
متخصص في الشؤون الاستراتجية والامنية
الأحواز بلد عربي لازال يعاني من الاحتلال
منذ العشرين من نيسان من العام 1920 يعني الشعب العربي الاحوازي من سطوة الاحتلال الفارسي البغيض ، ففي هذا اليوم منذ ثماني وتسعون عاما أقدمت دولة الفرس بالتأمر مع المملكة المتحدة ، الدولة الاستعمارية الاولى في تلك المرحلة ، والتي كانت قد استعمرت الكثير من المناطق و الدول حول العالم ، خاصة من الدول العربية ومنها منطقة الخليج العربي ، أقدمت دولة الفرس التي سميت في وقت لاحق باسم إيران ، على احتلال دولة الأحواز العربية في مؤامرة قذرة اعتقلت فيها الأمير خزعل الكعبي أمير الأحواز وزجته في السجن حتى توفاة الله ، لقد مثل الدور البريطاني في تلك المؤامرة خروجاً عن كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية ، حيث كان لها الدور المهم في تنفيذ وتسهيل احتلال دولة الأحواز من قبل الفرس ، وذلك حفاظاً على مصالحها في المنطقة ، خاصة بعد اكتشاف النفط في الأحواز ، فقد رأت بريطانيا الدولة الاستعمارية ، رأت أن ما تمثلة هذة المنطقة من أهمية استراتيجية لها بعد اكتشاف النفط ، بالإضافة إلى تحكمها في طرق المواصلات واشرافها على الخليج العربي وموانئة ذات الأهمية لتصدير النفط ، رأت أن بقاء سيطرتها على هذة المنطقة هى أهمية إستراتيجية لها لاستمرار نهب خيرات البلد وخاصة من مصادر الطاقة والتحكم بطرقها البرية والبحرية لتأمين وصول النفط لها .
شكل احتلال الأحواز في ذلك التاريخ بداية مرحلة دامية لازال الشعب العربي الاحوازي يعاني من تبعياتة ، وتبعيات ما مارسه ولازال يمارسه الاحتلال الفارسي ، سواء بوجهه الامبراطوري أو الملالي ، فقد مارس الاحتلال الايراني في عهد الشاه محمد رضا بلهوي ، المتحالف مع قوى الاستعمار العالمي متمثل في بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل ، مارس اقسى انواع القمع والقهر والالغاء للشعب العربي الاحوازي ، فبالإضافة إلى محاولة إلغاء الهوية العربية لشعب الأحواز وحرمانة من ممارسة حقوقة الإنسانية ، فرض سياسة التفريس على المواطنيين العرب ، فمنع التعامل باللغة العربية ، سواء في المدارس أو المصالح الحكومية أو حتى الحديث بين المواطنين ، وقام بتهجير قرى كاملة من القرى العربية واحل محلهم مواطنين من أصول فارسية في محاولة لالغاء الطابع العربي للاحواز ، وقام في هذا الإطار بتجفيف الأنهار في الأحواز ، وتغير مساراتها ، وبناء السدود ، من أجل دفع السكان العرب لترك أراضيهم والهجرة منها سعياً وراء الرزق بعد جفاف أرضهم ومزارعهم واشجارهم نتيجة حبس المياة عن أراضيهم ، في نفس الوقت اكتظت سجون الاحتلال الإيراني بالمواطنين العرب من الأحواز ، في محاولة لكسر إرادة هذا الشعب ، الذي رفض رغم كل هذة الإجراءات على مدار كل سنوات الاحتلال ، رفض الرضوخ وبقى متمسك بعروبتة وبارضه ودولته ، مارس نظام الملالي في طهران وبعد قيام ما سمي بالثورة الإسلامية ، مارس وبشكل أكثر بشاعة افظع الممارسات ضد الأحواز شعبا وارضا ، في محاولة مستمرة لكسر إرادة والغاء هوية هذا الشعب الذي يزداد تمسكا بعروبتة وبارضه كلما ازدادت ممارسات الاحتلال وادواتة.
طوال سنوات الاحتلال والظلم التاريخي الذي وقع على الشعب العربي الاحوازي ، طوال هذة السنوات هب الشعب الاحوازي في مناسبات كثيرة ضد الاحتلال وممارساتة وممارسة أعوانة وادواتة الأمنية ، هب دفاعاً عن حقه في الاستقلال والحرية وإقامة دولته المستقلة واستعادتة خيراته المنهوبة من قبل دولة الاحتلال ، فانتفاضة الخامس عشر من نيسان 2005 لا زالت ماثلة ، وغيرها من الانتفاضات والأعمال النضالية التي لم تتوقف منذ الاحتلال حتى الآن ، وليس ما يحدث الان سواء في الأحواز أو داخل جغرافية ما يسمي إيران ، ليس إلا تعبير عن استمرار نضال الشعب العربي الاحوازي والشعوب الاخرى الواقعة تحت نير هذا الاحتلال في جغرافية إيران .
في ظل غياب موقف من المجتمع الدولي ، دولا ونشطاء ومجتمعات ومنظمات دولية ، في ظل غياب هذا الموقف ، وانحيازة لقوى الظلم ، وبقايا الاستعمار ، ورضوخة لمنطق القوة ، وكيلة بمكايل مختلفة كما يحدث في الأحواز وفلسطين ، سيبقى العدل مفقوداً ، وشعارات الحرية والكرامة والعدالة وحقوق الإنسان ، ستبقى هذه الشعارات شعارات جوفاء لا معنى ولا قيمة لها ، لكن الشعوب التواقه للحرية والاستقلال ستستمر في نضالها وكفاحها مهما غلت التضحيات ، والشعب العربي الاحوازي الذي يعاني منذ ثماني وتسعون عاما من الاحتلال مستمر في نضالة ، لم تلن عزيمتة ، ولم تهن كرامته ، ولم يستسلم رغم شراسة المحتل وتأمر الأخ قبل العدو ، صمود الشعب الاحوازي للحفاظ على حقة وهويتة أصبح صفحة ناصعة في تاريخة وتاريخ الأمة ستفتخر بة الأجيال القادمة وتقتدي بة كل الشعوب التواقة للحرية والاستقلال .
لواء/مستشار
مأمون هارون رشيد
فلسطين
20/4/2023