الرئيسية / الآراء والمقالات / خالد غنام يكتب : جدوى العمل المسلح في الضفة الغربية

خالد غنام يكتب : جدوى العمل المسلح في الضفة الغربية

خالد غنام

جدوى العمل المسلح في الضفة الغربية 

بقلم خالد غنام / استراليا 

منذ أكثر من سبعة أشهر زادت حكومة الإسرائيلية من عداد جنود جيش الاحتلال في الضفة الغربية، ضمن خطة استفزازية قامت بها حكومة لابيد بغية الفوز بالانتخابات النيابية، وعلى الرغم من جبروت الآلة العسكرية في سفك دماء المدنيين الفلسطينيين والتنكيل بالمجتمعات الفلسطيني عن طريق العقاب الجماعي: إغلاق المدن والبلدات، هدم البيوت، الاعتقال التعسفي، الإعدام دون محاكمة. إلا أن قائمة لابيد سقطت وتم إعلان فشل هدف حملته الانتخابية التي كانت تسعى لكسب أصوات المستوطنين في المستعمرات الغير شرعية في الضفة الغربية. على حسب مصادر إعلام محور المقاومة أن حكومة لابيد سهلت عمليات شراء الفلسطينيين للسلاح، بغية توفير مبرر لاقتحام المدن. 

وإننا نرى أن الحكومة الفائزاة لم تغيير هذا النهج التصعيدي في إبقاء عدد كبير من الجنود الاحتياط في مناطق الضفة الغربية، مع زيادة عدد الحواجز العسكرية التي تعيق حياة الفلسطينيين الطبيعية، ومع إبقاء قرار اقتحام مناطق ألف -الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية- قرار ميداني يحدده ضابط برتبة ملازم في جيش الاحتلال الاسرائيلي. أي بدون تنسيق أمني مع الفلسطينيين وبدون حاجة لموافقة قيادة الجيش الإسرائيلي: أي أن التعامل مع أحداث الضفة الغربية يخضع لقانون العمليات الميدانية لمعركة مفتوحة تم الموافقة عليها منذ سبعة أشهر. 

على الجانب الفلسطيني كانت عملية الهروب من سجن جلبوع نقلة نوعية في العمل العسكري خاصة بمنطقة جنين؛ وحسب العديد من المراقبين أنها أوجدت وحدة ميدانية بين حركتي فتح والجهاد الإسلامي بعدما ثبت أن التعاون الكامل للفتحاوي زكريا الزبيدي وقادة حركة الجهاد الإسلامي في عملية الهروب من سجن جلبوع ضربوا أمثولة بالعمل الميداني المشترك. وتلى ذلك تصريحات الكثير من إعلامي محور المقاومة بأن إيران قد ضخت كمية كبيرة من الأموال لشراء أسلحة رشاشة للمقاتلين في منطقة جنين؛ ولما كان عديد مقاتلي الجهاد الإسلامي أقل من المطلوب إيرانيًا فقد تم تشكيل قوات من عدة فصائل وأحيانا من مقاتلين لا ينتمون إلى فصيل بعينه، ولعل أشهر هذه القوات هي عرين الأسود وكتيبة جنين. وفعلًا حققت هذه المجموعات اشتباكات مسلحة عنيفة إلا أنها كانت باهضة الثمن على الفلسطينيين حيث استشهد أكثر من مائة مقاتل وأكثر من ذلك الرقم من المدنيين. 

وإذا ما عدنا بالذاكرة للانتفاضة الأولى وتحديدًا في صيف ١٩٨٩ عندما أصدرت القيادة الموحدة للانتفاضة قاوم أوامر لكل المطلوبين لجيش الاحتلال بأن يغادروا المناطق المأهولة بالسكان، والانتقال لمرحلة جديدة اسمها المطاريد، منعت تلك الحركة سياسة العقاب الجماعي وخففت من عدد الشهداء المدنيين، كما أنها أعطت المقاتلين حماية إضافية ضمن مناطق محصنة. 

وعندما نتحدث عن العمل المسلح فلابد أن نفهم أن كل عمل مسلح يكون له هدف سياسي يساويه بالحجم والتأثير؛ إلا أننا نرى أن المطالب الفلسطينية تعتبر بعيدة المنال بالوقت الحالي؛ حيث تطالب القيادة الفلسطينية بتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين وتجريم الفعل العسكري الإسرائيلي. في حين أن المطلب الإسرائيلي هو سحب السلاح من أيدي المقاتلين ومحاكمتهم بتهمة سلاح غير قانوني في سجون السلطة الفلسطينية. 

إن شعب الفلسطيني يمر بمرحلة صعبة جدا حيث أن انسداد الأفق السياسي وعزوف الادراة الأميركية على تقديم أي مقترحات لتخفيف حدة التوتر في الضفة الغربية، وانعدام الاستقرار السياسي داخل إسرائيل يعملان على دفع العمليات العسكرية إلى مزيد من التفجر. وإن كان سلاح قد تم شراءه من إيران ومازال تمويل هذه العمليات العسكرية مستمر من قبل إيران؛ ماذا عن التعويضات المالية لمن هدم منزله أو متجره، ماذا عن التعويضات للعمال الذين تم توقيف تصاريح العمل لهم؟ ماذا عن الضائقة المالية التي تعاني منها مؤسسات القطاع الخاص في مدينتي نابلس وجنين؟ ثم ماذا عن العقوبات المفروضة على السلطة الفلسطينية لعدم رضوخها للضغط الأوروبي والأميركي من أجل تهدئة الأوضاع وعقد تسوية مرضية لكافة الأطراف. 

وفي النظر إلى الوضع الإيراني الآخذ بتطور حيث أن الجهاد الاسلامي تعرض لعدوان اسرائيلي غاشم في منطقة رفح في صيف ٢٠٢٢، واشتبك مع قوات الاحتلال لمدة أسبوع إلا أن كتائب القسام لم تشارك بهذه العملية، وفي الوقت الحالي لا يبدو أن كتائب القسام في قطاع غزة تسعى للمشاركة أو تخفيف الضغط على المقاتلين في نابلس وجنين. ومن هنا تكون إيران تضغط بشكل كبير بتوسيع مجال العمليات لتشمل جنوب الضفة الغربية، وأن مقاتلين باقي الفصائل سيشاركون مع مقاتلي الجهاد الاسلامي في معركة باتت مفتوحة في عموم الضفة الغربية وهدفها الأساسي إخراج الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية بطريقة تحقق مكسب سياسي حقيقي، ويبدو أن حركة فتح تغامر مع حركة الجهاد الاسلامي بهذه الفترة، وأن السلطة الفلسطينية مجبرة لأعطائهم الفرصة مادامت هي تمر بمرحلة انسداد الأفق السياسي.

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …