عدلي صادق: عدلي صادق : إعلام الأزمة في مصر بتاريخ الأحد 09 ديسمبر 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
إعلام الأزمة في مصر عدلي صادق في حلقة أخيرة، من برنامج "الاتجاه المعاكس" الذي تبثه
إعلام الأزمة في مصر عدلي صادق في حلقة أخيرة، من برنامج "الاتجاه المعاكس" الذي تبثه قناة "الجزيرة" كان الحديث بين مؤيد للرئيس مرسي ومعارض له. وكعادة فيصل القاسم عندما يُهندس الحلقة، ويريد ترجيح وجهة النظر التي يؤيدها: يأتي بأقوى المتحدثين من الطرف الأول، أما الطرف الثاني فإنه يأخذ منه الأضعف أو الأسوأ، لكي يستكمل الثاني، بضعفه أو بمنطقه الذميم، ما يقصّر عنه الأول، فتنعقد الأرجحية لمن يؤيده فيصل! فقد جاء من بين كل معسكر مرسي، بأحمد أبو بركة، وهو أفضل متحدثي حزب "الحرية والعدالة" قاطبةً. متدفق في الكلام، هادىء الأداء، يبتسم في أحرج اللحظات، متخفف من اللحية وحتى من الشارب، إذ لا سمة تُنم عن أصولية أو تزمت أو ضيق زائد بالرأي الآخر، الى درجة الاستعاذة بالله من "سوء" القول وقائله. ومثل هذا المحاور يساوي سبعين زاعقاً حانقاً. فالرجل متمرس ومتعدد الاختصاصات. محامٍ بالنقض، وأستاذ اقتصاد سياسي وسياسات مالية، ومفوّه يحفظ درسه! أما الطرف المقابل، فهو ليس سوى محمد أبو حامد شاهين، المسكون بهاجس عداء للفلسطينيين، دون أن يمتلك الحد الأدنى من الثقافة التي تسعفه، ومن الحساسية السياسية، التي تقتضي كتم هكذا مشاعر، اعتباراً لحقائق تاريخية، من بينها تضحيات مصر والمصريين من أجل فلسطين، وعاطفة الشعب المصري نفسه الذي يتشدق بالحديث عن مصالحه العُليا، وانحياز القوى الثورية المدنية، التي يُفترض أنه يمثلها في حلقة البرنامج، للقضية الفلسطينية، بل الارتباط الشرطي، والتلازم المديد في خطاب هذه القوى، بين مطالبها الوطنية وموقفها من فلسطين وشعبها! وبحكم موقف "الجزيرة" من الأزمة في مصر، كان فيصل القاسم، يتمنى من محمد أبو حامد، أن يؤسس محاججاته كلها، على أقبح ما عنده من آراء، وعلى ما يراها "ذميمة" اهتمام الرئيس مرسي بمحنة غزة أو بالعدوان عليها، باعتبارها أمراً ينم عن "انحراف" خطير. لكن المذكور، تحدث بانفعال، في سياق آخر، ثم استدرك بملاحظته الفلسطينية، في الدقائق الأخيرة من الحلقة، وكان هذا أكثر من كافٍ للقناة، ومؤدياً للغرض! غير أن الثغرة المهنية، في اختيار ضيف من هذه الشاكلة، لكي يعبر عن الموقف المعارض، أن محمد أبو حامد، ليس منضوياً في حزب أو جماعة من القوى المدنية، القومية واليسارية والليبرالية. هو حاول أن ينضوي، وكان من مؤسسي حزب "المصريين الأحرار" لكن هذا الحزب نفسه، لم يحتمل شطحاته الغرائبية التي ستشوّه مقاصد الحزب، وتتهدد محاولاته لكسب أي تأييد في الشارع، فدفعه الى الاستقالة. فلا يحتملن أي حزب ثوري، لا في مصر، ولا في الحبشة، ناشطاً يرى في سمير جعجع مثله الأعلى. وحين يؤتى بمحاور من هذا الطراز، لكي يدافع عن مطالب القوى الثورية المعارضة، فإن هذه الأخيرة هي التي تتأذى وتخسر. وهنا يكمن مثال آخر، للمكر الإعلامي الذي تتمتع به "الجزيرة"! * * * لعل هذه مناسبة للقول، إن انتقاد حكم مرسي ومعارضته، تتطلب قدراً كبيراً من التأهيل ومن الصدقية. فـ "الإخوان" ليسوا هدفاً سهلاً ولن يكونوا. وربما التأهيل نفسه، والثقافة العالية، لا تساعد صاحبها إن هجم على "الإخوان" بمنطق سخيف يرتد سلباً على قائله وعلى من يُحسب عليهم. ففي تاريخ عباس محمود العقاد مثلاً، وهو الحصيف المدقق الوازن في رأيه، أساء الى نفسه، في الأربعينيات، عندما تناول حسن البنا بخفة وحنق، متجاوزاً عن المنطق العلمي الذي يتحلى به، فكتب يحلل شخصية الرجل ويقرأ ملامح وجهه وعينية، وينسبه الى أصول يهودية مغربية، متدنياً الى ما لا يليق به من الكتابة. قال آنذاك، عن مؤسس "الجماعة" إن أباه كان ساعاتيا في شارع "السكة الجديدة" (القريب من الموسكي) و"إننا في مصر، لا نكاد نعرف ساعاتياً، من غير اليهود، كان مشتغلاً في "السكة الجديدة" في هذه الصناعة. ولا يزال كبار الساعاتية منهم"! فقد سخر الجميع من العقاد حين كتب هذا الهجاء، إذ كان في مقدوره أن يكتفي بتناول السلوك السياسي والحزبي للرجل، وأن يكتب بموضوعية وإقناع. إعلام اليوم، يفتح المجال لكل ذي موال، لكي يهجو بطريقته. كثير من الهجاء يضر أصحابه ويكون هذا هو المطلوب للطرف الآخر. إن أفضل ما يعبر عن قوى الطرفين المتعارضين في مصر الآن، هم القانونيون، وأسوأ من يعبرون هم المتشنجون المتزيدون في التشنيع. المطالبون بالإسقاط، يضاهون الطرف الاشد إصراراً على توصيف الناس بالفلول. لا يستوي الأمر بسرعة المطالبة بإسقاط رئيس منتخب، ولا بالإصرار على أن ملايين المعارضين من الفلول. فحتى لو كان المعارضون، من حزب مبارك سابقاً، فإن لهم حقوقاً دستورية طبيعية، يتأسس عليها حقهم السياسي، لأن مبارك لم يكن هتلر لكي يُمنع مريدوه السابقون، من حقوقهم السياسية، مثلما مُنع أتباع الفوهرر في أوروبا بعد الحرب. فالرجل لم يمارس تطهيراً عرقياً ولم يهجم على أمم ولم يحرق أقطاراً. السجال في مصر الآن، ليس عقلانياً، وهذا يجلب الكارثة. ثم إن وسائل الإعلام، تؤجج في الاتجاهين. والطرفان غابت عنهما مسائل بديهية، عنوانها من شقين: لن تبتلع "جماعة" بلداً بحجم مصر، مهما حشدت في بدايات تجربتها، ولن تستطيع قوة مدنية فرض رأيها بغير الوسائل الديموقراطية! www.adlisadek.netadlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|