الرئيسية / الآراء والمقالات / نادرة هاشم حامدة تكتب : النفاق العملي دهليز جهنم

نادرة هاشم حامدة تكتب : النفاق العملي دهليز جهنم

كاتبة واعلامية / فلسطين
كاتبة واعلامية / فلسطين

*النفاق العملي دهليز جهنم*

بقلم *أ.نادرة هاشم حامدة*

*(العقيدة)* : إن صلاح العقيدة في الإنسان، هي أصل الفوز والفلاح، إنها التوحيد، وأصول الدين في البناء والتكوين، وما سلوكياتنا وأفعالنا إلا عبارة عن مخرجات لهذا الأصل العقائدي، بعد مرورها عبر قنطرة المشاعر، فإن صَحَّ هذا الأساس(العقيدة و الإيمان)، صَحَّت تِباعا له مشاعرنا، ثم انضبطت به سلوكياتنا، وإذا كان فيه خلل ما، اختلت وفقا له مشاعرنا، وتأثرت أفعالنا، حيث أن بين هذه العناصر الثلاثة (العقيدة، المشاعر، السلوك) تناسبا طرديا، فكلما ترقت معرفتك بالألوهية والربوبية، وبالأسماء والصفات، كلما سما زادك العقائدي، وتحول هذا الزاد إلى طاقة أكبر من إيجابية المشاعر، التي تحكم أفعالك، فيكون الصادر عن هذه الثلاثية منك، من أقوال أو أفعال، لا يخرج عن إطار ما حددته العقيدة فيك مسبقا، سواء كان هذا في السر أو في العلن، فمثلا إيمانك، بأن الله هو القاهر فوق عباده، هو إيمان جازم ( *اعتقاد*)، فإن الشعور الذي يتولد مع هذا الإعتقاد، هو الخوف من هذا الإله القاهر ( *شعور)*، فيكون لديك نتيجة لهذا الشعور، انضباط في الأفعال، فلا تظلم أو تقهر أحدا من البشر ( *سلوك*)،وهكذا هو الارتباط.بين هذه المكونات، وحري أن تعرف أن العنصر العقائدي، هو عنصر روحي، داخلي مستور عن العيون، لا يطلع عليه أحد، ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، بينما الإحساس والسلوك، هما المخرجان الظاهران منا للناس . *(نظرية مرسايدس)* : إن الثلاثية التكوينية السابقة لمخرجات الماهية البشرية، تُعرف في علم البرمجة اللغوية العصبية، بنظرية مرسايدس، والتي يحاول المختصون من خلالها تحديد الخلل التربوي في الأفراد، ومن ثم توجيهم للعلاج النفسي في المنطقة المريضة من النظرية إما الفكر والاعتقاد، أو المشاعر والإحساس، أو التطبيق السلوكي.

*(النفاق)*: في ضوء ما تقدم، سأعرض آفة النفاق الخطيرة في ظل هذه النظرية، فالنفاق في بساطة معناه هو : ( إظهار الخير، وإبطان الشر)، وحسب نظرية مرسايدس، على المنافق أن يسير في نفسه عكس طبيعته، ليخفي حقيقة شعوره، و أن يظهر مشاعرا أخرى كاذبة، غير تلك التي يحملها في باطنه، والتي سيعمل على عدم ظهورها، وسوف يبذل جهدا قاتلا لذلك ، ممكن أن يصيبه في الغالب بأمراض القلب والشرايين، من ضغط وجلطات، إذا كان هذ النفاق ديدنه. . *أسباب النفاق*: إن الذي يدفع المسلم إلى هذه الآفة المذمومة، هو ضعف الوازع الديني، وعدم القدرة على مواجهة الآخرين، وانعدام الثقة في النفس، ورفض تقبل الإيجابية عن الآخر، فيدفعه هذا إلى الحقد عليهم، واعتبارهم خصومه، أو قد يكون الدافع حقارة الأصل، ودماثة الخلق، وانعدام المبادئ، فيتبع مقصدا خبيثا من الغدر والخداع، والوصولية، و والخيانة، فتراه يقترب من خصمه، ليتحرى أخباره، ثم يوقع به ضررا أنكى، وأكثر فتكا، وقد وثق الآخر به. *(أنواع النفاق)*: لقد قسم العلماء النفاق إلى نوعين، *نفاق أكبر (العقدي الإيماني*)، وهو الذي يقصده القرآن الكريم في قوله تعالى: ” *إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”*، ويندرج تحت هذا النفاق، ستة أنواع : تكذيب الرسول، أو تكذيب بعض ما جاء به، بغض الرسول، أو بغض ما جاء به، المسرة بانخفاض الدين، او الكراهية لانتصاره، وهذه الأنواع الستة تورد صاحبها الدرك الأسفل من النار، يقول الله تعالى “إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار . ( *عبد الله ابن أبي سلول*) كان ابن سلول نموذجا على النفاق العقدي، في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، نموذجا في صفاته، وفي سلوكياته، وقد كشف القرآن عن ما في داخله، فقد عرف برأس النفاق والمنافقين، إذ كان يقف في كل صلاة جمعة، بين صفوف المصلين، يثني على رسول الله، ويشهد أنه رسول الله، ويطلب من الناس أن ينصروه، ويؤيدوه، والله يعلم أنه كاذب، إلى أن فضحته أقواله وأفعاله، فقد انسحب يوم أحد، بثلث الجند من جيش المسلمين بغرض إضعاف المسلمين، والدفع نحو هزيمتهم، وموقف آخر له في النفاق، حين قال : ( لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)، حيث كادت هذه المقولة، أن تودي بعنقه على يد ابنه، لولا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد منعه، ومن شواهد نفاقه ايضا حادثة الإفك، حين خاض في عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها . *يقول ابن تيمية رحمه الله* : “إن خطورة المنافقين علينا، أشد من خطورة اليهود أنفسهم ” إذ إن المنافقين يدفعون بعجلة الركب، والنصر إلى الخلف، من حيث لا نعرفهم، ولا حتى نحذرهم، *(الطابور الخامس)* لقد كان أمثال ابن سلول المنافق في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، أما اليوم فقد بلينا في زمننا بالطابور الخامس (عملاء الاحتلال)، حيث يتخابر هؤلاء العملاء مع عدو الله وعدونا، ويساعدوهم على إخوة الدين، و شركاء الوطن، وبني الجلدة، فيبعون دينهم وضمائرهم وشرفهم، ونجني نحن القتل والدمار، فيخسرون بهذا الفعل الشنيع الدنيا والآخرة، لانهم في نفاق عقدي صريح، إذ يندرج فعلهم تحت أنواع النفاق العقدي. . *النوع الثاني : (نفاق العمل)* وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم، صفات المنافق فقال : ” *آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف*” والغرض من عرض هذه الصفات في هذا الحديث، هو التحذير منها، والنهي عن ممارستها، و خلعها إذا تلبس أحد فيها، حيث يقول العلماء : إن النفاق العملي، هو دهليز، وسلم عبور لجهنم، و إنما تعاظم إحدى هذه الصفات فينا، يجر إلى النفاق العقدي، والعياذ بالله، لأن هذه الصفات هي صفات مشتركة بين النفاقين (العقدي والعملي)، بالإضافة إلى صفات أخرى تخص منافقي الاعتقاد، قد أوردها القرآن ، كالكسل عند القيام إلى الصلاة وغيرها من صفات النفاق. *الحديث الأخطر* الحديث الأخطر في نفاق العمل، قال صلى الله عليه وسلم : *” أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلة منهن، كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر” متفق عليه*.تكمن خطورة هذا الحديث في معنى الحديث بشكل عام، بما ورد فيه من صفات للنفاق تختلف عن حديث، (آية المنافق ثلاث) ، من حيث الزيادة والتشديد، كذلك في خصوصية لفظة ( *منافقا خالصا*) ، وإليكم التفصيل : ١… معنى منافقا خالصا : على القول الراجح، إن (النفاق الخالص) هو النفاق الذي لا إيمان معه، وهذا لا يكون إلا مع النفاق الأكبر العقدي، ويرجع سبب ترجيح العلماء لهذا القول، هو أنه أقرب من أي قول، إلى دلالة منطوق الحديث، كما تفيد (إذا) التكرار فيمن حصلت منه هذه العلامات، وتكررت . ٢…. يقول ابن القيم : (من الممكن أن يجتمع النفاق العملي مع أصل الإيمان، ولكن إذا استحكم وكمل، ينسلخ صاحبه من الإسلام بالكلية، وإن صلى وصام وزعم انه مسلم)وهذا ما أفاده الحديث السابق. .                                           

٣…… يقول القرطبي في زيادة العلامة الرابعة في هذا الحديث،وهي (إذا خاصم فجر) عن العلامات الثلاثة في حديث آية المنافق ثلاث، يقول : فيكون أنه لم يقلها على سبيل الحصر، بل على سبيل الذكر والشمول، فإن الإيمان ينهى المسلم عن هذه الخلال للنفاق، فإذا كملت في العبد، ولم ينهاه إيمانه عن شيء، فهذا لا يكون الا منافقا خالصا. ٤…..وأخيرا لقد زيدت بعض صفات النفاق في هذا الحديث الخطير، والتي إذا اجتمعت كلها لم تبق شيئا من الإيمان، فكل صفة منفردة في المسلم، تنقص من إيمانه، فكيف إذا اجتمعت فيه هذه الاربعة . ٥…. في الحديث ” *إذا عاهد غدر”*، وفي حديث آية المنافق “إذا وعد أخلف “حيث في العهد شدة و تغليظ، عن الوعد، فالعهد يرتبط بأشياء ، تجعله موثقا غليظا، كالقسم مثلا، أو كتابة حجة أو ما شابه، وعليه يقول صلى الله عليه وسلم : ( *لكل غادر لواء، ينصب له يوم القيامة*) متفق عليه، وعليه فلا يجوز الغدر بالعهد حتى مع الكفار . ٦…… كذلك قد.أضيفت صفة رابعة للنفاق في هذا الحديث الخطير ، وهي صفة ” *إذا خاصم فجر”* حيث يقول القرطبي : ويعني بالفجور أن يخرج عن الحق عمدا، حتى يصير الحق باطلا، والباطل حقا، وفي الفجر التوسع في المعصية و مدعاة للكذب، ويقول صلى الله.عليه وسلم : *”إن أبغض الرجال الى الله الألد الخصم”* أخرجه البخاري، أبعد الله عنا وعنكم شر النفاق والمنافقين

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

عمر حلمي الغول

عمر حلمي الغول يكتب : نواقص القرار الاممي

نبض الحياة نواقص القرار الاممي عمر حلمي الغول بين مد وجزر على مدار 171 يوما …