عدلي صادق: عدلي صادق : علائم الوطن والهوية بتاريخ الأربعاء 19 ديسمبر 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
علائم الوطن والهوية عدلي صادق قبل نحو عامين، كتبنا منوّهين الى قصور عدة وزارات حكومية، على صعيد التعريف بفلسطين وحضارتها وتاريخها، في الكتيّبات الإيضاحية
علائم الوطن والهوية عدلي صادق قبل نحو عامين، كتبنا منوّهين الى قصور عدة وزارات حكومية، على صعيد التعريف بفلسطين وحضارتها وتاريخها، في الكتيّبات الإيضاحية التي يبتاعها الحجاج المسيحيون الذين يؤمون بيت لحم والقدس، من محال التذكارات "السوفينير". ففي المحال الفلسطينية المطلة على ساحة المهد في بيت لحم، لا يلتقط سائح أو حاج، من المحال، كتيباً إلا وفيه تعريف لبيت لحم كمدينة إسرائيلية، وذلك على النحو الذي تستحي وتتحرج منه مكاتب السياحة في أروربا. فإن كانت اتفاقية "أسولو" على قصورها، اعترفت ببيت لحم كمدينة فلسطينية، وإن كانت المدينة التي يحيط بها الاستيطان الطفيلي غير الشرعي، تقع الآن تحت الإدارة الفلسطينية الأمنية والشرطية، فكيف تعجز الحكومة على مر أكثر من خمس عشرة سنة، عن ضبط عملية التعريف بالمدينة، ومنع المحال من تقديم المنشورات التي تطبعها الشركات السياحية الإسرائيلية. وقد خاطبنا المؤسسات غير الحكومية، التي تتلقى تمويلاً من الخارج، بأن تعطي للجغرافيا التي أتاحت لها كل هذا "الخير" التمويلي، أن تتنبه لعلائم وطنها وأن توليها بعض الاهتمام، حتى في حال تقصير الحكومة وتجلطها الفكري. فمن يسافر من رام الله الى جنين مثلاً، لا يرى يافطة واحدة تعرّف بالبلدات الفلسطينية البديعة التي يراها على الطريق. فلو لم يكن معه رفيق من المنطقة، سوف يمر عن ترمسعيا أو حوارة مثلاً، دون أن يعرف عن أية بلدة يمر، وهنا يتبدى جلياً ومعيباً، عجز الوزارات والبلديات المعنية بهكذا أمر. فكل ما يراه المسافر على الطريق، هو اللوحات الزرقاء والخضراء الإسرائيلية، التي تعرّف على كل أربعة مواضع لمستوطنين طارئين، بأحرف كبيرة. أما بلداتنا فلا اسم لها ظاهراً ولا يافطات للتعريف، اللهم إن تكرمت اليافطات الإسرائيلية فأشارت اليها بالعبرية والعربية. وللأسف مر عامان على التنويه في صحيفتنا هذه، دون أن يتغير شىء. وكأن الفلسطيني الذي يضطلع بالشأن العام، غير معني بهذا الأمر. وكأن الفلسطينيين عاجزين عن الاستعانة بمصورين، لالتقاط الصور والمشاهد لكنيسة المهد، وتصوير كل سنتمتر من الكنيسة العتيقة، ووضع الشروحات المتعلقة بكل زاوية أو ركن من هذا الشاهد التاريخي والحضاري والديني الذي تمثله الكنيسة أو الدير المسيحي. وظلت الطرق على حالها، بلا يافطات فلسطينية عند مداخل القرى والبلدات، بينما اليافطات الإسرائيلية ثابتة وقوية وجيدة الصناعة والتركيب. كأن وجودنا، نحن وقرانا وبلداتنا، هو الطارىء المكتوب بالطباشر ـ إن كُتب ـ ويسهل محوه، بينما الراسخ هو الاحتلال وعلائمه ومستوطناته غير الشرعية. في تقديرنا إنها مشكلة وعي. كأن الشريحة المتنفذة التي تدير الشأن العام، ضعيفة الحساسية حيال كل ما هو رمزي. وربما يعزز القول بأنها مشكلة ثقافة؛ ما جاء على لسان رئيس الحكومة من حديث عن ضرورة مقاطعة البضائع الإسرائيلية. فكأن الثقافة التي تُملي على كل الفلسطينيين مقاطعة بضائع الاحتلال حتى دون أن يبالغ هذا الاحتلال في العربدة، يتم اكتشافها بفضل الشديد القوي من مفاعيل الحصار والخنق اليومي، التي بها يمعن المحتلون فينا تقطيعاً ومقاطعة. وجاءت ممارسات الحصار واحتباس مال الضرائب الفلسطينية، لتتوجب الدعوة الى مقاطعة بضائع شلومو، وكأننا ندعو الى مناسبة استوجبها الشديد القوي، بينما الطبيعي هو أن تعمل الحكومة على توفير السلع البديلة ولو بالاستيراد من دول صديقة، لكي لا يضطر الفلسطيني الى شراء المنتج الإسرائيلي الذي لا بديل فلسطينياً له. الرئاسة الفلسطينية، دعت الى الدفاع عن تراث بيت لحم وهويتها في وجه محاولات تغيير الهوية والطابع الفلسطيني للمكان. وفي الحقيقة كان انقلاب "حماس" ومن ثم الانقسام، سبباً في فقداننا للمؤسسة التي تراقب وتضطلع بالتشريع، وتعمل على تصويب خطى الحكومة. وقبل الانقلاب، مرت عشر سنين، على قصور الأداء الحكومي والنقابي الذي يطرح رؤية وينفذ المستطاع. وليس أسهل، في دائرة المستطاع، من انتاج كتيبات إيضاحية عن الأماكن المقدسة التي يرتادها المؤمنون المسيحيون، من كل أنحاء العالم، في بيت لحم والقدس. لذا فإن دعوة الرئاسة الفلسطينية تتطلب ورش عمل تنعقد سريعاً، لوضع خطط التعريف بالهوية، وصولاً الى فعاليات الدفاع عنها وحمايتها. أما وزارات الشؤون الدينية، والشؤون البلدية، والسياحة والإعلام فإنها ملومة على تقصيرها. وبصراحة لم تعد بيانات المناسبات تفيد، بل إنها باتت كاريكاتورية شأنها في ذلك، شأن البيانات التي تصدرها الفصائل تعقيباً على كل جريمة اسرائيلية فــ "تشجب وتستنكر". وكأن هناك افتراض، بأن حزباً في كوستاريكا يؤيد ولا يشجب. المسائل كلها كانت تحتاج الى قوى سياسية واعية تتصدر عملاً نوعياً على كل صعيد، بحيث نتغزل ونفتتن، بوطننا وعلائمه، دفاعاً عن هويته، أكثر من غزلنا وافتتانا بفصائلنا. والله من وراء القصد! www.adlisadek.netadlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|