نشرة دورية تعني بالترجمة عن الصحف والمجلات العالمية

نشرة مترجمة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر التوجيه السياسي

تصدر عن هيئة التوجيه السياسي والوطني

المبادلات الإقليمية وحل الدولتين

للصراع الفلسطيني الاسرائيلي

عوزي أراد

أغسطس 2005

ترجمة : رباح احمد

 

على مدار  السنوات السبعين الماضية، كانت القاعدة الذهبية للجهود المبذولة لاستنباط حل عادل  ودائم للنزاع العربي – اليهودي على أرض إسرائيل ( أو فلسطين إذا صح التعبير ) هي تقسيم الأرض بين الشعبين.

صحيح أنه كان هناك دائما متطرفون ممن يريدون السيطرة على الأرض كلها، وبين العرب والفلسطينيين كان الاكثر قوة والاكثر تداولاً، من الناحية التاريخية  وفي الحقيقة، هو ما  زال مستمراً  بدرجات متفاوتة .

وبين اليهود  بالمقابل، فقد كان المتطرفون دائماً هم الأقلية  والموقف الرسمي لجميع  الحكومات كان مع قبول التقسيم من الناحية العملية.

وبمرور السنين، أصبحت  فكرة  التقسيم أو ما  يمكن ان نطلق عليه  اليوم " حل الدولتين" هي المفتاح  المقبول عالمياً  لحل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي.

   واليوم، فإن معظم الإسرائيليين والمجتمع الدولي يدعمون حل الدولتين.

ضرورة التقسيم ــ أو  في الحقيقة حتميته – قد استمدت قوتها من  الحقيقة  الملحوظة  أن كلا المجتمعين اليهودي والفلسطيني ميالون لممارسة هوياتهم الخاصة الواضحة، والدفع بها إلى نقطة تقرير المصير الوطني. إذن في إطار مفهوم التقسيم يكمن التقسيم الثقافي والعرقي بين الشعبين. ومنذ اللحظة فان الفكرة مقبولة من معظم الفلسطينيين والبعض منهم ينظر إليها كقاعدة باتجاه حل طويل الأمد للصراع بينما تمثل بالنسبة للآخرين مرحلة انتقالية قبل القضاء على إسرائيل كدولة يهودية.

   وخلال العقد الماضي، ساعدت الخطط لتنفيذ التقسيم على ظهور آلية مبادلات الأرض، بمعنى تبادل السيادة على المناطق وتبادل مناطق بسكانها؛ وتبادل مناطق خالية من السكان وتبادل مناطق خالية بأخرى مأهولة بالسكان.

وفكرة تبادل الأرض أكثر قبولاً من غيرها من الأفكار التي طرحت كحل للمشاكل الديموغرافية،  حيث إنها  تتعلق بنقل السيادة ولا  تتضمن ترحيلاً  قسرياً للناس خارج بيوتهم.

 إن جميع خطط مبادلة الأرض تستخدم خطوط هدنة عام 1949– والتي قسمت مناطق الانتداب البريطاني غرب نهر الأردن ما  بين إسرائيل والعرب – كنقطة بداية جغرافية للمفاوضات، وكعلامة على امتداد  الحدود الإقليمية لكل طرف. وتستند دعواهم الى التطورات الديموغرافية التي أوجدت كتلاً استيطانية هي إلى حد ما متحدة عرقياً ومن الناحية الجغرافية تتوزع هذه الكتل بطريقة تجعل من السهل ربطها مع إسرائيل أو ربطها مع الدولة الفلسطينية.  وجميع خطط تبادل الأرض المتعددة تقترح نقل مناطق بغرض زيادة الانسجام العرقي مع ضمان حق كل طرف في الوصول إلى مناطقه.

في هذا السياق، يتيح تبادل الأرض انتقال السيادة على التجمعات السكانية المتجاورة – التجمعات السكانية اليهودية في الضفة الغربية القريبة من خط الهدنة، والتجمعات السكانية الفلسطينية الواقعة غرب وشمال خط الهدنة.

وعلى سبيل المثال، يمكن مبادلة كتل غوش عتصيون وأرئيل، والبلدات الكائنة في محافظة القدس مع البلدات والضواحي المحيطة بأم الفحم وعرعرة وبرطعة وقلنسوة والطيبة، الطيرة وكفر قاسم.

   عليه فان فكرة التقسيم في جوهرها تتضمن تقسيما عرقياً ثقافياً. و يشار إليه أحياناً على أنه المعيار الديموغرافي، لقد كان دائماً اللازمة الطبيعية لمعادلة التقسيم. بمعني أن المبدأ الذي كان يسترشد به في مقترحات التقسيم وترسيم الحدود كان هو التقسيم الثقافي والعرقي. فالديموغرافيا كانت لتشكيل الجغرافيا. وسلسلة مشاريع السلام التي قدمت عبر السنين تعكس بجلاء هذه الحقيقة. وعبر مراحل تاريخية جرى تقسيم ارض إسرائيل ديموغرافياً بالفعل، وفي زمن مبكر من هذه اللعبة.

ففلسطين الواقعة في شرق الاردن، وهي ذلك الجزء الذي يقع شرق النهر، قد أعطيت من قبل البريطانيين إلى العرب تحت حكم أمير الحجاز (عبد الله) والمستوطنات اليهودية كانت محظورة هناك.

