الرئيسية / الآراء والمقالات / نادية الصبار تكتب : توني بالحداثة الحقة وليذهب الدين والفقه إلى الجحيم

نادية الصبار تكتب : توني بالحداثة الحقة وليذهب الدين والفقه إلى الجحيم

نادية الصبار

كما تكتب نادية الصبار: “آتوني بالحداثة الحقة وليذهب الدين والفقه إلى الجحيم!”

لسنا ضد التغيير ولسنا ضد المؤسسات ولا نبخس حجم الإنجازات التي وصلنا إليها بفضل حقوقيين وحقوقيات ومناضلين ومناضلات حول الحقوق الإنسانية كيفما كانت المرجعيات التي تؤطرها.

فقط كل ما هنالك؛ ثمة مقولة كثيرا ما استفزت مشاعري كمتهممة لما يدور حولي، ولو أني لست أعمل من خلال أي إطار سياسي أو حقوقي أو مدني.. لكن! هذا لا ينفي تلك الروح التواقة للحقوق والمدافعة عن كرامة الإنسان.

المقولة التي ترددت على مسامعي بأكثر من مناسبة، خلال لقاءات لمنظمات نسائية والجدل حول المادة 400 من مدونة الأسرة، وأنها مادة تلغي ما قبلها، بما يفيد سحب البساط من تحت القاضي ولجم سلطته التقديرية التي ينبني جزء منها بالارتكاز على “الفقه”.

هذه المادة الحارقة بالنسبة للفيف من المناضلات اللائي طالبن بإلغائها، اي إلغاء الفقة حتى نكون حداثيين وعلتهن في ذلك، أنه علينا الاختيار، إما أن نكون حداثيين أو لا، فلا يمكن حسبهن أن نكون بمنزلة بين المنزلتين، إما أن نكون أو لا نكون.

يا معشر النساء وأنتن صفوة المجتمع ولا أشك، سياسيات مرموقات وحقوقيات وأستاذات جامعيات ومحاميات و غير ذلك من الفاعلات..

لكن! قبل المدونة، هناك الرحم الذي تناسلت من ظهرانيه المدونة وغيرها من القوانين، هناك السيستم! النظام!..

والنظام السياسي المغربي لا يقبل هذه القسمة الضيزى، وهذه القلبة على الدين والفقه رغم مسايرة روح العصر، لأنه نظام ينهل منهما معا: الحداثة مثلما التقليد، وأعلى مؤسسة بالدولة “المؤسسة الملكية “؛ فهي تنهل من الدين وتستمد شرعيتها من الدين وتظل روحها وعمقها يغرقان في التقليدانية، بالرغم من روح الحداثة ومواكبة الركب الذي لا ينكره أحد.

لكن! واهم، واهم من ظن أن المشرع المغربي سيفرط قيد أنملة مما يمكن اعتباره مرجعية تقليدية.. إنها إمارة المؤمنين يا سادة، وعليها يقوم الملك والملك يستمد روحه من الدين والفقه.

وأما الحداثة، على علاتها يا سادة، آتونا بها، هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، دلوني على هذه “الدولة الحداثية” وأروني الحداثة بمعناها في الديمقراطيات الحقة، التي تضمن للأسرة كافة الحقوق، آتوني بها حتى تكون ديني وديدني.

أضف أن القوانين؛ هي نتاج سيرورة المجتمع ولا يجب أن تتجاوزه، وهي تعبير عن احتياجات مجتمع ومتطلباته مع مراعاة طبيعة هذا المجتمع..

لنترك الدين جانبا فهو براء مني ومنكن.. نحن كبشر نخضع لناموس، ألا وهو “الطبع يغلب التطبع”، وكوننا دولة خارجة للتو من ربفة الاستعمار ولازالت شوائب الماضي عالقة في الأذهان وتحفر ذاكرتي وذاكرة الجميع وتبصم على عقليات ربما علينا جميعا محاربتها ليس بإلغائها بل بتهذيبها، فنحن لا نريد غسيل أدمغة بقدر ما نريد أدمغة أصيلة تواكب روح العصر،  فثمانون سنة بعد الاستقلال وما جنت! لا تعني الكثير، فلازلنا وسنبقى مجتمعات هجينة، لا نحن تقليديون ولا نحن حداثيون بما تعنيه الكلمة من معنى.

أضف، أن ما تطالب به هذه الثلة المتنورة يبقى كالأحلام نراها ولا نعيشها، ما دام الواقع ليس كذلك، فالدولة الحداثية تعطي حقوق المواطنة الكاملة وليست مقتصة، ومدونات أسرهم تضمن الرعاية والعيش الكريم، ما تعجز مدونتنا العتيدة من ضمان حتى الحد الأدنى منه.

لا ننكر أن المدونة استحقاق نرفع له القبعة وترفع له أكف الضراعة حتى يصبح حداثيأ ويضمن للأسرة حقوقها وللطفل حقوقه داخل مؤسسة الزواج وخارجها وفي ظروف الاستقرار وعند الانفصال كذلك، من ضمان العيش الكريم ودور الرعاية ومراكز الاستماع والإيواء لضحايا العنف وتأهيل المطلقات وتوفير المساعدة والمواكبة الاجتماعية والنفسية كذلك للنساء والأطفال، وتوفير كل ما يضمن العيش الكريم في دولة حداثية، وحينها فليذهب الدين والفقه إلى الجحيم!

نادية الصبار كاتبة رأي

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سليم الوادية

اللواء سليم الوادية يكتب : مسيلمه الكذاب ونتنياهو الاكذب ،،

ياسامعين الصوت ،، بقلم  اللواء سليم الوادية  مسيلمه الكذاب ونتنياهو الاكذب ،، زمن الرسول محمد …