة في العهود الماضية للحكم المطلق تعتبر ملكاً خاصاً للملك الحاكم، كان الملوك والامراء ينفردون بتصريف شؤونها الهامة وبالأخص شؤون السياسة الخارجية ويجمعون في اياديهم كل ما يتصل بالسلم والحرب. وكان الملك في مملكته والامير في امارته هو السلطة العليا ذات السيادة اسمياً وفعلياً، وبهذا كانت السياسة والدبلوماسية ممتزجتين امتزاجاً كلياً، وكانت المفاوضات في مختلف الشؤون الخارجية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأشخاص الحكام. وكانت العلاقات الشخصية بين هؤلاء الحكام وصلات القرابة التي تربط الاسر الحاكمة في مختلف الدول تهيئ في الظروف الدقيقة فرصاً للتحدث في كثير من المسائل الحساسة التي كانت الحكومات تحجم عن التعرض لها في المراسلات او المحادثات الرسمية.
وباتساع نطاق العلاقات بين الدول وزيادة المشاكل السياسية والاقتصادية التي أصبح يتعين عليها مواجهتها وحلها، وما اقتضاه ذلك من انشاء ادارات خاصة للشؤون الخارجية، انتقل تصريف هذه الشؤون من بلاط الملوك الى ديوان مجلس الوزراء. وكان لهذا التغيير في مركز السلطة أثره بطبيعة الحال في تغيير الاساليب الدبلوماسية، وبالأخص عندما بدأ الرأي العام يتطلع الى مجريات السياسة الخارجية ويهتم بها، حيث أصبح لا يمكن اغفال حكمه عند رسم خطوط هذه السياسة وتقرير وسائل تنفيذها.
وأدى قيام النظم الديمقراطية الى مساهمة الرأي العام فعلاً في السياسة الخارجية واشرافه عليها. واهم مظاهر هذا الاشراف تلك السلطة المخولة للهيئات النيابية للنظر في المعاهدات والاتفاقات وضرورة موافقتها عليها قبل ان تلتزم بها الدولة نهائياً. ولهذا الاشراف ولا شك مزاياه من حيث انه يلقي الاضواء على اهم نواحي النشاط الدبلوماسي ويقطع الطريق على الدبلوماسية السرية التي قد تدبر بواسطتها امور تتعارض مع المصالح الحقيقية للبلاد او تهدد السلم الدولي. انما إذا كان لأشراف الهيئات النيابية على مجريات الشؤون الخارجية بالوضع المتقدم الميزة التي ذكرناها، فهل مؤدي هذا ان مساهمة عامة الشعب الذين تمثلهم هذه الهيئات في تلك الشؤون عن طريق ابداء وجهة نظرهم او لاستطلاع رأيهم فيها من الامور المفيدة او المرغوب فيها؟ يرى بعض امثال “كاننج” ان الرأي العام أصبح شيئاً لا يمكن اغفاله وانه ينبغي دفعه الى الامام والاستفادة منه. لكن الكثير من الدبلوماسيين وعلى رأسهم “ميترنيخ” يرون في مساهمة الجمهور في الاحاطة بالسياسة الخارجية وفي ان يكون له رأي فيها خطورة كبرى، لأنه يندر ان يستطيع عامة الشعب تبين المصلحة الحقيقية للبلاد ازاء موقف او حالة معينة، فهم يجهلون مدى ارتباط هذه المصلحة بظروف واعتبارات تخرج غالباً عن نطاق تقديرهم، كما انهم كثيراً ما يندفعون في اتجاه ما تحت تأثيرات عاطفية ويسيرون طوعاً وراء توجيهات مضللة.
 
 
 
القانون الدولي يعترف صراحة بمشروعية حركات المقاومة
بقلم : الدكتور حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
إن القانون الدولي اعترف صراحة بحركات المقاومة المنظمة كهيئات دولية مشروعة واعترف بكل حقوق المحاربين وأكثر من ذلك فقد اعترف للشعب القائم في وجه العدو وحتى ولو لم يكن منظما بنفس الحقوق.
 
فحركات المقاومة الشعبية المنظمة تخضع إلى نفس القواعد التي تحكم الحرب البرية في القانون الدولي اتفاقية لاهاي لعام 1907 م ولائحة الحرب البرية المرفقة بها واتفاقية جنيف المعقودة في 27/تموز/1929م واتفاقيات جنيف الأربع المعقودة في 12/آب/1949م والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م.
 
ويخضع الأطراف المختصون في هذه المواثيق الدولية المذكورة أعلاه من حيث الالتزام والتنفيذ والمسؤولية إلى ذات القواعد المحددة للمخالفات والعقوبات فيها والى قواعد العقوبات الأخرى المدونة في تصريح موسكو لعام 1943م واتفاقية لندن لعام 1945م وأحكام محكمة نورمبرغ الدولية وميثاق هيئة الأمم المتحدة .
 
يقول بورتاليس الحرب هي العلاقة بين دولة ودولة وليست صراعا بين مواطني هاتين الدولتين لان حالة العداء تقوم بين الدولتين المتحاربتين أصلا ولا تقوم بين مواطنيها إلا بشكل عرضي وبصفتهم مدافعين عن الدولة الخصم لا بصفتهم من مواطنيها.
 
وفي مدونته الخاصة بالقانون الدولي صاغ الفقيه الألماني بلونتشلي هذه القاعدة الهامة منذ أكثر من قرن بالعبارة التالية ” الحرب هي علاقة بين الدول وليس بين الأفراد . الدول المتحاربة هي متعادية بالمعنى الدقيق للكلمة. مواطنو هذه الدول ليسوا أعداء لا فيما بينهم ولا بالنظر إلى الدولة الخصم.
 
وانطلاقا من هذا المفهوم الخاص لعلاقة العداء يجب أن يحاول الطرفان المتحاربان ألا يحملا الضرر لمواطني الخصم إلا ضمن أضيق الحدود وفي ما لا يمكن تجنبه . وتقوم كل دولة بالحرب ضد الأخرى مستخدمة بعض وسائطها البشرية والمادية . وهذا القسم من الوسائط البشرية والمادية الذي يستخدم في الحرب هو الذي يتمتع الخصم بحق استخدام وسائل العنف والتدمير ضده.
 
وأما بقية الوسائط البشرية والمادية التي لا تستخدم في الحرب (مثل المواطنين المدنيين والأملاك الخاصة ) فيجب أن يحاول الخصم عدم المساس بها ما أمكن ذلك. وبكلمة أخرى يمكن القول انه يوجد في كل دولة من الدول المتحاربة مواطنون محاربون وهم أفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم . ومواطنون غير محاربون وهم المواطنون المدنيون ومن حكمهم (مثل الشيوخ والنساء والأطفال والعجزة .. الخ).
 
ومن اصل هذه الفئات جميعا لا يحق للعدو أن يوجه وسائط قتلة وتدميره إلا تجاه فئة المقاتلين فقط , وبالمقابل لا يحق لغير هؤلاء المقاتلين مبدئيا أن يشتركوا في الحرب ضد العدو وذلك لئلا تعود الحرب من جديد صراعا بين الأفراد لا بين الدول فقط . وبالرغم من اختلاف المعاملة بين فئتي المقاتلين وغير المقاتلين من أفراد القوات المسلحة, فان المادة الثالثة من لائحة الحرب البرية قد أعطت الفئتين الحقوق الممنوحة لأسرى الحرب إذا سقطوا في أيدي العدو , حيث تنص المادة على أن القوات المسلحة للأطراف المتحاربة يمكن أن تتشكل من مقاتلين وفي حال الأسر من قبل العدو, يتمتع هؤلاء وأولئك بمعاملة أسرى الحرب .
 
وأما غير المحاربين كالمواطنين المدنيين مثلا فلا يحق لهم مبدئيا الاشتراك في أعمال العداء ضد العدو وذلك مقابل أن يحاول العدو جهده وعدم المساس بهم في عملياته العسكرية ضد المحاربين.
فقوانين وحقوق والتزامات الحرب لا تطبق فقط على الجيش ولكن أيضا على الميليشيات ووحدات المتطوعين الذين تتوفر فيهم الشروط التالية:-
يكون لهم رئيس مسئول.
أن يحملوا علامة مميزة ظاهرة.
أن يحملوا سلاحهم علنا.
أن يلتزموا في نضالهم بقوانين وأعراف الحرب.
 
وقد جاءت هذه الشروط الأربعة لأول مرة في ( تعليمات الجيش الأمريكي)التي وضعها العالم فرانسيس ليبر للرئيس أبراهام لنكولن سنة 1863م ثم تكررت في مشروع بروكسل لعام 1874م وفي وجيزا وأكسفورد لعام 1880م قبل آن تنص عليها المادة الأولى من لائحة الحرب البرية لعام 1899م ثم لعام 1907م.
 
