عدلي صادق: عدلي صادق : نربح أنفسنا ونخسر الظنون بتاريخ السبت 26 نوفمبر 2011
الموضوع: قضايا وآراء
|
 نربح أنفسنا ونخسر الظنون عدلي صادق ردود أفعال المحتلين، على ما جاء في الأحرف الأولى من مسعى التوافق
نربح أنفسنا ونخسر الظنون عدلي صادق ردود أفعال المحتلين، على ما جاء في الأحرف الأولى من مسعى التوافق الفلسطيني، تنم عن عربدة ووقاحة، لا يرتضيها لأنفسهم حتى الغزاة الذين يتمتعون بالحد الأدنى من احترام الحقيقة، ومن احترام عقول الناس. فهؤلاء ضموا الى حكومتهم أعتى المتطرفين وأكثرهم هلوسة عنصرية، ممن يصفون العرب قاطبة، بالأفاعي، ويرفضون فكرة التسوية، ويجاهرون بأنهم ضدها جملة وتفصيلاً. لم يسع أي طرف في العالم، لسلبهم حقهم في ضم المتطرفين الظلاميين دُعاة القتل المجاني، الى حكومة دولة عضو في الأمم المتحدة، ولم تسع الإدارة الأمريكية الى الاعتراض، حتى وإن كان هؤلاء يحتقرونها ويعلنون أنهم سيحبطون سعيها الى التسوية، وأنهم لن يقبلوا بأقل من سحق ضحاياهم، وطردهم من بلادهم، وأنهم لن يكتفوا بمحاباة وانحياز واشنطن لتل أبيب، ضد المنطق وضد العدالة! الوقحون هؤلاء يرون من الطبيعي، أن يتبوأ بلطجي بار سابق في مالدوفيا، موقع وزير الخارجية، فيزداد تطرفاً ويمارس القرصنة ضد كل خطوط السياسة المؤيدة للتسوية. وفي الوقت نفسه يعتبر هؤلاء، وجود حماس كطرف في التوافق الوطني على خيار التسوية، أمراً نشازاً، يتوجب استنفار الصهيونية العالمية وحلفائها، تحاشياً له ولكي لا تقع "واقعته"! منتهى التجبر والتلفيق، لحرف الأنظار عن السياق الواقعي للأمور. بل إن تطلبات هذا العدو عجيبة غريبة، لم يعرفها تاريخ النزاعات منذ فجر التاريخ. يشترطون فيمن يقبلونه طرفاً في التفاوض على حل النزاع، أن ينتزع نفسه سلفاً من هذا النزاع، أي أن يكف عن التشكي قبل أن يبدأ التفاوض، وأن يكون من محبيهم، وأن يعلن إدانته لنفسه. لا يكتفون بالاعتراف الفلسطيني الضمني بدولتهم وبوجودها، وإنما يريدون الاعتراف بحق إسرائيل الأزلي في الوجود، وربما تأخذهم طباعهم الى طلب التعويض عن السنوات التي مرت دون أن تكون دولتهم موجودة، بينما كان لها الحق في أن تقوم فوق جماجمنا. وإن وافقنا على الاعتذار والتعويض، سيذهبون الى أبعد، فيطالبوننا ويطالبون العالم، بالاعتذار عن القرون التي قضاها اليهود في بلدانهم الأصلية سعداء هانئين، راغبين في الاندماج مع مواطني الأديان الأخرى. وسيكون من بين التطلب، تخصيص وسام للنازية الآروبية التي حثت بأفاعيلها الإجرامية، اليهود على التوجه الى فلسطين وليس الى أوغندا، وربما يتذكر مؤرخ من الحاخامات، فضل محاكم التفتيش وديوان الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، التي هجّرت كل من لايعتنق ملتها، في القرن السادس عشر، بعد أن أبادت وعذبت وطردت المسلمين، ومنحت اليهود فرص الفرار الى بلدان العرب والمسلمين! * * * حكومة تل أبيب، ومعها الإدارة الأمريكية والكونغرس، يريدوننا مُحبين لإسرائيل قبل أن نكون طرفاً في عملية للتسوية. ولا ندري ما هي حاجتنا الى التفاوض أو الى التسوية إن كنا مثلما يريدوننا. وفي الواقع، هم يعتبرون المحبين الفلسطينيين الذين يرون الحل الأمثل في الانضمام الى دولة إسرائيل، أخطر من الكارهين الذين أجزلوا لنا الوعود بردود مزلزلة تمحوها. فمأزقنا مع إسرائيل هو أن محبة المحبين منا لها، أسوأ من كراهيتهم. ويبدو سيكون أسهل علينا، أن نسحب اعترافنا بإسرائيل وأن نعلن بأن وجودها سيظل باطلاً لن نقبل به، بحيث نضم هذا الرأي الى موقف عدم الاعتراف بالحق في الوجود. هؤلاء الوقحون الذين لا يريدوننا حتى عندما نتوافق على الجنوح الى التسوية، لا يستحقون جعلهم طرفاً في عملية سلمية. إنهم يؤسسون للصراع المستدام، ولا يردعهم كوننا أمة كبيرة، إن نامت وطال أمد نومها، فإنها ستنهض وتنتفض! هناك خطأ شائع عندهم، أو مغالطة يغالطون بها أنفسهم، تتمثل في الافتراض بأن "فتح" تتقبلهم وتعترف بحق دولتهم في الوجودِ، وأن حماس وحدها هي التي تبغضهم ولا تعترف بحق هذه الدولة في الوجود. هم يتجاهلون كون هذه الدولة ذات المشروع الملفق، لم تمتلك في أية لحظة، جزءاً من الحق في الوجود، ليس بموجب مرجعيات التاريخ ومعايير الحقائق ووقائع الغزو وحسب، وإنما حتى في مرجعيات الأصولية اليهودية نفسها. فحماس وفتح وسواهما، لا يقاتلون إسرائيل الآن، لأسباب ذات علاقة بموازيين القوى، ولا يختلف فلسطينيان على أن إسرائيل موجودة والاعتراف بها من تحصيل الحاصل، لكن الاعتراف بالحق في الوجود أمر آخر يختلف عن الاعتراف بالوجود، الأول عندما تطلبه إسرائيل وتلح عليه؛ يتعلق بنزعة المتغطرس عندما يعربد، إذ يريد من الطرف الذي سيكون معه في التسوية، أن "يتأهل" لهذه التسوية الموعودة، بالإعلان عن إدانة نفسه وقضيته وبندقيته وتاريخه وشهدائه ومؤرخيه وأدبائه بأثر رجعي! عندئذٍ، سيكون أسهل علينا كثيراً، لو أننا سحبنا اعترافنا بالوجود، وقلنا إنه سيظل باطلاً لن نقبل به، وضممنا هذا الرأي الى عدم الاعتراف بالحق في الوجود. هؤلاء الوقحون الذين لا يريدوننا أن نكون طرفاً واحداً، حتى عندما نتوافق على الجنوح الى التسوية، ليسوا مؤهلين لأن يكونوا طرفاً في عملية سلمية. إنهم يؤسسون للصراع المستدام. فهم مسكونون بجنون القوة، لا يردعهم كوننا أمة كبيرة، إن نامت وطال أمد نومها، فإنها ستنهض وتنتفض! لنمض في خطة الوفاق الوطني، متحسسين الضرورات الموضوعية التي لنا والتي علينا. وليفعلوا ما شاءوا، لعل من حسنات التوافق الفلسطيني على برنامج الاستقلال والحرية والعملية السلمية المتوازنة، أن تنكشف كل قبائح المحتلين لمجتمعات الأقطار التي تنحاز حكوماتها للعنصريين ولمنطقهم الأعوج, أما نحن فإننا نربح أنفسنا ولن نخسر شيئاً سوى الظنون الزعترية الساذجة بنا، في ثنايا الصحف، وجهل الجاهلين للواقع على الأرض! www.adlisadek.om adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|