وبينما القيادة الإسرائيلية في ذلك الحين تقدمت بمطالبتها التاريخية فيما يتعلق بشرق الأردن أيضاً كجزء مكمل للإرث اليهودي، لكن نادراً ما تجد يهوداً يسكنون هناك، والسكان المحليون كانوا عرباً. بالتالي فان التقسيم الأول لفلسطين كان من السهل تطبيقه، وقامت دولة عربية جزئياً على أرض فلسطين، وهي إمارة شرق الأردن، أو كما هي معروفة اليوم المملكة الأردنية الهاشمية. بالتالي فإن خطط التقسيم المتعاقبة التي تبعت قيام إمارة شرق الأردن تتعلق بالجزء الباقي من فلسطين وهي  ارض إسرائيل غرب نهر الأردن، والمسكونة من قبل  اليهود والعرب معاً، وبعض المدن و البلدات اليهودية كانت موجودة هناك منذ زمن سحيق والبعض  الآخر جرى تأسيسه مع وصول المهاجرين. كذلك فان السكان العرب الموجودين هناك قد تزايدوا عبر السنين مع وصول المهاجرين العرب وقد جذبت الكثير منهم الفرص الاقتصادية الجديدة التي أوجدتها المستوطنات اليهودية.

لكن هذا لم يفض إلى التعايش بسلام، كما لم تؤكد اعمال العنف التي ترتبت صحة التصميم الذي أصبح النغمة المعادة عبر العقود التي تلت.

يجب أن يتم فصل السكان، ولا مفر من قيام دولتين واحدة يهودية ـ هي إسرائيل، والثانية عربية، وأصبح يطلق عليها فيما بعد فلسطين.

ـ ومن الطريف حقاً انه حتى لجنة بيل قد أوصت عام 1937 بتهجير سكان حيث طبقاً لحدودها المقترحة يجب أن يكون هناك نفس العدد من (اليهود والعرب) في بعض المناطق المخصصة للدولة اليهودية، مثل مدينة حيفا.

   وفي البداية، ظهر نموذج معاد. فالمجموعة الدولية، أو تلك التي كانت تتحكم في ذلك الحين اقترحت التقسيم، وقبل اليهود مبدأ التقسيم من زاوية عملية رغم شدة مرارته بينما رفضه العرب والفلسطينيون، وبكل وضوح، كان رفض العرب والفلسطينيين يرجع إلى أن قبولهم به يتضمن الاعتراف بشرعية الصهيونية كحركة وطنية مؤهلة لإقامة دولة يهودية على ارض إسرائيل.

وفي العقدين الأخيرين، تغير هذا النموذج من خلال الإذعان التدريجي للعرب، وحديثا بالنسبة للفلسطينيين نحو قبول صيغة الدولتين.

وكما ذكرنا سابقاً، ليس جميع الفلسطينيين بقابلين للفكرة كحل دائم للصراع. فحماس على سبيل المثال، ترى في صيغة الدولتين مرحلة انتقالية قبل الانقضاض على كامل ارض فلسطين من النهر إلى البحر. 

    وحيث لم يحدث قيام  دولة فلسطينية، وسواء خطوط الهدنة أو الخطوط  المرسومة بالقوة  القائمة عن اتفاقيات مؤقتة  كانت هي البديل عن الحدود، فإن مقترحات  التقسيم القائمة على مبادلات  الأراضي  قد لاقت التأييد كوسائل لتسهيل ترسيم الحدود النهائية طبقاً للمبادىء الديموغرافية.

وفي الحقيقة، فان إسرائيل وجيرانها العرب قد وافقوا على تبادل الأراضي في الماضي، لا سيما في حالات اتفاقيات الهدنة عام 1949 ومعاهدة السلام مع الأردن عام 1994.

هذه المبادلات للأراضي كانت قائمة على اعتبارات وظيفية "مصالح للنقل عام 1950 والمصالح الزراعية في وادي عربة على التوالي. ويتميز الحديث الحالي بمقترحات قائمة على تقسيم جغرافي ديموغرافي، يجعل مبادلة الأرض أمرا ضرورياً إلى حد بعيد.

   وحظيت فكرة التقسيم بدعم إضافي باندلاع الانتفاضة الثانية، التي خيبت أمل الكثير من الإسرائيليين فيما يخص الأفكار السابقة عن الدمج أو الأنواع الأخرى من السيادة المشتركة، او الهياكل الفدرالية الوطنية لشعبين، وأفرزت أغلبية واسعة تقر بالفصل وفك الارتباط والتقسيم كحلول أكثر واقعية للصراع.

   إن معدل النمو الطبيعي للسكان الفلسطينيين ( والذي يعادل ضعف معدل اليهود) يحفز الدعم من الجانب الفلسطيني لحل الدولة الواحدة (الدولة الديمقراطية العلمانية) والتي يحكمها الفلسطينيون بسبب أغلبيتهم العددية قياساً لليهود كأقلية. علماً بان شرعية الدولة اليهودية، قد نالت إجماع المجوعة الدولية منذ أكثر من مئة سنة، وسوف تقاتل إسرائيل للحفاظ على استقلالها كذلك تماماً.

وعلى وجه التحديد فان إسرائيل من اجل المحافظة على هويتها اليهودية والديمقراطية راغبة في الانسحاب من 90 % من الضفة الغربية بالرغم من الارتباط العميق الذي يحمله الكثير من الإسرائيليين لهذه الأجزاء من موروثهم، والمصالح الأمنية المتعددة التي تسوغ احتفاظهم بتلك المناطق.

 

صفقة مبادلة الأرض الأساسية" :

توفر مبادلة المناطق تبعاً لخصائصها السكانية حل "الدولتين" وعلى أسس طويلة الأمد. وسوف تحول الحدود الجغرافية الديموغرافية الحالية بكل وضوح فكرة "الدولتين لشعبين" إلى واقع دولتين لشعب واحد.

لقد حذر الجغرافيون والخبراء الذين تعاملوا مع المسائل السكانية من تلك النتيجة السياسية منذ سنوات.

كما دفعت بداية مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين عام 1990 الخبراء المعنيين لأن يربطوا توقعاتهم السكانية بالخطط السياسية الجغرافية من اجل تقسيم يتضمن مبادلات في الأرض مع سكانها.

 ووضع خبراء الجغرافيا والسكان ــ وبعضهم باحثون إسرائيليون ــ مقترحات مستقبلية متعددة من اجل مبادلة الأرض.

فلقد نشر البروفيسور الإسرائيلي "جيدعون بيجر" من قسم الجغرافيا ـ جامعة تل أبيب، نموذجاً  مقترحاً  لدولتين: الأولى يهودية بالكامل والأخرى عربية بالكامل .

ويقترح المشروع تبادل أراض بين إسرائيل والفلسطينيين تنقل بموجبه إسرائيل للفلسطينيين "منطقة المثلث" بين كفر قاسم جنوبا حتى برطعة شمالاً وبكامل سكانها. وبالمقابل ينقل الفلسطينيون إلى إسرائيل عن أراض في وادي الأردن،  كذلك تصور "بيجر" نقل سكان دون نقل أراض وبصورة خاصة إعادة توطين اليهود الذين يقيمون في المستوطنات غير المتجاورة في الضفة الغربية، داخل إسرائيل، على أن يتم بالمقابل نقل العرب الإسرائيليين والبدو الذين يقيمون غير متجاورين في الجليل والنقب، للعيش في الدولة الفلسطينية.

البروفيسور ارنون سوفر من جامعة حيفا كان أكثر المدافعين ــ وبكل صراحة ــ عن مبادرات الأراضي بدافع سكاني، ومقترحه الذي نال الاهتمام الأكثر في إسرائيل، إن ثمة 450000 عربي يعيشون الآن تحت الحكم الإسرائيلي _ لا سيما العرب في شرق القدس, وفي "المثلث" – ويمكن كجزء من التسوية الدائمة "بين إسرائيل والفلسطينيين" أن يتم وضعهم تحت السيطرة الفلسطينية دون أن يرحل أحد عن منزله. وعلل سوفر ذلك بمجاورة القدس "والمثلث" للدولة الفلسطينية، كما هو الحال بالنسبة لعرب إسرائيل.

في الجليل في سياق مقايضة الأرض هذه، وبنفس التماثل والتبادلية يجب ان يسمح بنقل السيادة على الكتل السكانية المتجاورة.

التجمعات السكان اليهودية في الضفة الغربية الملاصقة لخط الهدنة، مقابل التجمعات السكانية العربية الواقعة شمال وغرب خط الهدنة.

وعلى وجه التحديد بنفس الفعل والتساوي مجمعات غوش عتصيون وأرئيل والبلدات في منطقة القدس، مقابل البلدات والقرى المحيطة بأم الفحم " عارة، برطعة، قلنسوة، الطيبة، الطيرة وكفر قاسم) انظر الخارطة رقم (1).

   لقد كانت هذه البلدات في الحقيقة تحت الحكم الأردني منذ نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين عام  1949، وبصفقة سرية بين إسرائيل والملك عبد الله ملك الأردن جرى وضع هذه البلدات تحت السيطرة الإسرائيلية نظرا لحاجات إسرائيل الأمنية في ذلك الحين.

 ولكن بما أن أي صفقة تبرم مع شخص واحد لها نفس شرعية الصفقة التي تبرم مع آخرين  فإن صفقة ابريل ( نيسان) عام  1949 يمكن الاستغناء  عنها في المستقبل، وينبغي ان يعكس الحد النهائي بين إسرائيل وفلسطين الواقع السكاني بدقة.

   في عام 2003، دافع البروفيسور السكاني " سيرجيو ديلابرجولا"، من الجامعة العبرية، عن تبادل الأراضي بما يشبه خطة سوفر، حاسباً بالارقام التوقعات السكانية لمثل هذا التبادل على المدى البعيد.

وطبقاً لدراسته، فإن الأغلبية السكانية في دولة إسرائيل ـ حتى بعد الانسحاب من الجولان، والضفة الغربية وغزة مع الاحتفاظ بالقدس ـ ستكون 79% عام 2010 و 77% عام 2020، و 74% عام 2050 وهذا يعني أن إسرائيل سوف تحافظ على أغلبية صلبة حتى مع تراجعها في النصف الثاني من هذا القرن. وبإجراء تبادل الأراضي، حسب ما  اقترح سوفر، فإن تلك الأغلبية ستكون أعلـــى بشكل بارز خلال هذه  الفترة، بمعنى  أنها ستكون 86% بحلول عـــام 2010، 84 % بحلول عام  2020 و 81 بحلول عام 2050.

