الرئيسية / الآراء والمقالات / د سالم سرية يكتب : من أراضي العرب المغتصبة الاوغادين -الجزء الاول-

د سالم سرية يكتب : من أراضي العرب المغتصبة الاوغادين -الجزء الاول-

151632953_5330524196988375_7382758064906992291_n

من أراضي العرب المغتصبة
الاوغادين  -الجزء الاول-
د سالم سرية: اكاديمي وكاتب (فلسطين)
عروبة الصومال:  يرى “حسين عبد الله بُلحن” أن الهوية الصومالية من جذور عربية تتحكم فيها ثقافة القبيلة وتراثها وتقاليدها مع إقراره بوجود أقليات من هويات أخرى .(1)
و يقول فوزي مكاوي:وان كثير من المظاهر والمعالم والاستنتاجات كما يراها علماء الحفريات والاثارترى انهم عرب نزحوا الى القرن الافريقي بعد ظهور الجفاف في الجزيرة العربية . (2)
ويفتخر الصوماليون بانتسابهم إلى القبائل العربية التي انحدرت من شبه الجزيرة العربيةوخاصة من قريش. كما يفتخرون بأنهم يشكلون مجتمعا واحدا موحدا بالدين واللغة والتقاليد وإن كان هناك عدة لهجات محلية مختلفة فالاثر الحافز والموحد للتأثير العربي الاسلامي كان أكبر على الصوماليين منه على أي شعب آخر من شمالي أفريقيا، فقد أصبح الاسلام عامل توحيد في الحضارة الصوماليةوعندما ضعف أمر الدولة الاسلامية خف سلطانها على الاقاليم البعيدة عنها فنشأت عدة إمارات محلية حكمها شيوخ القبائل .  وقد تم انضمام الصومال إلى جامعة الدول العربية، واصبحت عضوًا فيها في 14 فبراير عام1973م.  (3)
اقليم الاوغادين:  نتيجة للمساعدات التي قدمتها اثيوبيا الى بريطانيا اثناء حملتها العسكرية للقضاء على الثورة المهدية في السودان، تنازلت بريطانيا عن أقليم الصومال الغربي (اوغادين) الى اثيوبيا بمقتض معاهدة (١٨٩٧)وفي أيلول ١٩٤٨ ، تنازلت بريطانيا لأثيوبيا عن مسؤولية الاشراف الاداري على اوغادين  .
يتكون اقليم الصومال الغربي (اوغادين) من مقاطعات عديدة اهمها (هرر، وسيدأموا، وباله) وجميع هذه المقاطعات تقع غرب الصومال وسكانها هم صوماليون ومعظمهم من البدو الرحل   . وهو أقليم شبه صحراوي تبلغ مساحته  327الف  كم٢ويقطنه 5 ملايين نسمة (حسب احصاء 2012) وما يتميز به الاقليم هو تنوع  المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية كما انه غني بالنفط وكثير من المعادن كالذهب والفضة والنحاس والميكا والقصدير . (4)
ومع نهاية عام ١٩٦٩ طرأت عوامل جديدة أدت الى حدوث تغيبر فى ميزان القوى والى تصاعد النزاع بين أثيوبيا والصومال، ففى الصومال حدث انقلاب عسكري يوم الثالث تشرين الثانى عام ١٩٦٩ قاده الجنرال محمد سياد بري  حيث سيطر قادة الجيش على الحكم وتم اعلان النهج الماركسي اللينيني سياسة للصومال وسارعت الحكومة الجديدة بقيادة سياد بري الى التوجه نحو الاتحاد السوفيتي طالبين الدعم والمعونة في مواجهة الدعم الأوربي والأمريكي لاثيوبيا، واعتبر السوفيت أن النظام الجديد يمثل  فرصة ثمينة لهم للتغلغل في هذه الدولة ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة ٠ومند ذلك الحين ركز السوفييت علاقاتهم بمنطقة القرن الأفريقي وعلى الصومال خاصة وتمثل ذلك بعقد اتفاقية عسكرية معها في مطلع عام ١٩٧٠ لتدريب وتجهيز قواتها واتفاقية أخرى في أيلول عام ١٩٧٤، وبموجب هده الاتفاقيات أضحت القوات الصومالية من أقوى وافضل القوات العسكرية في افريقيا  والمجهزة بأسراب طائرات حديثة، وفى المقابل حصل السوفيت على تسهيلات عسكرية فى ميناء بربرة الصومالي القريب من المدخل الجنوبى للبحر الأحمر . (5)
