عدلي صادق: عدلي صادق : السلاح والكيان الذي نتوخاه بتاريخ الثلاثاء 20 مايو 2014
الموضوع: قضايا وآراء
|
السلاح والكيان الذي نتوخاهبقلم : عدلي صادق معلوم أن إعادة الوحدة الى السلطة الفلسطينية، لن تتحقق دفعة واحدة، وأن رحلة الوصول الى هذه الغاية، تبدأ بخطوة تتبعها خطوات، وأن العرقلة متوقعة، لأن اطلاق الكلام النظري شىء، وتطبيقه شىء آخر،
السلاح والكيان الذي نتوخاه بقلم : عدلي صادق
معلوم
أن إعادة الوحدة الى السلطة الفلسطينية، لن تتحقق دفعة واحدة، وأن رحلة
الوصول الى هذه الغاية، تبدأ بخطوة تتبعها خطوات، وأن العرقلة متوقعة، لأن
اطلاق الكلام النظري شىء، وتطبيقه شىء آخر، لا سيما عندما يصطدم التطبيق
على أرض الواقع، بمصالح شرائح وعناصر مستفيدة من انقسام ورقة السلطة. ويمكن
هنا، استخدام كلمة "المصالحة" اصطلاحاً، علما بأن لا خصومة بين الناس
وإنما هناك سلطة صارت اثنتين، بعد محاولة جمع طرفين بمنهجين مختلفين، في
نظام سياسي واحد، فانقلب الوافد الى النظام السياسي، على الطرف المؤسس، تحت
غطاء من التعليلات من كل لون شائن! لا خلاف على كون التطورات
الإقليمية، وطبيعة المواجهة مع الاحتلال وانسداد الأفق سلماً وقتالاً؛ هي
كلها عناصر أوصلت الطرف الثاني الى قناعة بالعودة الآن، الى إطار النظام
السياسي الواحد. وإن كان هذا الاضطرار بات أقوى من عناصر الغواية للتمسك
بحال الانقسام، فإن عملية بناء الكيان السياسي المحايد المُهاب، الذي
تتنافس في داخله القوى الراغبة في الحُكم، عبر عملية انتخابية دورية؛ ما
تزال طويلة وشاقة. لذا فإن الخطوة الأولى تكون اجرائية، وتتعلق بتهذيب
اللغة وإدارة عملية الانتقال الى وجهة جديدة، لعبور وتخطي الأزمة العميقة
التي القت بثقلها على الشعب الفلسطيني وعلى حياته ومصيره. من
خلال رصد الخط الجديد، للغة التصالحية، بدا لافتاً أن الأمور تتخذ منحى
مرضياً في مفرداته ومعانيه. وعلى هذا الصعيد، كنا نتمنى أن يقلع الطرفان عن
لغة الخصومة، ليس بتعبيراتها المباشرة وحسب، وإنما بمنطق قراءتها لما حدث.
ونعلم أن هذا صعب ويحتاج الى وقت، لأن المنطق منذ بداية انقسام السلطة حتى
الآن، لم يتعرض لنقاش موضوعي فنام وقام الطرف الحمساوي على منطقه وعلى
توصيفه الخاص للحال الوطني. في هذا السياق، وأخذاً في الحسبان أن "حماس"
تتمسك حتى الآن بضرورة احتفاظها بقوة أمنية وعسكرية حزبية وخاصة في غزة،
لأسباب كثيرة؛ نلاحظ أنها تعلل ذلك بجزء من التعليل الذي استندت اليه عندما
نفذت انقلابها في غزة. ولو تناولنا مثالاً واحداً على ما نقول، سنرى كيف
أن كلام التغطية ومنطِقِه لم يتعرضا لأي نقاش. فأخونا إسماعيل هنية، وهو
يطمئن قوته الأمنية، بلغة مشفّرة، على مستقبل هيمنتها، يقول اختزالاً، لا
عودة للانفلات الأمني. عندما نناقش منطق هذا التطمين المشفّر، نبدأ بالسؤال: أي أنفلات أمني ذاك الذي يتحدث عنه إسماعيل هنية؟ كيف بدأ ومتى ولماذا؟! قبل
أن تبدأ الانتفاضة الطويلة الثانية، لم يكن ثمة أي شكل من أشكال الخرق
الأمني الداخلي لهيبة السلطة، وكان الناس آمنين. ومع تأجج الانتفاضة
والمواجهات، نشأت في الظلال ظاهرة السلاح وباتت التمظهرات المسلحة جزءاً من
المشهد. فقد أدت التطورات، الى وجود شرعيتين ضرورتين، على أرض واحدة:
الشرعية الدستورية التي كانت تجري على أساسها عملية بناء الدولة، وشرعية
المقاومة التي انطلقت على أساسها عملية المقاومة. والشرعيتان متناقضا
الوجهة. الأولى قانونية، والثانية ظاهرة تاريخية، عرفتها أغلب الشعوب التي
رزحت تحت نير الاستعمار. وبسبب تواجد شرعيتين على أرض واحدة ضيقة في
فلسطين، اختلط الحابل بالنابل، وقيل في السياق، إن "حماس" كانت مع بعض
المتنفذين في السلطة نفسها، تغذي أحداث الاستقواء بالسلاح على الكيانية
الفلسطينية، وكانت المجموعات والمسميات المزلزله والمجلجلة، تتلقى الدعم في
الخفاء لممارسة الاختطاف والسيطرة على مقرات محافظات أو على مواقع، قبل أن
يفاوضها المفاوضون على تسويات وترضيات. وكان الكثير من هذه المجموعات،
ينبثق عن التشكيلات الأمنية للسلطة نفسها. لكن السبب الأول، هو تعدد وظائف
السلاح وازدواجية الشرعيتين على أرض واحدة ضيقة. قبل اندلاع
الانتفاضة الطويلة الثانية، لم يكن ثمة خرق لأمن السلطة ولم يكن هناك
انفلات. ونستذكر أن أعمال قتل وقعت، في السنوات الأولى لقيام السلطة وقبل
اندلاع الانتفاضة، أهمها ثماني عمليات قتل لعناصر أمن، كان وراءها التنظيم
الخاص لجماعة "الإخوان" وهو الذي تم ضبطه فيما بعد. وكان من بين الضحايا،
حارس اللواء محمود ابو مرزوق، شقيق د. موسى أبو مرزوق، وحارس قاضي القضاة
آنذاك المرحوم قُصي العبادلة. بخلاف ذلك لم يكن هناك خرق، ولا انفلات
بالطبع. وجاءت بعض الاغتيالات الآثمة في ظل انفلات السلاح. منطق
الأمور الآن، يقضي عدم العودة الى انفلات السلاح. وهذه أمنية لطالما تمناها
الوطنيون لكي نعرف أين وجهة كل بندقية ومتى توجه ومن الذي يحملها. وفي
السعي الى قيام وتعزيز كيانية الفلسطينيين الجامعة، هناك شرط موضوعي محتّم،
وهو أن تحتكر هذه الكيانية الحق في الإكراه نيابة عن المجتمع ولمصلحته
وبالقانون، وألا تكون هناك أية قوة أو أي تشكيل، في مقدوره أن ينفذ عملية
إكراه ضد النظام السياسي في أي وقت يشاء. adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|