عدلي صادق: عدلي صادق : مدار المثابرين بتاريخ السبت 07 يونيو 2014
الموضوع: قضايا وآراء
|
مدار المثابرين بقلم : عدلي صادق
أعطت "مدار" وهي المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، حيوية وزخماً
لعملية الرصد التفصيلي، الرصين والضافي، لمُخرجات الوعي الإسرائيلي بكل
تنوعاته. وللأسف، لم يأخذ هذا العمل النوعي المحترم،
مدار المثابرين السبت 6/6/2014
أعطت "مدار" وهي المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، حيوية وزخماً
لعملية الرصد التفصيلي، الرصين والضافي، لمُخرجات الوعي الإسرائيلي بكل
تنوعاته. وللأسف، لم يأخذ هذا العمل النوعي المحترم، مفاعيله على صعيد
مؤسسة السياسة الفلسطينية، خطاباً وطرحاً، ونقلاً للعالم، الذي لا زال فيه
بعض المخدوعين بـإسرائيل، أو بعض غير ذوي الإحاطة بقبح وعنصرية سياساتها.
فنحن في حاجة الى أن تضُم بُنية كل فريق فلسطيني، يضطلع بالاتصالات
الرسمية، مختصين في عرض مخرجات الوعي الإسرائيلي، لكي يقدموا المستجدات لمن
يلتقونهم ويستمعون اليهم، وينقلوا ما يقوله المتطرفون والمعترضون على
التطرف في إسرائيل. ثم إن ما يصدر عن مركز "مدار" لم يحظ حتى الآن بالرواج
الذي يستحقه في المجتمع الفلسطيني نفسه، بحكم تراجع الاهتمام بالقراءة
ومشاعر الميل الى أخذ المسائل بالمختصر المفيد، وبما هو ملموس في واقع
الأيام. ومن دواعي الفخر، أن "مدار" توافرت على ثلة من الأكاديميين
الألمعيين، من إخوتنا في مناطق الـ 48 الذين استفادوا من تقنيات مدرسة
البحث الإسرائيلية التي لا تضاهيها سوى مدارس البحث في كبريات جامعات
العالم وأعرقها. فما زال ميدان البحث السياسي والاجتماعي والتاريخي في
العالم العربي، يكابد أمراضه المستوطنة، الناجمة في معظمها عن تدني مستوى
الهيئات التدريسية، التي يقوم عليها "دكاترة" معظمهم من ذوي أطروحات قدمت
بشق الأنفس، من باب تحليل المضمون، على طريقة العناوين الرائجة التي تقول
إنها تدرس شيئا وتعرضه "بين النظرية والتطبيق". فالأساتذة العاملون في
"مدار" والمتعاونون معها، يقدمون تحليلات عميقة ومدهشة، وترجمات وإضاءات
تتعلق بكل جديد في المجتمع الإسرائيلي. وهنا، تتبدى أهمية العمل الذي يؤديه
أنطوان شلحت مثلاً، وهو مدير وحدة "المشهد الإسرائيلي" في مركز "مدار".
ولو أخذنا أي إسم ممن حلّوا في مواقع المسؤولية عن الأقسام في "مدار" نرى
أننا بصدد نوع من الباحثين لا يتثاءب ولا يكل ولا يمل. والأروع أن هذه
المدرسة الفلسطينية للبحث والترجمة والتقصي، حافظت على استمرار أجيال من
الباحثين والمؤرخين الذين ظهروا وأبدعوا في أراضي 48 لذا فإن المؤرخ إيميل
توما عندما توفي في العام 1985 وهو الذي عايش أحداث غزو فلسطين وانتهابها،
وكان شاباً يدخل سن الثلاثين في العام 1948؛لم ينقطع نسله البحثي ولا خط
منهجه الوطني، وجاء بعده كثيرون، منهم ــ مثلاً ــ من شغل موقع رئيس قسم
بنك المعلومات في "مدار" د. جوني منصور. إن نظرة سريعة على انتاج منصور،
تعطينا الانطباع عن التميز والعمق والإبداع في عطاء هذا الفريق. كأن واحدهم
تأبط مهمة القيام بمسح بحثي شامل لتاريخ بلاده وقضية شعبه وعلائم الوطن
وتقاطعات الجغرافيا والتاريخ. فجوني منصور يقدم بحوثاً تنتقل من ميدان الى
ميدان ومن حقبة الى حقبة: الكنعانيون، تاريخ العرب، تاريخ الأوروبيين من
منظورنا، الأسماء والمصطلحات، الأعياد والمواسم، الشوارع والحارات، السكك
الحديدة، تاريخ هذه المدينة أو تلك، حال المدينة في وقت الانتداب، جيش
إسرائيل، وإسرائيل نفسها من الداخل، الذاكرة والهوية القومية وغيرها من
أعمال التغني بالأرض والحضارة مثل "حيفا اسم يناجي القمر ويخاطب البحر" هذا
فضلاً عن أعمال الترجمة. إن ما يتمخض عن هذه المثابرة النبيلة، يستحق
أن يُدرج في لغة حديثنا الى العالم. و"مدار" تقدم اليوم، الجزء الثالث من
الرائعة البحثية التاريخية والسياسية والإنثروبولوجية، لليهودي النبيل
البروفيسور شلومو ساند، أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، بترجمة أنطوان
شلحت. العنوان هذه المرة:"كيف لم أعد يهودياً؟". تحية لـ "مدار" وثناء
عليها. adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|