الرئيسية / الآراء والمقالات / د محمد صالح الشنطي يكتب : مصطلحات شائعة في خطاب المعارضة الفلسطينية

د محمد صالح الشنطي يكتب : مصطلحات شائعة في خطاب المعارضة الفلسطينية

محمد صالح الشنطي

كتب الدكتور محمد صالح الشنطي 

مصطلحات شائعة في خطاب المعارضة الفلسطينية

                  وحقائق موضوعية تدحض مفاهيمها المضلّلة

                                              (1)

                                        سلطة أوسلو

بصراحة لا بد من أن نقولها بملء الفم : هناك أصوات ترتفع هنا و هناك بكثافة هائلة عبر فضائيات و صحف و وسائل إعلامية و منابر خطابية تتبناها مؤسسات إعلامية و شخصيات سياسية و أوساط شعبية مختلفة وتنتشر في الميديا يتناقلها كل من يهرف بما لايعرف من ذباب إلكتروني وموظفو الأبواق المستعارة و الخطابات المدبلجة في أقبية الميديا السوداء التي تتغذّى عبر الحبل السري من مناهل الموساد وشبكاتها الإخطبوطية ، واحاديث فضّ المجالس التي تنطق بوعي أو بدون وعي باسم إسرائيل و تروّج لسياستها و تخطو في مدارجها ، تركب موجة التشكيك و الإحباط و التيئيس التي يحاولون بثّها في فضاءاتنا تركّز على المصطلحات التالية وأولها (سلطة ـأوسلو):

     سلطة أوسلو التي تتكرّر على لسان كثير من المحللين السياسيين مبتدعةً على لسان المعارضة ودعايتها التي تجاوزت كل الحدود وانتهكت كل القيم و تعدّت حدود الخصومة الشريفة إلى فلسفة ميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) ، وقد نجحت في صكّ هذا المصطلح وشيوعه بوصفه حقيقة تاريخية تجعل من السلطة الوطنية الفلسطينية مجرد أداة موظّفة لخدمة الصهيونية و قمع المعارضة و كبح جماح المقاومة ، على الرغم من أن هذه السلطة كانت ثمرة لكفاح طويل امتدّ لعشرات السنين ؛ فلم يكن الكيان الصهيوني ليعترف بوجود الشعب الفلسطيني أصلاً أدّت مهمات وطتيّة أساسية :

أولاً – دحض مقولات زعماء إسرائيل التتي تتعلق بإنكار وجود الشعب الفلسطينيعلى لسان جولدامائير رئيسة الوزراء السابقة ( لم يكن هناك شيء اسمه الفلسطينيون) في تصريح لها في 15 يونيو 1969 لصحيفة (الصندي تايمز ) فاضطروا مرغمين إلى الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية نحن وطأة مقاومة الانتفاضة الأولى وصمود أبطالها الذين زجّت بهم في السجون على دفعات متسارعة دون أن تنضب أفرادها و قياداتها ، وكلمة تحرير تعني أن هناك احتلال و أن ثمّة أرضاً محتلة.لشعب موجود فوقها فاختفت العبارة الرديفة التي اعتبرت تسويغاً لإنشاء دولة إسرائيل ( أرض بلا شعب لشعب بلا أرض)

ثانياً – تأسيس مقوّمات الدولة ببنيتها الإدارية والاقتصادية و التعليمية و العسكرية و الثقافية و الإعلامية : هيكل كامل لمؤسسات الدولة على الأرض خلفاً للإدارة المدنية الاحتلالية ، وقد حظيت باعتراف أممي ، وشهدت لها مؤسسات الأمم المتحدة بجاهزيتها ، ولها سفراؤها وحكومتها تستقبل رؤساء الدول و ترسل الوفود وتنشئ المشاريع ؛ أما ما يوجّه لها من تهم الفساد وسوء التصرف بالمال العام و المساعدات ، فهو – وإن كان من الأعراض الجانبية التي تعاني منها كثير من الدول – فقد تمت المبالغة فيه وتجاهل الإجراءات التي قامت بها القيادة لمحاربتها و الحدّ منها ؛ فضلاً عن أن مروجيها (حماس) اعترفوا بدورهم في نشرها و إشاعتها على لسان الدكتور محمود الزهار بأنها كانت قاعدة استراتيجية في إعلام الحملة الانتخابية التي فازت فيها حماس عام 2006م

