عدلي صادق: عدلي صادق : عمر سليمان في ذمة الله بتاريخ الجمعة 20 يوليو 2012
الموضوع: قضايا وآراء
|
 عمر سليمان في ذمة الله عدلي صادق رحم الله عمر سليمان، فقد غيّبه الموت في لحظة مصرية فارقة،
عمر سليمان في ذمة الله عدلي صادق رحم الله عمر سليمان، فقد غيّبه الموت في لحظة مصرية فارقة، كأنما أثقلت على قلبه فكرة النطق السياسي، حيال ما سيأتي في مقبل الأيام. ففي ذروة الصخب الذي رافق معركة انتخابات الرئاسة، وجد الرجل الصامت الرزين نفسه، مضطراً للأخذ بناصية الكلام، وهو العارف بأسرار ومسالك الطريق الى الاستقرار. احبطه انسداد الطريق الى سباق الرئاسة، وهو الذي كان أمل الصامتين جميعاً لتلافي توريث الحكم الى الإبن من الأب. يومها، بدا واضحاً أن الرجل، يقف على الطرف النقيض من تيار سلطوي يحاول تكريس منطق الوراثة في الجمهورية، على غرار ما فعلته الأسرة التي حكمت سوريا. وعندما تركزت العيون عليه، لوحظت على عمر سليمان رجاحة عقله، مع سمات عسكرية تمزج بين الانضباط في أداء مهام الدولة، وتحاشي الغرور والنرجسية، والظهور الإعلامي، والمنحى الخطابي العاطفي. في مناسبة رحيل هذا الجندي الصارم الجاد، نستذكر معايشته للحال الفلسطينية في السنوات العشر الأخيرة من عمره. ونستذكر حكمته في مواجهة كل التخرضات التي استهدفت شخصه، فلم يذهب به الاعتداد بنفسه وبتجربته، الى الخفة في الرد على مهاجميه، وهو الذي بدأ عمله في القوات المسلحة في خضم المواجهة مع إسرائيل في النصف الأول من الخمسينيات، وتدرج في المناصب العسكرية بالغة الشرف، وثابر على التحصيل العلمي العسكري والمدني، الى أن وصل الى منصب رئيس إدارة تخطيط العمليات في القوات المسلحة، ثم نُقل الى الاستخبارات العسكرية، قبل تعيينه على رأس جهاز المخابرات العامة، وهو من خارج الجهاز. فقد عاش الرجل حياته في المؤسسة العسكرية فيما هي تقاتل، ولم يستبد به الغضب الذي استبد بكثيرين منا، عندما تنطح مستجدون طارئون على العمل الوطني، لممارسات تصنيف المحاربين القدامى وتخوينهم، بينما هم لم يكونوا في العير ولا في النفير. لكنه عندما أعرب عن رغبة متأخرة، في خوض انتخابات الرئاسة؛ كان هاجسه مختلفاً عن سواه ممن يريدون التمكين لتيارات وأحزاب. فقد أحس بأن واجبه هو خوض معركة الدفاع عن الدولة، وعن النظام الجمهوري، وعن التراث النضالي للشعب المصري ورموزه. وفي مرحلة العمل السياسي التي تمناها لنفسه، كان يرغب في أن يختتم حياته في العمل العام، بعد زلزال الثورة، بالتأكيد على مبدأ التداول الديموقراطي على السلطة، والمشاركة الفعلية للقوى الحية التي تحظى بثقة الشعب! ليت الذين أخفقوا في استيعاب مقاصد الرجل حياً، أن لا تستبد بهم نزعات هائجة، فيتخلفون عن تشييعه بكل التكريم الذي يستحق. لقد فقدت مصر واحداً من محاربيها المرموقين، ومن شهود مرحلة المخاض. لم يكن عمر سليمان إلا منحازاً لمصر ولدورها ولتقاليدها الجمهورية، ضد مآرب الأسرة والحاشية وتربصات المتربصين بمصر، وبدورها راهناً ومستقبلاً. www.adlisadek.net adlishaban@hotmail.com
|
|
| |
تقييم المقال |  | المعدل: 0 تصويتات: 0
|
|
|