بعبارات أخرى فإن مقترح تبادل الأراضي يحمل إمكانية عظيمة للمحافظة على شخصية إسرائيل اليهودية والديمقراطية وتعزيزها حتى نهاية هذا القرن.

 وفي عام 2004، كرر ديلابرجولا ثانيا ما قاله زملاءُه من جامعتي حيفا وتل أبيب: إن مثل هذه الصيغة لتبادل الأرض هي وحدها التي يمكن أن تضمن قابلية إسرائيل للحياة على المدى الطويل حسب ما تأسست في الأصل واعترفت بها المجموعة الدولية.

   هذا الإصرار يؤكد ما أصبح بالضرورة مرضياً عنه في إسرائيل، أحيانا بشكل واضح وأحيانا أخرى بشكل ضمني، وعلى طول الطيف السياسي الإسرائيلي بكامله ما عدا الجماعات غير الصهيونية. ولا غرابة بالتالي من أن بعض كبار السياسيين مثل أفغدور ليبرمان وزير البنية التحتية الأسبق ومن جناح اليمين، وكذلك أفرايم سنية وزير النقل الأسبق من يسار- الوسط قد باركا مقترحات مبادلة الأرض بدون إجلاء قسري للسكان.

ويدعم ليبرمان الفكرة كخطوة أحادية الجانب لأنها توفر قاعدة طويلة الأمد للاستقرار الإقليمي وليس بالضرورة أن تكون من خلال سلام متفاوض عليه. وليبرمان الذي كان فيما مضى ملتزماً بسيادة إسرائيل على الضفة الغربية، يجب أن يعتبر خير مثال دراماتيكي على الدعم الغامر الذي تلقاه فكرة تبادل الأرض والسكان من الجمهور الإسرائيلي وقادته السياسيين.

   كما حظيت فكرة تبادل المناطق مع سكانها بالتأييد من قبل شخصيات جماهيرية مرموقة،  الأدميرال عامي أيلون (المتقاعد)، القائد السابق للمؤسسة الأمنية ( الشين بيت) ذكر بأن برنامج النقاط الست الذي تفاوض عليه مع البروفيسور الفلسطيني "سري نسيبة" هو من النوع المشار إليه أعلاه، ويتضمن نوعا من المرونة التي تسمح بتبادلات للأراضي تكون مشتركة ومتفقاً عليها.

 وفي عام 2002 تقدم الكاتب ونائب رئيس أركان قوات جيش الدفاع الميجر جنرال عوزي ديان ومعه البروفيسور حزقيل درور وموش اتار من الملتقى الصهيوني بإسرائيل باقتراح ينصح بجملة من الإجراءات التي يجب أن تتخذ من اجل ضمان الأغلبية اليهودية في إسرائيل. وتتضمن هذه القائمة إمكانية مبادلات في الأرض والسكان كجزء من تصورهم للحل النهائي.

   وناقش البروفيسور شلومو أفنيري، المدير العام السابق لوزارة الخارجية وبروفيسور بارز في الجامعة العبرية في القدس ممتدحا الفكرة. أما البروفيسور "بيني موريس" من جامعة بن غوريون في النقب، والخبير المشهور في المسألة الفلسطينية، فقد ذهب إلى ما هو أبعد من تبادل السيادة على المناطق إلى التأكيد على الترحيل القسري.

فمنذ الاضطرابات التي وقعت بين العرب والإسرائيليين عام 2000، عقب اندلاع الانتفاضة في الضفة الغربية وغزة، تستحوذ على بني موريس نظرة متشائمة حول إمكانية التعايش المشترك بسلام في المستقبل، مدعياً أن الخليط السكاني الحالي سوف يقود لا محالة إلى حرب وحشية.

 وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة هآريتس عام 2004، أيد بني موريس الفصل السكاني كحل أخلاقي لمنع الحرب التي لا يمكن تلافيها، وهو حل أكثر إنسانية وبصورة مطلقة من أي خيار آخر.

   وأظهر مسح للرأي العام أجرته  الجامعة العبرية عام  2004 أن الدعم الجماهيري لمبادلة الأرض طبقا لما ارتآه  سوفر في ازدياد مستمر، لقد امتحن ذلك الاقتراع خيار تبادل الأراضي في سياق اتفاقية للوضع النهائي. وأظهر أن 55% من الجمهور العام يؤيد الفكرة، بالمقارنة مع 47 % في عام 2003.

لا غرابة إذن أن ليبرمان قد لحق بهذا الاتجاه، وعزز دعمه لخيار مبادلة، حتى ولو من جانب واحد ــ منطقة المثلث مقابل مناطق استراتيجية في الضفة الغربية وجنوب القدس.

واتبع ليبرمان ذلك بتأسيس حزب سياسي جديد يقوم على قضية واحدة هي مبادلة الأراضي.

هذا التوجه حرك ردة فعل معاكسة. على سبيل المثال، معارضة نشرت عام 2005، هاجم فيها الكولونيل شاؤول أرييلي - وكان المخطط لمفاوضات السلام في عهد باراك، مبادلة أم الفحم ورغم كونه من الداعمين لآليات مبادلات الأراضي- إلا أنه قال بقوة : أن المبادلة لا تتضمن إلا منطقة المثلث أو جزءاً  منها  والتي لا تشمل في الواقع سوى 130 ألف فلسطيني، ولا تحدث تغييرا سكانيا ملموساً.

ويضيف أرييلي كذلك أنه منذ سنة 1948 طور الفلسطينيون الذين يعيشون في إسرائيل هوية وطنية متميزة عن الفلسطينيين في الضفة الغربية.

   التوجه عند الفلسطينيين يبدو مختلفا مع رفض بارز للفكرة لدى قطاع كبير من المجتمع الفلسطيني. والمرتبطون بالسلطة الوطنية يبدون أكثر انفتاحا على إمكانية صفقة على طول الحدود السكانية. ويقول البعض منهم-وغالبا في المجالس الخاصة- أنها يجب أن تكون جزءا من رزمة في معاهدة دولية لاتفاقية الحل النهائي الدائم و الشامل.

و يعتقدون كذلك أنه إذا كانت مثل هذه الرزمة مصحوبة بحوافز اقتصادية كافية فسوف تكون خيارا يمكن قبوله ويعتقد بعض الفلسطينيين ان مثل هذا التبادل له فوائد ذات معنى, حيث يمكنهم من استرداد القدس العربية وتوطين اللاجئين بجوار أماكنهم الأصلية. ولكن ليس جميع الفلسطينيين بداعمين لفكرة المبادلة، وخاصة أولئك الذين يعيشون في إسرائيل.

 إن الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل هم في الحقيقة الأكثر صراحة بمعارضتهم لمثل هذه الصفقة. وبينما عبر بعض القادة المحليون عن دعمهم، فإن الأغلبية في زعامة المجموعة العربية رفضوا المقترحات. واستطلاعات الرأي التي أجريت عام 2002 من قبل الصحف العربية أظهرت أن أغلبية ضعيفة تعادل الثلث فقط تدعم تبادل الأراضي. إن ميول الأقلية العربية في إسرائيل تتساوى إن لم تكن أكثر تحفظا حول شخصية إسرائيل اليهودية. ومعظم العرب الإسرائيليين يرغبون أن يروا إسرائيل تغير قواعدها الدستورية،  وتتحول إلى دولة ثنائية القومية، وتمحى معظم الخصائص اليهودية للدولة. و أعضاء الكنيست العرب على سبيل المثال يعبرون صراحة عن رفضهم لرموز إسرائيل الوطنية وغيرها من التعبيرات عن شخصية إسرائيل اليهودية. وبالضرورة فإن الأغلبية من العرب الإسرائيليين كثيرا ما تتمنى رؤية تراجع الأغلبية اليهودية في إسرائيل وقد تراجعت مما يجعل الدولة تفقد شخصيتها كدولة يهودية كما تأسست في الأصل، و اعترف بها دوليا.

   ليس هناك بيانات ترصد تلك المسألة لكن الاستطلاعات التي أجريت عام 2002 و2003   أظهرت أن معظم العداء المكشوف تجاه شخصية إسرائيل اليهودية وقوامها يترافق مع أشد الميول الإسلامية ثورية، وتصادف وجود هذه الميول في نفس البلدتين المخصصتين أكثر من غيرهما للتبادل, بموجب خطة مبادلة الأرض تبعا للخطوط الديموغرافية التي رسمها سوفر وبيجر.

وأظهرت استطلاعات الرأي أن ما يقارب نصف العرب الإسرائيليين الذين يسكنون هذه المناطق يعارضون استمرار وجود إسرائيل كدولة يهودية، ويعتنق عدد بارز منهم أيدويولوجية إسلامية راديكالية.

بمثل هذا النوع من الوطنية الفلسطينية المعلنة ، والنفور الديني والسياسي العميق من إسرائيل، فإن التبادلات الإقليمية التي سبق ذكرها لن تنجز بالتالي أكبر قدر من التجانس  الاثني والثقافي، ولكلا الدولتين فقط, بل وسوف تؤدي إلى استقرار سياسي, وتجانس ايدولوجي في كلا الدولتين. مما يتيح لكثير من الفلسطينيين الإسرائيليين الذين يعبرون عن اعتزازهم بالوطنية الفلسطينية تحقيق هويتهم  كأعضاء في أغلبية داخل دولتهم حيث يستطيعون -أخيرا-  تقرير مصيرهم.

يقال أحيانا  أن العرب الإسرائيليين ربما يفضلون دائما مزايا دولة إسرائيل الديمقراطية على فلسطين. ولكن على المرء أن لا يخطئ في رؤية التوجه نحو ديمقراطية أخرى في الدولة الفلسطينية القادمة, حيث إن الهدف المعلن للمجموعة الدولية ان ترى دولة فلسطينية تقوم وتقرها في حالة كونها ديمقراطية وحيوية. وفي حالة كهذه  ربما يجد العرب الإسرائيليون الراغبون في العيش في مجتمع ديمقراطي أن لا تناقض في قبولهم للسيادة الفلسطينية وأن يتمتعوا بالمواطنة الكاملة في الدولة الفلسطينية الديمقراطية الوليدة.

   وهكذا، وبالرغم من تصريحات العرب الإسرائيليين ضد تبادل الأراضي، فإن المنطق الأكثر انسجاما مع ضرورة الفصل بين الشعوب هو تقسيم الأرض وتبادل المناطق تبعا للاعتبارات السياسية والثقافية والتي هي تلك المجاورة لشمال وشمال غرب الضفة الغربية.

   ولا حاجة للقول، أن مبادلة الأرض يمكن أن ترى النور فقط في سياق الوضع الدائم بين فلسطين وإسرائيل، وأن تحظى بالشرعية الدولية من معظم أولئك الأكثر قوة. والأكثر من ذلك على ما يبدو أنه بدون مثل هذه المبادلات الإقليمية فإن الاتفاقية النهائية  ربما لن تكون قابلة للتحقيق.

من بعض خصائص مبادلة الأرض التي قد تظهر في سياق هذه الصفقة أن المعاهدة الدولية والأعراف الراسخة لن تكون مقنعة، فثمة تنوع واسع في القانون الدولي لا يتيح مثل هذه المرونة اللازمة لاعتبار مثل هذه الاتفاقية قانونية ومقبولة، هذا على افتراض أن اتفاقية إسرائيلية فلسطينية شاملة للوضع النهائي قد تم التوصل إليها. و القانون الدولي السائد والمتعلق بهذه المسألة "أن لا يجد السكان أنفسهم بدون دولة"، وذلك بالطبع لن يكون الحال هنا.

وثمة اعتبار آخر له السيادة في القانون الدولي وهو " أن الارتباط بالأرض له الأولوية". ولكن هذا يجب ألا يعتبر مناقضا لقيام دولتين لأمتين، لكن رغبات العرب للابتعاد عن ذلك المنطق ــبحثا عن استثناء للمناطق المجاورة للدولة الفلسطينيةــ ربما وبطريقة ما تحرف الحق في تقرير المصير وتثير الشكوك حول صدق نواياهم في قبول حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية.

يقول البعض إن العرب الإسرائيليين عندما يواجهون باحتمال خضوعهم للسيادة الفلسطينية فإنهم سوف يختارون استغلال هذا المخرج،  ويُفعلون جنسيتهم الإسرائيلية وانتماءهم لما هو "الدولة اليهودية". 

تلك القضية تفترض ما يثير السخرية من أن العرب الإسرائيليين الذين طالما أكدوا على ارتباطهم العميق ببلداتهم وقراهم التي هي منبتهم، سوف يفضلون  الفرص الاقتصادية والدعم الاجتماعي الذي توفره  إسرائيل، وبكل حماس يحزمون أمتعتهم ويغادرون مواطنهم  التي نشأوا فيها ويتحركون نحو المناطق التي تخضع للسيادة الإسرائيلية.

مثل هذا التحرك سوف يقابل بالتهكم تجاه المطالب الفلسطينية بأن اللاجئين على سبيل المثال في جنوب لبنان يجب أن يعودوا إلى القرى والبلدات التي هجروها منذ ما يقرب من ستين عاماً، وهي على بعد بضعة أميال إلى الجنوب في الجليل.

اللاجئون سوف يفقدون الشرعية بمثل هذه المطالب إذا ما أصر إخوانهم على ترك منازلهم، واختيار الجنسية الإسرائيلية لتحاشي السيادة الفلسطينية.

   إن احتمال أن يترك العرب في إسرائيل الذين يعيشون في المناطق التي ستنتقل إلى السيادة الفلسطينية أماكن إقامتهم، ويتجهون  إلى إسرائيل ضعيف جداً. ذلك لأن المكاسب الاقتصادية لمثل هذا التشبث الفردي سوف تكون محدودة – فمعظم العرب الذين يعيشون في إسرائيل يعملون في أماكن إقامتهم لكن الأهم من ذلك، أن اتفاقية الوضع النهائي لا مناص من أنها ستغير من تعامل إسرائيل مع مواطنيها العرب. وحسب ما يقول شلومو أفنيري في مقال له نشر عام 2004:  " إذا أرادوا البقاء في إسرائيل فهذا يعني ـ تبعات ـ سوف تترتب على التزامهم كمواطنين."

 إن ترتيب مبادلة المناطق ربما يعمل على ضمان أن لا يفقد العرب الإسرائيليون الذين يقبلون بالسيادة الفلسطينية وبأي حال، فوائد الرفاه الاجتماعي التي اكتسبوها كمواطنين إسرائيليين. أما   التعويضات أو الأشكال الأخرى من المدفوعات فثمة احتمال بان يتم التعاون والتنسيق فيها مع  سلطات الدولة الفلسطينية من خلال تقليل العوائق الاقتصادية التي تترافق مع تغيير السيادة.

العرب في إسرائيل معفيون حتى اليوم من الخدمة العسكرية والوطنية في إسرائيل، والتي هي بكل تأكيد عبء رئيسي يترافق مع المواطنة. إن العائد من الخدمة العسكرية يعادل الفوائد الاقتصادية المادية.

وعقب توقيع اتفاقية للوضع النهائي والتقسيم، ستكون  إسرائيل  أكثر ميلاً للإصرار على أن ينال جميع مواطنيها بكل تجرد حقوقاً  وواجبات متساوية .

وفي مثل هذه الظروف يجب على العرب الإسرائيليين أن لا يشعروا بوخز الضمير عند الوفاء بواجبهم في الخدمة بجيش الدفاع الإسرائيلي ذلك لأن احتمال دخولهم في مواجهة مع إخوانهم سوف تتضاءل.

   وبالتالي فان العرب الإسرائيليين الذين يعيشون إلى الشمال والشمال الغربي من الضفة الغربية سيواجهون خيارين.

في الأول يستطيعون اختيار العيش في دولتهم والبقاء في بيوتهم وأماكن عملهم، وبين أبناء شعبهم الذين يتحدثون معهم نفس اللغة.

والثاني وهو الخيار المعاكس ويعني ترك بيوتهم، والتحرك نحو المناطق اليهودية، وبالتالي يسلمون أنفسهم إلى وضع أقلية وطنية دائمة في ارض لها لغة وثقافة وطنية أخرى، والمشاركة كذلك في تحمل عبء التزامات الجنسية الإسرائيلية.

   ومن زاوية قانونية وطنية سوف يتم هذا بدون القول أن مبادلة الأرض، قد تصبح قانون الأرض واتفاقية الوضع النهائي يجب أن تنال موافقة الكنيست الإسرائيلي، من أجل أن تصبح ملزمة من الناحية الديمقراطية. إنها تخضع لمنطق أن لا قيمة لصفقة تكون مخالفة للقانون الإسرائيلي، وإلا فإن المحكمة سوف تتدخل. تماماً كما شقت خطة فك الارتباط عن غزة طريقها خلال عملية قانونية وبرلمانية، مع حل لكل المسائل المتعلقة بأية حقوق مدنية أو إنسانية قد تظهر، تماماً كما ستكون اتفاقية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، في حالة الوضع النهائي والتي بدورها  عليها حل المسائل حتى تلك الأكثر تعقيداً.

وعلى سبيل المثال، حقيقة أن آلاف الإسرائيليين الذين يعيشون الآن في المناطق والتي سيتم التنازل عنها بشكل دائم للدولة الفلسطينية سيواجهون عملية اقتلاع وربما بالقوة ويرحلون إلى إسرائيل، هي إلى حد بعيد عمل أكثر قسوة من التنازل عن الأرض للفلسطينيين بالبلدات والممتلكات السليمة.

وتحت أي ظرف، من الواضح أن العملية بكاملها يجب أن يجري تنفيذها بالتزام صارم طبقاً للقوانين الإسرائيلية الديمقراطية بما فيها تلك التي تحمي الحقوق المدنية والإنسانية لكل من لهم علاقة.

وينبغي التذكير كذلك إن نسخ فكرة المبادلة  التي لا تتضمن التبادل السكاني قد جرى عرضها ونقاشها رسمياً  بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ففي يناير من عام 2001، أطلق الرئيس كلينتون ما تم اعتباره على نطاق واسع أكبر مجموعة من المبادئ الرسمية الأكثر استحقاقاً للثقة بغرض التقسيم المستقبلي المتبادل.

كان اقتراح الرئيس كلينتون بأن تتضمن الدولة الفلسطينية بأي حال ما بين 94-96 % من الضفة الغربية مع تبادل أراضٍ يعادل 1-3% وترتيبات إقليمية أخرى من اجل التعويض عن المناطق التي ستضمها إسرائيل لكتلها  الاستيطانية. إن المعيار لرسم مثل هذه الخرائط هو: 80% من المستوطنين في التجمعات، والتجاور المناطقي لكلا الطرفين، وتقليص الضم، وكذلك قلة الفلسطينيين المتأثرين بذلك.

وعاد الرئيس بوش فتوسع في هذه المعايير في رسالته إلى رئيس الوزراء شارون في نيسان 2004.

"على ضوء الوقائع الجديدة على الأرض، بما فيها مراكز التجمعات الإسرائيلية الرئيسية الموجودة حالياً، فمن غير المعقول أن نتوقع أن نتيجة مفاوضات الوضع النهائي ستكون العودة الكاملة والدقيقة لخط الهدنة عام 1949.

إن أية اتفاقية للوضع الدائم يمكن إنجازها على قاعدة التغييرات المتفق عليها والتي تعكس هذه الوقائع.

 

مبادلة الأرض الكبرى

صيغة تبادل الأرض المقترحة فيما  سبق حسب فكرة سوفر  التي هي الأكثر شيوعاً، وتعد وإن يكن بشكل ضمني أحياناً الأكثر تلاؤماً  مع المنطق السائد لحل الدولتين – أحداهما عربية بالكامل والأخرى يهودية بصورة غالبة.

 وهكذا فان التقسيم يمكن ان يجري طبقاً لمبادئ التجاور في المناطق، والتجانس الثقافي والعرقي، والترحيل المحدود للسكان. ولهذا فان مثل هذا  التبادل في  الأراضي يمكن ان توصف بمبادلة  الأراضي الأساسية، ولكن عندما يتم إمعان النظر في السياق الأوسع والمتعلق بالتسوية النهائية والشاملة للصراع العربي- الإسرائيلي، وعندما نضع في حسابنا الأبعاد الأخرى للديموغرافيا ـ كالاجتماعية  والاقتصادية ـ  وأكثر من الاعتبارات الثقافية والسياسية، عندها فإن صيغة أخرى لتبادل الأراضي تعرض نفسها.  والتي ليست ثنائية التبادل فقط، ولكنها في الحقيقة تبادل متعدد الأطراف.

إن تبادل الأراضي الموسع يتضمن الصفقة الأساسية التي جرى تفصيلها مسبقاً لكن باضافة بعد اقليمي آخر متعدد الأطراف.

هناك خطة لمثل هذا النوع من تبادل الأراضي على المستوى الاقليمي، وضعها بكل جرأة عميد الجامعة العبرية السابق واستاذ الجغرافيا يهوشع بن أرييه وطبقاً لخطته تتنازل إسرائيل لمصر عن  200-500 كيلومتر مربع من اراضي النقب المجاورة لشبه جزيرة سيناء مع طريق (كوريدور) بري يعبر النقب ليشكل جسراً برياً بين مصر والأردن.

وبالمقابل تتنازل مصر للفلسطينيين عن ضعف تلك المساحة في شمال سيناء تكون مجاورة لقطاع غزة. بحيث تزيد بشكل ملموس مساحة الأرض للمنطقة  الأكثر ازدحاماً  في العالم .

بالمقابل يجب أن يقبل الفلسطينيون بسيادة إسرائيل على مناطق في الضفة الغربية بنقس القدر والمساحة.

وعندها لن تشتمل على  المناطق المجاورة للقدس فقط ومعها  الكتل الاستيطانية بل مناطق اضافية بدون مواطنين فلسطينيين على طول نهر الأردن، ومحميات طبيعية في صحراء الخليل وعلى شاطىء البحر الميت ( انظر الخريطة 2 )

  التبرير الأساسي لهذه الصفقة الاكثر اتساعا بمبادلة الاراضي أنها سوف تعزز القدرة الاقتصادية والاجتماعية لقطاع غزة التي هي جزء من فلسطين كما سوف تنفع إسرائيل وهنا ستكون راضية بالتخلي عن منطقة في النقب، هي من حيث القيمة اقل نسبياً من المنطقة التي ستحصل عليها في الضفة الغربية.

هكذا سيجني الفلسطينيون والإسرائيليون فائدة عظمى من مبادلة كهذه إذ لم تجابه بالرفض.

وما إذا كانت مصر ستجني فائدة فتلك مسألة أخرى. وليس واضحاً أن الأرض التي ستحصل عليها مصر سوف تكون أكثر قيمة من تلك التي ستتخلى عنها، كما انه من غير الواضح كذلك  إن ممر العبور بالنقب الذي سيربط مصر مع الأردن يتضمن مصحلة مشتركة للبلدين، لكن  إذا أرادت مصر أن تقدم مساهمة ملموسة  من اجل تسوية كبرى للنزاع العربي الإسرائيلي بتبادل أراض  دون أن تخسر شيئاً ـ ويمكن أن تستفيد ـ فتلك بكل تأكيد فضيلة تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار من جانبها.

إن التطلع المصري لإحراز وضع الزعامة الإقليمية في الشرق الأوسط يمكن أن يكون دافعاً لإظهار مثل هذه المرونة التي من خلالها يمكن أن تجني ما هو أكثر من مجرد الاحترام.

لقد تم بحث هذه الفكرة من خلال إطلاع الدبلوماسيين والرسميين الأمريكيين والأوربيين والشرق أوسطيين الذين وجدوا في صفقة مبادلة الأراضي العريضة فكرة خلاقة وواعدة وأكثر انسجاماً مع طبيعة الرؤية اللازمة لحل عبقري للصراع وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.

وعلق بعض المصريين إن بحثاً جدياً لهذا المقترح لم يحن بعد، إما الموقف الأردني فما زال غير واضح لكن تسوية دائمة للنزاع العربي الإسرائيلي أمر ما زال في حاجة للمزيد من الجهد وبلا ريب سيستغرق وقت طويلاً، لأن ما هو مأمول عندما يحين الوقت أن تظهر مصر المرونة التي تجلت على سبيل المثال بين السعودية والأردن عام 1960 أو بين الأردن وسوريا حديثاً وتمارس تبادلاً في المناطق هو لمنفعة الجميع لكن المستفيد الأكبر هم الفلسطينيون.

وهكذا إذن فقد حان الوقت ـ بينما الناس ينظرون إلى ما بعد فك الارتباط مع غزة ويطرحون الأسئلة حول الاتجاه المستقبلي لعملية السلام ـ ان يعطوا اهتماماً جدياً لمفهوم مبادلة الأرض.

إن التوجهات الحالية تعرض للخطر الفعالية الطويلة المدى لأي حل لا يتضمن الخصائص السكانية، سواء في أشكاله الثنائية أو أشكاله الموسعة المتعددة الجوانب.

إن صيغ مبادلة الأرض يجب أن تبقى طويلاً معتبرة أو يتم التعامل معها كما أنها أجندة مخبأة لهذا الحزب أو ذاك، أو خطة شبه رسمية لآخرين بل يجب أن يجري تناولها كخيار عملي حان وقته.