الرئيسية / الآراء والمقالات / خالد غنام : ألعاب الكلمات القاتلة: الجامعات وتعريف معاداة السامية

خالد غنام : ألعاب الكلمات القاتلة: الجامعات وتعريف معاداة السامية

خالد غنام

ألعاب الكلمات القاتلة: الجامعات وتعريف معاداة السامية

بقلم البرفسور الأسترالي نيك ريمر Nick Riemer

نشر باللغة الإنجليزية على موقع overland.org.au الالكتروني يوم 2-2-2023

ترجمة خالد غنام – استراليا

في غضون أسابيع قليلة، سيناقش نواب المستشارين للجامعات: المسؤولين الباحثين “الأكاديميين” والإداريين في الجامعات، طلبًا من مجموعة من السياسيين الاتحاديين “الفيدراليين” لتأييد الصهاينة في أحدث سلاح يستخدمونه منذ فترة طويلة لقمع (أو حتى تجريم) انتقادات سياسات الفصل العنصري الإسرائيلي في الحرم الجامعي بالجامعات الاسترالية – التعريف المثير للجدل لمعاداة السامية الذي أنتجه التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة “الهولوكوست” الدولية التحالف (IHRA) .

وقد طُلب من نواب المستشارين للجامعات المصادقة على التعريف في كانون الأول “ديسمبر” 2022 من قبل مجموعة جديدة: هي الأصدقاء نواب “البرلمانيون” الأستراليون للتحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة. سيشكل قرارهم لحظة فاصلة بالنسبة لمصداقية الجامعات المهددة بالفعل إلى حد ما كمراكز للتحليل المستقل وقول الحقيقة. بعيدًا عما يروجون له بأن المصداقة على التعريف ضروري كونه أداة في مكافحة معاداة السامية، إلا أن الحقيقة أن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة: هو مطرقة لسحق أي قول أو فعل تضامني مع فلسطين، وكانت المصداقة على هذا التعريف موضوع نقاش دولي مكثف لعدة سنوات.

يوجد الآن مجموعة كبيرة جدًا من الأدلة حول الاستخدام السياسي لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة؛ لقمع انتقاد إسرائيل في جميع أنحاء العالم. وسط مجموعة الانتقادات كبيرة لهذا التعريف، بما في ذلك من قبل الجماعات اليهودية والفلسطينية وحتى من المؤلف الأصلي للتعريف ، يمكننا أن نشكر منظمة الأصوات اليهودية المستقلة الكندية على التحليل الأكثر شمولاً الذي تم إنتاجه حتى الآن. خلص تقرير صدر في تشرين الأول “أكتوبر” 2022، بعنوان “الكشف عن المناخ البارد : قمع الكلام عن فلسطين في كندا؛ لى أن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة يمثل محاولة غير مسبوقة لتأطير نقد دولة إسرائيل أو الفكرانية “الأيديولوجية” السياسية للصهيونية على أنه “معاداة السامية”.

ويمكننا أن نلاحظ: أنه على الرغم من الادعاءات بأن التعريف وأمثلة المرافقة له ؛ ليست “ملزمة قانونًا”، فقد دعمت الانتهاكات المزعومة للتحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة العديد من القضايا والهجمات التي شنت ضد المدافعين عن حقوق الإنسان الفلسطيني. مثل هذه الحالات عديدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا، كما ظهرت في كندا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وفنلندا وأستراليا.

في أستراليا، وصلت مسألة اعتماد التعريف إلى ذروتها في الوقت الذي كان فيه الخطر في دعم إسرائيل وسياسات الفصل العنصري الخاصة بها واضحًا أكثر من المعتاد. كمكافأة منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعم الاسترالي رئاسته الحالية للوزراء، خصوصاً سيطرته فعالة على الفلسطينيين في الضفة الغربية على أيدي اليهود المتعصبين “الفاشيين”، الذين كانوا يعتبرون في السابق متطرفين للغاية حتى في الثقافة السياسية الإسرائيلية المتطرفة ” الراديكالية”.

مع معاملة إسرائيل للفلسطينيين الآن نتيجة عرضية لمخططات نتنياهو للبقاء خارج السجن، فإن حركة الاستيطان وقوات الأمن التي تدعمها لديها مجال أكبر من أي وقت مضى لتدمير حياة الفلسطينيين. كان عام 2022 من أكثر الأعوام دموية بالنسبة لفلسطينيي الضفة الغربية منذ ما يقرب من عقدين ، وقد قُتل هذا العام خمسة وثلاثون فلسطينيًا في شهر كانون ثاني “يناير” وحده . وزير الأمن القومي الجديد، المنظّر المتطرف إيتمار بن غفير، والوزير المسؤول عن تنسيق أعمال الحكومة في المناطق المحتلة: بتسلئيل سموتريتش: هما من أكثر العناصر تطرفا في المجتمع الإسرائيلي، والآن تم منحهم رخصة جديدة تجيز لهم قتل الفلسطينيين. عندما يناقش نواب المستشارين للجامعات تبني التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، عليهم أن يفهموا أن هذه هي القوى السياسية المتطرفة التي سوف ترضيهم.

إذا كان تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة يهدف فقط إلى مكافحة معاداة السامية، فلن يعترض عليه أحد – أقله حركة التضامن مع فلسطين، التي أعلنت مرارًا وتكرارًا معارضتها غير المشروطة لجميع أشكال العنصرية ومعاداة السامية فيما بينهم، وهي تضم العديد من الناشطين اليهود البارزين، كما تؤيدها جماعات يهودية عديدة.

في الواقع، ليس تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة على هذا النحو -أي “تصور معين لليهود، والذي يمكن التعبير عنه على أنه كراهية لليهود. المظاهر الخطابية والجسدية لمعاداة السامية موجهة نحو اليهود أو غير اليهود و /أو ممتلكاتهم، تجاه مؤسسات الجالية اليهودية والمنشآت الدينية – وهذا له آثار خطيرة على الفلسطينيين ومؤيديهم، وحرية البحث العلمي بشكل عام، ولكن الأمثلة التي أضافها التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لتوضيح ذلك.

كما لوحظ مرارًا وتكرارًا، تتعامل هذه الأمثلة مع مجموعة من الانتقادات غير الاستثنائية لإسرائيل باعتبارها معادية للسامية. إذا تم قبول تفسير التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية، فإن “الادعاء بأن وجود دولة إسرائيل هو مسعى عنصري” يصبح معادٍ للسامية، على الرغم من أن وجود إسرائيل ذاته، مثل وجود أستراليا، يستند إلى تجريد جماعي للسكان الأصليين. وبالمثل، فإن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة يضفي الطابع الرسمي على أحد الاتهامات المركزية للصهاينة ضد النقاد: فكرة أنهم يوجهون انتقادات لإسرائيل لا ينتقدونها مثل انتقادهم لدول أخرى. وبموجب تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، يصبح هذا الأمر معادًا للسامية أيضًا، حيث يُفترض أن النقاد يطالبون إسرائيل “بسلوك ليس … مطلوب من أي دولة ديمقراطية أخرى”.

لا يمكن بالطبع أن تكون هذه الأمثلة أكثر غموضًا، وهي تسمح بهامش واسع من المناورة في تطبيقها: إذا أراد الصهيوني رفض النقد السياسي لإسرائيل باعتباره مجرد معاداة للسامية، إن تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة سيجعل من الممكن لهم القيام بذلك. من اللافت للنظر أن التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة يسمح باتهام معاداة السامية بالتطبيق على انتقاد إسرائيل بغض النظر عن الحقائق الفعلية لممارسات تلك الدولة تجاه الفلسطينيين: بغض النظر عن تفاصيل الفصل العنصري الإسرائيلي المتصاعد -كم عدد المستوطنات غير القانونية التي تسمح بها، وكم عدد الفلسطينيين الذين تم تجريدهم من ممتلكاتهم، أو سجنوا بشكل غير قانوني أو قتلوا بدون محاكمة- إن انتقاد إسرائيل على أنها نظام عنصري، أو استفرادها بالنقد، ليس في تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، نقدًا سياسيًا، بل كراهية لليهود.

لا شك في أنه حساس لعدم تبرير هذا الموقف، فإن التعريف يحرص على تحديد أن “انتقاد إسرائيل على غرار ذلك الموجه ضد أي دولة أخرى لا يمكن اعتباره معادٍ للسامية. لكن الدافع الكامل لحجج الصهاينة ضد منتقديهم، لسنوات عديدة، كان على وجه التحديد أن منتقدي إسرائيل ينتقدونها بمعايير مختلفة عن انتقاد الدول الأخرى، وبالتالي هم معادون للسامية. هذه الحجج إما خاطئة أو غير ذات صلة، كما أوضح العديد من الفلسطينيين وغيرهم من النقاد، وكما استكشفت بإسهاب في كتابي الأخير : نظرية المقاطعة والنضال من أجل فلسطين. الجامعات والفكر والتحرر؛ إسرائيل ببساطة لا يمكن مقارنتها مع نيوزيلندا أو فنزويلا أو اليابان: وحدها من هذه البلدان، هي دولة فصل عنصري، كما أكدته مجموعة كبيرة ومتنوعة من الهيئات الفلسطينية والإسرائيلية والدولية . إنها تستحق انتقادات خاصة بها دون غيرها من بلدان.

لطالما استُخدمت الاتهامات الخلافية بمعاداة السامية كأداة لتشويه سمعة المدافعين عن العدالة وحقوق الإنسان للفلسطينيين. في استراليا، جيك لينش Jake Lynch هو أحد أبرز أهداف القمع الصهيوني – ولحسن الحظ أن قمعهم فاشل. الآن، يمنح تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، الذي تم اعتماده أو إقراره من قبل مجموعة واسعة من الحكومات والمنظمات والجامعات، يعطي هذا القمع شرعية إضافية.

في العام الماضي، استخدمت جامعة شيفيلد هالام Sheffield Hallam في المملكة المتحدة تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة للتعليق السلبي على المحاضرة الفلسطينية شهد أبو السلام ، بسبب دفاعها عن حقوق الفلسطينيين. وفي الولايات المتحدة، استهدفت جامعة جورج واشنطن الناشطة لارا شيهي، وهي مؤلفة مشاركة في بحث هام عن التحليل النفسي تحت الاحتلال. في الواقع يتم استهداف أي ممارسة أو قول يدعم المقاومة في فلسطين الآن على أنه معادي السامية على أسس مقننة من قبل التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة. في أستراليا، استبقت جامعة ملبورن الاجتماع الوطني لنواب المستشارين للجامعات من خلال تبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، كما فعلت جامعة ماكواري Macquarie في مدينة سدني قبل عام. وقد اعتمد حزب العمال الاسترالي ALP أيضًا التعريف في عام 2020. متى ستبدأ عمليات التطهير لدينا بشكل جدي؟

يجب على نواب المستشارين للجامعات النظر بعناية في عواقب اعتماد تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة وأمثلة المرافقة له. التعريف واسع المعنى، يتم أيضاً تفسير معاداة السامية بمعاني فضفاضة وتعبيرات فسيحة المعاني وبأساليب غير معقولة، لذا فإن الموافقة عليه ستكون له نتائج لم تتم مناقشتها: مما ستجعل مغامرة نواب المستشارين للجامعات كبيرة عندما يتفاجؤون بأعداد كبيرة من “معادي السامية” بين موظفيهم.

أعضاء النقابات كانوا أول من أعلن عن معاداة السامية. في عام 2021، في أعقاب الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، المئات من أعضاء الاتحاد الوطني للعاملين في التعليم العالي NTEU في فروع النقابة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك بجامعة سدني وجامعة نيو ساوث ويلز ، أصدروا قرارات تدين تصرفات إسرائيل وتقدم درجات مختلفة من الدعم لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS- وهي حملة المجتمع المدني التي يقودها الفلسطينيون من أجل العدالة الفلسطينية. وتبعهم الاتحاد الوطني للعاملين في التعليم العالي العام الماضي. حركة المقاطعة BDS هي حملة خاصة بإسرائيل، وبالتالي فهي تعتبر خاطئة بسبب اتهامها لإسرائيل بشكل فردي وتمييزي عن باقي دول العالم وفقاً لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة وأمثلة المرافقة له. هل سيتم إعلان أن جميع موظفي الجامعة الذين صوتوا على الفور لهذه القرارات بأنهم معادي للسامية؟

ماذا عن الباحثين العديدين -الخبراء في دراسات الشرق الأوسط، والعلاقات الدولية، والقانون الدولي، والتخصصات الأخرى -الذين أكدوا- وفقاً لتعريف معاداة السامية للتحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة- أن إسرائيل، كدولة استعمارية استيطانية تمارس الفصل العنصري، هي على وجه التحديد، “تمارس سياسات عنصرية”؟ والآخرين الذين لا حصر لهم والذين ربما لم يذكروا ذلك بشكل مباشر، ولكنهم سيوافقون على هذا الاقتراح إذا طُلب منه ذلك؟ زميلي بن سول Ben Saul أستاذ القانون الدولي بجامعة سدني، دافع عن مقاطعة مهرجان سدني في عام 2022، وعارض إدراج الفرع السياسي لحماس كمنظمة إرهابية، وغالبًا ما يعلق بشكل سلبي على السلوك الإسرائيلي، بما في ذلك في الحوارات؛ التي تمولها الجامعات. هل سيحصل الآن على شهادة عقابية بصفته معاد للسامية؟

كم عدد أعضاء العاملين في الجامعات الذين يستطيع نواب المستشارين للجامعات اعتبارهم معادون للسامية؟ هل كينيث روث Kenneth Roth، اليهودي الرئيس السابق لهيومن رايتس ووتش، تحت قيادته أنتجت المنظمة واحدة من العديد من لوائح الاتهام التفصيلية ضد الفصل العنصري الإسرائيلي والعنصرية ضد الفلسطينيين، معاداة السامية؟ حصل روث للتو على زمالة في جامعة هارفارد لكتابة عمله، على الرغم من محاولة الرقابة الاعتراضية اللوبي الإسرائيلي والتي كانت ناجحة في البداية. هل ستعتبره جامعات أسترالية عنصريًا؟ ماذا عن الباحثين في الاستعمار الاستيطاني، ودراسات الإبادة الجماعية، ودراسات تفوق الجنس الأبيض، والعنصرية، وتاريخ الشرق الأوسط، والأدب العالمي، أو عدد من التخصصات الأخرى، وكل من، في سياق عمله البحثي، يجد نفسه كثيرًا يتبنى مواقف تنتقد إسرائيل دون أن ينتقد الدول الأخرى أيضًا؟ ماذا عن الباحثين مثلي، الذين يدافعون صراحة عن المقاطعة الأكاديمية المؤسسية لإسرائيل، والذين ينخرطون في كل من المنح الدراسية والجدل حول هذا الموضوع؟

في تلك الأماكن، مثل المملكة المتحدة، حيث تم تبني التعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة على نطاق واسع، لم يكن هناك أي تطهير واسع النطاق للباحثين المنتقدين لإسرائيل. لا شك أن الصهاينة سيحبون جامعات المملكة المتحدة لتحقيق حجم الطرد الذي حدث مؤخرًا في زمن حكم حزب العمال في المملكة المتحدة. حتى في ظل ولع مسؤولي الجامعات بإقالة الموظفين، فإن أي حملة علنية وواسعة النطاق ضد مناهضي الصهيونية تبدو غير مرجحة في أستراليا في الوقت الحالي. بغض النظر، من المرجح أن يؤدي تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة إلى فرض رقابة ذاتية واسعة النطاق -تمامًا كما يجب أن يكون مقصودًا- ويوفر عذرًا فوريًا لإقالة المدافعين البارزين عن الحقوق الفلسطينية- الفلسطينيين أولاً وقبل كل شيء.

تطهير أم لا، يبقى المبدأ: إذا قاموا بالتسجيل، فسيتعين على نواب المستشارين للجامعات الأسترالية الاعتراف، وفقًا للتعريف الذي قبلوه للتو، يجب اعتبار أعداد كبيرة جدًا من موظفيهم معادون للسامية رسميًا. هذا ليس فقط غير صحيح: إنه أيضًا مدمر للغاية بالنسبة للحرب ضد معاداة السامية الحقيقية، والتي يجب ألا يتم استغلالها لأغراض تحقيق ميزة سياسية ضيقة من قبل نفس الفاعلين السياسيين الذين يقفون إلى جانب دولة الفصل العنصري.

إذا تم اعتماد التعريف وأمثلة المرافقة له، فسيواجه نواب المستشارين للجامعات الأسترالية خيارًا صعبًا: إما الشروع في إجراءات تأديبية ضد جميع الموظفين الذين تم الكشف عن أنهم معادون للسامية وفقاً لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية، أو، من خلال عدم القيام بذلك، الاعتراف ضمنيًا بأنه سيتم التسامح مع معاداة السامية في الحرم الجامعي -نتيجة أخرى كارثية وغير معقولة لأي شخص يعتقد أن مناهضة العنصرية مهمة بالفعل.

لم يمض وقت طويل حتى اعتمدت الجامعات الأسترالية قانون حرية التعبير الفرنسي. كما جادلت في ذلك الوقت ، تم تبني المدونة بحماس من قبل الجامعات لأنها تضفي الشرعية على حرية الإداريين في التحكم في خطاب الحرم الجامعي كيفما أرادوا. ومع ذلك، فقد تم تقديمه على أنه تجسيد لالتزام حقيقي من جانب نواب المستشارين للجامعات الاسترالية كمواقع للنقاش الحقيقي. كان ذلك قبل أربع سنوات فقط. إن اعتماد التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة من شأنه أن يسخر من هذا القرار.

يناقش مؤيدو التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة تعريفهم على أساس أن الشعب اليهودي يجب أن يكون هو من يقرر ما هو معاد للسامية وما هو غير معاد للسامية. هذا المبدأ قابل للجدل، لكنه بالتأكيد لا يسمح لجماعات الضغط الإسرائيلية بتفويض أي فهم لمعاداة السامية يحدث بما يتناسب مع أغراضهم السياسية الحالية -في هذه الحالة، تشويه سمعة دعاة الدفاع عن الحقوق الفلسطينية. وهو يتجاهل تمامًا أن التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لا يتحدث حتى باسم جميع اليهود، كما يوضح إعلان القدس المنافس له حول تعريف معاداة السامية. في كل هذا النقاش، يتم تجاهل حقوق الفلسطينيين بشكل منهجي. التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة هو أداة لقمع دعاة العدالة وحقوق الإنسان الفلسطيني. التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة هو أداة لقمع دعاة العدالة وحقوق الإنسان الفلسطيني. لكن كم عدد نواب المستشارين للجامعات الاسترالية الذين بذلوا أي جهود جادة لإشراك الفلسطينيين أنفسهم في المناقشة؟ يوجد موظفون من أصول فلسطينية في العديد من الجامعات الأسترالية، وربما في معظمها. هل تم استشارتهم ؟ حجبت جامعة ملبورن عن شبكة المناصرة الأسترالية الفلسطينية APAN، أنها كانت تنوي تبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية، ورفضت الالتقاء بهم.

يود المرء أن يعتقد أن نواب المستشارين للجامعات الأسترالية لن ينظروا بشكل إيجابي إلى طلب تبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، والذي يأتي من أقلية صغيرة من أعضاء البرلمان الذين لا يملكون القدرة على قطع الدعم الحكومي للجامعات؛ مما سيسبب فقداننا للممول الرئيسي للجامعات. رفضت جامعتا أبردين وتورنتو – وكلاهما مؤسستان بحثيتان جادتان – تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية. حتى وزارة التعليم الأمريكية فشلت بشكل واضح في تبني التعريف . كما أزعم في كتابي، يمكنك انتقاد سياسات كوستاريكا، حيث الكاثوليكية هي دين الدولة، دون أن تكون معاديًا للكاثوليكية أو لاتينيًا، تمامًا كما أن انتقاد إيران ليس معاديًا للإسلام أو للشيعة، وانتقاد كمبوديا ليست معادية للبوذية أو معادية لآسيا. وللسبب نفسه، فإن الاعتراض على معاداة إسرائيل الشديدة والمتصاعدة للفلسطينيين ليس عنصرية ضد اليهود.

يبقى أن نرى كيف سيكون نواب المستشارين للجامعات الأسترالية منفتحين على المنطق بشأن هذه النقطة الأساسية -أو إلى أي مدى هم مستعدون لتعزيز مخزون دولة الفصل العنصري المتطرفة من خلال الانضمام إلى ألعاب الكلمات المميتة التابعة للتحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

د. ادمون ملحم

د. ادمون ملحم يكتب : الواجب القومي

الواجب القومي د. ادمون ملحم رئيس الندوة الثقافية المركزية “الواجب” هو فعل إلزامي أخلاقي يقوم …