الرئيسية / الآراء والمقالات / بكر ابو بكر يكتب : معركة “الجهاد” في غزة

بكر ابو بكر يكتب : معركة “الجهاد” في غزة

بكر أبوبكر

معركة “الجهاد” في غزة

بكر أبوبكر

النظر للمعركة التي حصلت بين آلة الحرب الصهيونية المدججة بكل ما يتخيله المرء من السلاح المتفوق بجميع الاتجاهات مع تنظيم فلسطيني ليس رئيسي تعدّ وللمرة الثالثة إنجازًا لهذا الفريق أو الفصيل الذي استطاع جرّ العدو لمعركة تحطّم هيبته مهما كان الثمن كبيرًا من قبل “الجهاد” والشعب الفلسطيني.

في المعركة أو العدوان الصهيوني المتواصل في قطاع غزة وفي الضفة معًا لم يتواني الصهيوني عن استخدام كل وسائله القتالية وأدواته البشرية ممثلة بالجيش وبالدعم السياسي وباعتداءات المستعمِرِين التي على ما يبدو تتحول الى استراتيجية استنزاف للجهد الفلسطيني خاصة الشعبي المقاوم منه.

لربما يمكن القول أن الذي حصل كان يمثل حالة استدراج صهيوني لفصيل “الجهاد الاسلامي” بكل مقومات الاستدراج والاستهداف المركّز لقياداته الفاعلة سواء في الضفة أو غزة، ولربما جاء ليرسل رسائل الى خارج فلسطين يؤكد فيها الإسرائيلي أنه لن يسكت وسيظل يتقدم في مساحة القتل المتسلسل ولكن بحدود هو يرسمها، وأنه لا يقبل للتهديدات أو الاتفاقيات من هنا أوهناك أن تمس حقيقة هيمنته وسيطرته النارية على الضفة الغربية وعلى قطاع غزة.

استطاع الصهيوني أن يستثمر الاعتداء في الضفة الغربية وهو المتواصل بكثافة منذ بداية العام ثم لاحقًا على القطاع في تكريس الفرقة والشِقاق بين الفصائل الفلسطينية مهما تغطت بما تسميه “الغرفة المشتركة” إبان معركة “ثأر الاحرار” 5/2023م كما سمتها “الجهاد”، لكن الحقيقة الواضحة هي أن الاستنزاف قد آتى ثماره بالاعتداء العسكري الصهيوني المتمدد في كل الضفة ثم الى القطاع من جهة، وفي الاستفراد المحسوب بدقة بفصيل صغير لجعله أمثولة أمام ذاك الكبير سواء في الضفة أو غزة، وكأنها رسالة الى الفصيلين الكبيرين “فتح” و”حماس” مصداقا للقول أنني أضرب الضعيف ضربة ينخلع لها قلب الكبير في تحوير لمقولة عنترة بن شداد.

اعتقد أن الرابح الأكبر من حالة الاستنزاف المتواصل يوميًا بالضفة والقدس خاصة، ثم الاستفراد الحاصل للفصائل الواحدة تلو الأخرى (أنظر قصة أكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض) التي تلت الحالة الأولى أي الفرقة والتشرذم بين الشطرين هي القيادة الإسرائيلية التي نجحت في استراتيجية إحداث الشرخ أصلًا وتعميقه حتى بات الفصل بين الضفة وغزة يتخذ المنحى العسكري والسياسي والجغرافي وصولًا الى الاجتماعي والنفسي.

وما تلاه بحربه الاستنزافية التي فصلت القطاع عما يجري في الضفة، وكأننا نعيش في مجتمعين منفصلين فعليًا، فلا رد ولا تفاعل لما يحصل في أي من الشطرين من الشطر الآخر، ثم في حالة الاستفراد بكل فئة أو جماعة اوفصيل.

إن فكرة المقاومة بشقيها العنفي والسلمي الجماهيري ضمن منطق حرب الشعب طويلة النفس باتت تُستخدم بحذر وضبط من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية كما الحال مع سلطة “حماس” الحاكمة بالأمر الواقع بغزة.

وحيث أن العقل الوظيفي السلطوي المرتبط بالمكاسب الفرعية وليس الوطنية العامة واستمرار الهيمنة يبدو هو الطاغي، إضافة لإيلاء الأكلاف السلطوية المرتبطة بالجمهور الاهمية الأولى مقابل المقاومة فكان مما لابد منه أن يُترك الجهاد الإسلامي وحيدًا لثلاث مرات في المعركة، مهما قيل من تبريرات.

إن الحالة الصعبة التي يعانيها الجسد الفلسطيني تستدعي وقفة حقيقة جادة. وتستدعي مراجعة كثيفة ونقدًا ذاتيًا مرّا في الشمال والجنوب. فلم يعد السكوت ممكنا ولم تعد مساحات الاختلاف الواسعة قابلة لإبقاء القضية تحت الأضواء، وما يتوجب في ظل كل ذلك وتعملق العدوان الصهيوني وتهويده للأرض والسماء والهواء، ومسلسل قتله للبشر، أن تعيد القيادة السياسية ترتيب أولوياتها في ظل فهم معنى”وحدة الساحات” نعم، لكن في ظل فهم أن اليد الواحدة الضاربة بقوة مهما كان معنى القوة هي اليد القادرة على تحقيق النصر.

خسرت السلطة الوطنية الفلسطينية مما حصل في القطاع، وتخسر يوميًا من حالة الاستنزاف بالضفة الغربية وخسرت “حماس” بوضوح رغم صلابة التصريحات دعمًا للجهاد في ما يحصل بالضفة والصمت الفعلي المميت، وفيما حصل بالعدوان على غزة والاستفراد بالجهاد. ومهما أعطينا “حماس” السلطة، أو السلطة الوطنية الفلسطينية العذر فإن الشعب الفلسطيني لا يفهم ألا تكون الأيدي ممدودة للمصافحة، ولا يفهم حرب الشعب بغير معنى وحدة الدم ووحدة القرار.

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …