عدلي صادق: عدلي صادق : من حكاية العفريت بتاريخ السبت 14 يونيو 2014
الموضوع: قضايا وآراء
|
من حكاية العفريت بقلم : عدلي صادق
لو أن لدينا ألف بديل، لدفع المظالم التي حلّت بالمسلمين العرب السنُة، من
الشعب العراقي الشقيق بمجمله؛ فإن "داعش" الغبراء لن تكون بديلاً. ذلك
لأننا لن نفقد البوصلة، وهذه وجهتها الى مشروعات وطنية
من حكاية العفريت بقلم : عدلي صادق
لو أن لدينا ألف بديل، لدفع المظالم التي حلّت بالمسلمين العرب السنُة، من
الشعب العراقي الشقيق بمجمله؛ فإن "داعش" الغبراء لن تكون بديلاً. ذلك
لأننا لن نفقد البوصلة، وهذه وجهتها الى مشروعات وطنية ديموقراطية لكل
أوطان العرب، يتساوى في كنفها الناس دون إقصاء، وتتحقق لهم الحرية والكرامة
والتنمية. لكن ذلك لا يمنع من تشخيص الحالة ومن وضع النقاط على الحروف،
لأن الأمور لا تُعالج بمنطق نتائجها، وإنما تُعالج بمنطق أسبابها. لن
يُفهم أبداً، رفض أوساط نخبوية أو ثقافية عربية، لهيمنة "الإخوان" على أي
مجتمع، وترحيب هذه الأوساط نفسها بعنفوان "داعش" وشقيقاتها. على الأقل لأن
"الإخوان" وسطيون، وليس لديهم جنون الدواعش. فإن كان الأولون، يتطلعون الى
حُكم المجتمع والى التمكين فيه، فإن الأخيرين ينزعون الى التحكم في
الإنسان، في نومه وقيامه ولغته ولباسة وطعامه وتنفسه وملاحقة أدق التفاصيل،
حتى تلك التي لا تخدش حياءً ولا تجديف فيها على الدين. كذلك لا نفهم، أن
تعارض شرائح من النُخب، الطيف الإسلامي في الثورة السورية، وتعمم جزءها
هذا، على الكل الشعبي السوري الذي طفح به الكيل؛ وأن تغض النظر عن الأصولية
الشيعية وجماعاتها وألويتها وميليشياتها وراياتها وهتافاتها، وأن تصر على
أن معسكر السلطة، إنما يريد فلسطين والقدس والممانعة والمناوءة البليغة
للإمبريالية. فهذا، فضلاً عن كونه كذباً يؤكد عليه صمت جبهة الجولان
لأربعين سنة، ومنع المقاومة وإهانة الحركة الوطنية الفلسطينية وتقليم
أظافرها تاريخياً، والتحالف مع الأمريكيين في المنعطفات الاستراتيجية؛ فإن
خبايا الصراع نفسه، تنم عن حقائق أخرى. فبينما يجري التدمير الممنهج،
للمراكز الحضرية والحضارية، والتاريخية، ذات الكثافة السنية (نحو ثلاثة عشر
مليوناً) في دمشق وحمص وحماة وحلب والرقة ودرعا؛ فإن النصيب الأوفر من
البراميل وصواريخ التدمير، بات يستهدف المناطق التي يُراد أن تكون طريق
الإيرانيين الى البحر. فعندما لا تكون تبقت مدن؛ لن يُعاد الإسكان في حال
انتصر البُغاون ــ لا سمح الله ــ وفق وقائع الكثافة الأولى. فعندئذٍ يُتبع
المنهج الستاليني ــ وهو منهج الحكم أصلاً ــ في إحلال الناس بدل الناس،
وتشتيت السكان الى مدن ومراكز حضرية أخرى. فمن لا يرى هذا، لا يقرأ السياسة
ولا يقرأ تفصيلات الأنباء، ولا يعرف التاريخ. إن الروح العروبية
النائمة، تخدرت بعد أن ابتلعت قرص الكلام الفارغ، ورأت، فيما ترى النائمة،
أن الصراع هو بين فسطاطين لا ثالث لهما: إرهابيون أشرار (وفي الوقت نفسه
عملاء للأمريكيين!) ودولة لا تقوم إلا بشخص، ومجتمع سيتفرق ويتنازع إن غاب
الشخص، وبلد سوف يتفتت إن سقط الشخص. ولا ندري ما الفائدة من دولة وبلد
ومجتمع وجغرافيا، إن كان ملاطها الوحيد هو الشخص؟ الأمريكيون، ومعهم
الغرب، استفظعوا أن يتسرب عشرات المقاتلين المسلمين، من حاملي الجنسيات
المختلفة الى ساحة الصراع في سوريا. وهذا حقهم لكن حق الشعب السوري عليهم،
أن يكون لهم موقف حيال تدمير المراكز الحضرية للبشر من أية ديانة كانوا وفي
أي بلد. فلو ألقي برميل، على مستوطنة صهيونية صغيرة، وجرحت بغلاً، ستقوم
قيامة الغرب ولن تقعد. ومن لا يعرف الآن، سيعرف لاحقاً أن الأمريكيين سهلوا
عمليات التدمير وكانت ردود أفعالهم على إلقاء البراميل المتفجرة على
الناس، لفظية رقيعة، تُسيء للضحايا مرتين: مرة وهي تحث ضمناً على الاستمرار
في التدمير، وتجعل الفظاعات مجرد أنباء، ومرة عندما توحي بأن الغرب يقف
الى جانب المعارضين ويساندهم، علماً أنه في الواقع، يمنع من يساعدهم عن
تقديم شىء، فعال في الدفاع عن مدنهم التي تُدمر! قصة "داعش" ستُعرف
بتفاصيلها التي لم يجرؤ نوري المالكي على المصارحة بها. فقد أخرج العفريت
من القمقم، ليهبش الشريك العراقي وهو واحدة من يدين اثنتين أخرجتاه، فغدرت
الثانية بشريكتها الأولى. كان عملهما، من نتاج حماقة المأزوم، كلٌ يُريد
إبعاد النار عن حومته. وليس العفريت، على أية حال، هو البديل لأية
دكتاتورية، ولا مشروعه هو البديل لأي مشروع طائفي مضاد، ولا يٌرجى منه خير! adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|