الرئيسية / تحقيقات و حوارات / فلسطين / نساءٌ في الولجة يُعدن تدوير النفايات الخشبية إلى مشغولات فنية ويُنشئن حدائق منزلية

فلسطين / نساءٌ في الولجة يُعدن تدوير النفايات الخشبية إلى مشغولات فنية ويُنشئن حدائق منزلية

860x484

فلسطين / نساءٌ في الولجة يُعدن تدوير النفايات الخشبية إلى مشغولات فنية ويُنشئن حدائق منزلية
 
بيت لحم- / الصباح / روان الأسعد- في قرية الولجة الصغيرة الواقعة بين بيت لحم والقدس نساء جسّدن الصمود الفلسطيني للبقاء على الأرض، بالرغم من التحديات الاحتلالية، بمشروع صغير مقاوم للاحتلال، يروي قصتهن التي تؤكد إرادتهنّ لغرس الأمل والتخطيط للمستقبل.
 
مشروعٌ صغير بدأ بأدوات يدوية بسيطة من مفك ومطرقة وبراغي ومسامير وغيرها، وصولاً إلى إنشاء حدائق منزلية لتشكل اكتفاء ذاتياً في الولجة، والتمرد على النمطية، واقتحام سوق العمل بمَشغل لإعادة تدوير النفايات الخشبية والبلاستيكية وتحويلها إلى تُحف مميزة، من أجل تعزيز صمود السيدات في القرية المحاصرة بالاستيطان والجدار من جميع جهاتها، والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية.
 
“القدس” التقت لبنى الحجاجلة، وهي إحدى المشاركات في هذه المبادرة منذ بدايتها، وتقول: إن الفكرة وُلدت من حبنا وارتباطنا بالأرض، فهي جذورنا التي تربطنا بقريتنا حتى نبقى متمسكين بها وقادرين على المقاومة، ولا نتركها للمستوطنين، وانبثقت فكرة الزراعة وإعادة تدوير المنتجات عديمة الفائدة، وتحويلها إلى أعمال فنية، إضافة إلى دمج نساء قرية الولجة للعمل معاً على أمرٍ عمليٍّ يكون في الوقت نفسه صالحاً لخدمة المجتمع بأكمله، والأهم من ذلك أنّ زراعة الأرض في مكانٍ لا يُسمح لنا بالبناء فيه تُعبر عن الأمل في حد ذاته، وتثبت أن هذه الأرض هي أرضنا، وأننا لن نُطرد منها أبداً، خاصةً أنّ قريتنا محاصرة بالاستيطان والجدار من جميع جهاتها، ولإثبات أننا أصحاب حق وقضية ولسنا ضحايا.
 
تواصل لبنى حديثها بالقول: البداية كانت قبل أربع سنوات، إذ بدأت الفكرة من منطلق أننا كسيدات نريد أن نخفف من النفايات الصلبة التي كانت عبئاً على المجلس القروي في قرية الولجة، فكان لدينا كسيدات حلم بأن نعمل على تخفيف هذه النفايات.
 
هكذا تكوّنت الفكرة وبدأت ترجمتها
 
وتضيف: كنا تسع سيدات في النادي النسوي في الولجة، ومن خلال التفكير في مشروع يساهم في تعزيز صمود السيدات في القرية المحاصرة بالاستيطان والجدار من جميع جهاتها قررنا القيام بمشروع إعادة تدوير النفايات الخشبية والبلاستيكية، يعود بالنفع والفائدة، ويُحقق الهدفين معاً؛ التخلص من النفايات، وتعزيز الصمود النسوي، وكانت البداية من خلال مشروع إعادة تدوير النفايات في إنشاء حدائق منزلية، وإعادة السيدات للأرض وزراعتها بعد عزوفهن عنها بسبب سرقتها من الاستيطان.
 
وتتابع: بدأت الفكرة مع مؤسسة “كولاف” الألمانية التي كانت توثق انتهاكات الاحتلال، وتعزز صمود الأهالي في القرية، والتي قررت مساعدة النساء بفكرة تعزيز الصمود، حيث التقى وفد من المؤسسة إحدى زميلاتنا بالمجلس القروي صدفةً، وبالرغم من أن عمل المؤسسة يقتصر فقط على توثيق انتهاكات الاحتلال، طرحنا الفكرة عليها، وطلبنا منها كسيدات مساعدتنا بالمشروع.
 
وتقول لبنى: في البداية كانت هناك صعوبة كبيرة، لأنّ طلبَنا مختلف عن مجال عمل المؤسسة، ولكن عندما عُرضت الفكرة على المؤسسة الأُم في ألمانيا لاقت فكرتنا إعجابها الشديد، وبعثت لنا مدرباً ليدربنا على كيفية إعادة تدوير الخشب والإطارات، وكان المشروع أن نعمل على حديقة نموذجية ونحن نتعلم، وكان علينا اختيار حديقة واحدة، اخترناها بالقرعة، لنعمل مع سيدة واحدة، ونتعلم معاً نحن التسع بهذه الحديقة، وعندما شاهدت المؤسسة الجدية والالتزام والحب لما نقوم به قررت تمويل الحدائق التسع للسيدات جميعاً، وهكذا بدأنا نعمل معاً في الحدائق المنزلية الخاصة بكل سيدة من إعادة التدوير، وعملت المؤسسة على تأمين مبالغ بسيطة للاحتياجات التي لا يمكن تدويرها، كالدهان والبراغي والمسامير وغيرها.
 
وتضيف: عملنا يداً واحدة، فقد كنا نلتقي أُسبوعياً عند السيدة التي نعمل في حديقتها، وهي تكمل باقي الأيام مع عائلتها إلى الأُسبوع الذي يليه حتى أنهينا الحدائق التسع.
 
وتواصل لبنى: خلال هذه الفترة زارتنا جمعية تنمية المرأة الريفية، وأعجبتها الفكرة التي عملنا عليها كثيراً، فقررت أن تدعم تسع عشرة حديقة منزلية بنفس المشروع، لأنها فكرة جديدة من ناحية بيئية وصحية ومن ناحية الأمن الغذائي، فقد زرعنا وعمّرنا أراضينا بمزروعات مختلفة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لعائلاتنا.
 
افتتاح المشغل وكتاب “الحياة مقاومة”
 
وتشير إلى أنه “مع هذا المشروع انتقلت خمس سيدات للتدريب المتقدم على الآلات الثقيلة في مشغل ببيت ساحور على يد مديره علاء الحلو، فدربنا على آلات النجارة الكبيرة والخطرة، كالرابوخ والمنشار، أما مشروع الـ١٩ سيدة فنحن قمنا بتدريبهن على إعادة التدوير واستغلال الحدائق المنزلية، فكنا أربع سيدات، مدربتَين، ومساعدتَين، وقد علّمنا السيدات على عمل الكراسي والطاولات وأحواض الزراعة والخشب وصناعة الكراسي من إطارات المركبات، وكنا بالتوازي نتدرب على الآلات الثقيلة وندرب السيدات.
 
وتقول: بعد ذلك افتتحنا مشغلنا، ودعمتنا المؤسسة الألمانية بالآلات الثقيلة، مثل الرابوخ والمنشار وكل الأدوات اللازمة للنجارة، وبدأنا ننتج ونسوق عبر صفحة للمشغل على الفيس بوك والإنستغرام أسميناها “الرويسات للفنون الخشبية”، والآن نحن خمس سيدات نعمل على الآلات الكبيرة، وانضمت إلينا سيدتان جديدتان قمنا بتدريبهما للعمل على الآلات الكبيرة.
 
وتواصل لبنى حديثها: بعد إرسال مدرب الماني لتعليمنا كيفية إعادة التدوير واستغلال الحدائق المنزلية بالزراعة، لاقت الفكرة بعد أن تمت ترجمتها إعجاب أهالي القرية، وبالرغم من أنّ المشروع بدأ بالمواد البسيطة، وانتقلنا للأخشاب وإعادة تدويرها، ومن ثم إلى الإطارات، فإننا استطعنا إنجاز مشروع الحدائق المنزلية، وقمنا بتصوير إنجازاتنا ووضعها في كتاب حمل عنوان “الحياة مقاومة”، وتم إطلاقة بمساعدة المؤسسة الألمانية.
 
وتضيف: ثم سافرنا (السيدات الخمس) إلى ألمانيا للحديث عن تجربتنا ورواية قصتنا للألمان لتعريفهم بأن مشروعنا رسالة مقاومة وصمود وتحدٍّ للاحتلال، وأن النساء الفلسطينيات قادرات على التحدي والصمود والإبداع في بيوتهن وفوق أرضهن، وأنهن قدوة للنساء في كل العالم.
 
وتواصل: بعد أن تعلّمنا مهارات إعادة تدوير النفايات الخشبية والبلاستيكية وعمل تحف فنية صغيرة وكبيرة، وقمنا بإنشاء المشغل بدأنا خطواتنا الجدية لتحقيق هدفنا في إنتاج التحف بأشكالها المختلفة ونحتها يدوياً، وإدخال اللمسات الفنية عليها، ما يحقق لنا مكسباً مادياً، وفي الوقت ذاته يحافظ على البيئة ويخفف من النفايات فيها، خاصة الأخشاب، ثم بدأنا تطوير قدراتنا من خلال التدريب على الآلات الثقيلة والخطرة من خلال مدرب خارجي، وجلبنا معدات أكبر وأكثر لتوسيع العمل.
 
ديكورات وإكسسوارات من “المشاتيح” المعاد تدويرها
 
وتقول لبنى: في الوقت الحالي نعمل على الديكورات الخشبية والإكسسوارات من المصاطب الخشبية “المشاتيح” المدوَّرة، وليس الخشب النظيف، لأن هدفنا الأساسي هو إعادة التدوير، كما قمنا بالتقدم إلى جمعية الشابات المسيحية وطلبنا منهم شراء آلة ليزر لتكمل لنا عملنا حتى نستطيع قص وإنتاج وصناعة القطع الصغيرة، وبالفعل قامت الجمعية بتزويدنا بها، ونحن نعمل عليها حالياً، ليكون لدينا بذلك خطان إنتاجيين: الأول من المصاطب الخشبية لصناعة الأثاث والقطع الكبيرة والقواقير، وأي تصميم يطلبه الزبائن نقوم بتنفيذه، كما نعمل على إصلاح ماهو تالف عند الزبائن، إضافةً إلى خط الإنتاج الثاني باستخدام الليزر لعمل توزيعات الأعراس والأعياد والمواليد وتحف ليوم الأُم والحب وأسماء وغيرها من الأشغال المنوعة.
 
وتضيف: كلنا ربات بيوت ونعمل من أجل مساعدة عائلاتنا، وفي البداية كان المشروع مدراً للدخل، لكن للأسف مع جائحة كورونا نحن الآن نحاول أن نُغطي فقط المصاريف التشغيلية حتى يبقى المشروع قائماً، ولا نزال حتى الآن متطوعات، لا نأخذ أيّ أجر، خاصةً أن المؤسسة الألمانية خرجت من المشروع بعد تزويدنا بالمعدات.
نقلا عن جريدة القدس الفلسطينية

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

received_7520320228035389

حوار قبل الاستشهاد مع الشهيد… الأسير المحرر / عوض غالب السلطان

الشهيد … الأسير المحرر / عوض غالب السلطان. ارتقى شهيدا في القصف الصهيوني الغادر على مخيم …

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *