الرئيسية / الآراء والمقالات / بسام صالح يكتب : حفلة لرجال الاستخبارات انتهت بغرق القارب

بسام صالح يكتب : حفلة لرجال الاستخبارات انتهت بغرق القارب

بسام صالح

حفلة لرجال الاستخبارات انتهت بغرق القارب 

بقلم بسام صالح 

نهاية مؤلمة لحفلة عيد ميلاد لاحد عملاء المخابرات الاسرائيلية وثلاثة اخرين كانو على متن القارب الذي غرق في البحيرة الكبرى شمالي ايطاليا مساء الاحد 28 مايو. الرواية الرسمية تقول ان غرق القارب كان بسبب عاصفة شديدة غير متوقعة في المنطقة. 

الحادثة اعادت للاذهان ما حدث قبل عامين وفي نفس المكان بحيرة ماجوري “البحيرة الكبرى” وعلى بعد ما يقارب 50كيلومتر فقط، ادت حادثة تلفريك موتاروني في شهر مايو /ايار 2021 والتي سقطت بما تحمل من سواح عائلة اسرائيلية كاملة بقي منهم على قيد الحياة يتيما إيتان بيران. توفي خمسة إسرائيليين في موتاروني: والد وأم وأخ واثنين من أجداد الطفل الصغير الذي كان يبلغ من العمر خمس سنوات في ذلك الوقت “.حسب صحيفة جيرزالم بوست. 

حادثتنان في نفس المكان والضحايا الاسرائيليين من عملاء المخابرات، حتى الآن، قد تكون هناك صدفة تافهة. لكن غرق القارب في بحيرة ماجوري ، مع وجود العديد من عملاء المخابرات الإيطالية على متنه ، لا بد أن يثير تساؤلات، أيضًا لأن المكان مثالي “لعمل” أجهزة المخابرات: هادئ ، منعزل ، يترددعليه المصطافين ، بالقرب من الحدود مع سويسرا.

كما هو معروف، فقد تبع ذلك اختطاف الطفل من قبل الجد (عميل موساد تاريخي آخر) من ايطاليا ، ونقل على الفور إلى إسرائيل، مما تسبب في شبه ازمة دبلوماسية بين ايطاليا واسرائيل، وعودة الطفل إلى خالته (التي رعته) والإفلات من العقاب في ايطاليا لعميل المخابرات السابق في تل أبيب.

عملية خطف الطفل كشفت ليس فقط معرفته الممتازة بالنظام الإيطالي، ولكن أيضًا الغياب التام لرقابة تحركات “زميل” لدولة تعتبر “حليفًا حديديًا” ، حتى لو كان “خارج الخدمة” وشارك في “مهمة خاصة”.

أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن أحد القتلى في غرق القارب هو مواطن إسرائيلي، في الخمسينيات من عمره ، “عضو سابق في قوات الأمن الإسرائيلية”، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.

القارب الغارق في بحيرة ماجوري يستوعب 15 راكبًا كحد أقصى: ولكن على متن القارب، كان هناك 23 شخصا اي بزيادة 8 ركاب من نساء ورجال آخرين.

وبحسب الرواية الرسمية ، فقد كانت عاصفة على البحيرة هي التي تسببت في غرق القارب، ربما بسبب تدفق مياه مع هبوب رياح تتراوح سرعتها بين 70 و 90 كيلومترًا في الساعة، والتي كانت سببا في انقلاب القارب في بضع ثوانٍ مسببةً وفاة أربعة. 

علما ان العديد من الربابنة أعربوا عن شكوكهم في أن قاربًا يبلغ طوله 16 مترًا يمكن أن يغرق هكذا في بحيرة.