وفى الوقت نفسه شهدت أثيوبيا تحولات لا تقل أهمية عما حدث فى الصومال، ففى شباط ١٩٧٤ شهدت الإمبراطورية ١لأثيوبية حركة تمرد عسكري أدت في النهاية الى عزل الامبراطور هيلاسيلاسى، وقيام حكم ماركسي لينيني يوم١٢ ايلول ١٩٧٤   بقيادة   منغستو هيلا مريام  وخلال هده الفترة تصاعد القتال فى اقليم ارتريا المحتل ضد الوجود الأثيوبي والذي كان يستنزف قدرات عسكرية واقتصادية هائلة من الحكومة الأثيوبية.
لقد كانت الحكومة الصومالية متفائلة من وصول منغستو مريام  للسلطة فى أثيوبياوالذي رفع راية النهج الماركسي اللينيني ايضا اضافة للدعم الذي يحظى به الطرفان من الاتحاد السوفيتى، ودفعت كل هده العوامل الحكومة الصومالية الى الاعتقاد بان الوضع الجديد من الممكن ان يؤدي الى حل جذري لمشكلة الاوغادين. إلا ان التفاؤل الصومالي سرعان ما تبدد مع رفع الحكومة الأثيوبية راية التشدد المطلق تجاه الحركات الانفصالية في ارتيريا والاوغادين، واعلنت انها ستسحق هذه الحركات بقوة السلاح .(6)
ومع بداية عام ١٩٧٥ تعرضت الإستراتيجية السوفيتية الى اختبار جدي في منطقة القرن الأفريقي، لاسيما بعد  وصول منغستو مريام الى السلطة في اثيوبيا  ألا أن مشاكل الحدود بين أثيوبيا والصومال ولاسيما مشكلة اوغادين كانت حجر عثرة إمام أي تطور للعلاقة بين الدولتين من جهة والاتحاد السوفيتي من جهة أخرى .وقد حاول الاتحاد السوفيتي المحافظة على العلاقات الإستراتيجية مع الدولتين على الرغم من التعارض والتناقض في مصالح كل دولة، فقام الرئيس السوفيتي بودجورني  في آذار  1977بزيارة الصومال ثم اثيوبيا، وحاول التوسط لحل الخلاف الحدودي وعرض على الصومال  تجميد مطالبه  في الاوغادين، وإقامة اتحاد  فيدرالي بين الصومال واثيوبيا واليمن الجنوبي، لكون هذه الدول تطل من الغرب والشرق على المدخل الجنوبي للبحر الاحمر، وتحد مضيق باب المندب من جانبيه، وهو الحل الدي طرحه الرئيس الكوبي فيدل كاسترو عندما زار المنطقة في آذار ١٩٧٧اثناءالاجتماع برئيس اليمن الجنوبي سالم الربيع، والرئيس الصومالي محمد سياد بري، ومنغستو هيلا مريام . إلا أن الحكومة الصومالية رفضت تلك الوساطات وطالبت الاتحاد السوفيتي بتقديم الدعم السياسي لمطالب الصومال الحدودية غير أن الاتحاد السوفيتي بدأ بتقديم المساعدات العسكرية لاثيوبيا عن طريق ليبيا، كما قدمت كل من كوبا واليمن الجنوبي مساعدات عسكرية إلى أثيوبيا  لذلك قرر الصومال في ١٣ تشرين الثاني 1977 طرد الخبراء السوفيت وإلغاء معاهدتي الصداقة السوفيتية الصومالية لعامي 1970  و 1974   وبذلك فقد الصوماليون الدعم السوفيتي الدي اتجه بكل ثقله إلى أثيوبيا وبدأ الخبراء السوفييت والكوبيون يعملون مع القوات الأثيوبية لاسيما بعد قيام أثيوبيا في نيسان١٩٧٧ بقطع علاقتها مع الولايات المتحدة وكانت هذه فرصة للسوفييت والكوبيين لطرح أنفسهم بديلا عن طريق تقدم المساعدات العسكرية والاقتصادية للنظام الجديد في اثيوبيا فقد بلغ عددهم في صفوف الجيش الأثيوبي(17000ضابط وجندي كوبي و ٣٠٠خبيرعسكري سوفيتي) ، وكان لتلك المساعدات اثر كبير على الأوضاع العسكرية في منطقة الاوغادين.وبفضل ذلك كله شنت القوات الأثيوبية هجوما عسكريا في بداية عام 1978استطاعت فيه أن تسترد سيطرتها على منطقةالاوغادين   بعد ان تمكنت جبهة تحرير الصومال الغربي  عام 1977؛ من تحقيق انتصارات مهمة على النظام الاثيوبي اعلنها زعيم جبهة تحرير الصومال الغربي عبدالله حسان محمود حيث تم تحرير 100 مدينة والسيطرة على 90% منها.ولكنها عادت الى اثيوبيا بفضل جنود كاسترو   ونائب قائد القوات البرية السوفياتية الذي كان مشرفا على المعارك في اوغادين اضافة الى دعم اليمن الجنوبي الماركسي  . (7)
وبعد أن استولت إثيوبيا على أراضي أوغادين ما زالت تمارس كل صنوف الاضطهاد طوال أكثر من قرن ضد الأبرياء: من قتل وتعذيب، وتشريد وتهجير، وتجويع وتجهيل، وإبادة جماعية، وتصفية عنصرية، وتطهير عرقي. وكل هذه الأساليب الوحشية لا تزال مستمرة حتى اليوم.
الهوامش
1- بُلحن, عمر أينو وحسين، موقع جامعة لندن: مناظرة حول الهوية الصومالية ووضع الأقليات، انظر الرابط التالي (تاريخ الدخول: 17 ديسمبر/كانون الأول 2015
https://www.youtube.com/watch?v=kRfIUpJGUn8.&nbsp
2- فوزي مكاوي ؛ الصومال في العصور القديمة – المسح الشامل اجمهورية الصومال الديمقراطية؛ بغداد- معهد البحوث والدراسات العربية 1982ص ص93-94
3-https://www.cia.gov/library/abbottabad -compound/1A/1AFE74FD4C0281E64E254599C51222D6_2007-2.pps.pdf
4-https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%BA%D8%A7  %D8%AF%D9%8A%D9%86
5- سعيد شخير سوادي – إقليم الصومال الغربي  (اوغادين) وواجهات الصراع الصومالي – الإثيوبي . جامعة واسط – كلية التربية-قسم التاريخ .
6 –سميرة عبدالرزاق عبدالله- النزاع الصىومالي – الأثيوبي حول الاوغادين  1960-1978–جامعة بغداد -مجلة كلية التربية للبنات-المجلد26 (1) 2015
-7-عمار فاضل حمزة –مجلة اداب ذي قار عدد2 مجلد 1 كانون الاول2010
دور الاتحاد السوفياتي في النزاع الصومالي الاثيوبي حول اوغادين1977-1978
مزيد من التفاصيل في :
https://www.youtube.com/watch?v=vAr-Bl9Cu1I   –  8-
https://www.youtube.com/watch?v=q2_1zh15njI  9-

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

كاتب ومحلل سياسي 

دكتوراة في القانون العام جامعة محمد الخامس المغرب 
محاضر في جامعة الأزهر - فلسطين

إبراد إبراهيم ابراش يكتب : الانتصار الذي تسعى له حركة حماس

الكاتب إبراهيم ابراش الانتصار الذي تسعى له حركة حماس بعد أن ساعدت حركة حماس إسرائيل، …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *