عدلي صادق: عدلي صادق : ما العمل بتاريخ الثلاثاء 31 يناير 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
 ما العمل 2 من 2 عدلي صادق
يُرجح المراقبون في إسرائيل، أن لا تتعرض حكومة
ما العمل 2 من 2 عدلي صادق يُرجح المراقبون في إسرائيل، أن لا تتعرض حكومة نتنياهو لأية تصدعات، قبل الموعد الطبيعي المقرر لانتخابات "الكنيست" في العام 1013. ذلك لأن كل ما يجري، يخدم على الصعيد الداخلي رئيس الحكومة وكل أطراف ائتلافه المتطرف. بل إن أحزاب هذا الائتلاف ـ حسب الاستطلاعات ـ ستحظى بالعدد نفسه من المقاعد، في أية انتخابات مقبلة على المديين القريب والمتوسط، مع تغيير طفيف في حصص المقاعد. بالتالي فإن نتنياهو ومن معه، لا يفكرون في الذهاب الى انتخابات مبكرة، ولا الى مفوضات تتوافر لها عناصر التقدم. فالحاكون في إسرائيل، متماسكون على النحو الذي لم يحدث مع حكومات هذه الدولة، منذ نحو ربع القرن. بل إن هذه الحكومة، تحظى بتأييد من داخل الحزب المنافس نفسه، إذ يؤيد سياستها بعض نواب "كاديما" ومعظم أتباعه من كتلة المستوطنين. ذلك فضلاً عن محاولات دؤوبة من قبل نتنياهو، لافتعال الدسائس المؤثرة على انسجام هذا الحزب. فقد أحبط نتنياهو محاولة تسيبي ليفني أن تذهب بإسرائيل الى انتخابات مبكرة كالعادة، أي مثلما جرى على امتداد ربع القرن الماضي. وهناك العامل الاقتصادي، الذي أوجب على القوى الحاكمة أن تعزز استقرار الحكم، لضمان حصانة الاقتصاد الإسرائيلي، حيال الأزمة التي بدأت مفاعيلها تتداعى في أوروبا. ففي ظروف الأزمة العالمية، تمكنت حكومة نتنياهو من الخروج بأقل الخسائر، ثم من العودة الى وضعية النمو، بعد إغلاق الثغرات التي أحدثتها الاحتجاجات الاجتماعية، التي انفجرت على شكل تظاهرت صاخبة، توقع لها البعض أن تتوالى فصولاً، وأن تصبح "ربيعاً" حتى إسقاط حكومة اليمين! * * * نحن في هذه الأثناء، بصدد قوى سياسية متطرفة تحكم في إسرائيل، زجت بثقلها في عملية الاستيطان وتنكرت لأبسط مستلزمات العملية التفاوضية، فما بالنا بالعملية السلمية، التي هي أبعد ما تكون عن خواطرها وثقافتها. وتفيد دراسات الديموغرافيا، أن القوى المتطرفة تحث الخطى، لرفع معدلات التكاثر السكاني لليهود، وتدفع باتجاه دولة "حريديم" كاملة، تصبح ذات عناصر ونمط حياة وتوجهات اجتماعية ثقافية طاردة للعلمانيين. بل إن هذه القوى، المنفلتة الى الاستيطان، تعمل على إنهاء التخوفات والهواجس من الغلبة السكانية للشعب الفلسطيني على أرضه، وإحداث تغيير جذري، في البنية الديموغرافية للدولة، وتلافي أية تحولات ديموغرافية "سلبية" بالنسبة لهم. وبات العنصريون المتطرفون، يضعون نصب أعينهم، هدف إبقاء إسرائيل دولة ذات أغلبية يهودية صهيونية، هي ـ في رأيهم ـ الشرط الأساس لاستمرار إسرائيل في الوجود. وعندما يتحدثون عن أغلبية في إسرائيل، فإنهم يقصدون جغرافياً، الأراضي من البحر الى النهر. وتراهم يضعون مواصفات لهذه الدولة، ولمستوى معيشة اليهود فيها، ويركزون على عنصر قابليتها للدفاع عن الحدود التي تتمدد اليها! على الرغم من ذلك، فإن علماء الاجتماع والديموغرافيا، يتوزعون بين وجهتي نظر، تأخذ في الحسبان افتراضات البقاء على ذات الموقف السلبي والمتعتت حيال العملية التفاوضية، وتؤكد كلتاهما على عنصر الغلبة العددية لليهود الصهيونيين، وضمان أن تصل السيرورة الديموغرافية الى هذا الهدف. وجهة النظر الأولى، تقول ـ مثلما جاء في دراسة أعدها مؤخراً الخبير أرنون سوفير من جامعة حيفا ـ أن إسرائيل لا تواجه "مشكلة" ديمغرافية، وأنه "لم يسبق أن وُجدت مشكلة من هذا القبيل، والمهم أن شيئًا من ذلك لن يظهر في المستقبل أيضًا، وعليه فلا مبرّر إطلاقًا للتفكير بحلول سياسية، على شاكلة الانفصال الذي تمّ في العام 2005 عن قطاع غزة، فيما يتعلق بمنطقة الضفة الغربية". أما وجهة النظر الثانية، ويؤيدها معد الدراسة وزميلته يفغينيا بستروف، الباحثة في حقل الديموغرافيا الإسرائيلية؛ فتقول إن المشكلة الديموغرافية متوقعة "لذا فإنها تستلزم التقدّم بحلول سياسية للصراع تضع في صلبها هدف الحفاظ على الطابع اليهودي الصهيوني لإسرائيل". معنى ذلك، أن الفريق "المعتدل" يرى الغلبة السكانية لليهود، شرطاً، وهو لا يختلف عن الفريق المتطرف، أي إن للاستيطان تأصيله الأيديولوجي عند القوى المتنفذة! * * * كثيرون منا، واجهوا بسخرية نداءات بعض المشتغلين في العمل الفلسطيني العام، الداعية الى إيلاء أهمية قصوى لتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه، والحيلولة دون أن يتحول الوطن، بفعل الاستغراق التام في الشأن السياسي والوطني بمعناه النضالي المجرد؛ الى منطقة طارده لسكانها الفلسطينيين، بدل أن يكون منطقة جاذبة للمزيد منهم، على الأقل من جموع المغتربين. وفي الحقيقة، بتنا في حاجة الى تثبيت عناصر البقاء والحياة المتفاءلة الواعدة، لكي يتعزز صمود شعبنا في وطنه. لكن عملية تعزيز هذا الصمود، في حاجة الى مناقبية وطنية استثنائية، تضمن التوسع في العمل الاجتماعي ـ الاقتصادي، يخطط لها ذوو الرؤية الثاقبة والحصيفة، وتقود الفعاليات في إطارها، عناصر ذات انتماء وطني وذات "أنانية عقلانية" قوامها أن يرى الوطنيون المشتغلون في العمل العام، مصالحهم الشخصية مقترنة بمصالح شعبهم، مثلما ذهب الأديب الروسي نيكولاي تشيرنيشفسكي في روايته "ما العمل؟" الصادرة في أواسط القرن التاسع عشر! إن مثل هذه المهمة، التي يتعين على النخب الفلسطينية أن تضطلع بها، لا تكون بغير رجال وفريق من رجال، يراعون مبتدأ المصالح الوطنية العليا وخبرها، وهي التعميق الحقيقي، المادي والنفسي والاجتماعي، لصمود الناس في وطنهم. فالهجمة الصهيونية عاتية وخطيرة، والأمر لا يحتمل أن تنشغل الطبقة السياسية الفلسطينية، أو جزئها العلوي، بمحاولات توفير مستلزمات العودة الى التفاوض، بينما الآخرون جميعاً يتفرجون وينتظرون. كذلك فإن أمرنا لا يحتمل، أن نظل لخمس سنين أو أكثر، نتكىء على حكومة، بعض وزرائها محالون الى النيابة، أو موقوفون عن العمل (علماً بأن تلك إجراءات لا تحدث عندنا إلا بعد وقوع الفأس في الرأس عدة مرات من الشخص الواحد) أو وزراء يعلم القاصي والداني، رداءة أدائهم! العمل المتاح، هو أن نأخذها من قصيرها، وأن نلتفت الى تقصيلات حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن نُصلح عرباتنا، لكي لا تسخر الطرقات منا ـ حسب تعبير المبدع الراحل محمود درويش ـ فإما ذلك أو أن تذرونا الرياح الصهيونية العاتية! www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|