عدلي صادق: عدلي صادق : سيف أبيه ونفسه في قبضة أعدائه بتاريخ الأحد 20 نوفمبر 2011
الموضوع: قضايا وآراء
|
 سيف أبيه ونفسه في قبضة أعدائه عدلي صادق عُرضت أمس، الحلقة الأخيرة، من مسلسل الإجهاز على نظام
سيف أبيه ونفسه في قبضة أعدائه عدلي صادق عُرضت أمس، الحلقة الأخيرة، من مسلسل الإجهاز على نظام معمر القذافي، من خلال صورة لنجله سيف في محبسه. فقد تراكمت حيثيات كثيرة، جعلت من هذا السيف حلقة مهمة، هي التالية في الأهمية بعد معمر، في نظام اللانظام، وشاءت المقادير أن يكون القبض عليه، الحلقة الأخيرة في تداعيات الإجهاز على حكم "القائد" الذي بات بين يدي الله. ولعلها فرصة الحاكمين الجدد، أن يثبتوا بأنهم جديرون بتسلم مقاليد الحكم في البلاد، بعد ما تعرض له معمر من تنكيل أهان إنسانيته الإنسان، وتمثيل لا أخلاقي بجثته. ولعل هذا اختبار يقوم على جوابين لسؤاليْن مركزيين: هل الحامون الجدد، هم دون معمر القذافي غلاظة مع النفس البشرية، وهل سيكونون دونه كذلك، في التنبه لمطامع المستعمرين القدامى وطبائعهم؟! سيف، المنسوب بالتسمية الى الإسلام، لم يكن إلا سيف أبيه ونفسه. عاش منذ نعومة أظفاره، على حُلم الحكم بعد أبيه، وبقدر ما كان الحلم شاسعاً وحاسماً في إقصاء كل الاحتمالات، وكل مصادفات الحياة السياسية لشعب ومجتمع، التي تفترض أن يحل سواه في موقع "القائد"؛ كان سيف متفشياً في ثنايا السلطة فيما هو غير ذي صفة. لم يزجره أبوه، حتى وهو يؤسس مأثرته على أخطائه، لكي يتبدى أمام الشعب، ومضة أمل وروحاً جديدة واعدة. أظهر اهتماماً بالمسجونين والمظلومين والشُبان المحبطين، الطامحين الى ارتياد آفاق مستقبل أفضل. لم يكترث، في ذلك السياق، لكون المعنى الضمني الذي يؤسس عليه تلك المأثرة، إنما هو من صنع أبيه وأسرته، وبالتالي هو أنهم ظالمون ومستهترون بمصائر الناس والأجيال. اجتذب شرائح من الشباب، من خلال مداخلات مطولة، في صالات الاحتفالات، يهجو فيها الإدارة المتخلفة، ويغمز من قناة بعض رموزها ومناهجها. ولكي يُضفي على هذا المسعى، صدقية ونجومية تتخطيان حدود ليبيا، وتُنشآن له ثقلاً "دولياً"؛ لم يتردد في مغازلة الغرب والتقرب منه، وربما أوصل لبعض الأوساط فيه، برقيات مفادها أنه "يتفهم" لعبة السياسة الدولية، وأن لديه نظرة معاصرة ومغايرة، لإسرائيل، وأن سمات حياته مختلفة كذلك. وهكذا فعل بعض أشقائه، حتى وهم يخاللون المليحات، ويقترنون بفتيات من عوالم أخرى! * * * في الطور الأول من انفجار غضب الشعب، عندما كان الليبيون يطلبون العدالة والإصلاح السياسي؛ ظن بعض الشُبان، أن سيف سيكون نصيراً للمجتمع. أيامها قام الظن الذي لم يتسرع أحد بالإفصاح عنه، على الانطباعات التي تأسست عن سيف، من خلال المطولات الخطابية في هجاء تخلف الحكم وتجلطه واستبداده. غير أن هذا الشاب خرج على الناس شاهراً سيفه. تحدث عبر شاشة التلفزة كضبع مفترس، خرج لتوّه من الغابة، لكي يُخيف الناس ومن ثم يعود الى موضعه بين الكواسر. هددهم بكل شىء: عراك دامٍ مع القبائل، في احتكام مديد الى السلاح. انتقام لا يُبقي ولا يذر. فقدان لمقومات حياة خلق الله، من ماء وكهرباء وطاقة، وخضوع مأساوي ومرير لتنظيم "القاعدة". فإما هو وأبوه، وإما الموت الزؤام والاختناق حتى الموت، لكل من لا يموت سريعاً! في ذلك الظهور، أخطأ نجل معمر القذافي وضيَّع فرصة عمره الأخيرة. كان يمتلك القدرة على احتواء الموقف والتحايل عليه، بما في يديه من سلطات فعلية، لكنه فعل العكس. أستكمل الليبيون بظهوره، حكمهم الشامل على رموز الحكم والأسرة وحسموا أمرهم، واندفعوا الى استبدال مصيرهم فلا ينظرون الى الوراء ولا يبالون بمآرب أو نوايا من يساعدهم، حتى ولو كان الشيطان نفسه. فقد بدا أن "سيف الإسلام" ليس في الحقيقة إلا سيف نفسه، الذي لم يفكر في شىء لحظة صياغة تعبيراته ورسالته؛ إلا في حُلم الحكم الذي نشأ عليه. لم تكن ثقافته السياسية، الممتلئة صديداً من كبرياء السلطة المدججة بالسلاح، تؤهله لأن يستهدي الى فكرة الديموقراطية، كأن يقر بضرورة الاحتكام السلمي الى الشعب، بعد استحداث قانون للأحزاب، ودستور، ومنظومة قضائية معتبرة. كان يمكن له، بما توافر له من حُسن ظن الكثيرين به قبل الظهور الغبي، وبمأثرة الإقرار بالحقوق الديموقراطية للناس؛ أن يخوض بقوة، معترك الحياة السياسية الجديدة، وأن ينجو إن لم يحكم بالخيار الشعبي، وأن يضمن النجاة لأبيه وأسرته! أما الذي حدث، فهو أن سيفاً وضع نفسه، في عين عاصفة أكبر منه ومن أبيه ومن نظامه. لعله اعتمد آنذاك، على بيت شعر خالد لأبي الطيب المتنبي، قيل في ظروف مُغايرة ويختص الشعوب والأوطان لا الأشخاص الطامحين الى أعالي السلطة: ووضع الندى في موضع السيف عند العُلا، مُضرٌ كوضع السيف في موضع الندى! فعلى النقيض من منطوق المتنبي في ذلك المقام، كان وضع الندى في موضع السيف عند العُلا، مُفيد كإبعاد السيف عن الندى! ها هو سيف أبيه وأسرته ونفسه، في قبضة أعدائه. نتمنى أن يعاملوه بأخلاق البدلاء الذين يفترض أنهم يرفضون البطش ويمقتونه! www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|