ثالثاً – دخل إلى فلسطين بفضلها قرابة أربعمئة ألف فلسطيني وبدا التفوق الديموجرافي واضحا الآن بعد أن زاد عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية عن عدد اليهود بثلاثمئة ألف نسمة رغم السعار الاستيطاني للحكومات المتعاقبة .

رابعاً – استطاعت السلطة أن تبسط نفوذها الأوّلي على المدن الفلسطينية و أن تؤسس المطار، و أن تشرع في تأسيس الميناء و الطريق الآمن في الضفة و غزة لولا الاستراتيجية الانتحارية المرتجلة التي استعارت مسمى (العمليات الاستشهادية وهي كذلك في نيّة منفذيها من الأبطال الأشاوس الذين جنّدتهم القيادة) وذهب ضحيتها المئات من الشباب من أجل إفشال أوسلو، وانتهت إلى فشل ذريع أدّى إلى بناء سور الفصل العنصري ثم توقفت بعد ذلك بعد أن أدت إلى حملة التي حوصر إثرها الشهيد القائد أبو عمار بعد أن قدمت حماس ما سوّغ لها كإجراء دفاعي من قبل إسرائيل بعد ثلاث عمليات انتحارية قامت بها حماس في شارع ابن يهودا في وسط القدس في الأول من ديسمبر عام 2001 وقد جاء دبلوماسيو الدول ليضعوا أكاليل الزهور في مكان العمليات التي ذهب ضحيتها 13 قتيل صهيوني مابين عسكريين و مدنيين و88 جريحا الأمر الذي أدى إلى تدمير منشآت السلطة وحصار قيادتها واستشهاد أكثر من ألف من الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجلهم من الفدائيين العائدين إلى أرض الوطن ثم تدمير المطار و منشآت مشروع المرفأ بعد أن انفجرت الانتفاضة المسلحة الثانية بعد أن قتل رابين وانتصر المتطرفون الذين حاربوا أوسلو بكل قوة فالتقت الإرادة الصهيونية مع الإرادة الحمساوية و قتل رابين وأوقف تسليم الأراضي للفلسطينيين و أعلقت الطريق الآمن بين الضفة و غزة .

 وقد استطاعت السلطة أن تلملم جراحها بعد الاجتياح الإسرائيلي للضفة، و تدمير منشآتها و أن تصمد ، ولم تفرط بوجودها و منجزاتها فقامت إسرائيل باغتيال زعيمها الشهيد ياسر عرفات ، ولكنها أتمت مسيرتها وراوغت الاحتلال الذي كان يهدف إلى إنهائها و شطبها من الوجود ، فحاصرها و ضيّق الخناق حول عنقها عبر الاقتطاعات الجائرة من المقاصة و تأليب الغرب حتى تقلص وارداتها وتحفيز الأشقاء و الأصدقاء على قطع المعونة عنها ، فتعالت الأصوات المنادية بحلّها وتسليم زمنامها للمحتل، ومازالت هذه الأصوات تصدح بهذه النغمة وتجد من يركب هذه الموجة دون رؤية استراتيجية أو فهم لطبيعة الصراع.

( وللحديث بقية)

ا.د. محمد صالح الشنطي 

7/1/2023 م

عن الصباح الفلسطينية

شاهد أيضاً

سفير الاعلام العربي في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

سري القدوة يكتب : حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية

حرب الإبادة الجماعية والأزمات الداخلية الإسرائيلية بقلم  :  سري  القدوة الخميس 28 آذار / مارس …