اما الضحايا، تيزيانا بارنوبي وكلاوديو ألونزي، كانا في الواقع من عملاء المخابرات الداخلية الإيطالية. الضحية الثالثة كانت الضابط شيموني إيريز، 53 عامًا ولد في إسرائيل وامضى حياته في الموساد، وأخيراً آنا بوزكوفا، 50 عامًا، مواطنة روسية أصلها من بريانسك، في إيطاليا مع تصريح إقامة غير محدد المدة وزوجة المالك و ربان القارب، كلاوديو كارميناتي.

الشركة المالكة للقارب “حب البحيرة” تم تاسيسها في الخامس من ابريل ومسجلة باسم الزجان كارميناتي وبوزكوفا ومن بين انشطة الشركة القيام بتنظيم الرحلات وانشطة الاقامة على متن القوارب الى ادارة المرافق الفندقية وغير الفندقية ، وعلى وجه الخصوص لاصحاب العقارات، المبيت والافطار ومنازل العطلات والشقق والملاجىء الجبلية واديرة الرهبنة للضيافة.

حادثة غرق القوارب تثير العديد من التساؤلات ، عن فترة تواجد عملاء المخابرات الاسرائيليىة في ايطاليا؟ وما معنى تواجد هذا العدد الكبير من عملاء المخابرات الايطالية والاسرائيلية؟ هل كان فقط للاحتفال بعيد ميلاد الضابط الاسرائيلي؟ ام هناك ما هو ابعد من ذلك؟ 

في غضون ذلك ، سيكون من الضروري تقييم إمكانية وجود أسرار حقيقية أو مزعومة تتعلق بمهام الموساد في منطقة لومبارديا ، مع ضرورة إستعادة ترتيب الأيام التي سبقت الرحلة. بالنظر إلى ملفات الضحايا، والأدوار ونوع العمل الذي يقومون به، هناك العديد من الأسئلة في هذا التحقيق التي تتجاوز غرق قارب في بحيرة ماجيوري بسبب الظروف الجوية غير المواتية. 

وما يثير الاستغراب حقا، هو سرعة مغادرة الناجون واختفاءهم بعد ان استمع القضاء لهم ليلة الاحد، رغم وجود اربع ضحايا في الحادثة، بينما غادر الاسرائيليون فورا صباح الاثنين على متن رحلة عسكرية الى تل ابيب، تاركين شاحنتين مستاجرتين للرحلة واقفة على الرصيف، حسب صحيفة لاريبوبليكا. 

وتزعم صحيفة كوريري ديلا سيرا “ان الرحلة في بحيرة ماجوري لم يكن مخطط لها، وانها جاءت بعد اجتماعات في اقليم لومبارديا لتبادل المعلومات والوثائق، لم يكن الاسرائيليون قد فاتتهم رحلة العودة وقرروا تمديد وجودهم ليغطي عطلة نهاية الاسبوع بالكامل والمغادرة يوم الاثنين 29 مايو ايار. وحسب تقرير لنفس الصحيفة فقد تم “الابلاغ بسرعة ابعاد عن البيوت – القواعد الحكومية في المنطقة مع الحرص على عدم كشف اسماء الاشخاص الذين تم انقاذهم، من رجال الانقاذ”.

وتضيف صحيفة لاريبوبليكا: “تم إجلاء الإيطاليين على عجل من غرف الطوارئ والفنادق بين سيستو كاليندي ومالبينسا، حيث لا يوجد أي أثر لقضاء الليل”.

يقع حطام القارب في قاع البحيرة ويجب استعادته لفهم أسباب الغرق، تمامًا كما أنه من الضروري انتظار نتائج تشريح الجثث الأربعة لمحاولة فهم الأسباب. 

حتى الآن لم يكن هناك سوى عدد قليل من المصادفات والعديد من الأسئلة والقليل من الإجابات. لكن عالم الاستخبارات يقوم بالضبط على هذه البديهية.

السؤال الاخير هل سيتمكن القضاء الايطالي من الكشف والرد على التساؤلات وربما استجوابات برلمانية وتجاوز تدخلات اجهزة الاستخبارت ذات العلاقة الحميمة مع مثيلتها الاسرائيلية؟

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …