عدلي صادق: عدلي صادق : أزمة الاقتصاد الأمريكي: الحل على حساب الآخرين بتاريخ السبت 13 أغسطس 2011
الموضوع: قضايا وآراء
|
 أزمة الاقتصاد الأمريكي: الحل على حساب الآخرين عدلي صادق أغلب الظن، إن إخواننا العرب من ذوي الصناديق المالية السيادية الضخمة،
أزمة الاقتصاد الأمريكي: الحل على حساب الآخرين عدلي صادق أغلب الظن، إن إخواننا العرب من ذوي الصناديق المالية السيادية الضخمة، على وشك أن يبتلعوا بصمت واندهاش، خيبة أمل وخسارة هائلتين، بعد أن اتفق الرئيس أوباما مع الكونغرس، على "ترحيل" الأزمة الهيكلية في الاقتصاد الأمريكي، من خلال ما يسمى بـ "رفع سقف الدين العام" الذي يخوّل الإدارة، أن تستزيد من الاستدانة، لكي تتمكن من تنظيم عملية السداد، وهذا كله تلافياً لإعلان الحكومة الاتحادية عن إفلاسها البليغ! والطريف، الذي يتبينه المراقبون المتفحصون للحدث الأمريكي الاقتصادي غير المسبوق، أن توافق الرئيس أوباما والكونغرس، كان سهلاً لا مرارة فيه، لسبب بسيط، وهو أن الأول يطمح الى الخروج من المأزق بأي ثمن، أما الثاني، أي الكونغرس، فهو يطرب إن كان بصدد خوزقة الآخرين. فالاتفاق في جوهره، يقرر أن ممتلكي السندات التي أصدرتها الخزينة الأمريكية، الذين دفنوا فوائضهم المالية في تلك الأوراق واهمين انهم يستثمرون في المكان الصحيح؛ هم الذين سيدفعون ثمن رفع سقف الدين العام. فقد كان لكل طرف من هؤلاء، مراميه وأسبابه المختلفة فيما هو يتلقف ما تُصدره الخزينة الأمريكية من سندات. فما أراده الصينيون من الشراء، هو غير ما تطلع اليه البريطانيون والعرب النفطيون. وربما تشبه أسباب الكوريين أسباب اليابانيين. لكن هناك عاملاً مشتركاً بين كل ذوي الملكيات الشاسعة من السندات الأمريكية، وهو ثقتهم جميعاً، بأن الاقتصاد الأمريكي غير قابل للانهيار، وأن القوة العظمى لا تضعف مالياً، وبالتالي هم مطمئنون الى أن هذه السندات رابحة، وضامنة لقيمتها ولفوائدها، ولجدوى شرائها. وهنا بدا الأمر شبيهاً بسلوك المتأكدين من أن القوة الأمريكية طاغية ولا تنكسر ولا تتألم، في السياسة والحرب، لذا رأوا من دواعي الحكمة والفلاح، أن يكون الامتثال للأمريكيين أو الانصياع لهم! * * * في الشهر الماضي، بلغ حجم الدين الفيدرالي الأمريكي العام، نحو 14 تريليون دولار، بنسبة 98% من حجم الدخل المحلي العام GDP للولايات المتحدة. وتمتلك الأطراف الخارجية، التي تم تنجير الخازوق لها باتفاق أوباما مع الكونغرس، نحو 10 تريليون دولار، وإذا كان كل مواطن أمريكي استفاق على حقيقة أنه مدين بـ 46 ألف دولار، فإن 30 ألفاً من هذا المبلغ، هي حصة دول العالم. ولو أسقطنا من الحسبة أولئك الفقراء الذين يأخذون الإعانات ولا يسددون شيئاً، وأبقينا على دافعي الضرائب، فإن حصة كل دافع ضرائب أمريكي، من حجم الدين العام تبلغ 129 ألف دولار ليس له فيها أي ذنب. وعندما تُحال المصيبة الأمريكية الى الدول التي امتلكت سندات الخزينة، يكون المدخل الطبيعي هو الواقع المختل لدى العديد من الدول التي ارتضت الدولار، كعملة معيارية في تعاملاتها الدولية، دون أن تكون مضطرة الى ذلك، كدول الخليج العربية والصين وكوريا الجنوبية واليابان. فقد ركزت هذه الدول على شراء السندات الأمريكية في استثمارات فوائضها المالية. وفي هذا الخيار، مخاطر التعرض لتقلّبات السياسة الاقتصادية والمالية والنقدية الأميركية، بخاصة وأن الولايات المتحدة لم تعرف إطلاقاً أي نوع من الضوابط في سلوكها النقدي والمالي. ثم إن أمريكا، ذهبت خلال السنوات العشرين الأخيرة، الى إعادة توطين ما يُسمى بـ "قاعدة الإنتاج الصناعي" في أقطار آسيوية ناهضة، توفر العمالة الرخيصة، وتضمن الأكلاف المتدنية، والقيود المحدودة على أصعدة القوانين الضريبية وحقوق العمال، وشروط حماية البيئة. فقد أدى هذا التوجه الى تقليص الصادرات وارتفاع الواردات، الأمر الذي يؤدي حتماً الى العجز في الميزان التجاري. وبالنسبة للأقطار العربية الشقيقة ذات الفوائض المالية، فإن تردي قيمة الدولار، بفعل تردي الاقتصاد الأمريكي، ستكون سبباً في تراجع عائداتها وأرباح استثماراتها، على اعتبار أن النفط هو المصدر الرئيس للعوائد، وأن الدولار هو عملة التسعير والبيع، وأن السندات اصبحت مقصداً رئيساً للاسثمارات. وهذه احدى جوانب المشكلة الاقتصادية ـ الاجتماعية في العالم العربي. فليس خافياً أن هناك معضلة هيكلية قوامها انعدام التوجه المعتبر للاستثمار على الصعيد القومي والإسلامي، ولهذا علاقة بالاستقرار والاستبداد ومن ثم بالثورات الحاصلة الآن. فالإخوان السعوديون مثلاً، ابتاعوا من سندات الخزينة الأمريكية بقيمة تريليون وما بين مئتين ومئتين وخمسين مليار دولار، وهذا بخلاف مشتريات أقطار خليجية أخرى. وإن كانت أقطار الخليج العربية لا تتحمل كل المسؤولية عن الانكفاء الاستثماري الكثيف، عن الأسواق العربية (بحكم أن الأقطار التي في حاجة الى الاستثمارات، أبتليت بحكام فاسدين ومستبدين لم يوفروا البيئة الاقتصادية والاستثمارية الصحية، ولا الحد الأدنى من القوانين الضامنة)؛ فإن علاقة العرب من ذوي الفوائض المالية بالاقتصاد الأمريكي المترنح، باتت في حاجة الى مراجعة شاملة والى خطوات استقلالية وحمائية. إن مثل هذه المراجعة ستكون ذات قيمة سياسية وتاريخية أعلى، عندما تحدث بعد انجلاء غبار الربيع العربي وبعد الانتصار المأمول للقوى الديموقراطية الطامحة الى الحرية، والى امتلاك المقدرات، لكي تأخذ الأمة مكانها تحت شمس عالم جديد! www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|