عدلي صادق: عدلي صادق : السهم الأخضر للمصالحة بتاريخ الثلاثاء 04 ديسمبر 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
السهم الأخضر للمصالحة عدلي صادق
المداولات التمهيدية التي تجري حالياً في القاهرة،
السهم الأخضر للمصالحة عدلي صادق المداولات التمهيدية التي تجري حالياً في القاهرة، بخصوص تطبيقات المصالحة؛ تؤشر الى ارتفاع فرص النجاح، على مستوى الخطوط العامة، وبدا أنها أظهرت سهماً باللون الأخضر، على لوحة السجال بين من يتوخون الربح ويعملون على الخسارة! للمرة الأولى، تتوافر خلفيات مهمة للمحاولة الراهنة، أولاها الخلفية الإقليمة، حيث أن أحد عناصر إعاقة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي يمثله النظام السوري توخياً للاستحواذ على ورقة "المقاومة" لتغطية سوءاته؛ أوشك على الإحالة الى سلة القمامة، غير مأسوف على سحنته، وستلاحقه خكايات فظائعه المجهولة حتى الآن، فضلاً عن فظائعه المعلومة. ومن بين العناصر المتوافرة، ما استقر عليه نهج النظام الجديد في مصر، أياً كانت الغلبة في الأزمة الراهنة التي يمر بها. ففي السابق، كان تبرير معاندي المصالحة، أن النظام المصري يرتهن للسياسة الأمريكية ويحابي إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أما اليوم فإن القوى الأيديولوجية نفسها، التي وصلت الى سدة الحكم في مصر، تزن الأمور بميزان استراتيجي، يضطر القائمون عليه الى التعاطي مع كل الحقائق على الأرض ومع كل الفرضيات. ولدينا نحن وأنظمة "الربيع العربي" الكثير من المهام، لكي نعمل معاً على إحباط الغطرسة الإسرائيلية، والتمكين للدولة المعترف بها، لكي تبسط هذه الدولة سيادتها على أرضها، رغماً عن القوى الأكثر تطرفاً وعنصرية، التي تحكم إسرائيل الآن، ويُتوقع أن تحكم حتى تحبطها عُزلتها الدولية. على الصعيد الوطني الفلسطيني، لم يكن موقف السلطة الفلسطينية جديداً في الوقوف ضد العدوان الإسرائيلي. غير أن "حماس" في هذه المرة، كان لديها القابلية لأن تتفهم الموقف الوطني الطبيعي، وهو مناهضة العدوان بأقصى ما يستطيع الوطنيون. هكذا كان الحال في العدوان الذي بدأ يوم 27 كانون الأول (ديسمبر) 2008 لكن قابلية "حماس" لم تكن يومها، جاهزة لأن تتعاطى إيجاباً مع وقوف الحركة الوطنية مع شعبها. وبدلاً من ذلك، أرسلت الاتهامات جزافاً. ولعل من محاسن الصدف، أن العدوان الأخير، جرى في الفترة نفسها التي كانت القيادة الفلسطينية تتأهب فيها للمضي الى الجمعية العامة للأمم المتحدة، غير مكترثة بالتهديدات الإسرائيلية والأمريكية. وقد لقيت الخطوة الفلسطينية التاريخية، مساندة من الحكم الجديد في مصر، ومن "حماس" تالياً، ولكون "حماس" معنية بالتأطير السياسي والجغرافي للحيّز الذي نسعى الى الاعتراف بدولتنا فيه، وبخاصة بعد الاتفاق على الهدنة؛ فإن ترحيب "حماس" ومساندتها للمسعى الفلسطيني، وفر هو الآخر، عنصراً جديداً يساعد سهم المصالحة، على مغادرة الأحمر، واكتساء اللون الأخضر! * * * في الخلفيات الجديدة، على سبيل التفصيل؛ كان طبيعياً أن تفخر "فتح" بقدرة شعبنا على المقاومة في حال توافرها وأن تشارك مع المقاومين في غزة، مثلما كان بديهياً أن ترحب "حماس" بمشروع الاعتراف بالدولة، باعتبار أن اعترافاً كهذا، من شأنه أن يجعل الصمود الفلسطيني، إن كان في وجه التهديدات، أو في وجه العدوان الإجرامي؛ يصب في المجرى الصحيح ويحقق ربحاً سياسياً. بل إن المقاومة نفسها، ستكون مع الاعتراف بالدولة. فنحن، على الرغم من ردود الأفعال الإسرائيلية المجنونة، واثقون بعد الحرب الأخيرة على غزة، بأن واشنطن ستفكر ألف مرة قبل تسمح بتحويل فلسطين الى منطقة اسثارة سياسية وعاطفية لجوارها العربي المستثار أصلاً. لكننا نعلم أن الأمريكيين الصامتين على سياسة اليمين العنصري المتطرف، سيواجهون صعوبة كبيرة، في لجم مجموعة نتنياهو ـ ليبرمان، التي ستفسد عليهم خططهم الاستراتيجية في منطقة لم تعد صاغرة ولا مضمونة بالنسبة لهم. وسوف ترتد إحباطات الأمريكيين، بشكل أو آخر، على هذه المجموعة الظلامية المنفلتة. ولعل أداء الدولة الفلسطينية، يكون عاملاً مساعداً على عُزلة متزايدة لمتطرفي الحكم في إسرائيل، بل على عُزلة السياسة الأمريكية نفسها إن ظلت على حالها! من جهتنا، يتوجب علينا أن نسارع للانضمام الى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وأن نتقدم برفع قضايا ضد دولة الاحتلال، بدءاً من مستهل زمن اختصاص هذه المحكمة وهو الأول من تموز (يوليو) 2002 لكي يُصار الى النظر والحكم، في قضايا جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية. ومن وضعية الدولة، التي تعزز الموقف الفلسطيني في المفاوضات، ينبغي علينا أن لا نسمح بعبث تفاوضي غير محدد زمنياً، لأن غاية المفاوضات العقيمة، من جانب الاحتلال، هي ذر الرماد في العيون. فأراضي الدولة غير متنازع عليها، والمساحات التي أقيمت عليها المستوطنات، مسروقة من أراضي بلد آخر محتل، والحديث يبدأ بتثبيت هذه المسلّمات، والدخول في تفصيلات الجلاء وضمانات عملية سلمية على أساس قرارات الشرعية الدولية! بهذه الوضعية وبهذه الخلفية، لا يصح أن يختلف فلسطينيان، ويمكن للسهم الأخضر للمصالحة أن يرتفع ليلامس على الأقل سعر التكلفة ويجنبنا الخسارة. ما تبقى من الحقوق القصوى، فلا بأس من أن يُحال الى الأيديولوجيا، والى الخطاب السياسي الحزبي، الذي يوفر النظام السياسي لأصحابهما الحق في التعبير عن الآمال والتطلعات. فالنظام السياسي الإسرائيلي وفر الغطاء للتطلعات الظالمة والفاسدة، للمهووسين المتطرفين الذين عاندوا حتى السياسة الأمريكية التي تحميهم؛ ولم يكن للمتطرفين في إسرائيل، حق التعبير وحسب، وإنما فرصة الوصول الى الحكم! ما تبقى من الأمنيات، ليس حكراً على فصيل أو فئة، وإنما هو راسخ في وجدان الفلسطينيين جميعاً، مع فارق مهم، وهو أن من يعمل في السياسة ويتواجد على خط الكفاح الوطني الحقيقي، ويحرص على إنقاذ المشروع الفلسطيني من الاندثار؛ ليس كمن يمكث في كنف الأيديولوجيا وخطاب الطنين بلا طحن، لا يبرحهما ولا يكترث لضياع كل شىء! لنذهب الى المصالحة الوطنية، التي تحمي المشروع الوطني من الذميمتين: الرقاعة السياسية والاستسلام للقوة الباغية، والشعارات ذات الوعود القصوى، وهي محبطة لنا أكثر مما تحبطنا الهزائم! www.adlisadek.netadlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|