وإذا توفرت هذه الشروط المذكورة أعلاه في أي منظمة عسكرية أو شبه عسكرية فان هذه المنظمة تتمتع بنفس المعاملة المقررة للقوى المسلحة (وان كان أفرادها ليسوا بالأصل عسكريين محترفين) وذلك مهما اختلف الاسم المعطى لها.
 
حيث في هذا المجال يقول بلونتشلي بوضوح أن وحدات المتطوعين يجب أن تعامل كجنود العدو النظاميين لما يكون أفرادها منظمين بصورة عسكرية ويقاتلون لأجل أهداف سياسية حتى لو كان ذلك بدون موافقة صريحة من الدولة التي يتبعون لها.
 
والغاية من الشروط الأربعة المذكورة أعلاه هي أن يتمكن الخصم تمييز المحاربين من غير المحاربين والاحتراس بالتالي من رجال المقاومة والثوار طالما أنهم اختاروا الانسلاخ من زمرة غير المحاربين لينضموا إلى زمرة المحاربين من جهة والتمييز بين زمر الثوار التي تقاتل العدو وبدافع من وطنيتها وعصابات الأشقياء التي تقاتله بدافع السلب والنهب من جهة ثانية .
 
وقد كان فقهاء وشراح القانون الدولي في أوائل هذا القرن يرفضون الاعتراف بصفة المحاربين لجماعات المقاتلين الثوار إذا كان أفرادها لا تتوفر فيهم هذه الشروط الأربعة وكان يعطون للسلطة المعادية التي تضع يدها عليهم الحق في أن تعتبرهم من قبيل المقاتلين غيلة ويترتب على ذلك عدم تطبيق مبادئ أسرى الحرب عليهم ومعاملتهم بقسوة تتناسب مع درجة الضرر الذي سببوه لها .
 
ولما عمت الحرب التحريرية العالم خلال الحرب العالمية الثانية وما بعدها نازع عدد كبير من فقهاء القانون الدولي الجدد في واقعية هذه الشروط الأربعة وخاصة فيما يتعلق بالشرطين الثاني والثالث منها إذ كيف يعقل أن نطلب من العدائي أو الثائر أو المقاوم المرسل بمهمة سرية تفجير مخزن أسلحة مثلا أن يميز نفسه بشارة خاصة أو أن يحمل سلاحه بشكل ظاهر في ارض يحتلها جند العدو مع علمنا الأكيد أن في ذلك هلاكه المحتم ؟ لذلك نجد انه بالرغم من أن اتفاقيات جنيف لعام 1949م قد تبنت هذه الشروط الأربعة ( مع بعض الضمانات التي منحتها للثوار في المادة الثالثة ).
 
فان الفقه والتعامل الدوليين قد اسقطا من الاعتبار الشرطين الثاني والثالث من هذه الشروط واكتفيا بان يكون هؤلاء المقاتلون منظمين وتابعين لقيادة مسئولة (الشرط الأول) وان يلتزموا في نضالهم بقوانين وأعراف الحرب (الشرط الرابع ) لكي يستحقوا صفة محاربين ويصبح لهم الحق بمعاملتهم كأسرى حرب إذا سقطوا في أيدي العدو .
 
وقد تبنى الفقيه السويسري بول جوجنهايم رأيا في معرض معاملة الثوار حيث يقرر انه يحق لجماعات الثوار أن يأخذوا صفة المحاربين إذا كان شن الحرب أمرا في مقدرتهم وإذا أقاموا نظاما قانونيا يخضع للنظام القانون الدولي مباشرة .
 
إذن فقد جرت الدول الأعضاء والأعراف الدولية منذ القرن التاسع عشر على اعتبار القوات المتطوعة والشعب القائم في وجه العدو حركات مقاومة شعبية منظمة واعتبرت أفرادها بحكم المحاربين وقضت لهم بكل حقوق المحاربين عند الوقوع في الأسر أو عند الإصابة بالجراح . وعلى هذا أيضا جرى اجتهاد الفقه الدولي وإجماع شراح القانون الدولي .
 
إذن بعد كل ما تقدم أعلاه فحركة المقاومة الفلسطينية منسجمة كل الانسجام مع جميع الشروط اللازم توفرها لحركات المقاومة بمقتضى المادتين الأولى والثانية من لائحة لاهاي للحرب البرية لعام 1907 والمادة الرابعة من الاتفاقية الثالثة من اتفاقية جنيف لعام 1949م .
 
وهي تبعا لذلك حركة مشروعة يجب اعتبار أفرادها في حكم القوات النظامية بالنسبة للقانون الدولي ويجب امتداد صفة المحاربين إلى أسراهم وجرحاهم لان التقيد بالتزام قوانين الحرب من قبل حركة المقاومة الفلسطينية كان شرطا أساسيا من شروط شرعيتها وقانونيتها وتمتعها بحقوق المحاربين .
 
 
 
الوضع القانوني للمعابر الفلسطينية
 
بقلم: د. حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي
 
تعد الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في فلسطين أراض محتلة من وجهة نظر القانون الدولي، لمخالفة المبادئ العامة والقواعد الآمرة في القانون الدولي التي لا يجوز حتى الاتفاق علي مخالفتها بذلك يكون الأساس القانوني الذي قام عليه ما يطلقون عليه (الدولة العبرية أو اليهودية أو الإسرائيلية) باطل طبقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي، أهمها تحريم الاستيلاء علي أراضي الغير بالقوة، لذلك وطبقا للقاعدة الآمرة في القانون التي تنص علي (ما بني علي الباطل فهو باطل) فقيام دولة خلاف الدولة الفلسطينية علي الأراضي الفلسطينية باطل طبقا للقانون الدولي.
 
بالتالي تنطبق علي الأراضي الفلسطينية أحكام لائحة اتفاقية لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، لذلك يظل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولاً مسؤولية كاملة عن حفظ الأمن والنظام داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بصفتها قوة احتلال لا تزال تسيطر على المناطق التي تتم إدارتها مدنياً من قبل السلطة، دون أن يعفي الاحتلال الإسرائيلي من مسئوليتها القانونية طبقا للقانون الدولي.
 
وبما أن المعابر تقع علي الحدود الدولية بين الدول، لذلك فإدارتها والإشراف عليها جزء من ممارسة الدولة لسيادتها علي إقليمها، فالاعتداء علي هذه المعابر أو والتحكم فيها بالإدارة أو الإشراف بدون حق، يعتبر اعتداء علي سيادة الدولة، ولا يجوز التفريط إدارة ولأشراف على المعابر أو التفريط في الدفاع عنها، وتطبيقاً وترتيباً علي ما سلف واعتبار إسرائيل قوة احتلال في الأراضي الفلسطينية، فأنها تكون قوة احتلال في الضفة الغربية وغزة، وطبقا للقاعدة القانونية الآمرة في القانون الدولي التي تنص علي أن (الاحتلال لا ينقل السيادة علي الأراضي المحتلة)، وبما أن إدارة والإشراف على المعابر يعتبر جزء أصيلاً من السيادة، بذلك كافة اتفاقيات المعابر بين مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل باطلة طبقاً لما سلف وإضافة لقانون المعاهدات الدولية لعام 1969م، لأنها فيها تنازلات إقليمية عن جزء من سيادة الدول، كما أنها تمت تحت استخدام السلاح والتهديد به، وقد نص القانون السابق على بطلان معاهدات الصلح التي تؤدي إلى تنازلات إقليمية في المادة (52) منه التي تنص على (تعتبر المعاهدة باطلة بطلاناً مطلقاً إذا تم إبرامها نتيجة التهديد باستعمال القوة واستخدامها بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الواردة في ميثاق الأمم المتحدة)، ومما لا شك فيه أن معاهدات الصلح بين العرب إسرائيل واتفاقيات المعابر تدخل في دائرة البطلان المطلق المنصوص عليه في هذه المادة لأنها تبرم تحت تهديد باستخدام القوة مخالفة بذلك المبادئ العامة في القانون الدولي أي القواعد الآمرة في القانون الدولي العام، وكذلك مبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة وهذا ما نصت عليه المادة (53) من قانون المعاهدات والتي تنص على أنه:
 
(تعتبر المعاهدة باطلة بطلاناً مطلقاً إذا كانت وقت إبرامها تتعارض مع قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام، وتعتبر قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي العام كل قاعدة مقبولة ومعترف بها من الجماعة الدولية كقاعدة لا يجوز الإخلال بها ولا يمكن تغييرها إلا بقاعدة لاحقة من القواعد العامة للقانون الدولي لها ذات الصلة)، وتطبيقا لهذه المادة فإن كل معاهدات الصلح واتفاقيات المعابر المبرمة بين مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل تعتبر باطلة طبقا لهذه المادة.
 
 
 
 
 
 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *